الرئيسية / صحف ومقالات / الديار : لماذا التشاؤم حول زيارة المستشار الفرنسي دوريل ‏الذي غادر لرفع تقريره الى الرئيس ماكرون؟ عقدة التمثيل المسيحي تنتظر لقاء الحريري ــ باسيل… ‏والرئىس المكلف يُصرّ على التفاوض مع عون واشنطن تطلق العقوبات كلما كانت حكومة تتشكّل ‏لمنع تمثيل حزب اللـه
الديار لوغو0

الديار : لماذا التشاؤم حول زيارة المستشار الفرنسي دوريل ‏الذي غادر لرفع تقريره الى الرئيس ماكرون؟ عقدة التمثيل المسيحي تنتظر لقاء الحريري ــ باسيل… ‏والرئىس المكلف يُصرّ على التفاوض مع عون واشنطن تطلق العقوبات كلما كانت حكومة تتشكّل ‏لمنع تمثيل حزب اللـه

سيطر جواً من التشاؤم على الساحة اللبنانية بعد مغادرة المستشار الفرنسي للرئيس ‏ماكرون العاصمة اللبنانية متوجها الى باريس، حيث سيُقدّم تقريره اليوم الى الرئىس ‏الفرنسي ايمانويل ماكرون، حول نتائج زيارته لبيروت واجتماعه مع كل الاقطاب ‏ورؤساء الكتل والاحزاب، وطبعا مع الرؤساء الثلاثة عون ـ بري ـ الحريري.‏

واجواء التشاؤم نتجت عن افتراضات وضعتها وسائل الاعلام والاحزاب السياسية ‏والرؤساء، تشير الى ان المستشار الفرنسي دوريل كان يجب ان يصل الى نقطة تقدم ‏في تأليف الحكومة، لكن الواقع ليس صحيحاً، لانه جاء ليسمع كل وجهات النظر ‏وليعرف المشكلة الحقيقية التي تحول دون تأليف الحكومة ثم يرفع تقريره الى الرئيس ‏الفرنسي الذي وحده يقرر الخطوات الفرنسية حيال لبنان، ويقرر مع من يتصل هاتفياً ‏سواء مع رئىس الجمهورية العماد ميشال عون ام مع الرئىس الحريري ام مع الوزير ‏جبران باسيل لدعوتهم ضرورة تجاوز المشاكل والاسراع بتشكيل الحكومة، ولم تكن ‏مهمة المستشار الفرنسي دوريل تأليف الحكومة اللبنانية او إزالة العقبات أو حل عقدة ‏التمثيل المسيحي او توزيع الحقائب، بل كانت فقط الاستماع وطرحه اسئلة على الذين ‏قابلهم، مع وضع محضر لكل اجتماع، على ان يختصر كل محاضر الاجتماعات ‏بتقرير واحد واقتراحات يقدمها الى رئيسه في قصر الاليزيه، وكل ما قام به المستشار ‏الفرنسي انه جعل الحريري وباسيل يتكلمان لمدة دقيقة واحدة على الهاتف وليس اكثر ‏من ذلك.‏
رئىس الجمهورية العماد ميشال عون كان قد شرح للمستشار الفرنسي ضرورة اجتماع ‏الحريري وباسيل لحل عقدة التمثيل المسيحي وتوزيع الحقائب، وانه كرئىس جمهورية ‏ينظر الى الخطوط العريضة بمرسوم تشكيل الحكومة ويوقع عليه او يطلب تعديلات ‏فيه. ولكن اذا كان المطلوب تشكيل حكومة تعطيها الكتل النيابية الثقة، فكتلة لبنان القوي ‏الذي يرأسها الوزير جبران باسيل هي اكبر كتلة مسيحية مع تحالف مؤلف من 22 ‏نائباً يُضاف اليه عدد حلفاء التكتل الذي يصل الى 29 نائبا، ولذلك لا بد ان يجتمع ‏الرئيس المكلف مع رئيس كتلة لبنان القوي الوزير جبران باسيل.‏

وعندما اجتمع المستشار الفرنسي دوريل مع الحريري وابلغه موقف رئىس الجمهورية ‏عن ضرورة اجتماعه بباسيل قال الحريري انه لن يجتمع مع رؤساء الكتل كي لا ‏يظهر ان رؤساء الكتل قاموا بتعيين الوزراء، بل حصل الامر بالتواصل عبر مندوبين ‏وموفدين من كافة الكتل، حتى يتم الاتفاق على الاسماء، وانه من حيث الشكل اذا اجتمع ‏مع باسيل وبحث معه في التمثيل المسيحي سيسقط مبدأ استقلالية الوزراء، لان هذا ‏الاجتماع عندما يحصل ويتم التوافق على الاسماء سيظهر ان باسيل اختار الوزراء، ‏وبالتالي فإن الحريري ليس مستعداً للتخلي عن الشكل، ويريد التواصل مع رئىس ‏الجمهورية بعدما اتفق معه على ان تكون الحكومة من18 وزيراً مناصفة بين ‏المسيحيين والمسلمين، دون ان يذهب الحريري الى الرئىس بري او النائب محمد رعد ‏رئىس كتلة الوفاء للمقاومة او الوزير سليمان فرنجية او الوزير وليد جنبلاط او كل ‏رؤساء الكتل والاحزاب المعنية بتشكيل الحكومة، واذا اجتمع مع باسيل فسيكون ‏اجتماعه ضربة قاضية من حيث الشكل وليس المضمون في تحرّكه، على اساس ان ‏الدستور اناط به وبرئيس الجمهورية تأليف الحكومة.‏

ان عقد الاجتماع مع باسيل يعني ان الحريري ابتعد عن كافة رؤساء الكتل ولم يجتمع ‏بهم واستثنى من الامر باسيل، وهذا الامر لا يمكن القيام به، بل على رئيس الجمهورية، ‏كونه الاب الروحي للتيار الوطني الحر ولتكتل لبنان القوي، ان يقول للحريري مطالب ‏باسيل، والا على الحريري ان يجتمع من جديد بكافة رؤساء الكتل والاحزاب في ‏المجلس النيابي، ويبحث معهم ما جرى الاتفاق عليه، وهنا سأله المستشار الفرنسي هل ‏لديك مانع من ان تتكلم على الهاتف مع الوزير باسيل عندما ازوره، فأجاب الحريري ‏كلا.‏

وتقول معلومات متناقضة ان الحريري اتصل بالمستشار الفرنسي عندما كان يزور ‏باسيل وجرى التواصل بينهما، وتقول معلومات اخرى ان دوريل عندما زار باسيل ‏سأله اذا كان يمانع بالتحدث مع باسيل فكان جوابه ايجابي. وهكذا اتصل دوريل ‏بالحريري وتحدث مع باسيل لمدة دقيقة تبادلا فيها التحية والكلام.‏

كل وسائل الاعلام تحدثت عن ان الموفد الفرنسي ذهب من دون الاتفاق بشأن ‏الحكومة، فيما الواقع انه جاء للاستقصاء وللتعرف عن قرب على حقيقة المشاكل، ‏واستمع من الجميع على طروحاتهم، لكن الجلسة مع باسيل استغرقت كل الوقت حيث ‏شرح باسيل مواقفه بالنسبة للمبادرة الفرنسية التي يؤيدها، لكنه قال ان الحصة المسيحية ‏يجب ان تكون من حصة “تكتل لبنان القوي”، لان القوات والكتائب لن يشاركا في ‏الحكومة، مع اعطاء وزيرين لفرنجية، كما يجب ان ينال “تكتل لبنان القوي” حصّة ‏رئىس الجمهورية.‏

وينطلق باسيل من طرحه رداً على العقوبات الاميركية بحقه من خلال الحصول على ‏حقائب يختارها، كما يريد 7 وزراء كرد اعتبار للتيار الوطني الحروله شخصياً الذي ‏طالته العقوبات الاميركية، واكد باسيل على ضرورة تمثيل “لبنان القوي” بحقائب ‏مهمة، وان يتم اختيار الوزراء بالتنسيق بينه وبين الحريري، لكن باسيل قال، على ‏الحريري ان يتفاهم مع رئىس الجمهورية، ورئيس الجمهورية يعرف تماماً مواقف ‏‏”التيار الوطني الحر”، فاجابه المستشار الفرنسي دوريل ان رئىس الجمهورية العماد ‏ميشال عون هو من طلب منه السعي لعقد اجتماع بينه وبين الحريري، فكيف يحيل ‏باسيل المستشار الفرنسي الى رئىس الجمهورية العماد عون.‏

كما تناول الحديث بين دوريل وباسيل العقوبات الاميركية التي طالته، وتأثيرها على ‏الداخل اللبناني، وقال باسيل انها عقوبات سياسية وليست بتهمة الفساد، والرد يكون ‏على هذه العقوبات بالاحتفاظ بوزارة الطاقة وست وزارات اخرى للتيار الوطني الحر ‏و6 لـ”لبنان القوي” وحليف ارمني يختاره التيار الوطني الحر طالما ان الحريري ‏اختار وزراء السنة، وطالما ان الثنائي الشيعي اختار وزراءه، وطالما ان الوزير ‏جنبلاط اختار ممثله.‏

وهنا تقول المعلومات ان الحريري بالتنسيق مع الرئىس الاسبق للحكومة نجيب ميقاتي ‏اختار الوزير الذي يمثل ميقاتي، كما ان الحريري اختار من اللائحة التي قدمها الثنائي ‏الشيعي وانهم غير حزبيين، وايضاً اختار ممثل جنبلاط الذي هو غير حزبي ابداً. ‏ولذلك فان الحريري يريد اختيار اسماء من ضمن اللائحة التي يقدمها رئىس الجمهورية ‏العماد عون او باسيل ويتم التوافق على الاسماء والحقائب بين الرئىس المكلف ورئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون.‏

يبدو ان عقدة التمثيل المسيحي خلقت اجواء التشاؤم لدى الاطراف والوسائل الاعلامية ‏الذين قالوا ان المستشار الفرنسي دوريل فشل في مهمته. وفي الحقيقة، فإن المستشار ‏الفرنسي لم يفشل بل مهمته كانت نقل الصورة الكاملة مباشرة على مستوى اعلى من ‏السفيرة الفرنسية في بيروت الى الرئىس الفرنسي ماكرون مباشرة كي يقرر هذا الأخير ‏مع خلية الازمة ومع المستشار دوريل خطة التحرك لتسريع تأليف الحكومة في لبنان.‏
وفي معلومات لـ”الديار” من باريس، فإن اوساطاً رسمية فرنسية مطلعة اكدت ان ‏دوريل غير مكلف البحث في تأليف الحكومة بل الاطلاع لاعطاء صورة شاملة ودقيقة ‏للرئىس الفرنسي ماكرون الذي سيقرر هو الخطوات الواجب اتخاذها. ونكرر كما سبق ‏وذكرنا ان ماكرون سيتحرك شخصياً بالاتصال هاتفياً بالشخصيات التي هي على ‏الارجح الرئىس عون والرئيس الحريري والوزير جبران باسيل ويقدم لهم النصائح ‏ويعطيهم رأيه في طريقة الحل كي لا ينهار لبنان كلياً وينــهار اقتصاده انهياراً شاملاً، ‏اضافة الى ازمة الكورونا وانفجار المرفأ والدمار الحاصل وارتفاع الدولار وخسارة ‏الليرة اللبنانية 85 % من قيمتها والهجرة الكبيرة الحاصلة من لبنان الى الخارج ‏والبطالة التي شملت اكثر من 80 الف موظف في كامل الاراضي اللبنانية على الاقل.‏

الرئىس الفرنسي ماكرون سيكون حاسما في اتصالاته ومحذرا المسؤولين اللبنانيين من ‏ضياع الفرصة الاخيرة ان لم يتفقوا على حل عقدة تمثيل المسيحيين والحقائب المتعلقة ‏بهم، وبالتالي عدم تشكيل الحكومة، فان الوقت الثمين يكون قد ضاع لاسباب ليست ‏جوهرية.‏

لكن هنالك سؤال آخر: لماذا تطلق واشنطن قنابل العقوبات في كل مرة يكون هناك ‏سعي لتأليف حكومة لبنانية جديدة؟ فقد فعلت ذلك في زمن الرئيس المكلف مصطفى ‏اديب عندما عاقبت الوزيرين علي حسن خليل من حركة امل ويوسف فنيانوس من تيار ‏المردة حيث تمسكت حركة امل بوزارة المالية اكثر من السابق بعد العقوبات، ثم اطلقت ‏اميركا بعد اعتذار مصطفى اديب وتكليف الرئيس الحريري واثناء صلب مهمته عقوبة ‏قاسية على جبران باسيل رئىس التيار الوطني الحر، وهذا ما ادى الى تعطيل تأليف ‏الحكومة، وطبعاً هدف واشنطن هو معاقبة حلفاء حزب الله، سواء حركة امل ام تيار ‏المردة ام التيار الوطني الحر، كي يبتعدوا عن حزب الله، لان الادارة الاميركية ‏محاصرة حزب الله على الساحة اللبنانية من خلال ابتعاد الحلفاء عنه، وهذا برأي ‏الولايات المتحدة يكون قاسياً على حزب الله على ان تضع عليه العقوبات مباشرة، ‏ومثالاً على ذلك، لم تضع عقوبات على الوزير الذي يمثل حزب الله في الحكومة عبر ‏وزارة الصحة، كما لم تفرض عقوبات على نواب حزب الله.‏

والادارة الاميركية لم تفعل ذلك لانها تريد ابعاد الحلفاء عن حزب الله لمحاصرته، لانها ‏تريد عدم تمثيل حزب الله في الحكومة، لهذا تسعى الى عرقلة تأليفها كي يبقى الفراغ ‏ولا يدخل ممثل عن حزب الله في الحكومة.‏

وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو يزور باريس وسيجتمع اليوم الاثنين مع ‏الرئىس الفرنسي ماكرون، ويحمل معه عتباً من الرئىس ترامب على الرئىس ماكرون ‏لانه كان من اول المهنئين بالرئيس المنتخب بايدن، وفق وسائل اعلامة اميركية قبل ‏اعلان النتائج رسمياً. كما سيبحث بومبيو مع ماكرون الوضع في لبنان وتشكيل ‏الحكومة. وسيضغط الرئيس الفرنسي على بومبيو كي تخفف الولايات المتحدة العقوبات ‏حالياً على شخصيات لبنانية كي تتألف الحكومة العتيدة في لبنان بسرعة، لان فرنسا ما ‏زالت تعترف بالجناح السياسي لحزب الله وتعتبره غير ارهابي.‏

بالنتيجة الخلاصة هي: لا يجب التشاؤم حول مهمة المستشار دوريل والقول ان زيارته ‏كانت فاشلة، يجب الانتظار هذا الاسبوع خــطوات من الرئيس الفرنسي ماكرون، وهي ‏التي تقرر اما تأليف الحكومة او الذهاب الى جهنم، كما قال رئىس الجمهورية العماد ‏عون، اذا لم تتجاوب الاطراف اللبنانية مع طلبات الرئىس الفرنسي ماكرون.‏

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *