الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية:  ملامح أزمة ديبلوماسية بين السلطة وأميركا… واستنكار لقمع الإعلام والحريات
الجمهورية

الجمهورية:  ملامح أزمة ديبلوماسية بين السلطة وأميركا… واستنكار لقمع الإعلام والحريات

الدولار يواصل ارتفاعه مقابل الليرة، الناس عادت، كما في زمن الحرب، تقف في طوابير أمام الأفران، البطالة تزداد، الحديث عن هجرة غير مسبوقة مع عودة الحياة إلى المطار بحثاً عن حياة خارج لبنان، لا مؤشرات تدلّ الى انّ السيطرة على التأزُّم المالي ممكنة، والحكومة تظهر عاجزة أمام ضخامة الأزمة وتكتفي باجتماعات ولجان من دون خطوات عملية، وصندوق النقد الدولي في غير مساعدة بلد يفتقد إلى أرقام موحدة ولا نيّة لديه للشروع في الإصلاحات.

وفي خضم هذه الأزمة المفتوحة والمتدحرجة، فُتحت أزمة من طبيعة ديبلوماسية بدأت قضائية وتحولت سياسية مع الولايات المتحدة الأميركية، وكأنّ لبنان في وضعه المنهار يتحمّل مزيداً من المواجهات ومع دولة كبرى، على خلفية مواقف أطلقتها السفيرة الأميركية دوروثي شيا، انسجاماً مع سياسة إدارتها، وفي بلد يتنفّس حرّية ويحترم القوانين الدولية، فانقسم اللبنانيون بين مع وضدّ، على غرار اي شيء، فيما لبنان في حاجة للوحدة لا الانقسام، والتبريد لا التسخين، الذي ينعكس سلباً على الاستقرار المالي الذي اهتز ويواصل اهتزازه.

وإذا كان هناك من يعتقد انّ فتح جبهات سياسية يؤدي إلى تخدير الناس الموجوعة خوفاً من ردود فعلها بسبب تداعيات الوضع المالي، فهذا ممكن لساعات بأبعد تقدير، قبل ان تستفيق مجدداً على وضعها المأسوي الذي لا يبدو انه قابل للمعالجة، في غياب إصلاحات في الداخل وعدم استعداد الخارج لمدّ يد العون للبنان، الأمر الذي يعني استمرار الانهيار فصولاً وصولاً إلى القعر والهاوية.

وفي ضوء هذه التطورات دعا «الحبر الأعظم» البابا فرنسيس المسؤولين اللّبنانيين الى العمل على حلّ الأزمة المعيشية في لبنان. وتوقّف بعد صلاة التبشير الملائكيّ، عند المعاناة في لبنان قائلاً: «تصوّروا أنّ هناك أطفالًا جائعين، وليس لديهم ما يأكلون». وناشد «المسؤولين في لبنان الّذي يعاني من أزمة اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة خطيرة، والّتي تفاقمت من جرّاء «كورونا»، أن يقوموا بما يجب من أجل السلام.

شهدت عطلة نهاية الاسبوع بلبلة على اثر قرار اصدره قاضي الامور المستعجلة في صور محمد مازح، بمنع وسائل الإعلام من نشر تصريحات للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا وإجراء أي مقابلة معها لمدة سنة.

ويُنتظر ان تتبلور طبيعة ما سيكون عليه الامر بعد اللقاء الذي سيُعقد عند الثالثة بعد ظهر اليوم بين وزير الخارجية ناصيف حتي والسفيرة الاميركية التي استدعاها امس، وتردّد أنّه سيبلغها خلال هذا اللقاء وفق اتفاق فيينا، «لا يجوز لسفير ان يتدخّل في الشؤون الداخلية لبلد آخر، ولا يجوز ان يتضمن كلامها تحريضاً للبنانيين على جزء آخر من اللبنانيين مشارك في السلطة». ولكن حتي نفى ان يكون ادلى بتصريح يوضح فيه ما سيبلغه الى دوروثي.

وعلّقت وزارة الخارجية الأميركية على قرار منع وسائل الإعلام من نشر تصريحات للسفيرة الأميركية وإجراء أي مقابلة معها، متهمة «حزب الله» بـ«بمحاولة إسكات الإعلام اللبناني»، ومعتبرة أنّه «أمر مثير للشفقة». ورأت أنّه «حتى التفكير في استخدام القضاء لإسكات حرّية التعبير وحرية الصحافة أمر سخيف»، مشدّدة على «أننا نقف مع الشعب اللبناني وضد رقابة حزب الله».

وقالت السفيرة شيا في تصريحات متلاحقة لها خلال اليومين الماضيين: «لم أتصور أن ينتج من حديثي معكم كل هذا الجنون». واضافت: «سمعت من الحكومة أنّها ستتراجع عن إسكات الإعلام»، مضيفة أنّ «تقييد الإعلام يحدث في إيران وليس في بلد كلبنان». واضافت: «لا أريد أن أحكم على القضاء وما حصل معي نجم من تصرف فردي»، وتابعت: «ما حدث يثبت ضرورة القيام بالإصلاحات التي يطالب بها الشعب».

وأشارت شيا إلى أنّ ما ذكرته في حديثها مع قناة «الحدث» هو «أنّ كلام الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله التهديدي غير لائق»، وقالت إنّ هجومها «ربما أشعر «الحزب» أنّه مهدد» لانّها سلّطت الضوء على «أفعاله التي أثّرت على الازمة الاقتصادية».

وعن إمكانية تأثير الحادثة على العلاقات اللبنانية – الاميركية، قالت شيا: «إنّها مؤسفة لأنّه ستكون لها تداعيات على الشعب اللبناني الذي يريد أن يسمع القصة الكاملة ليخرج باستنتاجاته الخاصة». ودعت القيادات إلى «التركيز على الاصلاحات الاقتصادية الضرورية للمساعدة في الخروج من الازمة الاقتصادية».

 

ما قرّره مازح

 

وكان القاضي مازح، اصدر السبت الماضي قراراً بـ«منع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم ألكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة، تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية، عن العمل لمدة مماثلة، في حال عدم التقيّد بهذا الأمر، وتحت طائلة إلزام الوسيلة الإعلامية المعنية دفع مبلغ مائتي ألف دولار أميركي غرامة إكراهية في حال عدم الالتزام بمندرجات هذا الأمر».

واستند قرار مازح الى استدعاء قدّمته المواطنة فاتن علي قصير، وذكر مازح فيه أنّ شيا تناولت في لقاء عبر قناة «الحدث – العربية» أمس، «حزب الله»، معتبراً أنّ ذلك تدخّل في الشؤون اللبنانية، و»يخرج عن الأعراف الديبلوماسية المعهودة والمتعارف عليها، بموجب المعاهدات الدولية واتفاقية فيينا، ويسيء الى مشاعر كثير من اللبنانيين، ومن بينهم المستدعية، ويساهم في تأليب الشعب اللبناني على بعضه، وعلى الحزب المذكور وما يمثل، ويثير نعرات طائفية ومذهبية وسياسية، ويشكّل صباً للزيت على نار فتنة، اجتهد اللبنانيون والمجتمع الدولي والإقليمي لإخمادها في مراحل سابقة».

وقال مازح في مجموعة تصريحات ادلى بها امس، إنّه لا يحق له منع السفيرة الاميركية من الكلام، وقال: «من باب منع أي فتنة قد تحصل أصدرت قراراً بمنع استصراح السفيرة من قِبل وسائل الإعلام اللبنانية». وكشف أنّ «أي سفير قد يسيء للسلم الأهلي سأمنع استصراحه في وسائل الإعلام اللبنانية».

ولفت مازح إلى أنّ قراره «قضائي وقانوني بامتياز»، وأضاف: «أي شخص لا يعجبه أي قرار قضائي فليعترض عليه قانونياً». واكّد انّ «لا خلفية سياسية لقراري، وسأتخذ قراراً مماثلاً بحق أي سفير يتدخّل بشؤون لبنان».

 

الى التفتيش

 

وفي غمرة ردات الفعل المتعددة الأميركية والمحلية القانونية والدستورية والاعلامية، علمت «الجمهورية» انّ المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات طلب من رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد استدعاء القاضي مازح إلى التفتيش القضائي للاستماع لافادته لجهة «خرق المادة 95 من قانون القضاء العدلي» والتي تتصل «بأهلية القاضي المؤهّل لممارسة مهماته»، وسيستمع اليه رئيس الهيئة الرئيس القاضي بركان سعد او يمكن ان يكلّف احدهم للاستماع اليه في الساعات المقبلة.

وفي الوقت الذي تمّ التداول بالقرار والإحالة، اصدر مازح بياناً اكّد فيه انّه وفي حال اتخاذ قرار بإحالته إلى هيئة التفتيش القضائي «بسبب عدم الأهلية»، سيقدّم طلب إنهاء خدماته من القضاء «على أن أتقدّم به في صورة رسمية نهار غد الثلاثاء الموافق في 30/6/2020».

وفي وقت لاحق، وعلى ضوء التفسيرات التي أُعطيت للخطوة، كشف القاضي عويدات أنّه «لم يطلب إحالة القاضي مازح على التفتيش القضائي على خلفية قرار العجلة الذي أصدره في الأمس، وطلب فيه منع السفيرة الأميركية دوروثي شيا من التصريح عبر وسائل الإعلام لمدة سنة، وكذلك منع وسائل الإعلام كافة من إجراء أي تصريح معها للمدة عينها، تحت طائلة الغرامة الإكراهية».

 

نجم

 

وتعليقاً على هذه التطورات القضائية، شدّدت وزيرة العدل البروفسورة ماري كلود نجم، خلال لقاء إعلامي، على مبدأ استقلالية القضاء التي تحترمها، ولهذا السبب لا تستطيع كوزيرة عدل الدخول في تقييم مضمون أي قرار قضائي يصدر. لكنها في المقابل شدّدت نجم على حرّية التعبير وحرية النشر وحرية الاعلام، وبرّرت عدم إصدارها أي بيانات تعليقاً على المستجدات في أنّها لا تعتقد «انّ دور وزير العدل الدخول في سجالات إعلامية حول مضمون القرارات القضائية، بل دوره اتخاذ الإجراءات المناسبة او المواقف المناسبة وفقاً للقانون» واكّدت أنّ هذا ما ستقوم به في أول يوم عمل رسمي بعد صدور القرار.

 

«حزب الله»

 

وبعدما شاع انّ نائب رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع زينة عكر اتصلت بالسفيرة الاميركية وابلغتها اعتذار الحكومة عن قرار القاضي مازح، صدر بيان عن مكتبها الاعلامي أكّد أنّها «غير مخوّلة بالتواصل بإسم الحكومة، ولم يسبق أن تواصلت بإسمها مع أي جهة كانت، بما فيها السفيرة الأميركية، فرئيس الحكومة هو من يتحدث عن الحكومة وبإسمها. كما أنّ وزير الخارجية هو المخوّل بالتواصل مع البعثات الديبلوماسية».

وعلّق «حزب الله» على تصريحات السفيرة الاميركية، فقال بلسان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، إنّ هذه التصريحات «تشكّل اعتداءً سافرًا على سيادة بلدنا وكرامته الوطنية، وإساءة لشعبه ومقدساته ودماء شهدائه، الذين حرّروا أرضهم وحموا شعبهم، في مواجهة الحروب الأميركية بواسطة العدوين الإسرائيلي والتكفيري». وقال: «إنّ السلطات اللبنانية وفي مقدّمها وزارة الخارجية مدعوة لتحرّك فوري لإلزام هذه السفيرة احترام القانون الدولي، الذي يحدّد واجبات الديبلوماسيين، وإلتزام القوانين اللبنانية النافذة، وهو أمر سنتابعه وفق الأطر القانونية، لأنّ السلوك العدواني لهذه السفيرة، هو تجرؤ وقح على الدولة، وتحدّياً لقوانينها ولأحكام سلطتها القضائية».

كذلك غرّد عضو الكتلة نفسها النائب ابراهيم الموسوي عبر «تويتر» فقال: «ما تفعله واشنطن مع لبنان من حصار وعقوبات وابتزاز نقدي ومالي ومنع العون عنه من أي جهة كان، هو إرهاب اقتصادي بامتياز وعقاب جماعي في حق شعب بكامله، هذا ليس غريباً أبداً على إدارة إجرامية احترفت الفتن والابادة والتجويع منذ زمن بعيد».

 

مواقف

 

وقد استنكرت قيادات سياسية ونقابية خطوة مازج، وفي هذا الاطار أسف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد «لأن يصدر في الأمس حكم قضائي مستغرب يمنع شخصية ديبلوماسية تمثّل دولة عظمى من حق التعبير عن الرأي، ويمنع جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية من إجراء أي مقابلة معها أو أي حديث لمدة سنة». كذلك أسف واستغرب «أن يصدر (هذا القرار) في يوم عطلة وخلافاً للأصول القانونية، مشوّهاً هكذا صورة القضاء اللبناني، ومخالفاً للدستور، وناقضاً المعاهدات الدولية والاتفاقيات الديبلوماسية. فاقتضى الاستنكار وتَوجّب التصويب».

وفيما لم يصدر عن الرئيس سعد الحريري أي تعليق، قال مستشاره الديبلوماسي النائب السابق الدكتور باسم الشاب، إنه «مثير للعجب والريبة، ما صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في قضاء صور، في شأن منع السفيرة الأميركية دوروثي شيا من التصريح، ومنع وسائل الإعلام من مقابلتها، ونشر تصريحاتها. إنها مخالفة للدستور وخروج عن الأعراف وسابقة خطيرة على لبنان وعلاقاته الدولية. هذه الخفّة لا تشبه بلدنا المعروف بقضائه الرصين وحرياته الإعلامية».

وكتب رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عبر «تويتر»: «يا لها من فوضى في القضاء والخارجية والمالية والادارة. القضاء يبدو، وبعد تعثّر التشكيلات، يسير عل خطى المهداوي كمقدمة لنظام شمولي. في الخارجية انّ الوزير يذكرنا بوليد المعلّم. في المالية مدير نافذ يعبث بالارقام لتفشيل الحوار مع الهيئات الدولية. في الادارة عسس من المستشارين الحاقدين».

وفي مجال آخر، شدّد جنبلاط على أنّ «المعركة في المرحلة الراهنة معركة وجود وصمود في وجه هذه الأزمة الخانقة التي ستزداد من دون أفق». وقال: «الماضي كان ربما أسهل، لأننا كنّا نملك حلفاء من الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية والاتحاد السوفياتي وسوريا. هكذا كان الواقع التاريخي، أمّا اليوم فنحن في حصار كبير من الداخل والخارج».

 

«القوات اللبنانية»

 

وقالت مصادر «القوات اللبنانية»، تعليقاً على التطورات الجارية «انّ المكتوب يقرأ من عنوانه، فلو كانت الحكومة قادرة على الإقدام لأقدمت، ولكنها غير قادرة لاعتبارات ذاتية او بسبب الفريق الذي يقف خلفها، وفي الحالتين النتيجة واحدة وهي استمرار التأزُّم المالي والاقتصادي والمعيشي، وقد باتت في موقع المتفرِّج على الأحداث والوضع المتهاوي، فيما الرأي العام اللبناني في حاجة إلى من يُفرمل الانهيار تمهيداً لإعادة الاستقرار، وليس لمَن يقف متفرجاً على الانهيار».

وأضافت هذه المصادر «انّ الكلام اليوم ليس عن خلاف سياسي حول هذا الملف أو ذاك، إنما عن مصير بلد وشعب ولا يجوز التعاطي بخفة مع انهيار يطيح بما تبقّى من استقرار ويهدّد الدولة بوجودها وحضورها، فيما الإنقاذ غير ممكن مع قوى أثبتت فشلها في إدارة البلد، الأمر الذي يستدعي الذهاب إلى تغيير كامل وشامل عن طريق انتخابات مبكرة تعيد إنتاج كل السلطة من أجل وضع قطار الإصلاح على سكة التغيير تدعيماً للاستقرار ووصولاً إلى الدولة المُمسكة بقرارها والقادرة على حماية لبنان ومصالح اللبنانيين التي أطاحت بها أكثرية سياسية لا علاقة لأولوياتها بأولويات البلد وأهله».

 

مجلس الوزراء الى بعبدا

 

على صعيد آخر، كشفت مراجع وزارية مطّلعة لـ«الجمهورية» انّ اتفاقاً تمّ خلال عطلة نهاية الأسبوع على نقل جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد ظهر غد الثلاثاء من السرايا الحكومية الى القصر الجمهوري في بعبدا.

وعلمت «الجمهورية» انّ الجلسة مخصّصة للبحث في مجموعة من القضايا الإقتصادية والنقدية والمالية ومصير الإجراءات التي اتخذت لمعالجة الازمة النقدية، وما آلت اليه من نتائج. كما سيتركز البحث مع وزير المال لسؤاله عن مصير القرار الذي اتخذ بإجراء «التدقيق المحاسبي المركّز» في حسابات مصرف لبنان بموجب القرار الصادر عن مجلس الوزراء في 26 آذار 2020، والذي كلّف بموجبه وزير المال غازي وزني والجهات المعنية بالملف القيام بعملية التدقيق المحاسبية التي من شأنها ان تبيّن الاسباب الموجبة التي آلت بالوضعَين المالي ولاقتصادي الى الحال الراهنة، بالاضافة الى تبيان الارقام الدقيقة لموازنة مصرف لبنان وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوافر بالعملات الأجنبية، ورفع تقرير الى مجلس الوزراء في مهلة شهر من تاريخه.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انه «باتَ من الضروري التثبّت من الإجراءات التي اتخذتها وزارة المال، ولا سيما لجهة صحة الروايات التي تحدثت عن التريّث في توقيع العقود مع الشركات المعنية، بعدما تبيّن انّ لإحداها علاقات بإسرائيل». وأضافت المصادر: «أمّا وقد نالت وزارة المال موافقة هيئة التشريع والاستشارات على المضيّ في الاتفاقية فإنّ الحسم بات مطلوباً في هذا الشأن، وهو ما سيتّضِح إمكان الوصول اليه في جلسة الثلاثاء (غداً) بعدما ترددت معلومات غير رسمية من انّ التوقيع مع الشركتين بات على قاب قوسين من إتمامه».

 

«Kroll» تعتذر

وعلمت «الجمهورية» أنّ شركة «Kroll» العالمية المتخصّصة بالتحقيقات المالية اعتذرت عن التدقيق في حسابات مصرف لبنان.

وكانت «الجمهورية» قد كشفت في عدد أمس الأوّل في مقال («التشريع والإستشارات تستحضر Egmont لمحاصرة «هيئة التحقيق») عن أنّ احتمال مشاركة الشركة المذكورة أصبح ضعيفاً بعد تصاعد الحملة في وجه هذه الشركة، على خلفية علاقات مفترضة تجمعها بإسرائيل، وهو الأمر الذي دفع مجلس الوزراء إلى طلب رأي مكتب «مقاطعة إسرائيل» في القاهرة حول طبيعة هذه العلاقة.

 

دولار ومحروقات وخبز

إقتصادياً ومالياً، يفتتح الاسبوع على أزمات ومشكلات تراكمت في الايام القليلة الماضية، ووصلت الى حد الانفجار. من أزمة استمرار انهيار الليرة، وقد تجاوزَ سعر صرف الدولار الـ7 آلاف ليرة ولامَس عتبة الـ8 آلاف في عطلة نهاية الاسبوع، مروراً بأزمة الخبز التي أدّت الى تهافت المواطنين على الافران في موقف إذلال جديد يتعرضون له، وصولاً الى أزمة البنزين والمازوت، وهي أزمة قائمة منذ فترة، مرّة يشحّ البنزين، وأخرى يشحّ المازوت ويُرفع سعره بطريقة غير شرعية، ومرة تُفقد المادتان من السوق بذرائع وحجج متعددة، ولو انّ النتيجة واحدة.

وفي موازاة متابعة كل هذه الملفات، سيكون سعر الدولار هو نجم الاحداث، خصوصاً بعد الاجتماع الطارئ للحكومة، والذي صدرت عنه مقررات تَشاركَ في تلاوة تفاصيلها كل من وزير الاقتصاد راوول نعمة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

وتتخوّف أوساط مالية متابعة من تعرّض مصرف لبنان لضغوط سياسية إضافية تُجبره على ضَخ مزيد من احتياطه من العملات الصعبة في السوق الذي سيلتهمها بلا نتيجة تُذكر. وما زاد في المخاوف، هو الاعلان عن قرارٍ بدعم لائحة طويلة من المواد الاستهلاكية قد تصل الى 200 صنف. صحيح أنّ هذا القرار من شأنه أن يوقِف ارتفاع اسعار هذه السلع، ويوقِف تدحرج القدرة الشرائية للمواطن، لكنّ تمويل دعم لائحة من 200 صنف استهلاكي قد يحتّم لجوء مصرف لبنان المركزي الى استخدام مزيد من احتياطي الدولار لديه. وهذا الوضع يُسرّع في نفاد هذا الاحتياطي الذي يُفترض أن يكفي البلد الى حين تكون خطة الانقاذ قد أقلعت.

 

لا محاولة اغتيال

 

من جهة ثانية شرحت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» ملابسات الحادث الذي كشفت عنه قناة «العربية ـ الحدث»، والذي وقع بالتزامن مع الزيارة الأخيرة للرئيس سعد الحريري الى البقاع، ولقائه مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس.

ووفق رواية هذه المصادر فإنّ ما حصل لا يندرج في إطار محاولة اغتيال لرئيس تيار «المستقبل»، «بل انّ السيناريو الأرجح، والمُستند الى تقاطع معلومات، هو أن مسيّرة إسرائيلية كانت تحلّق في الاجواء حينها حيث جرى إطلاق صاروخ من الارض في اتجاهها لكنه لم يصبها، وذلك بالترافق مع مرور موكب الحريري في المنطقة».

وصدر مساء أمس عن المكتب الاعلامي للحريري البيان الآتي:

«تعليقاً على ما أوردته قناة «الحدث» في شأن زيارة الرئيس الحريري الى البقاع قبل 11 يوماً، انّ المعلومات التي وردت في التقرير صحيحة اجمالاً، الّا انه ومنعاً للتأويل الجاري، خصوصاً على منصّات التواصل الاجتماعي، يهمّ المكتب الاعلامي ان يوضح ما يلي: لقد تبلّغ الرئيس الحريري من الاجهزة الامنية المعنية بحصول انفجار في المنطقة في اليوم نفسه، الّا انه بما انّ الموكب لم يتعرض لأيّ اعتداء، ومنعاً لأي استغلال في ظل التشنج السائد، كان قراره التكتّم على الأمر وانتظار نتائج تحقيقات الاجهزة الامنية المختصة».

وليلاً، أصدرت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بياناً أوضحت من خلاله أنّه «بتاريخ 17 الحالي، وتزامناً مع وجود الرئيس سعد الحريري في منطقة البقاع الأوسط، شاهَد أحد المواطنين انفجار جسم غريب في الجو وسقوطه على الارض، فعمد الى الابلاغ عن ذلك.

وبناء عليه، تم اتخاذ الاجراءات العملانية المباشرة بحيث بدأت شعبة المعلومات التحقيقات بإشراف القضاء المختص وبسرية تامّة حرصاً على عدم استغلال الحادث بسبب الاوضاع السائدة في البلاد، كونه قد تَبيّن انّ موكب الرئيس سعد الحريري لم يتعرّض لأيّ حادث مباشر أثناء تواجده في المنطقة التي كان يقوم بزيارتها. ومنذ تاريخ حصول الحادث ما زالت التحقيقات مستمرة وبسرية تامة تَوصّلاً لبيان كل المعطيات المحيطة بما جرى في المنطقة في ذلك الحين. وعليه، تطلب هذه المديرية من وسائل الاعلام تَوخّي الدقة والحذر وعدم تبنّي أي روايات قبل التوصّل الى نتائج نهائية في التحقيقات.

 

إعتصامات

ومساء، شهد أوتوستراد جلّ الديب توتراً كبيراً بين الجيش والمحتجين، حيث وقعت صدامات بين الطرفين بعد محاولات لقطع الطريق ما أدّى الى وقوع عدد من الجرحى. وخلال تغطيتهم الاحتجاجات، شكا عدد من المصورين الإعلاميين والمحتّجين من تعرّضهم لإعتداءات من القوى الأمنية.

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *