الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط : الحريري يعتبر المبادرة الفرنسية “الفرصة الأخيرة للإنقاذ‎”‎ التقى عون وبري وشدد على حكومة من غير الحزبيين… ورئيس الجمهورية يدعو ‏إلى الإسراع بتشكيلها
الشرق الاوسط

الشرق الأوسط : الحريري يعتبر المبادرة الفرنسية “الفرصة الأخيرة للإنقاذ‎”‎ التقى عون وبري وشدد على حكومة من غير الحزبيين… ورئيس الجمهورية يدعو ‏إلى الإسراع بتشكيلها

بدأ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مشاوراته السياسية لبحث مبادرة ‏ترشيحه لرئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة، والتقى أمس رئيس الجمهورية ميشال ‏عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، مجدداً تأكيده أن المبادرة الفرنسية هي الفرصة ‏الأخيرة لإنقاذ لبنان، وأنه سيبذل جهداً لإنجاحها، وهي قائمة على تشكيل حكومة ‏اختصاصيين لا ينتمون للأحزاب‎.

وكثّف الحريري اجتماعاته مع كتلته النيابية التي استمعت إليه أمس، على أن ‏يلتقيها مجدداً اليوم، ثم الأربعاء، لتأكيد الموقف النهائي من الترشح لرئاسة ‏الحكومة في ضوء الاتصالات التي باشرها أمس، ويستكملها وفد من “كتلة ‏المستقبل”، يضم النواب بهية الحريري وسمير الجسر وهادي حبيش، مع الكتل ‏النيابية الكبرى‎.

وقالت مصادر “المستقبل” لـ”الشرق الأوسط” إن الحريري ينطلق في حراكه ‏من واقع أن لا إنقاذ للبنان من دون المبادرة الفرنسية، خصوصاً أن أحداً لم ‏يطرح بديلاً عنها، وبالتالي فهو يحاول أن يسأل هذه القوى عن استمرار تمسكها ‏بالمبادرة ليبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أن عناوينها واضحة، ومدتها ‏محددة بستة أشهر‎.

ورأت المصادر أن الحريري يضع بتحركه هذا الجميع أمام مسؤولياتهم لأن ‏‏”الواقع في لبنان أصعب مما نراه، ونحن مقبلون على ما هو أسوأ إذا لم يتم ‏تدارك الأمور‎”.
ومع تأكيد الرئيس عون “تمسكه بالمبادرة الفرنسية”، و”وجوب تشكيل حكومة ‏جديدة بالسرعة الممكنة لأن الأوضاع لم تعد تحتمل مزيداً من التردي”، بحسب ‏ما جاء في بيان لمكتبه، رمى الحريري الكرة في ملعب من يتراجع عن تعهداته ‏أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وشدد على أن هدفه هو تعويم مبادرة ‏الرئيس ماكرون لأنها الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف الانهيار، وإعادة إعمار ‏ما دمره انفجار مرفأ بيروت، مبدياً أسفه “لما رأيناه في الإعلام، من كلام ‏وتسريبات ومواقف لم تكن لها علاقة بهذه المبادرة وبنودها الإصلاحية ‏والاقتصادية، وكان كله كلام بالمحاصصة الحكومية والشروط الحزبية؛ أي كلام ‏خارج الموضوع‎”.

ولفت الحريري إلى أنه أبلغ عون أنه سيرسل وفداً للتواصل مع جميع الكتل ‏السياسية الرئيسية للتأكد من أنها ما زالت ملتزمة بالكامل ببنود الورقة التي ‏وافقت عليها في مطلع الشهر الماضي في “قصر الصنوبر”، في حضور ‏الرئيس ماكرون، مضيفاً أن “الهدف من السؤال هو أني مقتنع أن مبادرة ‏الرئيس ماكرون هي الفرصة الوحيدة والأخيرة الباقية لبلدنا لوقف الانهيار، ‏وإعادة إعمار بيروت‎”.

ورأى أن “جميع القوى السياسية، وجميع اللبنانيين، يعرفون ذلك، ويعرفون أنه ‏لم يعد لدينا وقت لنضيعه في مهاترات سياسية، وأن الانهيار الكبير يهدد بلدنا ‏بمزيد من المآسي، ويهدد الدولة بالزوال الكامل”، موضحاً: “هذه المبادرة ‏الفرنسية قائمة على تشكيل حكومة اختصاصيين لا ينتمون للأحزاب، تقوم ‏بإصلاحات محددة بجدول زمني محدد، لا يتعدى أشهراً معدودة، والإصلاحات ‏وجدولها الزمني محددة مفصلة في الورقة التي هي بمثابة بيان وزاري للحكومة ‏الجديدة‎”.

وأضاف: “وهنا، من المهم أن نكرر أن عدم وجود أحزاب في الحكومة هو ‏لأشهر معدودة فقط؛ أي أننا كأحزاب لن نموت، ولتنفيذ إصلاحات اقتصادية ‏مالية وإدارية فقط لا غير. والجميع يعرفون السبب، وهو أن جميع الحكومات ‏التي شكلت على الأسس التقليدية لتمثيل الأحزاب فشلت بالإصلاحات، وأوصلتنا ‏وأوصلت البلد للانهيار الكبير الذي نعيشه اليوم‎”.

وجدد قوله إن “تشكيل مثل هذه الحكومة والقيام بهذه الإصلاحات يسمح للرئيس ‏ماكرون، حسبما تعهد أمامنا جميعاً، بتجييش المجتمع الدولي للاستثمار في لبنان، ‏وتوفير التمويل الخارجي للبنان، وهي الطريقة الوحيدة لوقف الانهيار الرهيب ‏الذي نعاني منه جميعنا، كبلد وكدولة وكمواطنين‎”.

ولفت إلى أنه يسمع كلاماً كثيراً حول دول موافقة وأخرى غير موافقة، قائلاً: ‏‏”الرئيس ماكرون تعهد، هل تفهمون ما معنى ذلك؟ معناه أنه سيعقد المؤتمر، ‏وسينتشل لبنان من الانهيار، وذلك بحسب ما أكده لنا وللبنانيين في مؤتمره ‏الصحافي‎”.
وقال الحريري: “أبلغت فخامة الرئيس أنه إذا تبين لي بنتيجة الاتصالات أن ‏قناعة الكتل السياسية الرئيسية ما زالت قائمة لإعطاء الثقة لمثل هذه الحكومة، ‏وليصوتوا لإصلاحاتها في البرلمان، كما التزموا أمام الرئيس ماكرون، فهكذا ‏حكومة هي التي ستقوم بالإصلاحات، أما إذا كانت نتيجة الاتصالات أن هناك ‏من غيّر رأيه، أو غيّر كلامه السابق بأنه مع المبادرة الفرنسية، أو أنه يريد الآن ‏أن يغيّر مفهوم هذه المبادرة، خاصة في الشق الاقتصادي فيها وشق ‏الاختصاصيين، مع علمه المسبق أن ذلك يفشلها، فليتفضل بتحمل مسؤوليته أمام ‏اللبنانيين، ويبلغهم بهذا الأمر”. وأضاف: “هذا كان موقف فخامة الرئيس أيضاً، ‏وهذا الأمر يشجعني على مواصلة الجهود لإنجاح مبادرة الرئيس ماكرون‎”.

وفي المقابل، وصفت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لقاء الرئيس عون مع ‏الحريري بـ”الإيجابي”. وأوضحت لـ”الشرق الأوسط” أن “اللقاء اتسم ‏بالوضوح والمصارحة، حيث كانت هناك جولة أفق حول الأوضاع القائمة، ‏وكان تأكيد منهما على التمسك بالمبادرة، خاصة أنها تنادي بثلاثة أمور أساسية، ‏هي الإصلاحات ومبادرة مواجهة الفساد والتدقيق الجنائي‎”.

وشدد عون على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة لأن “الأوضاع صعبة، ‏وليس هناك مجال لترف الانتظار”. ومن هنا، لفتت المصادر إلى أن “الحريري ‏الذي بدا مدركاً أهمية ما يقوم به، وضرورة التعامل بسلاسة ليصل إلى صيغة ‏ترضي الجميع، سيقوم باتصالاته وسيعود للقاء عون ووضعه بنتائجها‎”.

وفي رد على سؤال عما إذا كان عون الذي طالما طالب بحكومة تكنو – سياسية ‏يؤيد مبادرة الحريري، قالت المصادر: “الرئيس عون مع تشكيل حكومة بأسرع ‏وقت ممكن، تكون مضمونة لجهة نيلها ثقة مجلس النواب، حتى تستطيع العمل ‏ومواجهة التحديات المنتظرة والإصلاحات ومكافحة الفساد وغيرها”، مع ‏تأكيدها على أن اللقاء مع الحريري “لم يتطرق إلى التفاصيل‎”.
وبعد لقائه رئيس البرلمان قال الحريري إن بري كان واضحاً بموافقته على ‏الإصلاحات في الورقة الاقتصادية من المبادرة الفرنسية، مشيراً إلى أن وفداً من ‏قبله سيقوم اليوم الثلاثاء بسلسلة لقاءات مع الكتل النيابية، لا سيما التي شاركت ‏في اجتماع قصر الصنوبر مع ماكرون، و{سنتناقش بباقي الأمور عندما يتبلور ‏جو كل منها (الكتل النيابية‎)}.
من جهته، أبلغ بري الحريري بإيجابيته إزاء المبادرة الفرنسية، {كما كنا ولا ‏نزال‎}.

وبانتظار ما ستكشفه اللقاءات والاتصالات السياسية قبل موعد الاستشارات ‏النيابية الخميس المقبل، قال نائب رئيس البرلمان، إيلي الفرزلي، إنه من الصعب ‏الجزم حول عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة “لا سيما أن لتكتل (لبنان ‏القوي) وجهة نظر فيما يتعلق بكيفية صناعة حكومة ذات حيثية مبررة يجب أن ‏تؤخذ بالاعتبار‎”.

وفي حين أنه من المتوقع أن يعلن حزب “القوات اللبنانية” عن موقفه حيال ‏مبادرة الحريري يوم الأربعاء بعد اجتماع التكتل، قال النائب في “القوات”، ‏جورج عقيص، في حديث تلفزيوني: “الحريري سيسمع منّا أننا لن نشارك في ‏أي حكومة لأننا نريد حكومة اختصاصيين من غير السياسيين، فالإصلاحات ‏أصبحت حاجة ملحة”، وهو ما أكد عليه زميله في الكتلة التي يقودها حزب ‏‏”القوات”، إدي أبي اللمع، قائلاً في حديث إذاعي: “نريد حكومة مستقلة، ولا ‏نؤمن بالتكنو سياسية. وهذه الحكومة يجب أن تكون كما وصفها الفرنسيون، ولن ‏نتراجع عن هذا الموقف، والقوى السياسية لا تعيّن أشخاصاً لها، ولا تهيمن ‏عليها، ولا تعطي رأيها فيها‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *