الرئيسية / صحف ومقالات / النهار : ألم يحن الوقت لاجراءات جذرية تردع الوباء؟
flag-big

النهار : ألم يحن الوقت لاجراءات جذرية تردع الوباء؟

كتبت صحيفة “النهار ” تقول : ‎قد تكون أغرب المفارقات التي صدمت اللبنانيين تكراراً منذ هبوب “اعصار كورونا” وتمدده ‏الى لبنان انهم شاهدوا أمس استمرار الحلقات العبثية العصية على التبرير المتصلة بعدم ‏وقف الرحلات الجوية بين لبنان والدول الاكثر تضررا بانتشار فيروس كورونا ومن أبرزها ‏ايران وايطاليا بعد الصين. فعلى وقع تصاعد عدد الاصابات في لبنان وتجاوزه أمس سقف ‏الـ 41 اصابة، لم يكن ثمة امكان لتبرير وصول طائرة ركاب مساء من ايطاليا ولو اخضع ‏ركابها لفحص الحرارة الذي قد لا يكفي وحده لكشف الاصابات. وفي حين كان وزير الصحة ‏العامة حمد حسن يؤكد ان لبنان لا يزال من البلدان المتوسطة في انتشار فيروس كورونا، ‏بدا مثيراً للقلق المتزايد ان يتلاشى مفعول الاجراءات التي تتخذها الحكومة والوزارات ‏والادارات اذا ظلت في اطار التعامل مع انتشار الفيروس بوتيرة “معتدلة”، علماً ان أحداً لا ‏يعرف بعد المعايير المطلوبة من الحكومة لكي تعتبر ان لبنان بات في حاجة الى اعلان حال ‏طوارئ حمائية جذرية وبالغة التشدد لئلا تفلت عدادات احصاء الاصابات وتتجاوز العشرات ‏وأكثر في سائر المناطق اللبنانية‎.‎
‎ ‎
والحال ان اعلان حالة طوارئ صحية شاملة تشتمل على اجراءات ملزمة وقسرية لجميع ‏اللبنانيين والمقيمين باتت أكثر من ملحة تجنباً لبلوغ الحد الاقصى من الاجراءات الشمولية ‏الذي اتخذته بعض البلدان وهو فرض الحجر الشعبي الشامل لفترة اسبوعين بما يشل لبنان ‏شلاً تاماً مع العلم أنه يعاني بكل قطاعاته أحوالاً وظروفاً اقتصادية ومالية وانتاجية شديدة ‏الخطورة لا يمكنه معها تحمل مزيد من الشلل. ولا يمكن في هذا السياق تجاهل المسؤولية ‏الخطيرة والمباشرة التي يتعين على المواطنين تحملها في ضرورة تقيدهم بالاجراءات ‏المتشددة لمنع تمدد انتشار الفيروس والحد من الاصابات. اذ كيف يمكن تبرير ما شهدته ‏عطلة نهاية الاسبوع الماضي مثلاً من زحف بشري كثيف للبنانيين على مناطق عدة بقصد ‏الترفيه والسياحة أو حتى الانخراط في مناسبات دينية واجتماعية، فيما تقفل المدارس ‏ويمنع فتح الملاهي والنوادي والمنتديات الشعبية للجدّ من الاختلاط الذي يعد من أبرز ‏وأخطر اسباب العدوى بالاصابات ؟
‎ ‎
ثم ان الوضع المماثل في دول عدة أدى الى اتخاذ قرارات حاسمة وصارمة بمنع كل اشكال ‏التجمعات البشرية والنشاطات العامة وحتى الحجر على الحركة العامة كما حصل في ‏شمال ايطاليا والتشدد بلا هوادة في وقف الرحلات الجوية مع دول ينتشر فيها كورونا كما ‏فعلت دول خليجية عدة شملت قراراتها وقف الرحلات مع لبنان. فماذا تنتظر الحكومة لكي ‏تعلن خطة طوارئ متشددة وسط تصاعد اعداد المصابين يومياً والصعوبات الضخمة التي ‏بدأت تتكبدها البلاد جراء زحف الفيروس والتعقيدات التي يتسبب بها وتضيف الى ازمات ‏لبنان ازمة وباء ذات طبيعة معولمة شديدة الوطأة؟
‎ ‎
اقفال المجلس
‎ ‎
وقد دفع الهلع من تفشي فيروس كورونا في لبنان وانتقاله من مرحلة الاحتواء الى مرحلة ‏الانتشار، الى اقفال العديد من المؤسسات وفي مقدمها مجلس النواب، حيث صدر تعميم ‏بتعليق جلسات اللجان النيابية في المجلس اسبوعاً في إطار التدابير الوقائية، واقفال مبنى ‏مكاتب النواب بنية إجراء عملية التعقيم اللازمة للمبنى وذلك لمدة أسبوع من تاريخه‎.‎
‎ ‎
وبينما لا يزال الفيروس في مرحلة الانتشار المحدود كما أكد وزير الصحة حمد حسن، بدأت ‏الاخبار التي يتداولها اللبنانيون عن حالات اصابة تزرع الذعر والخوف، ومنها أن ثمة اصابات ‏لسياسيين ونواب وضعوا تحت الحجر المنزلي، فيما تتسرب يوماً بعد يوم أنباء عن اصابات ‏في بعض المستشفيات تنقل الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي، ومنها ما أعلن أول ‏من أمس عن إصابة راهنين من الآباء اليسوعيين، وكذلك جرى الحديث عن اصابتين في ‏مستشفى المعونات هما ممرض وممرضة وضعا في الحجر الصحي‎.‎
‎ ‎
ولا يزال لبنان عاجزا عن منع وصول الطائرات من الدول التي انتشر فيها الوباء، خصوصاً ‏إيران، علماً أن دولاً كثيرة ألغت رحلاتها الى مطار رفيق الحريري الدولي، وقد وصلت أمس ‏طائرة آتية من ميلانو على متنها 75 شخصاً علماً أنّ هذه المدينة وُضعت تحت الحجر ‏الصحي الكامل، واتخذت اجراءات لفحص حرارة جميع الركاب‎.‎
‎ ‎
‎9 ‎اصابات
‎ ‎
وسجّل لبنان أمس 9 حالات اصابة جديدة بفيروس كورونا ليبلغ العدد الإجمالي للحالات 41 ‏إصابة إيجابية، أربع منها في وضع حرج. ولا تزال المخاوف من الانتشار تدفع إلى اتخاذ ‏تدابير احترازية على أكثر من صعيد، بالتوازي مع تكاثر الشائعات. واصدر مستشفى ‏الحريري الجامعي التقرير اليومي عن آخر المستجدات وجاء فيه إن العدد الإجمالي للحالات ‏التي استقبلت في الطوارىء المخصص للكورونا خلال الساعات الـ 24 الاخيرة 132 حالة، ‏إحتاجت 23 حالة منها إلى دخول الحجر الصحي، فيما يلتزم الآخرون الحجر المنزلي. أما العدد ‏الإجمالي للحالات التي شخصت في مختبرات المستشفى بإصابتها بفيروس كورونا ‏المستجد فبلغ 41 إصابة‎.‎
‎ ‎
ويشار في هذا السياق الى انه استجابة لطلب رسمي من السلطات اللبنانية ودعماً للنظام ‏الصحي، أرسلت فرنسا نحو نصف طن من معدات الحماية الطبية إلى مستشفى رفيق ‏الحريري. وسلّمت المعدات في مطار بيروت في حضور وزير الخارجية ناصيف حتي ‏والقائمة بالأعمال بالإنابة لدى السفارة الفرنسية سالينا غرونيه كاتالانو والمدير العام لوزارة ‏الصحة الدكتور وليد عمار‎.‎
‎ ‎
مفاوضات الدين
‎ ‎
ووسط انشغال اللبنانيين وقلقهم من تطورات ازمة انتشار الكورونا، تتجه الانظار في ‏الساعات المقبلة الى موقف الدائنين للبنان غداة قرار الحكومة اللبنانية تعليق سداد ‏استحقاقات الدين والشروع في مفاوضات مع الدائنين لاعادة هيكلة الدين. وأفادت وكالة ‏‏”رويترز” ان سندات لبنان الدولارية تراجعت 8.4 سنت إلى مستوى قياسي منخفض بعدما ‏قالت الحكومة إنها لن تسدد ديونها. في الموازاة، صرح وزير الاقتصاد راوول نعمة للوكالة: ‏‏”لبنان في انتظار قرار حاملي السندات في شأن إما التعاون في هيكلة الدين وإما اللجوء ‏إلى السبل القانونية… ليست لدي أدنى فكرة في شأن الخيار الذي سيتخذه حاملو السندات ‏والأمر سيستغرق أسابيع قليلة”. وأضاف: “البنوك اللبنانية تعقد محادثات مع حائزين أجانب ‏لإقناعهم بالتعاون والتفاوض”، و”لبنان يرغب في التأكد من أن إعادة هيكلة الدين كاملة ‏ونهائية”. وأوضح أنه “إذا اتخذ إجراء قانوني، فإن أصول الحكومة ومصرف لبنان المركزي ‏تتمتع بحصانة‎”.‎
‎ ‎
ويعقد مجلس الوزراء جلسة بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا لمتابعة البحث في الوضعين ‏المالي والنقدي‎.‎
‎ ‎
واعلنت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني خفض تصنيف ديون لبنان السيادية بالعملة ‏الاجنبية من‎ cc ‎الى‎ c ‎ما يعني ان الدولة باتت على اعتاب اعلانها دولة متعثرة في حال اذا ‏وصل التصنيف الى‎ D. ‎وقالت الوكالة إن عدم دفع المستحقات خلال فترة السماح البالغة ‏سبعة سيؤدي ايام الى وضع الدولة مع سنداتها في دائرة التعثر‎.‎
‎ ‎
رد “المستقبل‎”‎
‎ ‎
على صعيد آخر، أصدر “تيار المستقبل” بياناً أمس رد فيه بحدة على بيان رئيس الوزراء ‏حسان دياب من غير ان يسميه وحمل على “روحيات الاستئثار والاستقواء والنهم للسلطة ‏والشراهة في اقتناص المواقع والأدوار”، وقال إن “حال الاعوجاج والهروب إلى الماضي ما ‏زالت تتحكم مع الأسف بسلوك الكثرة من القابضين على زمام السلطة، أو حديثي النعمة ‏في ممارستها، الذين تستهويهم لعبة تلطيخ الصفحات البيضاء من السياسات السابقة ‏لتبرير كل الصفحات التي كتبت بحبر الخروج على الدستور والقانون والعيش المشترك بين ‏اللبنانيين”. وأضاف: “ساءنا أن تنضم أصوات مستجدة من خارج المنظومة الكيدية ‏التقليدية إلى تلك الحملات، وأن تتخذ من الإعلان عن قرار استثنائي يتعلق بمواجهة مأزق ‏مالي مصيري، مناسبة للانقلاب على النموذج الاقتصادي اللبناني، والتحريض على ‏السياسات الاقتصادية، كما لو انها كيان قائم بذاته، معزول عن السياسات العامة للدولة ‏وعن المسار الطويل لتعطيل المؤسسات ومسلسل الحروب والأزمات التي اندلعت في ‏الداخل والمحيط‎”.‎
‎ ‎
واعتبر “إن نعي النموذج الاقتصادي اللبناني على الصورة التي جرت أمس الأول، يشكل ‏طعنة رعناء في صدر الهوية الاقتصادية للبنان ودوره الطليعي على هذا المستوى في كل ‏المنطقة. والمشكلة تصبح في هذا النطاق أبعد بكثير من سداد الدين العام أو تعليق ‏سداده لضرورات وطنية. إن تعليق السداد أو عدمه سيان، خارج رزمة متكاملة من ‏الإجراءات المالية والنقدية والاقتصادية. والدائنون الذين تنوي الحكومة مفاوضتهم على ‏اعادة الجدولة سيكون سؤالهم الاول، وربما الوحيد: أين خطة الطوارئ، وأين رزمة ‏الإجراءات. وهو نفسه سؤال جميع اللبنانيين، باستثناء من تكافل على تشكيل الحكومة ‏ومنحها الثقة‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *