الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: السلطة تراوغ وتعطل.. وتناور على ماكرون!
flag-big

النهار: السلطة تراوغ وتعطل.. وتناور على ماكرون!

بعد 12 يوما على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، شكل المشهد السياسي الداخلي المتصل بالاستحقاق الحكومي مدعاة قلق إضافية للبنانيين في ظل تصاعد المخاوف بقوة في الأيام الأخيرة من تحجر اهل السلطة وعودتهم الى سابق ممارساتهم وأنماطهم ومناوراتهم، وكأن البلاد لم يضربها زلزال 4 آب ولا ترزح تحت وطأة رزمة خيالية من الكوارث المالية والاقتصادية والاجتماعية، ويظللها زحف بالغ الخطورة للانتشار الوبائي لفيروس كورونا الذي املى العودة امس الى إجراءات الاقفال الجزئي. وليس أدل على التحجر السلطوي ومحاولات التذاكي في توسل المناورات لفرض امر واقع حكومي جديد لمصلحة التحالف السلطوي الحالي والتملص من تداعيات التبعات المباشرة والمثبتة لأهل السلطة عن كارثة انفجار 4 آب سوى ما عاد يرشح ويتسرب ويتوافر من معلومات ومعطيات عن طلائع المداولات والاجتماعات من اتجاهات تتسم أولا بمخالفات دستورية فاقعة من خلال التعامي عن التأخير المتعمد حتى الان في تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف تأليف حكومة جديدة، كما بدأت تفوح روائح مناورات للدوران والالتفاف الضمنين حول المبادرة الفرنسية بما قد ينذر بنتائج خطيرة لاي تلاعب متجدد مع الدولة الأكثر انخراطا في دعم لبنان ودفع قواه السياسية نحو حل جذري للكوارث التي يتخبط بها. والواقع ان مجريات اليومين السابقين رسمت علامات شكوك حول طبيعة المناورات السياسية التي بدأت تتصاعد الى سطح المشاورات السياسية وخصوصا ان هذه المشاورات لا تزال تدور ضمن اطار سياسي رباعي فقط في ظاهرة نافرة بدأت تثير ردود فعل سلبية لجهة استئخار الاستشارات النيابية الملزمة من جهة، والتفرد في تداول أسس التأليف قبل التكليف ثانيا على غرار ما عبر عنه امس بوضوح الرئيس نجيب ميقاتي. وفي حين بات معلوما ان ثمة ورقة فرنسية تشكل في مجموعها بنودا مقترحة إصلاحية سياسياً واقتصادياً ومالياً تهدف الى ترجمة الدور الفرنسي الوسيط والضاغط لمساعدة الافرقاء اللبنانيين على التوافق على “حكومة ذات مهمة” انقاذية واستثنائية، فان اوساطا واسعة الاطلاع ومعنية بمتابعة المبادرة الفرنسية لم تتمالك عن الإفصاح لـ”النهار” عن مخاوفها من ملامح مناورات لجأ ويلجأ اليها أطراف في التحالف الحاكم تحت ستار التجاوب مع الورقة الفرنسية، فيما بدأ هؤلاء دس الألغام تحتها من خلال بدء عملية عرقلة الانتظام الدستوري لخطوات التكليف والتأليف والاختباء وراء افتعال الشروط والشروط المضادة. ولا تكتم هذه الأوساط البارزة قلقها من فترة الأيام العشرة المقبلة التي تفصل عن الموعد المحدد لعودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت للمشاركة في احياء الذكرى المئوية لاعلان لبنان الكبير، اذ يفترض في الحد الأدنى ان تنجز الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا وتتم تسمية الرئيس المكلف قبل عودة ماكرون الذي سبق له ان أقام ربطا مباشرا لانجاز شيء ما بين زيارته غداة انفجار 4 آب والزيارة المقبلة. فماذا سيكون عليه الامر لوتمادت العرقلة والمماطلة وافتعال المناورات والحجج والذرائع الى بداية أيلول ؟ كما ان الاستحقاق الحكومي يتقاطع مع استحقاق أساسي آخر ملازم له تمثل في المسؤولية المباشرة التي ستتحملها السلطات اللبنانية في تسليم العضو في “حزب الله ” سليم عياش الذي دانته المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. وعلمت “النهار” في هذا السياق ان السلطات القضائية المختصة في لبنان تسلمت وفقا للأصول نسخة من الحكم الصادر عن المحكمة الخاصة بلبنان مباشرة بواسطة موظف في قلم المحكمة حضر خصيصا الى لبنان لهذه الغاية.

اللقاء الفاشل

والحال ان نتائج الاجتماع الرباعي بين الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحر” امس والذي جاء بمثابة استكمال للقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري الأربعاء الماضي في قصر بعبدا لم تكن إيجابية اطلاقا لجهة الاتفاق على المرشح لتأليف الحكومة الجديدة. وقد جمع اللقاء بعد ظهر امس في عين التينة الرئيس بري والوزير السابق جبران باسيل والمعاونين السياسيين لكل من بري والأمين العام لـ”حزب الله ” الوزير السابق علي حسن خليل وحسين خليل واستمر اللقاء ساعتين ونصف الساعة وتخلله غداء. وكشفت مصادر اطلعت على مضمون المداولات لـ”النهار” أن الرئيس بري طرح في الاجتماع إسم الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة بإسم “الثنائي الشيعي” مؤكداً ألا خيار سوى عودة الحريري إلى السرايا كونه يشكّل عامل وفاق وطني وشبكة أمان ويتمتع بمظلّة علاقات عربية ودولية، في وقت يشهد لبنان أزمة مالية وسياسية خانقة . لكنّ الوزير السابق جبران باسيل رفض ترشيح الحريري وأجاب بأنه ثمة خيارات أخرى في الطائفة السنية ملمّحاً إلى أسماء تشغل وظائف من الدرجة الثانية في الدولة وأجابه الرئيس بري جربنا حسان دياب والنتيجة معروفة. واعتبر موقف باسيل انعكاسا لاعتراض الرئيس عون على الحريري بعدما كان بري ابلغه الأربعاء انه لا يرى غير الحريري رجلا للمرحلة. ووصف موقف “حزب الله” بانه محرج تجاه رئيس الجمهورية. وأرخى فشل لقاء عين التينة في التوصل الى اتفاق أجواء ثقيلة على مجمل الاستحقاق الحكومي ولم يخف الرئيس بري مساء “انزعاجه الشديد واستياءه بعدما فرطت اماله في اقتراب موعد بت التكليف والتأليف تحت وطأة فيتوات الأطراف”.

ولكن أوساطا قريبة من بعبدا تقول انه في انتظار ان تنتهي المشاورات السياسية الجارية في اكثر من اتجاه لا موعد بعد للدعوة الى استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس الحكومة المقبل.

وتقول مصادر مواكبة للاتصالات ان هناك افرقاء لم يعلنوا بعد مواقفهم في ظل تسريبات تحتاج الى توضيح قبل اتخاذ قرار الدعوة الى استشارات التكليف. ولكن هذا لا يعني ان لا امكان للدعوة اليها الاسبوع المقبل اذا توافرت عوامل اضافية توضح مواقف الكتل من هوية الشخص الذي سيتولى رئاسة الحكومة.
واوضحت المصادر ان الرئيس عون “يتجه الى تمثيل المنتفضين اقتناعاً منه بمشاركتهم بورشة الاصلاح التي ستقوم عليها مهمات الحكومة العتيدة الى جانب مكافحة الفساد وهي عملية صعبة وانجاحها يوجب تمثيل كل الأطراف”.

وتشير المصادر الى ان كل حديث عن اسماء سابق لاوانه، والفرنسيون قدموا مقترحات بمثابة ورقة يعتقدون انها تفي بالغرض في ملف الإصلاحات وهذه المقترحات وليدة تشاور بين الرئيس ماكرون وعدد من القيادات السياسية، وهي تشكل اطاراً للبحث من اجل ان تكون الحكومة الجديدة “حكومة ذات مهمة” متناغمة معها برئيسها واعضائها خصوصا وانها تغطي النواحي الاقتصادية والمالية والانمائية والسياسية وتحظى بدعم المجتمع الدولي.

وتشير المصادر الى ان هذه الورقة وصلت للاطراف السياسيين وتدرس وفيها نقاط كثيرة تمثل تطلعات المنتفضين ومقسمة الى اكثر من باب وتترك المجال مفتوحا امام القيادات اللبنانية لتقول كلمتها فيها.

وتقول المصادر أنه عندما تتوضح مواقف الاطراف من بنود هذه الورقة تكون الخطوط العريضة لعمل الحكومة الجديدة قد بتت خصوصا في ما خص الاصلاحات والنهج السياسي في المرحلة المقبلة، ومن البديهي ان يحرك ذلك التزام الاطراف الدولية المعنية بـ”مؤتمر سيدر” او بعقد مؤتمر مماثل يكون مكملا لما ورد في “سيدر” والذي ابدى الفرنسيون استعدادا لتنظيمه بعد الحصول على ضمانات التزام الافرقاء الاصلاحات.

يشار في هذا السياق الى ان الرئيس نجيب ميقاتي دعا الى تنسيق بين دار الفتوى ورؤساء الحكومة السابقين لتوحيد الموقف رافضا “التأخير الحاصل في الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة ومحاولة تكريس بدعة التأليف قبل التكليف المخالفة للدستور” وحذر من “محاولات مصادرة دور الطائفة السنية وتسمية رئيس حكومة من خارج البيئة او الحاضنة السنية على غرار تجربة الحكومة المستقيلة “.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *