الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : إقفالٌ سياسي تخرقه زيارة فرنسية… وإقفالٌ صحّي تأخّر إقراره والعبرة في التنفيذ
الانباء

الأنباء : إقفالٌ سياسي تخرقه زيارة فرنسية… وإقفالٌ صحّي تأخّر إقراره والعبرة في التنفيذ

يمكن القول إنّ لبنان دخل في إقفالين: إقفالٌ صحّي أكثر من ضروري ومطلوب لتدارك الكارثة التي يتّجه إليها بخطى ‏حثيثة الواقع الطبي. وإقفالٌ سياسيٌ يسدّ الآفاق أمام تأليف الحكومة مع ترقّب لما يمكن أن تؤول إليه زيارة المسؤول ‏الفرنسي باتريك دوريل، الذي سيلتقي المسؤولين اللبنانيين بعد أن انتهت مهلة الشهر التي منحها الرئيس الفرنسي ‏إيمانويل ماكرون لتشكيل حكومة مَهمّة مؤلفة من اختصاصيين، وتعمل على وضع برنامج إصلاحي بشكل سريع‎.‎
زيارة المسؤول الفرنسي التي ستشمل كل القوى السياسية اللبنانية لحضّها على تشكيل الحكومة، هي محاولة أخيرة ‏لإنقاذ المبادرة الفرنسية مجدداً، بعد غرقها في زواريب المصالح والصراع على المحاصصة من قبل أولي الأمر في ‏الحُكم‎.‎
وتكشف المعلومات أن الموفد الفرنسي سيطالب رئيس الجمهورية ميشال عون بتقديم تسهيلات لولادة الحكومة، وعدم ‏جعل العقوبات على جبران باسيل عاملاً معرقلاً لعجلة التسوية اللبنانية، “لأن عهد عون سيكون الخاسر، ولا أحد ‏غيره”. كذلك سيلوّح المسؤول الفرنسي بالعقوبات الأميركية أيضاً في محاولة لتحفيز المعنيين على الذهاب إلى الاتفاق ‏خوفاً من فرض عقوبات عليهم‎.‎
في المقابل، فإنه حتى الآن لا يبدو عون في وارد التنازل، وهو الذي رفع سقفه مجدداً في مطالبه الحكومية خلال لقائه ‏بالرئيس المكلف سعد الحريري عصر يوم الاثنين، إذ تمسّك بشروطه وهي الحصول على وزارة الداخلية، ورفض ‏التنازل عن وزارة الطاقة، كما أنه طلب من الحريري أن يذهب ليتفق مع القوى الأخرى على الحقائب وتوزيعها، ‏ويعود إليه في ما بعد للاتفاق بينهما. وهذا الطرح هو تغيير كامل لمسار المفاوضات التي بدأت بالارتكاز على أن ‏التفاهم بين رئيسَي الجمهورية والحكومة هو الذي يسمح بولادة التشكيلة الحكومية. وخطوة عون هذه تعني إعادة ‏الملف الحكومي إلى ما قبل نقطة الصفر‎.‎
أمّا في ملف الإقفال التام الصحي الذي صدر عن مقررات المجلس الأعلى للدفاع، فقد أكدت مصادر أمنية عبر “الأنباء” ‏تشدّد القوى الأمنية بـ”اتّخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تقيُّد المواطنين بمعايير الوقاية، كإقامة الحواجز، وتنظيم ‏محاضر ضبط، كما وتسيير دوريات على المؤسّسات المستثناة من الإغلاق للتأكد من احترامها الإجراءات الوقائية”، ‏إلّا أن القرار النهائي بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها سوف يصدر عن وزير الداخلية والبلديات لاحقاً‎.‎
المصادر تمنّت على المواطنين، “التحلّي بالوعي والإلتزام بالوقاية في فترة التعبئة العامة من أجل إنجاح الإقفال، ‏والتخفيف من أعداد الإصابات، كما وإراحة الأطقم الطبية والمستشفيات من أجل تجهيز أسرّة جديدة”، داعيةً الجميع ‏إلى، “التقيّد رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، لأن الصحة هي الأساس، وهي مهددة‎”.‎
أما من جهة المستشفيات، فأشار نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون إلى “وجوب رفع القدرة الاستعابية، وزيادة ‏عدد الأسرّة المخصصة لمرضى فيروس كورونا، خصوصا أسرّة العناية الفائقة، خلال فترة الإقفال، وهو أمر ‏ضروري بدأت بتنفيذه المستشفيات قبل القرار‎”.‎
إلّا أن هارون تحدّث في اتّصال مع “الأنباء” عن صعوبات مالية تواجه المستشفيات وتمنعها من إتمام مهمتها، كاشفاً ‏أن، “وزير الصحة كان أثار الموضوع في المجلس الأعلى للدفاع طالباً من مصرف لبنان مساعدة المستشفيات التي ‏تمتلك حسابات مصرفية، وتأمين الدولار‎ “Fresh Money” ‎لها، لكنني أستبعد سير “المركزي” في الطلب‎”.‎
وحول جدوى الإقفال التام واحتمال كبح الانتشار لفت هارون، واستناداً إلى معطيات طبيّة بحتة، إلى أن “فترة الإقفال ‏تحتاج إلى فترة تطول ما بين الـ4 أسابيع والـ6 لتكون فعّالة، فالمدة الحالية قصيرة، لكن الاعتبارات الاجتماعية ‏والاقتصادية تحول دون التوجّه إلى فترات أطول من أسبوعين‎”.‎
في السياق، أكدت نقابة “أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري” التزامها بالإقفال. وقد لفت نائب ‏النقيب خالد نزها، في اتصالٍ مع “الأنباء” إلى أن “خدمة الدِليفري ستبقى متوفرة، لأنها جزءٌ من الأمن الغذائي، وهي ‏تشكل متنفسَ أوكسِجين للقطاع أثناء الإقفال‎”.‎
كما ذكّر نزها بأن، “النقابة كانت أول من التزم بالإقفال سابقاً حرصاً على سلامة المواطنين من انتشار الفيروس ‏الخطير”، مؤكداً “التزامها سقف القانون، ويقينها خطورة الوضع الصحّي، وبالتالي تشدّد على وجوب الالتزام بالإقفال ‏لإنجاحه، والتأكد من تنفيذ القرار على كافة الأراضي اللبنانية، قبل أن تسوء الأمور أكثر، رغم صعوبة الوضع ‏الاقتصادي‎”.‎
وختم نزها حديثه لافتاً إلى أنه، “التوقيت المناسب لتنفيذ الإقفال قبل فترة الأعياد، وعودة المغتربين، وتحريك العجلة ‏الاقتصادية نسبياً‎”.‎
مقررات المجلس الأعلى للدفاع استثنت إقفال المعامل والمصانع. وفي اتصالٍ مع “الأنباء”، أوضح نائب رئيس جمعية ‏الصناعيين زياد بكداش، أنّ “المقررات تتيح للمصانع العمل، لكن بشروط معيّنة، منها تخفيض أعداد العاملين إلى ‏الثلث، والتقيُّد بالإجراءات الوقائية كافة، وهي أمور ضرورية سنلتزم بها كصناعيين، ونحن أساساً نطبّقها منذ فترة، ‏لأن انتشار كورونا أصبح خطِراً، وإصابة عامل قد تؤدي إلى إصابة مختلف العاملين، وبالتالي وقف العمل، وهذا أمر ‏مضر للمؤسّسة‎”.‎
وأشار في حديثه إلى أن “القطاع يردّ على لبنان دولارات نقدية من الخارج، وبالتالي لا يمكن إغلاقه في هذه الفترة ‏الصعبة، علماً أن الإغلاق الجزئي الذي سيطبّق سيكون مكلفاً مع استحداث دوامات عمل جديدة من أجل تخفيف ‏اكتظاظ العمّال، لكن المهم اليوم ديمومة العمل والتقيّد بالإجراءات الوقائية‎”. ‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *