الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : مفاوضات الناقورة اليوم تقنيّة.. ‏واستشارات الغد مَشفوعة بالمشاورات ‏الحريرية
الجمهورية

الجمهورية : مفاوضات الناقورة اليوم تقنيّة.. ‏واستشارات الغد مَشفوعة بالمشاورات ‏الحريرية

اليوم مفاوضات وغداً استشارات… اليوم تنطلق الجولة الاولى من المفاوضات لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل في مقر قيادة قوات «اليونيفل» في الناقورة، بوساطة الولايات المتحدة الاميركية ممثّلة بمساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر، الذي وصل الى بيروت مساء أمس، ورعاية الامم المتحدة ممثّلة بمنسّقها الخاص في لبنان يان كوبيتش. وغداً تنطلق الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتسمية من سيكلّفه تأليف الحكومة الجديدة.

وقد توزّعت الاهتمامات الداخلية بين هذين الاستحقاقين اللذين تنوّعَت المواقف حيالهما، ودارت حولهما التباسات دستورية متنوعة حاولت بعض البيانات أن تبدّدها، وأبرزها بيانان صدرا عن رئاسة الجمهورية التي وَجّه البعض إليها اتهامات بمخالفات الدستور في هذا الصدد، في الوقت الذي ينبغي على الجميع توحيد الموقف لخَوض هذين الاستحقاقين بفعالية بما يضمن تأليف حكومة تنفّذ الاصلاحات المطلوبة لإنقاذ البلاد من الانهيار، من جهة، وخوض مفاوضات بموقف موحّد وقوي لتثبيت حدود لبنان البرية والبحرية وحقوقه في ثروته النفطية والغازية، من جهة ثانية.

تتجه الانظار عند العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم الى مقر قيادة القوات الدولية (اليونيفيل) في الناقورة، حيث ستعقد أولى جلسات المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، استناداً الى ما قال به «الاتفاق الاطار»، برعاية اميركية وأممية وبتسهيلات قدمتها قيادة «اليونيفل» المعزّزة حيث ستكون جلسة سرية بلا أي تغطية اعلامية.

وقالت مصادر تواكب جلسة اليوم لـ«الجمهورية» انّ الاجتماع سيعقد في القاعة التي تشهد الاجتماعات شِبه الدورية للجنة العسكرية الثلاثية التي تجمع ضبّاطاً من الجيش اللبناني والقوات الدولية والجيش الاسرائيلي، وهي القاعة نفسها التي شهدت المفاوضات عام 1996 حيث ولد «تفاهم 26 نيسان»، وهي قاعة داخل مركز للقوة الايطالية في رأس الناقورة.

 

أربع كلمات

وعلمت «الجمهورية» انّ اللمسات الأخيرة استُعرِضت في اللقاء الذي تَمّ بين رئيس الجمهورية وممثل الامين العام للامم المتحدة يان كوبيتش، أمس في قصر بعبدا. وبحسب الترتيبات الاخيرة، ستكون هناك أربع كلمات، أوّلها لممثل كوبيتش، والثانية لشينكر، والثالثة لرئيس الوفد اللبناني، والأخيرة لرئيس الوفد الاسرائيلي. قبل أن ينتقل البحث في آلية المفاوضات والتنسيق لترتيب المواعيد اللاحقة، ولن تكون المفاوضات مباشرة بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي.

 

بعبدا تردّ

وقالت مصادر واسعة الاطلاع انّ الجدل الذي أثاره كتاب الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، والذي شَكّك بدستورية خطوة تشكيل الوفد مُتهماً رئيس الجمهورية بتجاوز الدستور بتجاهله دور رئيس الحكومة، دفعَ المكتب الاعلامي في قصر بعبدا الى الرد على مضمونه، بالإضافة الى الرد على كلام الرئيس فؤاد السنيورة، وجاء في الرد: «إننا لسنا في صدد معاهدة دولية مع إسرائيل، والعطف على المادة 52 من الدستور، فهو لأنّ مَن يتولى أيّ تفاوض في شأن أيّ َصك دولي، مهما كان نوعه، إنما هو رئيس الجمهورية، إذ لو كان القَصد إشراك رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في التفاوض لعقد المعاهدة لكانَ الدستور نَصّ صراحة على ان يتولى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التفاوض بدلاً من ان «يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة. ولو كانت المشاركة واجبة في المفاوضة لما كان من داع للنص على «وجوب الاتفاق» بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، باعتبار انّّ كليهما تَولّيا المفاوضة».

امّا لجهة انّ رئيس الجمهورية «يطبِّع ويعترف» بمجرد عطفه على المادة 52 من الدستور عند اعلان الوفد اللبناني المفاوض، فأوضح البيان انّ «هذا يقع أيضاً في دائرة البطلان، لأنّ تَوَلّي المفاوضة شيء وطبيعة التفاوض شيء آخر. انّ اتفاق الاطار العملي للتفاوض على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، على ما أُعلن رسمياً، إنما يبدأ على الصعيد العملي بتأليف الوفد اللبناني وبمسائل لوجستية أخرى برعاية الأمم المتحدة وضيافتها، وبحضور الوسيط الأميركي المسَهِّل».

وتابع: «انّ كل كلام آخر هو كلام تحريفي للدستور، والهدف منه امّا التضليل او ما هو أدهى من ذلك، إضعاف الموقف اللبناني في اللحظة الخاطئة، حيث انّ لبنان يذهب للتفاوض العملي والتقني على ترسيم حدوده البحرية حفاظاً على سيادته وثروته الطبيعية على كل شبر من أرضه ومياهه، كفانا مُهاترة في زمن الجد».

 

الاستحقاق الحكومي

وعلى صعيد الاستحقاق الحكومي واصَل الرئيس سعد الحريري، المرشّح الوحيد حتى الآن لرئاسة الحكومة، مشاوراته في مختلف الاتجاهات لاستكشاف المواقف من ترشيحه في خطوة استباقية لاستشارات التكليف التي سيجريها عون غداً، وفي هذا السياق سيّر الحريري وفداً من كتلة المستقبل في جولة على مختلف الكتل النيابية تنتهي غداً، لاستطلاع مواقفها من ترشيحه ومدى التزامها المبادرة الفرنسية، والتي قال انّ بنودها الاصلاحية ستكون البيان الوزاري للحكومة العتيدة.

وشملت لقاءات الوفد أمس رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، ورئيس حزب الطاشناق النائب اغوب بقرادونيان، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

وقالت مصادر القوات اللبنانية لـ«الجمهورية» انّ «التوافق بين وفدي «المستقبل» و«القوات» كان حول العناوين الكبرى المتصلة بالمبادرة الفرنسية وضرورة الاصلاح وضرورة الانقاذ. وبالتالي، كان هنالك توافق تام حول المنطلقات الاساسية المتصلة بالمبادرة وبضرورة الانقاذ، لكنّ التباين كان حول طريقة التنفيذ بين «المستقبل» الذي يريد ان يعطي فرصة لحكومة يمكن ان تشكّل فرصة للانقاذ، وبين «القوات اللبنانية» التي ترى انه لا يمكن الانقاذ في ظل الاكثرية القائمة، وانّ هذه الفرصة أعطيت غير مرة وهناك استحالة تحقيق اي إصلاح مع هذا الفريق، بدليل أنه أطاحَ المبادرة الفرنسية في ظل سقوفه المرتفعة وإصراره على تسمية وزرائه، وبالتالي ما لم يتحقق مع الدفع الفرنسي لن يتحقق اليوم في ظل اصرار هذا الفريق على التسمية وبمجرد ما ان يسمي هذا الفريق، سيسمّي ذاك الفريق. وبالتالي، عود على بدء، اي انه لن يتحقق اي شيء، وبالتالي يستحيل مَنح اي فرصة لفريق الاكثرية القائمة، ويجب الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة بتغيير الاكثرية وخلاف ذلك «فالِج ما تعالج».

وأضافت المصادر: «النقطة الاخرى، قال الدكتور سمير جعجع في اللقاء وعلى هامش النقاش الاساسي، انّ الامور التي تجمع بين «القوات» و»المستقبل» هي اكثر بكثير من الامور التي تفرّق بينهما، ولا يجوز ان تطغى مواضيع خلافية على المواضيع المتفق حولها، ولذلك يجب ان تبقى اي مواضيع خلافية تحت سقف هذين الطرفين».

 

مُربكة وغير واضحة

والى ذلك، قالت مصادر سياسية متابعة لحركة الاتصالات التي يجريها الحريري: «صحيح انّ كلام الوزير جبران باسيل يعتبر سلبياً، لكنه دفع الحريري لأن يكون اكثر إصراراً على إنجاز مهمته». واكدت «انّ الاستشارات اذا ما حصلت في موعدها بعدما أحرجَ رئيس الجمهورية الجميع بتحديد هذا الموعد، فإنّ الحريري هو المرشح لأن يكون لديه اكثر الاصوات من الكتل النيابية».

أمّا عن «التيار الوطني الحر»، فقالت المصادر «انّ باسيل ليس لديه مرشح لكنه يلوّح بترشيح جواد عدرا، والأخير لديه معوقات قانونية كون اسمه مُدرج على لائحة الانتربول». وبالتالي، فإنّ الامور لا تزال مربكة وغير واضحة». وأضافت المصادر «انّ «حزب الله» يميل الى ترشيح الحريري وينتظر أن يلتقي موفداً منه، لكن ربما يتريّث بعض الشيء للتشاور مع حليفه «التيار الوطني الحر»، علماً انّ موقف الحزب حتى الآن يتمثّل في انه لن يسمّي الحريري…

وقالت المصادر «انّ الكرة الآن هي في ملعب الحريري، الذي عليه إيجاد صيغة تفاهمية في موضوع النقطة التي بقيت عالقة اثناء المفاوضات التي حصلت مع مصطفى اديب»، ورأت انه «اذا اراد الحريري ان يذلل العقبات وينزع الاشواك من طريقه فيجب ان يطمئن الى أنّ كل الكتل النيابية ستسمّيه او تعطيه الثقة داخل المجلس النيابي، ولا سيما في موضوع تسمية من يرونه مناسباً لتمثيلهم داخل الحكومة، وان لا يتمسّك بمطلبه أن يختار هو الاسماء. حتى انّ موضوع ان يكون الوزراء غير حزبيين، فلن يكون هناك إشكال في هذا الامر لأنّ الثنائي الشيعي لم يَقل في المفاوضات السابقة انه يريد ان يُسمّي حزبيّين، لكنه يطلب ان يكون القرار بيده في موضوع اختيار الاسماء».

كذلك، دعت المصادر الى «انتظار الـ 48 ساعة المقبلة التي تسبق يوم الاستشارات المحدد غداً، لمعرفة كيف ستسير الامور، وخصوصاً بعد استكمال جولة كتلة «المستقبل» على الكتل النيابية، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه».

 

إرتياح في بيت الوسط

وعبّرت مصادر «بيت الوسط» عن ارتياحها للنتائج التي انتهت اليها الجولة الاولى لوفد «المستقبل». وقالت هذه الاوساط لـ«الجمهورية» انّ ما جرى أمس عكسَ مزيداً من أجواء الارتياح التي بدأت طلائعها في لقاءَي الحريري مع رئيسَي الجمهورية ومجلس النواب أمس الأول، وهو ما عَكسته لقاءات بنشعي مع زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية، وبرج حمود مع رئيس حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان أمس. وانّ ما انتهت إليه المواقف يُبشّر بإمكان التعاون للخروج من المرحلة الصعبة وفق المعايير الواضحة التي كَرّستها المبادرة الفرنسية.

وفي الوقت الذي رفضت مصادر بيت الوسط الرد على مواقف باسيل التي أطلقها مساء أمس، قالت لـ«الجمهورية»: ما نُعَوّل عليه يكمن في اللقاء الذي سيجمع قبل ظهر اليوم رئيسة كتلة المستقبل والوفد المرافق مع رئيس كتلة «لبنان القوي» ومن يمثّلها، قبل اللقاء الذي سيجمع الوفد مع رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عند الاولى بعد الظهر.

 

«بيت الوسط» وكليمنصو

وليلاً، كشفت مراجع معنية لـ«الجمهورية» انّ هناك انفراجاً واسعاً قد تَحقّق مساء امس على مستوى العلاقة بين «بيت الوسط» وكليمنصو بعد إعلان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عن عدم الحاجة الى لقاء بينهما طالما انّ الحريري سَمّى نفسه للمهمة، وذلك جرّاء الاتصالات التي أجراها أصدقاء مشتركون، وانّ لقاء سيُحدّد موعده بين وفدَين من الطرفين اليوم، علماً انّ الحريري التقى ليلاً في بيت الوسط النائب وائل ابو فاعور موفَداً من جنبلاط.

وكان باسيل قد عَلّقَ، في خطاب ألقاه في ذكرى 13 تشرين، على الملف الحكومي والمبادرة الفرنسية، فقال: «ليس على علمنا انّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عَيّنَ أحداً ليُشرف على مبادرته، ويقوم بفحص الكتل ليرى مدى التزامها بالمبادرة»، وقال: «مَن يريد ترأس حكومة اختصاصيين يجب ان يكون هو الاختصاصي الأول، او أن يتنَحّى لاختصاصي آخر»، لافتاً إلى أنّ «النزاع على السلطة والخوف من الآخر كبير الى درجة انّ الفريقين جاهزان لتطيير فرصة إنقاذ البلد مقابل تحصيل مَكسب، امّا نحن في التيار فنرى فرصة اليوم ليس فقط لإنقاذ البلاد عبر المبادرة الفرنسية، بل أيضاً عبر إجراء تعديل دستوري يمنع الشغور في السلطة التنفيذية».

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *