الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : الحكومة تُواجه السندات.. و”التصنيف” يُخفّض لبنان ‏مُجدداً
الجمهورية

الجمهورية : الحكومة تُواجه السندات.. و”التصنيف” يُخفّض لبنان ‏مُجدداً

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : لا مبالغة في القول إنّ حال اللبنانيّين يرثى لها، باتوا لا يعرفون مم يخافون أكثر؟ هل من ‏فيروس “كورونا” الذي أخذ طريقه إلى الانتشار المُفزع في الأرجاء اللبنانية، وعدد الإصابات ‏بهذا الفيروس الخبيث تجاوز الاربعين اصابة وبعضها في وضع حرج؟ أو من “كورونا” ‏الاقتصاد الذي يقود البلد بخطى وثيقة نحو الانهيار والافلاس المريع؟
‎ ‎
في هذه الاجواء، ينعقد مجلس الوزراء في جلسة بعد ظهر اليوم، وقالت مصادر وزارية ‏لـ”الجمهورية”: انّ جزءاً من هذه الجلسة سيتناول التحضيرات الجارية لمواجهة “كورونا”، ‏ولاسيما لجهة تجهيز بعض المستشفيات الحكومية بالمعدات ووسائل العزل لتسهيل خطط ‏المواجهة، بعدما بلغ الفيروس مرحلة الانتشار في البلاد واحتمال ظهور دفعات جديدة من ‏المصابين‎.‎
‎ ‎
وأمّا الجزء الثاني من الجلسة، فسيتناول الملفات الاقتصادية والنقدية، والآليّة الواجب ‏اعتمادها لانطلاق المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وحاملي سندات “اليوروبوندز” في ‏ضوء الاتصالات الأولية التي أجراها المستشاران المالي والقانوني للحكومة والمؤسسات ‏التي سَمّتها جمعية المصارف ومالكو الأسهم متى انتهت مشاوراتهم الجارية من أجل توحيد ‏الدعاوى في ما بينهم كما هو متوقع‎.
صحيّاً، ما يزيد من قلق الناس، هو انّ خطر هذا الفيروس يكبر يوماً بعد يوم، وباتوا يشعرون ‏بأنهم أصبحوا مكشوفين أمامه، وانّ النجاة منه ما هي إلّا ضربة حظ. ويُفاقم ذلك العجز ‏الذي أعلنته الدولة عن احتوائه، وجَهلها المدى الذي سيبلغه هذا الخطر، واكتفاؤها بتعداد ‏الإصابات‎.‎
‎ ‎
طوارىء صحية
‎ ‎
على أنّ الحد الأدنى المطلوب في مواجهة هذا الخطر، ليس فقط دعوة المواطن الى ‏الوقاية الذاتية، وهو أمر بديهي لا بد منه، بل المُسارعة الى إعلان حالة طوارىء صحيّة على ‏كل المستويات، وبالإمكانات المتوافرة، وحتى ولو كانت متواضعة، للحَدّ ما أمكن من ‏مخاطره، على غرار ما بدأت فيه سائر الدول المنكوبة بـ”كورونا‎”.‎
‎ ‎
مجرمون بلا عقاب‎!‎
‎ ‎
ولعلّ الأسوأ من الفيروس نفسه، هو مسلسل الشائعات الخطيرة التي تطلق على مواقع ‏التواصل الاجتماعي، من دون أن تحرّك الجهات المعنية في الدولة ساكناً حيال هذا الفلتان، ‏وإنزال أشد العقوبات بمرتكبي هذه الجريمة على الذعر الذي يزرعونه في الاوساط ‏الشعبية‎.‎
‎ ‎
الوجه الآخر
‎ ‎
أمّا في الوجه الآخر لهذا الـ”كورونا”، فهو الازمة الاقتصادية والمالية التي لا تقل خبثاً، بعد ‏الاعلان عن تعليق دفع سندات “اليوروبوندز”، حُكم على لبنان بأن يقف على أرض تهتزّ ‏اقتصاديّاً، يترقّب مجموعة خطوات منتظرة، أوّلها تخفيض اضافي لتصنيفه الائتماني، ‏وثانيها الخطة الانقاذية للحكومة وموعد الشروع في تطبيقها، وثالثها موقف الجهات الدائنة ‏من تعليق لبنان دفع سندات الدين‎.‎
‎ ‎
ضرب في الميت‎!‎
‎ ‎
في هذا السياق، عمدت وكالة “فيتش” الى خفض تصنيف لبنان من‎ CC ‎الى‎ C، وهي ‏الدرجة الأخيرة قبل الـD ‎التي تعني التعثّر (الافلاس) والتي يبدو انها ستصدر خلال فترة ‏وجيزة، وربما بعد مرور أسبوع السماح الذي يلي التخلّف عن الدفع. الّا انّ سلبية هذا ‏التخفيض، ومهما بلغت نزولاً، ستكون أشبه بالضرب في كائن ميت أصلاً، أو في آخر ‏لحظات الاحتضار، خصوصاً انّ لبنان بلغ مرحلة الحطام الاقتصادي والمالي‎.‎
‎ ‎
كما انّ هذه السلبية المرتقبة ليست تصنيفاً لواقع اقتصادي مهترىء، بقدر ما هي إدانة ‏اضافية للطبقة الحاكمة التي قادت الاقتصاد الوطني الى هذه الكارثة، وأدمنت على مدى ‏سنوات طويلة إهدارَ الفرص، وقاربت الازمات المتتالية بفجور هائل، وبالهروب الى الامام ‏عبر افتعال تخبّطات وأزمات ومناكفات سياسية على أتفه الاسباب، فقط لتغطّي ارتكاباتها ‏ومحميّاتها وتقاسمها عائدات الفساد الذي بات سرطاناً متفشّياً في كل الدولة‎.‎
‎ ‎
الخطة
‎ ‎
الى ذلك، تبقى الخطة الانقاذية الموعودة من قبل الحكومة هي البند الأساس في جدول ‏اعمال مرحلة ما بعد تعليق دفع سندات “اليوروبوندز”. وبحسب مصادر مالية مسؤولة فإنّ ‏هذه الخطة بوشِر النقاش فيها مع البنك الدولي، وكذلك مع صندوق النقد الدولي، وهي ‏خطة شاملة تتضمن مجموعة محاور للاصلاح ومعالجة المالية العامة واحتواء الازمة بشكل ‏كامل، إنما جهوزيتها بشكل كامل تتطلّب بعض الوقت‎.‎
‎ ‎
وأشارت المصادر الى انّ جانباً سريعاً من هذه الخطة سيترجم في سلسلة خطوات ستقدم ‏عليها الحكومة في الفترة المقبلة، وستظهر تباعاً خلال الاسابيع المقبلة، وذلك ابتداء من ‏إقرار سلة تعيينات في بعض المراكز، الى جانب جملة من الخطوات الاصلاحية التي ستخبر ‏عن نفسها فور صدورها، وسيكون لها صدى على المستوى الشعبي‎.‎
‎ ‎
بري
‎ ‎
في هذا السياق، جدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدعوة الى بدء الحكومة الخطوات ‏التنفيذية لمعالجة الازمة، والتي يأتي في مقدمها ضرورة المقاربة الحاسمة لملف الكهرباء ‏وإنهاء حالة العجز الرهيب الذي يُلقيه بنحو ملياري دولار سنوياً، وقال: لن يصدّقنا أحد ما لم ‏نعجّل بحل أزمة الكهرباء وطَي هذه الصفحة‎.‎
‎ ‎
محطة صعبة
‎ ‎
وأمّا محطة التفاوض مع الدائنين، فهي، بحسب ما اكدت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”: ‏محطة صعبة، لكنّ الوصول الى تفاهم معهم ليس مستحيلاً، خصوصاً انّ إعلان تعليق ‏الدفع الآن لا يعني ابداً الامتناع عن هذا الدفع في اوقات لاحقة، عندما يدخل لبنان في ‏ظروف افضل مماّ هي عليه حالياً. وهذا طبعا سيتطلّب بعض الوقت‎.‎
‎ ‎
ولدى السؤال: هل سينتظر الدائنون؟ قالت المصادر: لم يسبق للبنان ان تخلّف عن الدفع ‏قبل الآن، لكنّ ظروفه التي يمر بها حالياً قَيّدته، وفرضت عليه اللجوء الى هذا الخيار، ونعتقد ‏انه سيلقى تفهّم الجهات المدينة‎.‎
‎ ‎
وعن احتمال ان يصطدم لبنان بتصلّب الدائنين، وتلويحهم بمقاضاته، قالت المصادر: هذا ‏الاحتمال وارد، إنما هو احتمال ضعيف، حتى لا نقول مُستبعداً، فكما انّ لبنان في حاجة لأن ‏يتفاوَض مع الدائنين، فالدائنون ايضاً في حاجة الى التفاوض معه، فهم في نهاية المطاف ‏يريدون أن يقبضوا مستحقاتهم. وبالتالي، أي خطوات ضغط وتضييق على لبنان في هذا ‏المجال قد تؤدي الى تعقيدات، ولن تأتي بفائدة لا الى لبنان ولا الى الدائنين‎.‎
‎ ‎
ورداً على سؤال عن موعد بدء التفاوض مع الدائنين، قالت المصادر: التفاوض قد بدأ فعلاً ‏مع الدائنين، والايام القليلة المقبلة ستبيّن ما اذا كانوا سيقبلون ان يتم السداد بطريقة ‏منظمة، وهذا بالنسبة إلينا هو الخيار الاسلم، او بطريقة غير منظمة، وهذا معناه الدخول ‏في دعاوى قضائية وما شابه ذلك‎.‎
‎ ‎
وزني
‎ ‎
وقال وزير المال الدكتور غازي وزني لـ”الجمهورية”: انّ الحكومة كانت غير مخيّرة في ‏قرارها عدم تسديد السندات، لأنّ إمكانياتها المالية ضعيفة، وفضّلت أن تضع الامكانيات ‏المتوافرة لديها حالياً في تصرّف المودعين، ولتلبية احتياجات المواطنين الاساسية، من قمح ‏ودواء وسلع أساسية ومحروقات، وفي الوقت نفسه عبّرت عن جهوزيتها الكاملة للتفاوض ‏مع الدائنين‎.‎
‎ ‎
ورداً على سؤال، قال وزنة: انّ الحكومة، وبهذا القرار، خَطت الخطوة الاولى في الطريق ‏الصحيح والسليم لمعالجة أزمة المديونية التي يمر بها لبنان‎.‎
‎ ‎
تداعيات التخلّف
‎ ‎
الى ذلك، لم يمرّ اليوم الاول على استحقاق دين اليوروبوندز بقيمة 1,2 مليار دولار، الذي ‏صادفَ أمس، من دون تداعيات، رغم أنّ أمام لبنان مدة أسبوع كفترة سماح قبل ان يُعتبر ‏متخلّفاً عن السداد ويستحق كامل الدين الخارجي البالغ حوالى 30 مليار دولار‎.‎
‎ ‎
وفي سياق هذه التداعيات، يأتي الانهيار الذي أصاب أسعار سندات “اليوروبوندز” في ‏السوق الثانوي، إذ تَدنّت الى ما دون الـ20 سنتاً للسند. وبذلك تكون السندات فقدت حوالى ‏‏80 في المئة من قيمتها الاسمية. هذا التراجع يعتبر خطيراً بكل المقاييس، وقلة من الدول ‏المتعثرة خسرت ديونها هذه النسبة قبل أن تبدأ التفاوض على إعادة جدولتها‎.‎
‎ ‎
مرحلة انتظار وترقّب
‎ ‎
وعلى خط التفاوض مع المُقرضين، تبدو الدولة اليوم في فترة انتظار، لتعرف ما سيكون ‏قرار المُقرضين حيال التفاوض على إعادة هيكلة الدين وجدولته. واذا كانت المصارف ‏اللبنانية أبدَت حسن النية والاستعداد لبدء التفاوض، وعيّنت وكيلاً مالياً وقانونياً لخَوض ‏المفاوضات، فإنّ حملة السندات الاجانب يبدون أكثر حذراً، ولم يتضح حتى الآن ماذا سيكون ‏موقفهم‎.‎
‎ ‎
وفي هذا السياق، يرجّح الخبير المالي مايك عازار أن يلجأ بعض هؤلاء الى رفض التفاوض، ‏والى المبادرة الى رفع دعاوى قضائية في محاولة لتحصيل أمواله كاملة‎.‎
‎ ‎
ويقول لـ”الجمهورية” ان لا مناص من رفع دعاوى. لذلك من مصلحة الحكومة اللبنانية ‏الاسراع في الوصول الى اتفاقات مع الدائنين قبل صدور أي حكم قضائي. ويوضح انّ ‏الاحكام القضائية لن تصدر قبل فترة معينة لا تقل عن 6 أشهر، وقد تمتدّ الى سنة‎.‎
‎ ‎
وفي المعلومات انّ وزارة المال بدأت، ولو بشكل غير رسمي، التفاوض مع حملة سندات ‏‏”اليوروبوندز” الاجانب، وحصرت مفاوضاتها مع صندوقي “أشمور” و”فيدليتي” رغم وجود ‏العديد من الاجانب الآخرين حاملي السندات السيادية اللبنانية. ويمتلك الصندوقان حصة ‏وازنة من السندات في استحقاقات العام 2020 تسمح لهما بتعطيل أي اتفاق لا يرضيان ‏عنه‎.‎
‎ ‎
ومن المعروف انّ المؤسستين اشترتا السندات اللبنانية في الفترة الاخيرة من مصارف ‏لبنانية بسعر وسطي يتراوح بين 75 و80 سنتاً للسند. وبالتالي، من الصعب الاعتقاد انهما ‏سيوافقان على اقتراحات قد تؤدي الى تحميلهما خسائر كبيرة في فترة زمنية قصيرة من ‏خلال خفض قيمة السندات وإعادة جدولة دفعها‎.‎
‎ ‎
في الموازاة، ستصبح كافة إصدارات الدولة اللبنانية مستحقة نهاية الاسبوع، حيث انّ ‏العقود تنصّ على وجوب إجماع 25 في المئة من حملة السندات الاجنبية في حال تخلّف ‏الدولة عن سداد أي استحقاق، للمطالبة بتسديد فوري للسندات. كما انّ هناك بعض ‏الاصدارات الاخرى للدولة اللبنانية التي لا تحتاج لإجماع 25 في المئة من حملة السندات، بل ‏يمكن لمستثمر واحد أن يطالب بالتسديد فوراً بعد تخلّف الدولة عن سداد استحقاق آذار‎.‎
‎ ‎
أسابيع… وتتّضح الصورة
‎ ‎
من جهته، أكد وزير الاقتصاد راوول نعمه لوكالة “رويترز” أنّ “لبنان بانتظار قرار حاملي ‏السندات في شأن التعاون في هيكلة الدين أو اللجوء إلى السبل القانونية”، لافتاً الى أنه ‏‏”ليست لديّ أدنى فكرة في شأن الخيار الذي سيتخذه حاملو السندات، والأمر سيستغرق ‏أسابيع قليلة والمفاوضات أفضل للجميع‎”.‎
‎ ‎
وشدّد نعمه على انّ “البنوك اللبنانية تعقد محادثات مع حائزين أجانب لإقناعهم بالتعاون ‏والتفاوض”، قائلاً: “لبنان يرغب بالتأكد من أنّ إعادة هيكلة الدين كاملة ونهائية”. ولفت الى ‏انه “إذا جرى اتخاذ إجراء قانوني فإنّ أصول الحكومة ومصرف لبنان المركزي تتمتع ‏بحصانة‎”.‎
‎ ‎
‎”‎الكتائب‎”‎
‎ ‎
من جهة ثانية، برز في الساعات الماضية تطوّر أمني أثار جملة من علامات الإستفهام حول ‏أهدافه واستهدافاته، وتجلّى في اعتداء غير مسبوق على “بيت الكتائب” المركزي في ‏الصيفي‎.‎
‎ ‎
وفي هذا الإطار، علمت “الجمهورية” أنّ 6 رصاصات أطلقت على البيت المركزي، ‏فأصابت اثنتان منها مدخل “الكاراج”، وأصابت رصاصة واحدة غرفة الحرس و3 رصاصات ‏بلوكات الباطون المسلّح‎.‎
‎ ‎
كذلك، تبيّن أنّ الرصاصات أطلقت على علوٍ منخفض تراوحَ بين الـ 50 والـ 100 سنتم، وذلك ‏عند الساعة الخامسة والثلث من صباح الأحد‎.‎
‎ ‎
وعلمت “الجمهورية” أنّ مطلقي النار كانوا على متن سيارة من نوع‎ BMW – X5. ‎وسيتناول رئيس الحزب النائب سامي الجميّل هذا الموضوع بالتفصيل في مؤتمره ‏الصحفي الذي سيعقده اليوم‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *