الرئيسية / صحف ومقالات / الديار:حرب الدولار تحرج الحكومة وتحاصرها…. ورسائل ضغط أميركية وإسرائيلية أسئلة حول مصير الحوار بعد فشل لمّ الشمل في لقاء بعبدا لبنان يتدحرج نحو الفوضى وموجة قطع الطرق تطلّ على نافذة الفتنة
الديار لوغو0

الديار:حرب الدولار تحرج الحكومة وتحاصرها…. ورسائل ضغط أميركية وإسرائيلية أسئلة حول مصير الحوار بعد فشل لمّ الشمل في لقاء بعبدا لبنان يتدحرج نحو الفوضى وموجة قطع الطرق تطلّ على نافذة الفتنة

يتدحرج لبنان نحو مزيد من التدهور والفوضى في ظل الانهيار الاقتصادي والنقدي الذي ينذر بكارثة كبيرة غير محدودة النتائج والتداعيات.

وبدا في الساعات الماضية بعد لقاء بعبدا الذي قاطعه قسم كبير من المعارضة ان محاولات فتح قنوات التواصل والحوار لم تحقق اي تقدم يذكر، حيث استمر التجاذب والتصعيد السياسي بين الاطراف السياسية في وقت تابع الدولار صعوده بشكل جنوني وتخطى السبعة الالاف ليرة في ظل غياب تام للرقابة وللضوابط.

كل ذلك يحصل ايضاً في ظل عجز تام للحكومة التي حملت في جلسة مجلس الوزراء اول من امس المسؤولية لمصرف لبنان، ولم تتخذ أي قرارات جديدة وجدية تحد من الفلتان الحاصل بالنسبة لسعر العملة والذي تحول الى كرة نارية ستلهب الجميع.

والمقلق ان الاجواء السائدة حتى الآن تؤشر الى أن الابواب موصدة في وجه الحلول أكان على الصعيد الخارجي ام الداخلي. اما تعويل الحكومة على مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي فهو رهان محفوف بالمخاطر، عدا أنه غير مضمون النتائج بسبب تركيبة ونظام الصندوق من جهة وتأثر قراراته بالادارة الاميركية والضغوط التي تمارسها على لبنان.

وبعد 15 جولة من المفاوضات التي اجتهد بها الوفد اللبناني لتحسين فرصة حصول لبنان على القروض والمساعدات المالية من صندوق النقد في اقرب فرصة ممكنة، نقلت وكالة «رويترز» أمس عن رئيسة الصندوق قولها انه «لا يوجد سبب بعد لتوقع حدوث انفراج في الازمة الاقتصادية في لبنان».

ويركز مسؤولو الصندوق على اسراع الحكومة في الاصلاحات لتحسين وضع لبنان وحصوله على الدعم المالي. وتقول مصادر مطلعة نقلا عن أحد المسؤولين من الصندوق ان المفاوضات تحتاج الى مرحلة طويلة لاستكمال النقاش والبحث في العديد من الامور المتصلة بالاصلاحات ومحاربة الفساد واعادة هيكلة القطاع العام وتحرير الليرة اللبنانية.

وأمس برزت رسالة خليجية مباشرة تعكس قرار امتناع الدول الخليجية عن تقديم اي مساعدة للبنان في الوقت الحاضر وربط هذا الأمر بـ«القوى الكبرى» على حد تعبير وزير الدولة لشؤون الخارجية في الامارات العربية أنور قرقاش الذي قال: «ان ما يشهده لبنان من انهيار اقتصادي امر مقلق جداً، والامارات لن تفكر في تقديم الدعم المالي له إلا بالتنسيق مع الدول الأخرى».

واضاف : «اذا شاهدنا بعض اصدقائنا والقوى الكبرى المهتمة بلبنان ويعملون علي خطة ما فسنفكر في الأمر، لكن حتى الآن ما نراه هو تدهور لعلاقات لبنان العربية وعلاقاته الخليجية على مدار السنوات العشر الماضية، ولبنان يدفع الثمن».

واتهم حزب الله بإملاء خطابه السياسي على لبنان.

 

السفيرة الاميركية

 

من جهة اخرى، جددت السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الحملة على حزب الله زاعمة ان مليارات الدولارات ذهبت اليه بدل الخزينة الحكومية. وقالت «ان قانون قيصر ليس موجها ضد اللبنانيين والاقتصاد اللبناني وهو لا يستهدف الا نظام الرئىس السوري بشار الاسد وداعميه».

 

وكررت القول ايضا «ان مطالب اللبنانيين محقة وعلى الحكومة الالتزام بمطالب 17 تشرين الاول، فهذا الحراك مطلبي وعضوي وعفوي»، معتبرة انه «مضحك من يتهمنا بأننا وراءحراك 17 تشرين».

 

واعلنت «أن هناك عقوبات قد تستهدف حلفاء وداعمين لحزب الله من طوائف اخرى، كما ان عقوبات ضد الارهاب تستهدف الحزب وداعميه ايضاً».

 

وجددت القول ان قانون قيصر لا يستهدف لبنان واللبنانيين.

 

ورأت ان خطاب السيد نصرالله كان مقلقا، لكنها اعتبرت في الوقت نفسه ان تهديداته كانت من منطق دفاعي.

 

والجدير بالذكر أن العدو الاسرائيلي يستمر في بعث الرسائل الجوية اليومية الى لبنان تارةً من خلال الغارات الوهمية في بعض المناطق والعمق اللبناني وتارة أخرى في استخدام الاجواء اللبنانية لشن عدوان على سوريا. ولوحظ مؤخراً أيضاً تكثيف هذه الغارات والاعتداءات الجوية مع بدء سريان قانون قيصر الاميركي، وكل ذلك يشكل رسائل واضحة للضغط على لبنان في الظروف الراهنة.

 

 قطع طرق

 

وسجل في الثماني والاربعين ساعة الماضية تصاعد الاحتجاجات وعمليات قطع الطرق لا سيما الطريق الساحلي عند الجية وطريق البقاع في تعلبايا، عدا طرق الشمال.

 

وكاد قطع الطريق عند الجية لاكثر من سبع ساعات ان يؤدي الى مضاعفات خطرة لا سيما بعد احتجاز الاف السيارات المتوجهة بالمواطنين من بيروت الى الجنوب لقضاء عطلة نهاية الاسبوع.

 

وما زاد الطين بلّة ان بعض المحتجين في المنطقة عمدوا لدى محاولة الجيش اللبناني فتح الاوتوستراد الدولي الى رشق سيارات المواطنين بالحجارة ما أدى الى تحطيم زجاج عدد منها، وتوتر الاجواء فسارع الجيش الى فتح الطريق وابعاد المحتجين للحيلولة دون حصول احتكاك او مواجهات بينهم وبين المواطنين.

 

وعلمت «الديار» ان اتصالات على مستوى رفيع جرت قبل ظهر أمس لاستدراك الموقف خصوصاً ان المحتجين استمروا بقطع الطريق من الخامسة صباحاً حتى الواحدة بعد الظهرما ادى الى زحمة سير خانقة امتدت لعدة كيلومترات.

 

جنون الدولار والاسعار

 

في هذا الوقت يواصل ارتفاع سعر الدولار الجنوني في السوق السوداء فتجاوز السبعة الاف ليرة، وترافق ذلك مع مزيد من ارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية حيث عمد العديد من التجار الى بيع هذه المواد على اساس سعر الدولار 7 آلاف ليرة وما فوق.

 

واقتحم عدد من المحتجين وزارة الاقتصاد قبل ان تعمل قوى الامن الداخلي على ابعادهم خارج مبنى الوزارة، وهدد المحتجون بتنفيذ اعتصام مفتوح مطالبين الوزير راوول نعمة بالعمل سريعا واتخاذ الاجراءات الفورية للحد من غلاء الاسعار الجنوني.

 

وذكرت وكالة «رويترز» ان الليرة اللبنانية هوت الى مستوى منخفض جديد مقابل الدولار امس في السوق الموازية حيث باتت تفقد 80% من قيمتها منذ تشرين الاول.

 

 المنصة الالكترونية

 

ومساء اعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الاقتصاد راوول نعمة والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم عن اطلاق المنصّة الالكترونية التي ستنظم التداول بين الصيارفة لأسعار العملة.

 

وقال «حصل تداول اليوم (امس) بين بيع وشراء باكثر من 8 ملايين دولار بسعر صرف بين 3850 و3900 ليرة»، موضحا ان المنصة ستكون المرجعية الاساسية للسوق وأن هناك ضوابط ستتخذ.

 

واعلن وزير الاقتصاد عن توسيع لائحة السلع والمواد الغذائية التي ستكون مدعومة بسعر 3200، مشيرا الى ان العمل بها سيبدأ الاسبوع المقبل.

 

اما اللواء ابراهيم فاعلن عن انشاء غرفة عمليات لتلقي الشكاوى من المواطنين على قاعدة ان كل مواطن خفير. واشار الى توقيف اكثر من 150 صرّافاً شرعياً وغير شرعي تجاوزوا السعر الرسمي للصرف الذي حددته نقابة الصيارفة.

 

 المأزق السياسي

 

وعلى الصعيد السياسي فإن لقاء بعبدا لم يحدث اي اضافة على المشهد العام في البلاد، حيث استمر التصعيد بين بعض اطراف المعارضة والعهد، وشهدت وسائل الاعلام سجالات بين مسؤولين في التيار الوطني الحر وآخرين في المعارضة.

 

وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان المحاولات التي كانت متوقعة لتعزيز قنوات التواصل والحوار تصطدم بتعقيدات عديدة ابرزها الخلاف المتفاقم بين رئىس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئىس المستقبل سعد الحريري.

 

واضافت ان هذا الخلاف يشكل العقد الرئيسة في تحسين وتوسيع رقعة الحوار والتلاقي، عدا عن ان ازمة العلاقة بين رئىس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وباسيل لا تقل حجما عن الازمة مع المستقبل.

 

واشارت المصادر الى ان الرئيس بري سعى قبل لقاء بعبدا الى تحسين الاجواء الحوارية واصطدم بهذه الاسباب. هذا عدا عن انه اعلن جملة مواقف اساسية لمواجهة الانهيار الاقتصادي والمالي برسم الحكومة وان الكرة الان في ملعبها وملعب الجهات المالية الاخرى، مصرف لبنان والمصارف لاعلان حالة طوارئ اقتصادية ومالية انقاذية بدلا من الاكتفاء بالاجراءات والتعاميم المالية التي لم تثبت جدواها.

 

ولفت امس تطور يتعلق ببروز اصوات معارضة داخل الحكومة حيث بادر وزير الصناعة عماد حب الله المسمى من حزب الله الى نشر تغريدة له حث فيها رئىس الحكومة حسان دياب على تسمية الامور بأسمائها وقال: «دولة الرئيس ارجوك سمي الامور بأسمائها وبالاخص من يعرقلوا عملنا الحكومي مدعين الحفاظ على البلد. ويختلقوا الحجج والبراهين ويصوروا الحلول والارقام وهم يريدون الانقضاض على مقدرات لبنان ويرهنوه للخارج، ويطيّروك انت والحكومة عبر ضرب سعر الليرة وتأجيج وجع الناس اللي ما بقى فيها».

 

ونقلت مصادر عن حب الله ان موقفه هذا هو انطلاقا من قناعة ثابتة لديه حتى لو اضطره الى تقديم استقالته دفاعا عن هذه القناعة.

 

فشل توحيد المعارضة

 

وعلى صعيد المعارضة فإن الحديث عن محاولات جديدة لتوحيدها واعلان جبهة موحدة للمعارضة بقي مجرد كلام باعتبار ان الاسباب التي حالت في الماضي دون تنقية الاجواء بين اطرافها ما زالت كما هي.

 

وتقول مصادر مطلعة ان هناك اتصالات يقوم بها بعض سعاة الخير للتقريب بين الرئىس الحريري والدكتور جعجع، لكن النتائج مرهونة باتفاق الرجلين على تجاوز ازمة العلاقة التي اشتدت اثناء ازمة الحريري في السعودية.

 

وبالنسبة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فان مشاركته في لقاء بعبدا ممثلا بنجله تيمور وتأكيده على الحوار يعطي انطباعا واضحا بأنه لا يؤيد قيام جبهات ومحاور سياسية لا سيما في الظرف الخطير الحالي وهو يفضل توسيع رقعة الحوار لتشمل القوى السياسية كافة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *