الرئيسية / سياسة / “الأخبار”: أمل وحزب الله والتيار يتركون دياب وحيداً
الاخبار

“الأخبار”: أمل وحزب الله والتيار يتركون دياب وحيداً

كتبت صحيفة “الأخبار ” تقول : ثلاث لاءات رفعتها السلطة في ما بينها. لا تأليف للحكومة، ولا تفعيل ‏لحكومة تصريف الأعمال، ولا اعتذار للرئيس المكلّف. وتحت هذه اللاءات ‏المعجونة بلامبالاة السلطة بالواقع المالي والاقتصادي والاجتماعي، لم يعد ‏الناس يملكون سوى أخذ المبادرة. فهل يعود الشارع إلى الانتفاض مجدداً؟

اللبنانيون متروكون لقدرهم. لا سلطة تسعى إلى الخروج من الانهيار، أو على الأقل لتخفيف حدّته. لاءات ثلاث ‏تتحكم بالمشهد السياسي اليوم: لا تأليف حكومة في المدى المنظور، لا تفعيل لحكومة تصريف الأعمال لتعوّض ‏بعضاً من الفراغ المستمر منذ تسعين يوماً، ولا انسحاب لحسّان دياب من مهمة التأليف. يتحسّر سياسيون على ‏الفرصة التي ضاعت الأسبوع الماضي، كما على تلك التي ضاعت الأسبوع الذي سبق. يوم الاثنين الماضي، ‏كانت الحكومة على بعد خطوة من إعلان مراسيمها. الخلاف على وزارة الخارجية أطاحها. وعندما حلّت المشكلة ‏بتخلّي دياب عن شرط إسناد “الخارجية” إلى دميانوس قطّار، واستبدالها بحقيبة الاقتصاد، مقابل الإبقاء على ‏‏”الخارجية” و”الدفاع” ضمن حصة “التيار الوطني الحر”، أتى الرفض من عين التينة، مزدوجاً. الرئيس نبيه ‏بري كان في ذلك الوقت قد تسلّم رسالة من الرئيس ميشال عون، يدعو فيها إلى تشكيل حكومة سياسية قادرة على ‏مواجهة التحولات الإقليمية الكبيرة التي بدأت مع اغتيال الفريق قاسم سليماني. مشى بري بالاقتراح بصيغته ‏المخففة المتمثلة بالعودة إلى حكومة تكنوسياسية. هو الذي تخلى عنها على مضض لمصلحة “تسهيل” عملية ‏تشكيل الحكومة، تماماً كما تخلى عن مرشحه الأول سعد الحريري، لمصلحة التوافق على تكليف دياب. لكن عون ‏عاد وتراجع عن اقتراحه، على خلفية الاتفاق الذي تم بين دياب وباسيل. الاتفاق قضى بتثبيت الثلث المعطل في ‏سلة باسيل. وبالتوازي، كان باسيل يفاوض على رفع عدد الوزراء إلى 24، تكون الزيادة على الحصة المسيحية ‏من حصته. الأمران رفضهما بري، ومنهما عاد إلى رفض حكومة الاختصاصيين. بعد ذلك، ذهب إلى كسر جرّة ‏الحكومة، معلناً عدم المشاركة في حكومة لا تكون سياسية مطعمة باختصاصيين. وهذا يعني حكماً عدم مشاركة ‏حزب الله فيها، تماماً كما حصل عندما رفض بري المشاركة في حكومة أراد سعد الحريري إبعاد حزب الله عنها‎.

هذا يعني باختصار أن تأليف الحكومة سيكون مستحيلاً، بغياب طرفين يستحوذان على كل الحصة الشيعية في ‏مجلس النواب. وأكثر من ذلك، يتردد أن التيار الوطني الحر يتجه، يوم الثلاثاء، للإعلان عن رفض مشاركته في ‏الحكومة. وهذا يعني أيضاً أن الطرفين المسيحيين الأكثر تمثيلاً في مجلس النواب، أي التيار الوطني الحر ‏والقوات، سيكونان خارج الحكومة، تماماً كما سيكون الطرف السني الأكثر تمثيلاً خارجها. باختصار، حسان ‏دياب يعاني. وكل طرق التواصل مقطوعة. هو عاجز عن تشكيل الحكومة، لكنه يجلس على أرضية صلبة ‏عنوانها: لا إمكانية لإلغاء التكليف ولا مهلة للتأليف. يبقى احتمالان، إما أن تعود قافلة الحكومة إلى السير بوجوه ‏تكنوسياسية تلمّ الشمل، إن أمكن، وإما يذهب حسان دياب إلى تشكيل حكومة على طريقته، آملاً أن يوقّع رئيس ‏الجمهورية مراسيمها، قبل أن يستقبلها مجلس النواب بــ”لا ثقة”. احتمال اعتذار دياب عن التكليف لا يزال بعيداً ‏في الوقت الحالي، لكنه لن يكون مستبعداً، إذا بقيت الأمور على حالها‎.

كل ذلك يجري وسط لامبالاة من سعد الحريري الذي تخلى عن مسؤولياته بمجرد تكليف دياب. فاته أنه لا يزال ‏المسؤول الأول عن السلطة التنفيذية، وإن كانت المرحلة مرحلة تصريف أعمال. تخلى عن واجباته الملحّة في ‏لبنان، لكنه لا يقصّر في واجباته الخارجية. قفز إلى عُمان للتعزية بوفاة السلطان قابوس، قبل أن يعود، على ما هو ‏متوقّع، ليُمارس مهماته “بصمت”. أما الرئيس المكلّف، فلا سلطة دستورية له تتخطى السعي إلى تأليف الحكومة. ‏وعليه، فإن تصريف الأعمال، حتى بالمعنى الضيق، لا يعطي الحريري الحق بالاكتفاء بمشاهدة الانهيار وغسل ‏يديه من مسؤوليته، كما لو أنه لم يحصل إلا بعد استقالته‎.‎

ليس الحريري وحده من تخلى عن مسؤوليته. كل طرف معني بالتأليف يتحمّل المسؤولية. مهما كانت الأسباب ‏التي تعيق تشكيل الحكومة مهمة في نظر المعنيين، فإنها تنمّ بالدرجة الأولى عن استهتار واستخفاف بمصير البلد ‏والناس. الانهيار تحوّل إلى واقع. وهذا إذا كان يستدعي تشكيل حكومة طوارئ في أي بلد في العالم، فإنه لا يرقى ‏إلى أن يكون سبباً للتخلي عن المصالح الفئوية والمذهبية في لبنان. في كل العالم، من يرفض تحمّل المسؤولية ‏يتركها لغيره، إلا في لبنان، صراع مستميت على الكراسي والمناصب. لكن من سيحكم هؤلاء إذا “فرط البلد”؟‎

عندما يُسأل نائب معني عما إذا كان تأخير تشكيل الحكومة مرتبطاً برفض الجميع تحمّل مسؤولية الانهيار، يقول: ‏‏”الأدق أن لا حس بالمسؤولية لدى أيّ ممن في السلطة، ولذلك هي لا تزال حتى اليوم لعبة سلطة لا تبالي بالواقع”. ‏يضيف: “هؤلاء لا يعرفون ماذا يعني أن يتسوّل الناس فتات أموالهم من المصارف، ولا يعرفون ماذا يعني ‏احتمال أن تضيع الأموال على المودعين أو احتمال أن تفقد مواد أساسية من السوق. هؤلاء يعيشون في أبراج ‏عاجية، وقد حوّلوا أموالهم إلى الخارج، ولذلك لا يرون، أو لا يهتمّون، بما يجري “تحتهم”. اهتموا لأيام، مع ‏انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول. أحسّوا حينها بالأزمة في سياق خوفهم من المجهول الآتي من الشارع. ولما ‏خفت بريق الانتفاضة، انتهت الأزمة بالنسبة إليهم‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *