الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: نيران المرفأ تلتهم بقايا هيبة «الدولة» الفاشلة… «الحريق» اهمال او متعمد؟..«كرة» التعثر الحكومي في «ملعب» باريس: تغير نهج التأليف او لا حكومة..ثقة بري بالفرنسيين «تهتز»… «واستياء» من موقف عون حيال «العقوبات»
الديار لوغو0

الديار: نيران المرفأ تلتهم بقايا هيبة «الدولة» الفاشلة… «الحريق» اهمال او متعمد؟..«كرة» التعثر الحكومي في «ملعب» باريس: تغير نهج التأليف او لا حكومة..ثقة بري بالفرنسيين «تهتز»… «واستياء» من موقف عون حيال «العقوبات»

ساعات حاسمة امام المبادرة الفرنسية قبل انتهاء مهلة تشكيل الحكومة مطلع الاسبوع المقبل، وعود فرنسية «بالتسهيل» حملها مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم من باريس تحتاج الى ترجمة عملية تنعكس تغييرا في اداء الرئيس المكلف مصطفى اديب الذي يصر على تجاهل القوى السياسية في مشاورات التأليف «الجامدة»، فاذا حصل التغيير المأمول في ادارته عملية التشكيل المحاطة بمواكبة فرنسية لصيقة، ستذهب الامور نحو الحلحلة، اما اذا ما استمر الحال على ما هو عليه تذهب البلاد نحو الاسئلة الصعبة والمجهول في ظل شكوك و«ريبة» في «عين التينة» من الموقف الفرنسي غير «البريء» من «دم» العقوبات…

 

 حريق المرفأ… مفتعل او اهمال؟

 

وفي الانتظار، عاد المرفأ الى واجهة الاحداث من جديد من «بوابة» الحريق الهائل الذي اندلع على بعد 700متر من العنبر رقم 12الذي انفجر في الرابع من آب،وهذا الحريق هو الثاني خلال 48 ساعة، ما يطرح الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام المثيرة «للريبة» حول هذا الفلتان الفاضح في هذا المرفق العام الذي يفترض ان يكون مسرحا «للجريمة» وهو تحت رقابة امنية مشددة، فاذا كان الحريق مفتعل فتلك مصيبة كبيرة، فهل من يستهدف مرفأ بيروت لاخراجه من الخدمة بعدما اعيد تشغيله بنسبة مئة بالمئة بسرعة قياسية، على غير ما كان متوقعا؟ ومن هي تلك الجهات؟ وهل ثمة من يريد اخفاء ادلة ما على صلة بتحقيقات الانفجار؟ وكيف يمكن العبث بمنطقة تعد مسرحا للجريمة دون اشراف دقيق؟ اما اذا كان مجرد اهمال، فالمصيبة اكبر لانها تفضح مجددا اهتراء منظومة سياسية، وامنية، وادارية،لا تنفك تعطي الخارج المعطيات الموجبة لزيادة «دوز» الوصاية الدولية،وتزيد من حالة انعدام الثقة المفقودة لدى المواطنين الذين لا يزالون يلملمون آثار تفجير «نيترات الامونيوم»… فكيف لم يتعلم المسؤولين عن ادارة المرفأ من درس التفجير الاخير؟ وكيف لا يزال التعامل مع المواد المخزنة بهذا الاستهتار «المريب»؟ وفي الخلاصة لن تعرف الحقيقة في بلد كل شيء فيه وجهة نظر قابلة للنقاش، وتتساوى فيها المعارضة مع السلطة في فسادها…

 

 «ارتياب» في بعبدا

 

هذه الاسئلة وضعت على طاولة المجلس الاعلى للدفاع الذي قرر الذهاب بعيدا في التحقيقات، حيث لم يستبعد رئيس الجمهورية ميشال عون في مستهل الاجتماع اي فرضية مطالبا نتائج سريعة في التحقيقات التي يتولاها المدعي العام التمييزي غسان عويدات وهي منفصلة عن تحقيق تفجير الرابع من آب، واعتبر عون انه لم يعد مقبولا حصول اخطاء ممثالة بعدما كل ما حصل، ووفقا لاوساط مطلعة تعتقد الرئاسة ان ثمة تواطؤ مفضوح لدى اكثر من جهة لتسديد «الضربات» الموجعة الى العهد، وثمة ارتياب كبير في بعبدا حيال الاحداث الممنهجة والتخريبة التي لا يمكن ان تكون مجرد مصادفات…

 

وفي نهاية جلسته طلب المجلس الأعلى للدفاع من الأجهزة المعنية وإدارة المرفأ التدقيق والكشف على محتويات العنابر والمستوعبات الموجودة في المرفأ حالياً، كما تم عرض مسألة البضائع والمواد الموجودة في المستودعات في المرافئ والمطار لا سيما الخطرة منها والتي يتوجب تلفها او التخلص منها وفقاً للأنظمة والقوانين المرعية الاجراء تفادياً لأي حوادث كارثية قد تحصل من جراء خزنها.

 

اجراءات «وقائية» متاخرة…

 

وفيما ساد «الذهول» الاجهزة الامنية المعنية بالاشراف على المرفأ، وفي انتظار النتائج العملية للتحقيقات، جاء اعلان وزير الاشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار بأن الحريق سببه قيام احدهم بورشة تصليح مستخدماً صاروخ ما ادى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق، ليزيد من «السخط» لدى المواطنين حيال هذا الفلتان السائد على المرفأ وقلة المسؤولية في التعامل مع مواد شديدة الاشتعال والمخزنة في عنبر واحد…

 

وفي تحرك متأخر، يطرح الكثير علامات الاستفهام، أعلن الرئيس المدير العام لادارة واستثمار مرفأ بيروت بالتكليف باسم القيسي في بيان، انه «سيصدر اليوم، تعميما الى جميع التجار والمستوردين يطلب منهم عدم استيراد او تخزين اي مواد او بضائع قابلة للاشتعال وتشكل خطرا على السلامة العامة، دون إذن مسبق من كل الجهات المختصة،وفيما باشرت الشرطة العسكرية تحقيقاتها،اعلن الجيش اللبناني ان الحريق شب في مستودع للزيوت والاطارات في السوق الحرة، وتابع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات مجريات التحقيق حول الحريق.

 

 اين اصبحت التحقيقات؟

 

وفي تحقيقات انفجار الرابع من آب، استمع المحقق العدلي القاضي فادي صوان على مدار نصف ساعة الى وزير الاشغال في حكومة تصريف الاعمال ميشال نجار، ووفقا للمعلومات اكد الوزير انه عرف بوجود «نيترات الامونيوم» من رئيس مجلس الدفاع الاعلى اللواء محمود الاسمر قبل 24 ساعة من حصول الانفجار، وبعد احالة الامر الى ادارة استثمار المرفأ صباح الرابع من آب وقع الانفجار بعد الظهر… كما استمع صوان الى المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا كشاهد في جريمة الإنفجار وهو سيستمع يوم الاثنين المقبل الى مدير العام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بصفته شاهدا ايضا. وقد افيد ان وزيرة العدل في حكومة تصريف الاعمال طلبت من هيئة التفتيش القضائي التحقيق مع من يلزم بشأن التسريبات المتواصلة للتحقيقات في ملف الانفجار. وفي سياق متصل تعرض المدير العام للجمارك بدري ضاهر لوعكة صحية، تقدم على اثرها محاميه جورج خوري بطلب إلى النيابة العامة التمييزية لتكليف طبيب الجيش بمعاينته في سجن الريحانية، وبعد قبول القاضي غسان عويدات جاء الرفض من المحقق العجلي القاضي فادي صوان…

 

 هل تغيرت مقاربة باريس الحكومية؟

 

على الخط الحكومي، اطلع المدير العام للامن العام اللواء اللواء عباس ابراهيم رئيس الجمهورية ميشال عون على نتائج زيارته «الخاطفة» الى باريس حيث التقى السفيرين برنار ايمييه وايمانويل بون وبحث معهما المبادرة الفرنسية، وعلم في هذا السياق، ان الفرنسيين مصرون على استكمال مبادرتهم الحكومية وخطة الانقاذ الاصلاحية بعيدا عن «الانزال» الاميركي المفاجىء على «شاطىء» العقوبات السياسية التي استهدفت حليفي حزب الله، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ويعتقد الفرنسيون ان المصلحة المشتركة تقتضي تجاوز المحاولة الاميركية «لفرملة» المحاولة الانقاذية، خصوصا ان ايمييه كان حاسما لجهة عدم وجود تنسيق مع واشنطن حول توقيت صدور هذه العقوبات التي قد تتبعها اجراءت اخرى في الايام المقبلة في ظل اصرار الاميركيين على الفصل بينها وبين مسار الخطة الفرنسية.

 

والنصيحة الفرنسية المكررة في هذا الاطار تكمن في ضرورة تقطيع الوقت باقل الاضرار الممكنة الى ما بعد الانتخابات الاميركية حيث يأمل الفرنسيون عودة الديموقراطيين الى البيت الابيض ما يعزز احتمالات التفاهم مع واشنطن.

 

 ملاحظات عون حول اديب

 

وعلى الرغم من نفي اللواء ابراهيم، قيامه بزيارة باريس «كموفد رئاسي»، فهو حمل ملاحظات الرئيس عون على «الادارة الغامضة» للتاليف التي يقوم بها الرئيس المكلف مصطفى اديب، محملا اياه مسؤولية الابطاء في «الولادة» الحكومية في ظل اصراره على عدم التشاور مع القوى السياسية الوزانة في البرلمان، ما قد يسبب في اطالة «الاخذ والرد» حيال الحقائب والاسماء، مذكرا بان رئيس الجمهورية ليس مجرد معقب معاملات وتوقيعه ليس على «بياض»، وثمة توازنات واقعية يجب مراعاتها في اي عملية تشكيل.

 

 وعود فرنسية بالتسهيل؟

 

وقد حمل اللواء ابراهيم اجوبة فرنسية واضحة تتحدث عن تفهم فرنسي لهذه الملاحظات، مذكرة بان الرئيس ايمانويل ماكرون انطلق في مبادرته من خلال «الواقعية» السياسية التي املت عليه الجلوس مع كل المكونات اللبنانية بما فيها حزب الله، والموقف الفرنسي واضح لجهة تشكيل حكومة من الاختصاصيين غير الاستفزازيين، لا يلقون معارضة من ممثلي الاحزاب الممثلة في البرلمان، وقد وعد ايمييه بتكثيف الاتصالات مع اديب لتوسيع هامش مشاوراته تسهيلا لولادة الحكومة.

 

 رهان فرنسي على الوقت

 

ووفقا لهذه المعطيات، من المرتقب ان تشهد الساعات المقبلة تزخيما للاتصالات السياسية، بهدف استيلاد الحكومة مطلع الاسبوع المقبل، وفيما لا يزال «الارتياب» قائما حول الموقف الفرنسي من اسناد وزارة المال الى الشيعة، وسط غموض واضح في الموقف حيث يراهن الفرنسيون على الوقت مع استمرار تسريب المعلومات حول اعتكاف مرتقب للرئيس المكلف،وقد تبلغت باريس وجود رغبة حقيقية لدى القوى الرئيسية في انجاح المبادرة الفرنسية،لا سيما «الثنائي الشيعي» الذي لا يزال يبدي انفتاحا على التعاون لكن ضمن الثوابت التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس ايمانويل ماكرون.

 

«الكرة في معلب» الفرنسيين؟

 

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية بارزة، ان «الثنائي الشيعي» لا يزال عند موقفه في الاسراع بتشكيل الحكومة، لان الاستقرار يشكل اولوية مطلقة لديه، والاجوبة العملية مطلوبة من الفرنسيين في هذه اللحظات الحرجة، وهم معنيون بالرد على الاميركيين اذا ما كانت خطوتهم الاخيرة تشكل «اطلاق نار» على مبادرتهم، وهذا يجب ان ينعكس في كيفية ادارة الرئيس المكلف لعملية التشكيل،والفرنسيون قادرون على احداث نقلة نوعية في هذا السياق لان التنسيق بينهم وبين اديب شبه يومي، واذا استمر في «ادارة ظهره» للقوى السياسية يعني «مش ماشي الحال»، ولن «يمشي»، واذا لم يستمع اديب الى نصائح الرئيس عون فسيتحمل وحده مسؤولية المراوحة القائمة حاليا، مع العلم ان التمسك بوزارة المال سابق للعقوبات الاميركية ولا يعتبر موقفا متشددا من «الثنائي الشيعي»، والمطلوب الان مرونة وتغيير في نهج عملية التأليف، وهو امر ستتضح معالمه في الساعات القليلة المقبلة، والمطلوب من الفرنسيين افعالا لا اقوال، والترجمة العملية ستكون في اللقاء المقبل بين عون واديب، وعندها ستتضح معالم المرحلة المقبلة، فاذا تغير النهج في التشكيل تصبح «الولادة» ممكنة في المهلة المحددة، واذا تمسك الرئيس المكلف بموقفه، فيعني ذلك بوضوح ان الفرنسيين يقولون شيئا ويضمرون شيئا آخر.

 

 شكوك بري بالفرنسيين

 

وفي المقابل، تشير اوساط سياسية بارزة الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لديه شكوك عميقة حيال الموقف الفرنسي، ووفقا لمعلوماته فان الادارة الفرنسية كانت على دراية بالعقوبات الاميركية وتوقيتها، ولم تتخذ اي اجراء لتجميدها او تاجيلها مع العلم ان مسار التاليف لم يكن قد وصل بعد الى افق مسدود والتفاوض ضمن المهلة المتفق عليها، وهو سئل امام زواره حول التراخي الفرنسي حيال هذا الاجراء «المستفز» ذو الدلالات السياسية الواضحة؟

 

 …واستياء من موقف عون؟

 

وفي السياق نفسه، تشير المعلومات الى ان «عين التينة» مستاءة ايضا من موقف بعبدا «الضعيف» ازاء العقوبات الاميركية، ورات في اقدام الرئيس عون على مطالبة وزارة الخارجية باستيضاح الاميركيين حول خلفياتها، اجراء لا يرتقي الى مصاف الحدث، و«حرتقة» داخلية في غير مكانه، فالامر ليس مسألة ادارية تتعلق بالفساد كما يقول الاميركيين، ليطالب عون بالادلة، ولا يحتاج الامر الى تدقيق قضائي، فالموقف سياسي بامتياز، ويحتاج في المقابل الى موقف سياسي على المستوى نفسه، وهو ما لم تقدم عليه الرئاسة الاولى.

 

وفي تبريرها لموقف عون، تشير مصادرمطلعة الى وجود قلق لدى الرئاسة الاولى من عقوبات مفترضة في الاسابيع المقبلة تطال التيار الوطني الحر، والمقربين من الرئيس، وثمة محاولة لعدم افتعال تصعيد مع الاميركيين في هذا التوقيت، كما ان مسألة مكافحة الفساد «بضاعة ربيحة» في هذا التوقيت خصوصا ان عون سبق واشار في مقابلته الاخيرة الى وجود فساد في وزارة المال.

 

تأجيل الانتخابات الفرعية

 

في غضون ذلك، تقرر بعد التشاور بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، إرجاء اجراء الانتخابات الفرعية في ست دوائر انتخابية صغرى الى ما بعد 1/1/2021، وقد عللت الاسباب بالاضرار التي لحقت بالاحياء السكنية في الاشرفية والرميل والمدور والصيفي واعتبارها مناطق منكوبة، ما يعيق اجراء الانتخابات في هذه الدائرة حيث الشغور فيها، والتعبئة العامة نتيجة «كورونا، وقد ايدت هيئة التشريع والاستشارات القرار واعتبرت ان اعلان حالة الطوارئ في بيروت قد ينتج عنها تدابير منع تجول للاشخاص والسيارات، الامر الذي يمكن ان يعطل اجراء الانتخابات فيما لو اضطرت السلطات المختصة الى اعلان منع التجول لاي سبب، ولذلك ثمة استحالة او شبه استحالة لاجراء العملية الانتخابية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *