الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط : أديب يعمل على تهيئة الأجواء للتكامل مع المبادرة الفرنسية
الشرق الاوسط

الشرق الأوسط : أديب يعمل على تهيئة الأجواء للتكامل مع المبادرة الفرنسية

قال مصدر سياسي لبناني مواكب للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة ‏إن هذه الحكومة لديها مهمة واحدة تكمن في تهيئة الأجواء لتحقيق التكامل مع ‏المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون، وحظيت بتأييد أركان ‏الدولة ورؤساء الحكومات السابقين والمكوّنات السياسية الرئيسة التي التقاها في ‏قصر الصنوبر، ورأى أن أي تعديل في هذه المهمة لن يُكتب له النجاح وسيؤدي ‏إلى إحراج مَن التزم بهذه المبادرة وسرعان ما انقلب عليها‎.

ولفت المصدر السياسي نفسه إلى أن المبادرة الفرنسية ستُدرج في مسودّة البيان ‏الوزاري للحكومة العتيدة التي قد لا تحتاج إلى إدخال عناصر جديدة عليها، وأكد ‏أنها تهدف إلى وقف الانهيار الاقتصادي والمالي من خلال التوجُّه إلى المجتمع ‏الدولي بخريطة طريق لبنانية ما هي إلا نُسخة طبق الأصل عن العناوين ‏الإصلاحية التي حملها معه ماكرون إلى بيروت لعلها تدفع باتجاه استعادة ثقته ‏بلبنان بالتلازُم مع حرص الحكومة على استعادة ثقة اللبنانيين بها التي تكاد تكون ‏معدومة‎.

وأكد أن الهمّ الأول والأخير للرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة السفير مصطفى ‏أديب، يكمن في تبنّيه الورقة الإصلاحية الفرنسية المحصورة بوقف الانهيار ‏المالي والاقتصادي من دون أن تفتح الباب أمام مقاربة المشكلات السياسية في ‏مرحلة لاحقة لأن إقحامها بها سيؤدي إلى تأخير ولادتها، وهذا من شأنه أن يرفع ‏من منسوب الانهيارات المالية والاقتصادية وبالتالي سيعيق الجهود الرامية إلى ‏انتشال لبنان من الهوّة التي يتموضع فيها حالياً‎.

ورأى أن ترحيل المشكلات السياسية عن جدول أعمال المبادرة الفرنسية ينطلق ‏من تقدير ماكرون بأن هناك ضرورة للإفادة من عامل الوقت ليكون في وسع ‏لبنان توظيف عودة الاهتمام الدولي به لوقف الانهيارات التي تجاوزت في ‏خطورتها جميع الخطوط الحمر‎.

وقال المصدر السياسي إن مبادرة البعض إلى التعامل مع الحكومة في حال ‏تيسّرت ولادتها على أنها انتقالية يجب ألا يُفهم منه أن عمرها لن يكون مديداً وقد ‏لا يتجاوز عدة أشهر، وعزا السبب إلى أنها في حاجة إلى مهلة زمنية للانطلاق ‏لتكون على أهبة الاستعداد للبدء أولاً وفي حال تأمّن الدعم المالي الدولي ‏والعربي، وإن كانت هناك صعوبة أمام تأمينه عربياً وكما يجب في إعادة إعمار ‏بيروت لبناء ما دمّره الزلزال الذي أصابها من جراء الانفجار الذي حصل في ‏المرفأ‎.‎

وأكد أن الخطوة التالية تتعلق بإصلاح قطاع الكهرباء لأن البلد لم يعد يحتمل ‏الاعتماد على الحلول المؤقتة لإنتاج الطاقة التي كانت وراء ارتفاع منسوب ‏العجز، وهذا يتطلب إبرام عقود لتلزيم إنشاء معامل جديدة بعيداً عن المحاصصة ‏التي تسببت بهدر المال العام‎.

ورأى المصدر نفسه أنْ لا جدال حول مسودّة البيان الوزاري التي يُفترض أن ‏تنال الحكومة فور تأليفها وعلى أساسها ثقة البرلمان، وقال إن الاتفاق على مهمة ‏هذه الحكومة لا يكفي ما لم يكن مشروطاً بتشكيلة وزارية تكون على قياس ‏المهمة الموكلة إليها، محذّراً من لجوء هذا الطرف أو ذاك إلى ابتزاز الرئيس ‏المكلف أو التهويل عليه لأن أديب الذي باشر مشاوراته الخاصة بالتأليف لن ‏يسمح بإغراقه في مراوحة لا جدوى منها‎.

ورأى أن أديب وإن كان يتعاطى بانفتاح على القوى السياسية فهذا لا يعني ‏استعداده للتسليم بشروطها التعجيزية في محاولة منها لتحسين شروطها وصولاً ‏إلى انتزاع موافقته على تشكيل حكومة تكنو – سياسية، وقال إنه قد يضطر إلى ‏قلب الطاولة في حال أحس بأن مفاوضات التأليف اصطدمت بحائط مسدود‎.

وأضاف المصدر السياسي أن أديب لن يكون حسان دياب آخر، أي بمعنى أنه لن ‏يخضع للابتزاز بذريعة أن ما يهمه أن تتشكل الحكومة وبعدها لكل حادث ‏حديث، وعزا السبب في ذلك إلى أن هناك حاجة لوجوده على رأس الحكومة ‏وأنه يلقى كل الدعم من بيئته ورؤساء الحكومات السابقين وأطراف محلية أخرى ‏ودولية، وهذا ما لم يحصل عليه رئيس الحكومة المستقيل‎.

وأكد أن رؤساء الحكومات قدّموا له كل التسهيلات ولم يعد لديهم ما يقدّمون، ‏وبالتالي من الأفضل لمن يهمه الإسراع بولادة الحكومة أن يأخذ بعين الاعتبار ‏أن أديب لن يترأس مشروع تشكيلة وزارية يعدها ساقطة سلفاً ولا قدرة لديها ‏على تصحيح علاقات لبنان بالدول العربية، وقال إن المشكلة في دياب أنه فرّط ‏في حاجة رئيس الجمهورية ميشال عون، وأطراف في محور الممانعة، إلى ‏وجوده على رأس الحكومة وانساق تلقائياً لشروطهم ما زاد من الحصار الدولي ‏والعربي المفروض على لبنان‎.

لذلك فإن الكرة الآن في مرمى الرئيس عون وفريقه السياسي، فهل يتعاطى مع ‏أديب على غرار تعاطيه مع دياب، وبالتالي يوقع نفسه في مشكلة تتجاوز لبنان ‏إلى المجتمع الدولي وعلى رأسه فرنسا، أم أنه يبادر إلى مراجعة حساباته لئلا ‏يشهر أديب سلاح الموقف في وجه من يعيق مهمته؟ وهذا ما ينسحب على ‏‏”حزب الله” الذي يتموضع حالياً تحت عباءة رئيس المجلس النيابي نبيه بري ‏الذي ينوب عنه في مشاورات تشكيل الحكومة‎.

وعليه، هناك من يعتقد أن أديب لا يميل إلى تمديد المهلة التي حدّدها ماكرون ‏بأسبوعين لتشكيل الحكومة، وبالتالي لن يرضخ للابتزاز لأن من الأفضل له من ‏وجهة نظر من رشحه أن يحمل لقب رئيس حكومة مكلّف بدلاً من أن يرأس ‏حكومة للآخرين، فيما يواصل المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن ‏خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، ‏حسين خليل، تحركهما بعيداً عن الأضواء باتجاه أديب، وزعيم تيار “المستقبل” ‏الرئيس سعد الحريري، ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، إذ ‏إن تحركهما لا يزال في طور التأسيس وينتظر من الرئيس عون تخليه عن ‏مطالبته بحكومة من 24 وزيراً في مقابل توجُّه أديب لحكومة من 14 وزيراً، ‏وقد يكون المَخرج بحكومة عشرينية‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *