الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: دومينو الأزمات ينذر بالاتساع وعزل 111 بلدة
flag-big

النهار: دومينو الأزمات ينذر بالاتساع وعزل 111 بلدة

كتبت “النهار” تقول” يمر اليوم أسبوع كامل على اعلان السفير مصطفى اديب كرئيس مكلف لتشكيل الحكومة اعتذاره عن إكمال مهمته، فيما بدا الاستحقاق الحكومي برمته كأنه صار معلقا، ومعه أيضا المبادرة الفرنسية وسط جمود رئاسي ورسمي وسياسي غير مسبوق تبدو معه البلاد كأنها متروكة في مهب بحر الازمات الذي يضربها. واذا كان الاختراق اليتيم لهذا الواقع القاتم والجامد تمثل في اعلان الاتفاق الإطار على انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل في 14 تشرين الأول الحالي في مقر قوات اليونيفيل في الناقورة برعاية الأمم المتحدة وحضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر ممثلا الوساطة الأميركية التي طلبها لبنان وإسرائيل، فان هذا التطور على أهميته الاستراتيجية لم يحجب التصاعد الخطير في الاتجاهات الدراماتيكية التي تطبع الواقع الداخلي على مختلف الصعد الصحية والاقتصادية والمالية والاجتماعية. ذلك ان دومينو الازمات هذا بدا في الأيام الأخيرة بمثابة عاصفة هوجاء تنذر بمزيد من اغراق البلاد في تداعيات الازمات المخيفة كلما ابتعدت احتمالات تشكيل حكومة جديدة تتفرغ لمواجهة الانهيارات المتعاقبة بأسرع ما يمكن خصوصا بعدما تنامى هاجس انهيار الواقع الصحي ولا سيما منه الاستشفائي، وبات اقرب مما يظنه كثيرون. ومع ان جهات مطلعة تعزو شلل الحركة والمشاورات التي كان ينبغي ان تنطلق غداة اعتذار مصطفى اديب عن المضي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة الى تسلل تفشي الإصابات بفيروس كورونا الى قصر بعبدا، الامر الذي استوجب فرض إجراءات بالغة التشدد انتفت معها كل الحركة طوال أيام الأسبوع الحالي، فان هذا السبب على وجاهته بطبيعة الحال لن يكفل في قابل الساعات والأيام فتح ملف الاستحقاق الحكومي على غاربه والضغط بقوة الازمات المتراكمة والمستفحلة وتجاوز كل الاعتبارات السياسية المهترئة لتشكيل حكومة جديدة والا فان البلاد تتجه نحو مصير اشد قتامة من كل تداعيات الازمات التي تعاقبت عليه منذ سنة تماما تقريبا. حتى ان بعض الجهات المعنية بمراقبة مسار الازمات المتنوعة والمتعددة باتت تخشى ان يتسبب السباق الجاري بين الانهيارات بواقع يسقط كل المعايير التي طرحت عبر الوساطة الفرنسية لتشكيل حكومة إنقاذية ويحتم البحث من جديد عن معايير تتقدم معها عملية الفرملة العاجلة والأشد إلحاحا للانهيار الصحي والاجتماعي وما سينجم عنه من تداعيات مخيفة كأولوية حارة وعاجلة لا تحتمل ترف إعادة الجدل حول الشروط والمطالب والتعقيدات كتلك التي أطاحت تجربة مصطفى اديب. ولذا تقول هذه الجهات ان مطلع الأسبوع المقبل سيكون موعدا قسريا لا طوعيا للاتجاه بسرعة نحو تحريك المشاورات لتأليف الحكومة الجديدة واستعجال تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتأليف الحكومة الجديدة، والا فان المضي في الاتكال على حكومة تصريف الاعمال لمدة طويلة ولمآرب معروفة سيشكل الوصفة الأسوأ لتسريع دورة الانهيارات على نحو مخيف.

الحكومة ومفاوضات الترسيم
ولعل انطلاقة المشاورات ستكون من خلال الخلوة الرئاسية التي ستجمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ومعهما رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب في الطائرة التي ستقل الثلاثة الى الكويت الاثنين المقبل لتقديم التعازي بأمير الكويت الراحل. وسيكون الاستحقاق الحكومي الملف الأساسي في المشاورت كما سيحضر ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل الذي اعلن بري الاتفاق الإطار المتصل به فيما بدأت رئاسة الجمهورية تستعد لخطواته التنفيذية باعتبار انها ستتولى الملف كلا.

وفي هذا السياق اوضحت مصادر بعبدا لـ”النهار” انه ستعتمد آلية قائمة على تشكيل وفد من ضباط الجيش مع خبراء في القانون الدولي وفي قانون المياه والبحار دعماً للجانب العسكري في عملية التفاوض من النواحي القانونية والدولية والبحرية، فيما يجري تداول أسماء عدّة من الخبراء لتولّي عملية التفاوض التي ستتولاها اللجنة بإسم لبنان بمشاركة الأمم المتحدة ورعاية الولايات المتحدة الأميركية”. ورجحت أن تأخذ المفاوضات المدى المطلوب بعد اعلان اطار التفاوض على أن تباشر الجلسة الأولى في 14 تشرين الأول الجاري في الناقورة، حيث سيبدأ العمل الجدي من خلال نسخة متطورة عن اللجنة الثلاثية التي تعقد في الناقورة بمشاركة الأمم المتحدة التي تضطلع بدور نقل مضمون التفاوض. وشددت على ان دور اللجنة محدّد للتفاوض التقني على المياه والأرض ومعالجة ثغرات الخط الأزرق والنقطة 31 في الناقورة والنقطة b1 التي على أساسها سترسّم الحدود البحرية. وسيحضر كلّ فريق مع أرقام ووثائق ويباشر التفاوض، ويمكن ألا يحصل تفاهم أو أن تستمر المفاوضات شهوراً . وأكدت ان بعبدا تعول على البعد الاقتصادي لأي نتائج ايجابية يمكن أن تسفر عنها المفاوضات، مع الاشارة الى أنّ النجاح يساهم في تأمين مناخ أمني ملائم للعمل في ظلّ اتفاق قائم بين شركات توتال وإني ونوفاتيك التي حصلت على الامتياز في البلوكين الرابع والتاسع”.

وعلى رغم المناخ الجدي الذي نشأ عن اعلان الاتفاق الإطار للمفاوضات، فان ذلك لم يحجب التصاعد الواسع لموجة الانتقادات اللاذعة بل التشكيك في موقف “تحالف الممانعة ” ولا سيما منه عموده الفقري “حزب الله ” من خطوة التفاوض مع إسرائيل بكل ما تنطوي عليه من دلالات مثيرة للريبة في موقف الحزب الذي التزم صمتا وابتعادا مريبا عن كل ما اثير في شأن موقفه وموقف حلفائه.

جرس الإنذار
وسط هذه الأجواء برزت اخطار الواقع الصحي والاستشفائي في لبنان كاولوية لم يعد ممكنا تجاهلها في ظل جرس الإنذار المتقدم للغاية الذي شكله اتساع الانتشار الوبائي لفيروس كورونا وبدايات خطر عجز القطاع الاستشفائي عن احتواء الاعداد القياسية في الإصابات او أيضا في ما يتصل الاهتزاز الحاد للواقع المالي المتصل بهذا القطاع منذرا بتداعيات مخيفة. وفي وقت كانت فيه نقابة مستوردي المعدات الطبية تحذر من ان “العالم راح تموت في بيوتها مش على أبواب المستشفيات”اذا رفع الدعم، اتخذ الانتشار الوبائي بعدا شديد الخطورة في ظل اصدار وزارة الداخلية والبلديات قرارا بتطبيق إجراءات الاقفال والعزل التي يفرضها ارتفاع نسب المصابين الى سقوف غير مقبولة محددة عالميا على 111 بلدة وقرية في كل المحافظات اللبنانية. ويسري الاجراء من صباح غد الاحد الى صباح الاثنين 12 تشرين الأول بغية حصر الانتشار الوبائي . وتزامن الاجراء الذي ينفذ للمرة الأولى بهذا الاتساع في عدد البلدات دفعة واحدة وفقا لتوصيات اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف كورونا، مع قفزة مخيفة جديدة في ارقام الانتشار الوبائي في لبنان اذ سجلت وزارة الصحة امس 1291 إصابة و12 حالة وفاة. وارتفع بذلك مجمل عدد الإصابات منذ شباط الماضي الى 42159 إصابة. وأثار قرار وزير الداخلية ردود فعل احتجاجية واسعة لدى الكثير من البلديات التي أجمع عدد مهم منها على الإشارة الى ارقام مبالغ فيها للإصابات كما اعترضت نقابة السوبرماركت وطالبت الوزير بالتراجع عن قراره . ولكن الوزير محمد فهمي رد مؤكدا ان التدابير اتخذت بناء للائحة وضعتها اللجنة الوزارية بأسماء القرى ذات المستوى الخطير المرتفع من الانتشار الوبائي .

ولم تقتصر لوحة الكوارث التي تتهدد لبنان على الواقع الصحي اذ تخوض حكومة تصريف الاعمال سباقا مع التدهور المتصل بأزمة المحروقات وعملت امس على محاولة وضع أسس مالية وتنظيمية لتنظيم حل هذه الازمة. كما ان الواقع التربوي في ظل كورونا يبدو بالغ التعقيد ماليا وتنظيميا . وقد اعلن وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب بعد اجتماع برئاسة دياب في السرايا قرارا بتوزيع منح مالية على جميع تلامذة المدارس والثانويات الخاصة والعامة والمعاهد .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *