الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق:الحريري يحرك اتصالات التكليف..لإنقاذ لبنان
الشرق

الشرق:الحريري يحرك اتصالات التكليف..لإنقاذ لبنان

خلط الرئيس سعد الحريري اوراق اللعبة الحكومية المجمّدة واعاد الحياة الى عروقها بطرحه المتجدد بعد عام على خروجه من الندوة الحكومية. الاتصالات ستتحرك اعتبارا من مطلع الاسبوع بعد رصد ردات الفعل من القوى السياسية على مواقفه وتلمس مدى استعدادها للتعاون ليصار في ضوئها الى اطلاق حركة مشاورات سريعة تمهد الارضية للتوافق على التكليف قبل استشارات الخميس. فهل يقفل الاسبوع السياسي على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة في الذكرى الاولى لخروجه من السراي، وهل يتنازل الثنائي الشيعي عن شروطه التي حرمت مصطفى اديب نعمة الانضمام الى جنة رؤساء حكومات لبنان لمصلحة الحريري واستتباعا ، هل من متغيرات في الافقين الدولي والعربي تعيد الحريري وتحتم على حزب الله الرضوخ؟

الحريري لم يرشح نفسه بحسب ما تؤكد اوساطه كونه مرشحا طبيعيا كما قال. انه رئيس كتلة نيابية وازنة وزعيم وطني لتيار سياسي عابر للمناطق ورئيس حكومة سابق، واضعف الايمان ان يكون مرشحا طبيعيا. والاهم من ذلك ان الحريري هو الشخصية الوحيدة المؤهلة لقيادة المرحلة باقتدار، ويطبق المبادرة الفرنسية لوقف الانهيار والشروع في اعادة النهوض.

الاوساط المراقبة ابدت تفاؤلا حذرا لانها تترقب ردات الفعل خلال الساعات الـ24 و48 المقبلة ليبنى عليها في الخطوات المقبلة. بعدها سيجري الحريري مشاورات داخل البيت السياسي مع رؤساء الحكومات السابقين وكتلة “المستقبل” والتيار. واعتبارا من مطلع الأسبوع المقبل، سيعيد تحريك وتفعيل محركات التواصل السياسي التي توقفت بالكامل بعد اعتذار أديب. واشارت الى ان جوهر كلام الحريري اول امس أنه أعاد ترشيح المبادرة الفرنسية من أجل تحقيق فرصة الإنقاذ، وهو يصر على اعتبارها الفرصة الوحيدة المتاحة لوقف الإنهيار وإعادة إعمار بيروت، انطلاقاً من اعتبارين: تعويم الآليات السياسية والاقتصادية للمبادرة والاستعداد للقيام بكل ما يلزم من أجل تحقيق هذا الهدف.

وتابعت الاوساط ان الرئيس الحريري أجرى “مكاشفة” لها وظيفة سياسية محددة، من اجل وقف الإنهيار وإعادة تعويم المبادرة الفرنسية.. في المحصلة، هناك هدف مركزي لكلام دولة الرئيس، وضع المبادرة الفرنسية على جدول الأعمال، وفقاً للآليات السياسية والإصلاحية ع التي توافق عليها الجميع في قصر الصنوبر.

تبريرات القوات

وفي انتظار انطلاق الحريري في جولة اتصالاته على القوى السياسية، وربّما تولّاها شخصيا، اعتصم قصر بعبدا بالصمت مترقبا نتائج مشاوراته. وقالت مصادر مقربة من الرئيس عون ان “بعد كلام الحريري اول امس يبدو ان هناك اشارة اقليمية بعودته الى رئاسة الحكومة. اما القوات اللبنانية فردت في بيان على مواقف رئيس المستقبل التي طاولتها، من دون ان تجزم في ما اذا كانت ستسميه من جديد ام لا مع ترجيح الخيار الثاني. فقد قالت مصادرها “نفضّل حكومة مستقلة من رئيسها إلى أعضائها وفي المرتين السابقتين لم نسمّ الحريري والأمور لم تتغيّر هذه المرة”. جاء ذلك في بيان مطول جاء حافلا بالتبريرات لكل سلوكها السابق، خصوصا طعنها الرئيس الحريري مرات عدة في الظهر.

الاشتراكي يوضح

من جانبه، نفى عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور في مقابلة تلفزيونية، “الكلام الذي أورده الرئيس سعد الحريري عن طلب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، على مسمع الفرنسيين، إعطاء وزارة المالية للطائفة الشيعية كتكريس دائم”، مشيرا إلى أنه “ربما التبس الأمر على الحريري، إذ ان الاتصال المذكور حصل عبر الهاتف، ولم يطرح جنبلاط اعطاء المالية للطائفة الشيعية بشكل دائم، بل كانت فكرته الفصل بين وزارة المالية كحق دستوري وعرفي، وبين وزارة المالية كحق سياسي، وهذه الصيغة التي تم تبنيها لاحقا من الجانب الفرنسي، وهي تنص على عدم تكريس عرف وجود أي حقيبة بشكل دائم لأي طائفة”، وقال: “لن ندخل في جدل إعلامي مع الحريري”. وعن إمكانية تسميته من قبل “اللقاء الديمقراطي” في الاستشارات النيابية الملزمة المقبلة، لفت أبو فاعور إلى أن “الموضوع للنقاش في اجتماع الكتلة”.

وفد تقني للترسيم

في مجال آخر وعلى مسافة خمسة ايام من انطلاق اجتماعات ترسيم الحدود برعاية اممية في الناقورة، وسط رمي اسماء للوفد اللبناني المفاوض في سوق التداول، اكد مصدر رسمي لـ”المركزية” ان الاجتماعات ستنطلق بوفد لبناني من اربعة اشخاص وسط حرص تام من قيادة الجيش على ان تتسم بطابع تقني محض. وافادت ان الوفد يعقد اجتماعات مكثفة مع الامم المتحدة تحضيرا للجلسة الاولى التي يديرها المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيش في حضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر.

رفع الدعم

وسط هذه الاجواء، لاتزال الاوضاع المعيشية المنهارة، في الواجهة مع تزايد الحديث عن رفع الدعم ولو جزئيا عن الدواء والقمح والمحروقات. وافيد امس عن اتفاق بين “المركزي” ومستوردي الاجهزة والمعدات الطبية بما يتيح استمرار دعمها، بينما بحث الحاكم رياض سلامة مع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب في آلية لرفع الدعم مع اقتراب نفاد احتياطي المركزي… وقد استنفد معظمه عمليات التهريب.

وفي السياق قدّم عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط بواسطة وكيله المحامي غابي جرمانوس إخباراً ثانياً إلى المدعي العام المالي عن موضوع التهريب عبر الحدود. واشار في تصريح من امام قصر العدل “ان قيمة البنزين المهرّب تبلغ حوالي 500 ألف دولار يومياً”، لافتاً الى “ان المهرّبين يتقاضون الدولار (fresh money) من سوريا ويدفعون للدولة اللبنانية بالليرة اللبنانية وهذه سرقة موصوفة وسنتابع هذا الملف حتى النهاية”. وقال الحواط “المواطن يقف في طوابير للحصول على المحروقات في حين انها تهرّب بلا حسيب ولا رقيب والأجهزة الأمنية لا تقوم بدورها في هذا الاطار”.

الحريري يبدّل “تكتيكه” شكلاً ويتمسّك بموقفه المبدئي:

امتحان لنوايا الجميع تجاه المبادرة الفرنسية!

مع إبداء الرئيس سعد الحريري مساء اول امس، استعداده للعودة الى رئاسة الحكومة، بعدما رفض هذا المنصب لشهور، انتقلت لعبة التكليف والتأليف الى مرحلة جديدة. الطابة التي رماها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ملعب بيت الوسط خصوصا والقوى السياسية عموما، بتحديده موعدا للاستشارات النيابية الخميس المقبل من دون اتفاق مسبق على الشخصية التي يمكن ان توكل اليها مهمة التشكيل، تلقّفها زعيم تيار المستقبل بخطوة سياسية ذكية ستضع الجميع امام امتحان اظهار حسن نواياهم تجاه المبادرة الفرنسية.

التكتيك المختلف الذي اعتمده هذه المرة، بعد قرابة عام على استقالته تحت وطأة انتفاضة 17 تشرين، عزاه الحريري الى الوضع المعيشي المهترئ والى ضرورة تقديم الجميع التنازلات لصالح لبنان ولصالح انقاذ المبادرة الفرنسية التي تمثل خشبة الانقاذ الاخيرة للبلاد، فاذا طيّرناها ولم نعرف كيف نتمسك بها، غرق المركب اللبناني نهائيا وابتلعته امواج الازمات المعيشية والاقتصادية والمالية، وبقيت بيروت تحت الانقاض، كومة رماد ودمار وركام. بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة، الحريري بدّل في مقاربته للازمة السياسية – الحكومية، في الشكل، مع اعلانه بصراحة انه راغب ومستعد لرئاسة الحكومة، غير انه لم يبدّل كثيرا في جوهر موقفه. فقد تمسّك بحكومة اختصاصيين، وهو ما يريده منذ خروجه من السراي، واشترط اعلان القوى السياسية كلّها أنها لاتزال داعمة لمضمون المبادرة الفرنسية لناحية الاصلاحات والتعاون مع صندوق النقد الدولي… كشرطين اساسيين ليقبل مهمّة التأليف.. وهنا بيت القصيد !

ففيما سيباشر الحريري اتصالاته مع الافرقاء في الساعات القليلة المقبلة لجس نبضهم حيال هذين البندين، تسأل المصادر هل سيوافق الثنائي الشيعي، الذي لطالما كان الحريري مرشّحه الاول للرئاسة الثالثة، على التنازل، فيكتفي باتفاق معه على شخصية شيعية لايت لوزارة المال؟ ام سيصر على تسمية كل الوزراء الشيعة فيكونون تكنوقراط، لكن غير مستقلّين، في ترجمة لما اعلنه نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم عن رفضه الانقلاب على نتائج الانتخابات؟ وايضا، هل سيسهّل حزب الله المفاوضات مع صندوق النقد، ام سيعقّدها ويعرقلها بعدما قال امين عام الحزب السيد حسن نصرالله منذ ايام ما معناه اننا يجب ان نكون في الحكومة لمراقبة مسار هذه المفاوضات، والتصدي لاي املاءات اقتصادية او حتى سياسية قد يراد فرضها علينا تخرق سيادتنا وتلتف على المقاومة ؟

هذا على خط الثنائي الشيعي. اما على الضفة المسيحية، فهل سيرضى التيار الوطني الحر بعودة الحريري الى السراي، بعدما كان اعتبر لأشهر ان الحريري شخصية سياسية فكيف يمكن ان تكون على رأس حكومة اختصاصيين، خصوصا ان سيّد بيت الوسط حسمها امس بأنه لن يقبل بمعادلة الحريري والنائب جبران باسيل معا داخل الحكومة او معا خارجها ؟ وماذا عن رئيس الجمهورية الذي افيد انه لن يعترض على اسم اي شخصية يتم تكليفها: هل سيتمسك بتسمية الوزراء المسيحيين، وهل سيعود عن مبدأ المداورة في الحقائب لأن الرئيس الحريري استثنى المالية منها؟ ماذا ايضا عن موقف القوى الاخرى كلّها، من الطاشناق الى المردة، هل ستصرّ على تسمية وزرائها؟ وماذا لو بقيت القوات ، صاحبة الاجندة الخاصة ، كما قال الحريري ، او التيار الوطني او التقدمي الاشتراكي، على رفضهم تسمية الحريري، هل سيرفض الاخير العودة لاسباب ميثاقية؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *