الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار: تأجيل الاستشارات النيابية: الحريري على خطى مصطفى أديب؟
الاخبار

الأخبار: تأجيل الاستشارات النيابية: الحريري على خطى مصطفى أديب؟

كتبت صحيفة “النهار” تقول: على أهمية الانطلاقة “التاريخية” للمفاوضات اللبنانية الإسرائيلية غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية امس في الناقورة برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة كحدث استراتيجي، خطفت تطورات الاستعدادات والتحركات واللقاءات السياسية والنيابية المحمومة عشية الموعد الذي كان مقررا لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف تشكيل الحكومة اليوم الأنظار والأضواء والاهتمامات خصوصا مع تطور الوضع مساء بـ “انقلاب” عوني بعدما مال الوضع كليا لمصلحة تكليف الرئيس سعد الحريري. ذلك ان المفاجأة المباغتة التي قلبت مجمل المشهد ليلا تمثلت في انقلاب رئيس الجمهورية ميشال عون على أكثرية واضحة توافرت لمصلحة تكليف الحريري اليوم وذلك في ما بدا استجابة لموقف “تكتل لبنان القوي” برئاسة النائب جبران باسيل الذي كان قرر عدم تسمية الحريري والعودة الى بدعة غير دستورية هي تفويض رئيس الجمهورية اتخاذ القرار المناسب. واكتسب تطيير الاستشارات اليوم دلالات بالغة السلبية سيتحمل تبعتها رئيس الجمهورية وتكتله وباسيل شخصيا نظرا الى التداعيات الخطيرة التي ستتراكم في ظل استفحال ازمة التكليف التي ستتخذ وجها آخر ابتداء من اليوم. ولوحظ ان بيان ارجاء الاستشارات الذي صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية افتقر الى السبب المنطقي لتبرير هذا القرار اذ افاد البيان ان رئيس الجمهورية قرر تأجيل الاستشارات أسبوعا الى الخميس المقبل 22 تشرين الأول “بناء على طلب بعض الكتل النيابية لبروز صعوبات تستوجب العمل على حلها”.ولم يكن ادل على افتقار الخطوة الى أي مبرر من مسارعة مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الإعلان ان بري هو ضد تأجيل الاستشارات النيابية ولو ليوم واحد. وبدا الانقلاب على الاستشارات اقرب الى الانقلاب على الفرصة الأخيرة المتاحة لإنقاذ البلاد وسط استفحال ازماتها وانهياراتها ولا سيما ان ازمة الانتشار الوبائي بلغت حدودا مخيفة لجهة انكشاف واقع المستشفيات التي تعجز عن استقبال المرضى او تتأخر في إيجاد أسرة لهم الامر الذي ترجم امس في تسجيل رقم صادم في عدد الوفيات بلغ 20 حالة . واذا كانت النيات انكشفت على الغارب فان الأسبوع المستقطع لإرجاء الاستشارات يبدو بمثابة فسحة للانقلابين لكي يحاولوا ابتزاز الحريري في محاصصة وزارية وسياسية وإملاء شروطهم عليه او دفعه الى الانسحاب وطي مبادرته.

جاء ذلك بعدما برز تطور رجح كفة تكليف الحريري وابرز الاتجاه الغالب نحو تكليفه اليوم وتمثل في عودة سريان التواصل المباشر بين الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من خلال اتصال اجراه الحريري بجنبلاط وبدد العاصفة التي هبت بينهما قبل أيام. غير ان الأهم هو ان جنبلاط قرر تسمية الحريري في ما بدا اضطلاعاً بدوره المعهود كبوصلة للاتجاهات المفصلية الامر الذي ترجم أيضا قوة الدفع الفرنسي لانجاح المساعي لتشكيل الحكومة الجديدة علما ان جنبلاط وضع كتلة اللقاء الديموقراطي مساء في أجواء اتصال الحريري به كما في أجواء الاتصالات المتواصلة بينه وبين مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون شمال افريقيا والشرق الأوسط باتريك دوريل بهدف إنجاح المبادرة الفرنسية وتنفيذ الإصلاحات التي تضمنتها. واذا كان هذا التطور دفع الوضع قدما نحو عدم ارجاء موعد الاستشارات كما كان يخشى في حال عدم اتضاح الاتجاهات النيابية بشكل واضح، فان رجحان كفة تكليف الحريري كان بدأ يتضح عقب انتهاء جولة وفد كتلة “المستقبل” على القيادات السياسية والكتل النيابية ولو ان ثغرة كبيرة شابت حصيلة الجولة وبرزت من خلال الموقفين السلبيين لـ”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” من تسمية الحريري بما قد يؤدي الى عقبة ميثاقية باعتبار ان كتلتي الحزبين تشكلان الجزء الأكبر من التمثيل النيابي المسيحي ولو توافر عدد من النواب المسيحيين خارج الكتلتين لمصلحة تكليف الحريري. لكن البوانتاج شبه النهائي لحصيلة المواقف التي قررتها الكتل أظهر ان الحريري كان سيكلف اليوم باصوات يفترض ان تتجاوز 65 صوتا لكل من كتل “المستقبل ” و”التنمية والتحرير” و”اللقاء الديموقراطي ” و”التكتل الوطني” و”كتلة الوسط المستقل”مع ترجيح تسميته أيضا من كتلة النواب الأرمن فضلا عن نواب مستقلين. وأفادت المعلومات ان “كتلة الوفاء للمقاومة” قررت انه في حال كانت الأصوات التي سيحصل عليها الحريري كافية عندها لن يسمي أحدا وفي حال العكس ستسمي الحريري.

وبإزاء ذلك قرر “تكتل لبنان القوي”عدم تسمية الحريري في الاستشارات وترك الامر في عهدة رئيس الجمهورية بما اعتبر تسهيلا ضمنيا لمهمة رئيس الجمهورية وعدم التراجع عن عدم تسمية الحريري علما ان مسألة تفويض أصوات النواب لرئيس الجمهورية ليست دستورية وسبق ان اثارت مشكلة كبيرة في عهد الرئيس أميل لحود. وعلمت “النهار” ليلا ان عون اتصل بالحريري وبرر له قرار ارجاء الاستشارات بسبب عامل الميثاقية. ولكن هذه الذريعة بدت ضعيفة جدا نظرا الى ان حكومة حسان دياب كانت تألفت من دون توافر العامل الميثاقي في غياب التغطية السنية كما ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تم فيها تخطي هذا العامل وتأمن النصاب في المرتين.

اما موقف “القوات اللبنانية” فبدا قاطعا في رفضه تسمية الحريري واي مرشح آخر هذه المرة. واعلن رئيس حزب “القوات” سمير جعجع بعد اجتماع “كتلة الجمهورية القوية” “اننا لن نسمي لا الرئيس الحريري ولا سواه لان المواصفات لتشكيل حكومة انقاذ فعلية غير موجودة في أي شخصية”.

الجولة الأولى
وكان الحدث التفاوضي أرخى ظلاله امس قبل احتدام حمى الاتصالات السياسية الداخلية اذ انطلقت المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية غير المباشرة في الناقورة بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على رأس الوفد الاممي ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر على رأس الوفد الأميركي ورأس الوفد اللبناني العميد الركن الطيار بسام ياسين فيما رأس الوفد الإسرائيلي المدير العام لوزارة الطاقة اودي اديري . وعقدت الجولة الأولى تحت خيمة في مكان مواجه لمقر قيادة اليونيفيل ولم تستغرق سوى ساعة اذ وصف اللقاء بانه بروتوكولي واستكشافي. والقى رؤساء الوفود كلمات قصيرة ورفض الوفد اللبناني التقاط صورة لجميع الوفود فاخذت صورة للوفود الثلاثة من دون الوفد اللبناني. وحصر رئيس الوفد اللبناني توجهه بالكلام الى كوبيتش وشينكر معتبرا ان “لقاءنا اليوم يطلق صفارة قطار التفاوض التقني غير المباشر ويشكل خطوة أولى نحو مسيرة الألف ميل ” وقال انه انطلاقا من مصلحة وطننا نتطلع الى ان تسير عجلة التفاوض بوتيرة تمكننا من انجاز هذا الملف ضمن مهلة زمنية معقولة”.

واتفق على عقد الجولة الثانية التي ستبدأ فيها المفاوضات الفعلية في 26 تشرين الأول الحالي . ولوحظ ان بيانا مشتركا صدر عن حكومة الولايات المتحدة ومكتب منسق الأمم المتحدة الخاص بلبنان يان كوبيتش أكدا فيه ان ممثلي الأطراف الأربعة “اجروا محادثات مثمرة وأعادوا تأكيد التزامهم مواصلة المفاوضات في وقت لاحق من هذا الشهر”. كما ان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تناول لاحقا هذه المفاوضات فأكد “اننا نؤيد المحادثات التي انطلقت بين إسرائيل ولبنان لترسيم الحدود ونحن ملتزمون بإنجاحها”. اما إسرائيل فأعلنت انها ستواصل التفاوض مع لبنان بخصوص الحدود البحرية بينهما . وقال وزير الطاقة يوفال شتاينتز في بيان انه وافق على ان يمضي الوفد الإسرائيلي قدما في المحادثات “لإعطاء العملية فرصة”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *