الرئيسية / صحف ومقالات / البناء : لا أدلّة على معرفة أو تورّط سورية وحزب الله بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري / المحكمة تُسقط ‏التحقيق وتفتح بالتبرئة والإدانة باب الدعوات لاستقالة المدعي العام / 15 سنة ومليار دولار من دون ‏معرفة الانتحاريّ وصاحب السيارة ومَن جنّد شهود الزور”،
flag-big

البناء : لا أدلّة على معرفة أو تورّط سورية وحزب الله بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري / المحكمة تُسقط ‏التحقيق وتفتح بالتبرئة والإدانة باب الدعوات لاستقالة المدعي العام / 15 سنة ومليار دولار من دون ‏معرفة الانتحاريّ وصاحب السيارة ومَن جنّد شهود الزور”،

رغم تبني المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتحليل سياسي لسياق اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ‏هو التحليل الذي قدّمه أركان فريق الرابع عشر من آذار، القائم على ربط الاغتيال بما وصفوه بنيّة ‏الرئيس رفيق الحريري قيادة المعارضة للمطالبة بالانسحاب السوريّ من لبنان، وخوض الانتخابات ‏النيابية على هذا الأساس، وهي فرضيّة تنفيها كل الوقائع والتفاصيل المحيطة بالاتصالات التي كانت ‏حتى عشية يوم الاغتيال تهدف بمبادرة من الرئيس رفيق الحريري الى التوصل لتفاهم مع سورية ‏وحزب الله وحلفائهما، وصياغة عناوين متفق عليها لقانون انتخابات جديد، لخوض الانتخابات ضمن ‏جبهة واحدة، فإن المحكمة قالت بوضوح إنها لا تملك أي أدلة أو إثباتات مقنعة بتورّط كل من سورية ‏وحزب الله بالجريمة أو بمعرفتهما بها، وبدا هذا التوازن بين الموقفين ما يشبه التوازن في قرارات ‏المحكمة التي رفضت كلياً كل السياق الذي قام عليه التحقيق، الذي عجز بعد إنفاق مليار دولار ‏ومرور خمسة عشر عاما، عن تقديم أي أدلة تشير إلى هوية الانتحاريّ الذي نفّذ الاغتيال، ولا هوية ‏صاحب السيارة الميتسيبوتشي التي استخدمت في التفجير، ولا هوية الذين قاموا بتسجيل شريط ‏إعلان المسؤوليّة، مكتفياً بتقديم تحليلات لتحرّكات أرقام هواتف يشتبه بصلتها بعملية الاغتيال كانت ‏خلال فترات معيّنة قريبة من أماكن وجود أرقام أخرى، كانت هي الأخرى قريبة خلال أوقات معينة من ‏أماكن وجود أرقام حاول المدعي العام إثبات أنها تعود للأشخاص الذين وجّه لهم الاتهامات، فقبلت ‏المحكمة اتهامه لأحد هؤلاء وهو المتهم سليم عياش، ورفضت سائر الاتهامات وبرأت المتّهمين‎.‎

برأي مصادر قانونية تابعت قرار المحكمة أن ما هو أهم من السياق اللاحق المتصل بفرضيات ‏الاستئناف وما سيليها، فإن أول ما تجب مراقبته هو مستقبل المدعي العام الذي يفترض بعدما ‏سقطت فرضياته الاتهامية وجرى تسخيفها من منبر المحكمة، ان يستقيل لفتح المجال لتسمية ‏بديل ربما يعيد البحث بفرضيات جديدة، لكن المصادر قالت إن السياسة ستبقى هي الحاكمة، ‏وربما يكون لها دور في طبيعة ما صدر عن المحكمة، وسيكون لها دور حكماً في بقاء أو استقالة ‏المدعي العام، والسياق المقبل للمحكمة الذي يبدو وفقاً لإشارات القرار في منتصف الطريق يبرئ ‏ويدين، ويرفض الاتهام السياسي ويتبنّاه، يعني فتح الباب للمداخلات السياسية التي تشبه ما ‏يجري على الساحة الدولية والإقليمية في هذه المرحلة، من ضغوط ومفاوضات، كما كانت تشبه ‏الاتهامات المرحلة السابقة القائمة على المواجهة وحدها‎.‎

التلقي اللبناني لقرار المحكمة كان هادئاً، وقد كان الهدوء سياسياً وشعبياً، حيث غاب حزب الله ‏وجمهوره عن التعليق، وحضر الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري وجمهور تيار المستقبل ‏بمواقف بعيدة عن التشنج رغم محاولات الإثارة لبعض القنوات الإعلاميّة، وجاءت مواقف رؤساء ‏الجمهورية ومجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال تصب في اتجاه تعزيز مناخات التهدئة والعقلانيّة، ‏والتمسك بالوحدة الوطنية‎.‎

الحاضر الأكبر في القرار والتعليق عليه كان النائب جميل السيد الذي خصصت المحكمة فقرة من ‏قرارها لتأكيد لا مشروعية توقيفه ورفاقه الضباط ودعت الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية لتعويضهم ‏والاعتذار منهم، واعتبر السيد أن مجرد تجاهل ملف شهود الزور يكفي لضياع الحقيقة ومن خلفها ‏العدالة‎.‎

بعد خمسة عشر عاماً على اغتيال الرئيس الشهيد رفق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط ‏‏2005، رفعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الستار عن الحكم النهائي فأشارت إلى أن سليم ‏عياش مذنب، أما حسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا فغير مذنبين، في ما يتعلق بجميع ‏التهم الموجهة إليهم، في حين اعتبرت ان مصطفى بدر الدين هو مَن خطّط لعملية الاغتيال، إلا أنّه ‏قُتل لاحقاً في سورية. وحددت المحكمة تاريخ 21 أيلول المقبل موعداً لإصدار العقوبة بعد صدور ‏الحكم‎.‎

ورأت المحكمة الدولية بلسان القاضي ديفيد راي أن لحزب الله وسورية استفادة من اغتيال الحريري، ‏لكنها أشارت إلى أنه لا يوجد دليل على مسؤولية قيادتي الحزب وسورية في الاغتيال، وشدّدت ‏على أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والرئيس رفيق الحريري كانا على علاقة طيّبة ‏في الأشهر التي سبقت الاعتداء‎.‎
وشدّدت مصادر قضائية لـ”البناء” على ضرورة انتظار إبرام الحكم، فالحكم قابل للاستئناف خلال 30 ‏يوماً من صدوره وإعادة النظر من أي دولة معنية خلال 15 يوماً، واعتبرت المصادر أن المحكمة الدولية ‏التي تسلمت قضية اغتيال الرئيس الشهيد الحريري منذ 15 عاماً لم تكشف الحقيقة ولم تقدم ‏للمعنيين في لبنان الحقيقة على العكس إنما شرعت في تقديم كلام متناقض لا سيما في ما ‏يتصل بمسرح الجريمة‎.‎

ولفت محامي الدفاع عن مصطفى بدر الدين ، أنطوان قرقماز إلى أنني كنت أتوقع أن نحصل على ‏البراءة لجميع المتهمين بقضية اغتيال رئيس الحكومة الراحل‎.‎

واعتبر ان “ادانة المحكمة سليم عياش هي جائزة ترضية للمدعي العام، ولسليم عياش الحق ‏بالاعتراض وأن يطلب إعادة المحاكمة ولكن بشرط أن يكون وجاهياً‎ “.‎

وقال النائب اللواء جميل السيد: “أشكّ في أن يكون سليم عيّاش هو قاتل رفيق الحريري لسبب أنّ ‏المحكمة الدولية لا يمكنها أن تصدر حكماً من دون متّهمين، فبرّأت الآخرين واتّهمته، بعدما حصلت ‏على تحقيق مزوّر”، معتبراً أن “مَن قتل الحريري حرّ طليق والأيام ستثبت ذلك‎”.‎

وكان المكتب الإعلامي للنائب جميل السيد قد وزع فقرة الحكم المتعلقة باعتقاله في القرار الذي ‏أصدرته اليوم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وقضت بـ “إلزام الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية ‏بالتعويض عليه وظروف اعتقاله بناء لشهود الزور وتواطؤ القضاة اللبنانيّين ولجنة التحقيق الدولية‎”.‎

وفيما كان وفد موسّع من كتلة “المستقبل” والمكتبين السياسي والتنفيذي والأمانة العامة تتقدمه ‏النائب بهية الحريري يزور ضريح الرئيس الشهيد الحريري في وسط بيروت، كان الرئيس سعد ‏الحريري يعلن من أمام مقر المحكمة قبول الحكم ويعاهد والده الشهيد ان لا أحد أكبر من بلده وقرار ‏اللبنانيين ولا أحد أكبر من العدالة، موجّهاً رسائل إلى حزب الله قائلاً: لا أحد يتوقع منا تضحية لأننا ‏ضحينا بأغلى ما لدينا واليوم مطلوب التضحية من حزب الله، لأن المعتدين من صفوفه ولن نستكين ‏حتى تنفيذ القصاص. بات واضحاً للجميع أنّ هدف الجريمة الإرهابية هو تغيير وجه لبنان ونظامه ‏وهويته الحضارية وعلى وجه لبنان ونظامه وهويته أيضاً لا مجال للمساومة. وأضاف: احمل اليوم طلباً ‏جديداً، مطلبي ان الحقيقة والعدالة لرفيق الحريري تؤسس لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة للأبرياء ‏الذي سقطوا في مرفأ بيروت وكل من تدمّرت بيوتهم ومصالحهم من دون أي سبب ومبرّر، وهنا أقول ‏لا تنازل عن حق بيروت‎”.‎

وفور صدور حكم المحكمة، اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، أن تحقيق العدالة في جريمة اغتيال ‏الحريري ورفاقه، يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة التي هدّدت ‏الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان وطاولت شخصيّة وطنيّة لها جمهورها ومشروعها الوطني. ودعا ‏اللبنانيين، الى “ان يكون الحكم الذي صدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مناسبة لاستذكار ‏مواقف الرئيس الشهيد ودعواته الدائمة الى الوحدة والتضامن وتضافر الجهود من اجل حماية البلاد ‏من أي محاولة تهدف الى إثارة الفتنة، لا سيما وان من أبرز أقوال الشهيد ان ما من احد اكبر من ‏بلده”. واعرب عن أمله “ان تتحقق العدالة في كثير من الجرائم المماثلة التي استهدفت قيادات لها ‏في قلوب اللبنانيين مكانة كبيرة وترك غيابها عن الساحة السياسية اللبنانية فراغاً كبيراً‎”.‎

وقال الرئيس نبيه بري إن ما بعد الحكم يجب أن يربح لبنان الذي آمن به الرئيس الشهيد وطناً واحداً ‏كما خسر باستشهاده قامة وطنية لا تعوَّض‎.‎
وقال رئيس المجلس: ليكن لسان حال اللبنانيين العقل والكلمة الطيبة، كما عبر الرئيس سعد ‏الحريري باسم أسرة الراحل‎.‎

وأمل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ان يشكل حكم المحكمة الدولية، معبراً لإحقاق ‏العدالة وإرساء الاستقرار كما كان يحلم الرئيس الشهيد ليخرج الوطن من هذه المحنة قوياً متماسكاً ‏بوحدته الوطنية وسلمه الاهلي وعيشه الواحد‎.‎

الى ذلك عرض رئيس الجمهورية الترتيبات المتعلقة بزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الشهر ‏المقبل لبيروت مع السفير الفرنسي برونو فوشيه الذي زار مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث ‏التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وكان بحث في الزيارة والمستجدات السياسية‎.‎

ولفتت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أن الحكومة الجديدة لن تبصر النور قريباً، بفعل تضارب المواقف ‏المحلية والخارجية في آن. وهذا يعني أن طريق التسوية لم يتضح بعد. فالأمور لم تدخل بعد المربع ‏الأول في إشارة الى التكليف الذي لا يزال محل تجاذب وشدّ حبال، مع اشارة المصادر الى أن حظوظ ‏الرئيس سعد الحريري تتفوّق على اي اسم آخر خاصة أنه يحظى بدعم الثنائي الشيعيّ والنائب ‏السابق وليد جنبلاط.. وليس بعيداً ربطت المصادر بين الحكم الصادر عن المحكمة الدولية وبين تأليف ‏الحكومة المرتقبة، معتبرة أن خلط الأوراق قد يتظهّر في ملف التكليف والتأليف، وسوف يتظهّر أيضاً ‏في ملف ترسيم الحدود‎.‎

أمنياً، تابع المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، تحقيقاته في القضية، ‏فاستجوب مدير استثمار المرفأ حسن قريطم على مدى أربع ساعات، بحضور وكيله القانوني ‏المحامي صخر الهاشم وأصدر مذكرة توقيف وجاهية في حقه، سنداً الى مواد الادعاء. وأرجأ القاضي ‏صوان استجواب المدير العام للجمارك السابق شفيق مرعي بعدما تقدّم وكيله القانوني بدفوع ‏شكلية، على أن يستأنف تحقيقاته الاستنطاقية غداً الأربعاء مع بقية الموقوفين وعددهم 21‏‎.‎

وليس بعيداً، أكّد رئيس الجمهورية أن فرضية أن يكون انفجار مرفأ بيروت نجم عن انفجار مستودع ‏لأسلحة لحزب الله مستحيلة، لكن التحقيق سيشمل كل الاحتمالات. وشدّد
في مقابلة مع صحيفة ‏‏”كورييري ديلا سيرا” الإيطالية على أنّ حزب الله لم يكن يخزّن أسلحة في المرفأ. وردًا على سؤال ‏عن تلك الفرضية التي يروّج لها البعض، قال الرئيس عون: “مستحيل، لكن الأحداث الجسام كتلك ‏الحادثة تشحذ الروح والخيال”. وأشار إلى أن التحقيق يتحرّى ما إذا كان الانفجار نجم عن إهمال أم ‏حادث أم “تدخل خارجي”، مضيفًا: “على الرغم من أنه يبدو كحادث، لكنني أريد أن أتحاشى ‏اتهامي بعدم الاستماع إلى جميع الأصوات”. وقال: “كُثر تحدّثوا عن رؤية طائرات تمرّ في السماء ‏فوق المرفأ قبل الانفجار مباشرة، وعلى الرغم من أن هذا الحديث “لا يعوّل عليه كثيراً” فإنه يجب ‏الاستماع له‎.‎

وفي سياق غير بعيد، اشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى ان السياسات الأميركية ‏والسعودية الخاطئة هي التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم. وشدّد على أن واجب السعودية ‏وأميركا التعويض عن الدمار الذي لحق بلبنان من دون فرض شروط مسبقة، مضيفاً أنه بعد لقائه بعدد ‏من المسؤولين في لبنان فإن غالب الظن أن “انفجار مرفأ بيروت ناجم عن حادث غير متعمّد”. ودعا ‏لبنان إلى إجراء التحقيق حول انفجار المرفأ بشكل مستقل ويمكن للدول الأخرى تقديم المساعدة ‏له في التحقيق‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *