الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء: البلاد تقف عند مدخل نفق الفوضى.. حكومة “اللجان” وتهريب الدولار يقتلان الاقتصاد
الانباء

الأنباء: البلاد تقف عند مدخل نفق الفوضى.. حكومة “اللجان” وتهريب الدولار يقتلان الاقتصاد

ماذا بعد؟ سؤال على كل شفة ولسان، ولا جواب بالطبع. الحكومة ومَن ورائها منشغلة بما لا يسمن ولا يغني عن جوع. هذا الجوع الذي بات يهدد معيشة كل اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعاً بالوعود التي لا يتحقق منها شيء. لقد أبدع رئيس الحكومة يوماً بعد يوم في الانغماس في لعبة السلطة وتقاسم الحصص وتسويف الاصلاح، وبدا عاجزاً أمام أزمات البلد، ولا عمل يقوم به سوى عقد الإجتماعات ثم تشكيل اللجان، تاركاً الناس والبلاد تحت رحمة ارتفاع جنوني لسعر صرف الدولار، والإنهيار الدراماتيكي السريع للإقتصاد.

ماذا بعد؟ سؤال سيتكرر كل يوم فيما حكومة تفليسة البلد لا تحرك ساكناً. مهلة المئة يوم التي منحها لنفسه رئيس الحكومة حسان دياب إنقضت، وقضت معها على أي أمل بالخروج من الأزمة، بل باتت كل أزمة تستولد أزمة.

ماذا بعد يا دولة الرئيس وإلى متى؟ هل يشوّش عليك صراخ الفقراء والجائعين، فلا يدعوك تعمل؟ الدولار يا دولة الرئيس بات سبعة آلاف ليرة، هل يعني ذلك شيئاً لكم؟

وتحت هذا العنوان نزلت الناس ليل أمس في مختلف المناطق اللبنانية قطعوا الطرقات، ورفعوا شعارات الاحتجاج. وبدا واضحاً في المشهد الليلي للاحتجاجات في بيروت انقسامه بين من يرمي المسؤولية على المصارف ومصرف لبنان، وبين من يحمّل الحكومة مسؤولية ما يجري، في ظل كمّ هائل من الإشاعات التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي تارةً تتحدث عن عزم الحكومة إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في إجتماعها المرتقب اليوم على مرحلتين، وطوراً أن الأمور تتجه نحو استقالة الحكومة، فيما الحقيقة الواحدة كانت أن البلاد تدخل في نفق من الفوضى المخيفة.

الخبير المالي نائب حاكم مصرف لبنان السابق سعد العنداري قال لـ “الأنباء” إن ما أوصل البلد الى هذا المنحى الخطير “هو الإستخفاف من قبل الحكومة بالتعاطي مع الأزمة المالية والإقتصادية الذي تظهّر في البداية في تمنّعها عن دفع مستحقات الـ “يوروبوند”، ما وضع لبنان تحت المجهر الدولي، ليأتي بعدها قانون “قيصر” وملاحقة كل متعامل مع النظام السوري أو على علاقة مع سوريا إنْ على المستوى السياسي أو على مستوى الأفراد أو المصارف. والإستخفاف أيضا في التفاوض مع صندوق النقد الدولي حيث بدا وفد لبنان يفتقر الى الخبرة والمعرفة، إضافة الى الحقد الذي ظهر من قبل رئيس الحكومة ومستشاريه على حاكم مصرف لبنان رياض سلامه وجمعية المصارف وعدم وضعهم في أجواء التحضيرات للتفاوض والطلب من سلامة المشاركة في عملية التفاوض دون إطلاعه على خطة الحكومة، فكان إنسحابه من إجتماع بعبدا المالي الإثنين الماضي إشارة واضحة إلى تهميش دوره وعدم الأخذ بوجهة نظره، علما أن التفاوض مع الصندوق رهن بشخصين: وزير المال وحاكم البنك المركزي”.

وسأل العنداري: “كيف يمكن لحاكم المصرف أن يتعامل مع سلطة أقدمت على سجن أحد المدراء الذي كُلف مراقبة جداول القطع؟”، كاشفا أنه وسلامه إقترحا على الحكومة “تجميد دفع مستحقات اليوروبند وجدولة الدين، لكن رئيس الحكومة رفض ذلك”.

العنداري رأى أن “الأمور ذاهبة نحو تسييس الازمة كما جرى أيام الحاكم السابق ادمون نعيم”، وأضاف: “كيف يطالب رئيس الحكومة بضخ الدولار في السوق وهو يعلم أن هناك عصابة تشتري الدولار من الصيارفة بأي سعر لتهريبه الى خارج الحدود؟ لو أنه إكتفى بتعليق سداد الديون لما وصلنا الى ما وصلنا اليه، ودياب محاط بمجموعة من المستشارين التابعين للنائب جبران باسيل ولديهم ارتباطات خارجية”، مستغربا كيف أن “مدير عام إحدى الوزارات كان يحضر إجتماعات البنك المركزي ويوقع على كل المحاضر وينقل عن الحاكم معلومات غير دقيقة لغاية في نفس يعقوب.”.

ووصف العنداري الوضع “بالصعب والمعقد، في الماضي كان حجم التحويلات الى البلد يصل الى 15 مليار دولار في السنة، بينما اليوم حجم التحويلات صفر”. وعن الفائدة من إعتماد المنصة المالية، رأى العنداري أن “عمليات الصرف تصبح شفافة وتخضع للعرض والطلب، كما تحول دون تمرير الأمور من تحت الطاولة كما يحصل اليوم، وينحصر العمل بالصرافين المرخص لهم والذين توقف معظمهم عن العمل لأنه لا يمكنهم أن يكونوا جمعية خيرية بوجود المرابين الذين يبيعون الدولار بأسعار خيالية”، سائلا عن الأسباب التي تحول دون ملاحقة السلطات الأمنية لهم.

عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم رأى بدوره أن “لا حل للخروج من هذه الأزمة إلا برحيل هذه الحكومة، أو بالإستقالة الطوعية وإما بالإقالة من الشارع، لأن الوضع لم يعد يطاق والبلد ينهار ورئيس الحكومة لا همّ له الا البقاء في السرايا”. وعلق نجم لـ “الأنباء” على قول الرئيس دياب إنه “ليس عمر كرامي”، فلفت إلى أن “الرئيس عمر كرامي إبن بيت سياسي عريق له كرامته وقدم إستقالة حكومته مرتين من موقع وطني وليس من موقع شخصي متمسك بمنصبه حتى ولو إحترق البلد”. وطالب نجم “بتشكيل حكومة حيادية برئاسة سمير حمود تأخذ على عاتقها إنتشال لبنان من هذه الأزمة بالتعاون مع حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف”.

عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون دعا عبر “الأنباء” الى “تضافر كل الجهود لإنقاذ الوضع المأساوي”، معتبرا أن “الرئيس ميشال عون يبذل أقصى ما عنده لانقاذ الوضع، لكن اليد الواحدة لا تصفق، والمسؤولية الوطنية تفرض على كل القوى السياسية التعاون لخروج لبنان من هذه الأزمة”.

وأقر النائب عون “بوجود عصابة تعمل على لمّ الدولار من البلد وتهريبه الى خارج الحدود”، مطالبا القوى الأمنية بالمزيد من التشدد لضبط الأمور ووقف تهريب العملة الصعبة والسلع الإستهلاكية.

وعزا النائب ماريو عون السبب في وصول البلاد الى ما وصلت اليه “لعدم الحسّ بالمسؤولية مقابل تزايد الأنانية والشخصانية”، محذرا من إستمرار الوضع على ما هو عليه “لأنه سيؤدي بالنتيجة الى خراب البلد وإغراق المركب بمن فيه”، واصفا الشعب اللبناني بالذكي والجبار والقادر على النهوض شرط إعطائه فرصة لذلك.

النائب السابق جوزيف معلوف قال لـ “الأنباء” إن “إرتفاع سعر صرف الدولار مرتبط بكثير من العوامل، منها التأثير المباشر لبيع الدولار في السوق السوداء لمواجهة العقوبات على سوريا، بالإضافة الى عدم توفر السيولة في المصارف”، معتبرا ان هذا الأمر سيستمر بالرغم من صدور التعاميم عن المصرف المركزي. ورأى أن “لا حل إلا بتأمين السيولة من قبل المصرف المركزي مباشرة للتجار”، معتبرا أنه إذا تأمنت هذه السيولة للتجار “يسهل مراقبة صرفها ومنع بيعها في السوق السوداء كما يستفيد منها صغار التجار”.

معلوف وصف حكومة دياب “بالصورية التي تشكلت لتنفيذ مخططات مشبوهة ومرتبطة بأجندات خارجية، وهي عاجزة عن القيام بشيء بعدما أغرقت نفسها بكثير من الملفات وتراكم القرارات العشوائية وما ظهر في التعيينات من فجور دليل على تخبطها وعدم مسؤوليتها”.

النائب السابق فادي الهبر وصف لـ “الأنباء” الأوضاع “بالكارثية”، وقال إن “مالية الدولة في طريقها الى الإفلاس المخيف بوجود سماسرة يهربون الدولار والسلع الى سوريا تحت مظلة عقوبات كارثية أيضا ستكون سلبيتها خطيرة على المستوى المالي والاقتصادي”، لافتا الى “وجود قوى محلية أخذت مكان رستم غزالي وغازي كنعان فحولت البلد الى دويلة بدلا من الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة على أراضيها، كما جعلته بلدا إرهابيا”، مطالبا “بسياسة واضحة للبنان مع المجتمع الدولي والدول العربية الشقيقة، لأن سياسة “إجر بالفلاحة وإجر بالبور” لم تعد تنطلي على أحد، فأهم شيء تغيير المنهجية والعقلية، ووحدة القرار الشعبي في كل المناطق ولاسيما المناطق الشيعية قد توصل الى مشروع إنقاذي بعيدا عن التعصب واستحضار ملفات الحرب الأهلية”، وقال: “إذا كان الحل السوري بعيدا فيجب تطبيق الطائف من دون سلاح أو ميليشيات”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *