الرئيسية / سياسة / “اللواء”: رسائل مُنهِكة إيرانية أميركية.. وبيروت تنتفض على حكومة اللون الواحد! دياب يبدأ مهمّة معقّدة في متاهات الإنهيار.. والحريري يعترف بالفشل ويدعو للإستماع إلى كلمة الثورة
اللواء

“اللواء”: رسائل مُنهِكة إيرانية أميركية.. وبيروت تنتفض على حكومة اللون الواحد! دياب يبدأ مهمّة معقّدة في متاهات الإنهيار.. والحريري يعترف بالفشل ويدعو للإستماع إلى كلمة الثورة

كتبت صحيفة “اللواء” تقول: لم يوقف تكليف الوزير السابق حسان دياب رئيساً لتشكيل حكومة جديدة حركة الاحتجاجات في الشارع، أو الساحات الممتدة من تلة الخياط حيث منزل الرئيس المكلف إلى وسط بيروت، حيث نقل الصليب الأحمر إصابة من جرّاء التدافع وأخرى من دوار السلام وسط بيروت، واصابتين من البالما في طرابلس في وقت اندلعت فيه الحرائق في شوارع فردان – الحمراء، قصقص، كورنيش المزرعة، ومنطقة الكولا، امتداداً إلى خلدة – الناعمة الجية، وبالاتجاهين، لكن الأمر لم يستمر، وأعيد فتح الطرقات، في لعبة “كر وفر” مرهقة للشارع والقوى الأمنية على حدّ سواء.

وفي السياق، لم يترك كلام الرئيس المكلف صدى طيباً لدى الشارع، أو حتى القيادات السنية الروحية والزمنية، ورؤساء الحكومات الذين يعتزم القيام بجولة تقليدية عليهم، إن لجهة إعلان استقلاليته، واعتبار ان الانتفاضة تمثله، أو رفض العودة إلى ما قبل 17 ت1، أو اصراره على ان تكون الحكومة التي سيشكلها حكومة مواجهة..

وإذا كانت قوى 8 آذار رفضت اعتبار ما حصل، لا يُشكّل تحدياً، ولا مبرر لتهييج الشارع، فإن الاتصالات والتوجيهات التي أعطيت إلى الاطراف: تيّار المستقبل، حركة “أمل” وحزب الله، بالابتعاد عن الشعارات المسيئة، وعدم الانجرار إلى الاشتباكات أو الشجارات الفتنوية، فيما كثفت دوريات الجيش اللبناني وقوى الأمن دورياتها، حفاظاً على الهدوء وعدم الانجرار إلى الصدامات الأهلية في الشارع.

ومع ذلك، وقبل ان يبدأ الرئيس المكلف مهمة معقدة في متاهات الانهيار، انتفضت بيروت، من دار الفتوى، إلى اتحاد العائلات البيروتية، الذي رأى في تكليف دياب تشكيل الحكومة العتيدة “خرقاً فاضحاً للميثاقية الوطنية، وبالتالي هو لا يمثلنا ولا يمثل المكون الطائفي الذي ينتمي إليه، وهذا ما تجلى برفض تسميته من نواب المكون السني الأكثر تمثيلاً تيّار “المستقبل”، ومن رؤساء الحكومات السابقين، ومن الجماهير التي خرجت في كل المناطق اللبنانية منددة بتكليفه تشكيل الحكومة.

كما عبرت الانتفاضة البيروتية عن ذاتها، بقطع الطرقات والشوارع الرئيسية وافتراش الطرقات والساحات، ودعوة الرئيس المكلف للاعتذار عن المهمة الموكلة إليه.

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر دبلوماسية لـ “اللواء” ان ما جرى عشية وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل إلى بيروت، بمثابة رسائل ملتهبة بين طهران وواشنطن، حول مَنْ يمسك بوضع البلد في منطقة حافلة بالتغيرات والخرائط الاقتصادية والجيوسياسية.

و كشفت مصادر دبلوماسية ان ازمة تشكيل الحكومة اللبنانية كانت مدار بحث وتشاور بين مسؤولين روس وزوار سياسيين لبنانيين للعاصمة الروسية في الايام الماضية، وكشفت عن اتصالات جرت بين هؤلاء المسؤولين مع حزب الله والوزير جبران باسيل بهذا الخصوص للمساعدة في حل هذه المشكلة مع التشديد على أن موسكو تدعم التفاهم بين جميع الأطراف المعنية لتاليف الحكومة وهي لاتحبذ حكومة اللون الواحد لانها جربت في السابق وفشلت وتكرار اعتمادها سيؤدي الى تفاقم الأزمة والانقسامات بين اللبنانيين.

ودعت وزارة الخارجية الأميركية الحكومة اللبنانية إلى الإصلاح والمحاسبة، مشيرة إلى “اننا طالبنا الحكومة اللبنانية بتنفيذ إصلاحات اقتصادية ملحة”.

نتيجة غير مفاجئة
وإذا كانت المرحلة الأولى من معالجة الأزمة الحكومية انقضت بتكليف الوزير الأسبق الدكتور حسان دياب، تشكيل الحكومة الجديدة بأغلبية 69 صوتاً بينهم ستة نواب سنة فقط، هم نواب “اللقاء التشاوري” الخمسة المتحالفين مع “حزب الله” بالإضافة إلى عضو “كتلة التنمية والتحرير” قاسم هاشم، فإن هذه النتيجة التي لم تكن مفاجئة وتم رصدها منذ الليلة الماضية، احدثت لدى مجموعة من السياسيين من فريق ما كان يسمى بـ14 آذار، حالة يمكن وصفها “بالانقلاب السياسي”، الذي يشبه إلى حدّ بعيد انقلاب “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” على حكومة الرئيس سعد الحريري الثانية، في عهد الرئيس ميشال سليمان، والذي جاء بالرئيس نجيب ميقاتي في 13 حزيران من العام 2011 بحكومة سميت في حينه بحكومة “اللون الواحد” أو حكومة “حزب الله”.

والمفارقة، ان الرئيس المكلف دياب نال نسبة الأصوات نفسها التي نالها الرئيس ميقاتي عندما كلف في العام 2011، ولم يصوت حينذاك سوى خمسة نواب سنّة لمصلحة ميقاتي، وصبت أصوات نواب فريق 8 آذار لمصلحته، كما فعلت مع الرئيس دياب، عبر غطاء وطني وسياسي امنته الكتل الشيعية والمسيحية وبينها أصوات درزية وارمنية، الا ان امتناع معظم النواب السنة، جعل هذا الغطاء غير مكتمل ميثاقياً، ولو انه لا يمكن الحديث عن ميثاقية في التكليف، بل فقط على عملية التأليف، علماً ان اتحاد جمعيات العائلات البيروتية رأى في تكليف دياب خرقاً فاضحاً للميثاقية الوطنية، ودعته إلى الاعتذار.

وفي تقدير مصادر مطلعة، ان الرئيس المكلف الذي تجاوز المطبات الأولى للورشة الحكومية بالتكليف عبر محاولات استيعاب رفض الشارع، ولا سيما شباب الانتفاضة لتكليفه، يفترض ان تواجهه مطبات التشكيل إذا رغب في تشكيل حكومة اختصاصيين، وتشمل كل الأطراف بما فيها الحراك الشعبي، بحسب ما قال في بيان التكليف، ويبقى الاساس تسهيل القوى السياسية لمهمته سواء القوى التي سمته، او القوى التي لم تسمهِ ولكنها تعهدت التعاون لإنقاذ البلد.كما ان ترقب مواقف الدول المعنية بالازمة اللبنانية العربية والغربية يبقى عاملا اساسيا في تسهيل مهمته في التأليف وفي انطلاقة الحكومة بزخم.

وافادت المعلومات ان الرئيس المكلف سيقوم بجولة مشاورات تشمل كل القوى السياسية التي سمّته اولم تسمّه ساعيا الى إشراكها في اقتراح الاسماء المناسبة لحكومة اختصاصيين. وانه لا يريد حكومة مواجهة اوحكومة لون واحد، فيما علم ان الكتل التي سمت الرئيس دياب ستسهل مهمته في تأليف الحكومة.

وكانت معلومات أكدها لاحقاً الرئيس المكلف، بأنه التقى ليل أمس الأوّل الرئيس عون في حضور الوزير جبران باسيل.

وانتهت الاستشارات النيابية الملزمة، التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في قصر بعبدا، بنيل الدكتور حسان دياب 69 صوتا، والسفير نواف سلام 13 صوتا، والدكتورة حليمة قعقور صوتا واحدا، وامتنع 42 نائبا عن التسمية.

ويشار إلى أن النائبين ميشال المر وإدي ديمرجيان اعتذرا عن الحضور.

واذا كانت كتلة “المستقبل” وكتلة الجمهورية القوية (القوات اللبنانية)، وكتلة الوسط المستقل لم تسمِ الرئيس دياب، فقد أوضح المستشار الإعلامي في القصرالجمهوري رفيق شلالا أنه لم يُحتسب صوت النائب بلال عبد الله في عداد نواب اللقاء الديمقراطي التسعة الذين سموا السفير نواف سلام، لأنه لم يبرّر غيابه، فيما احتسب صوت النائب طوني فرنجية من تكتل اللقاء الوطني المستقل (سمى دياب) الذي اعتذر لوجوده خارج البلاد، كذلك أحتسب صوت النائب فايز غصن الذي أرسل كتابا يوضح فيه تغيّبه لعذر صحي.

خطاب للانتفاضة
وحرص الرئيس المكلف، في بيان التكليف، والذي لوحظ انه اعد سلفاً، على توجيه معظم خطابه إلى شباب الانتفاضة الشعبية، متعهداً بعدم العودة إلى ما قبل 17 تشرين أوّل، معتبراً ان أي سلطة لا تحتكم للشعب هي سلطة منفصلة عن الواقع ولن تستطيع حماية البلد. ودعا اللبنانيين في كل الساحات إلى ان يكونوا شركاء في إطلاق ورشة الانقاذ، مشدداً على ان الأولوية لديه ستكون حكومة اختصاصيين، ما يناقض توجه “حزب الله” والرئيس نبيه برّي اللذين كانا يصران على حكومة تكنو-سياسية، وهو ما يمكن الوصول إليه في النهاية، إذا لم تتعرقل مهمته بالشروط والشروط المضادة.

لكن الرئيس دياب، أكّد في حديث مع قناة O.T.V الناطقة بلسان “التيار الوطني الحر” انه لن يعتذر عن تأليف الحكومة، مشدداً على ان التأليف سيكون سريعاً بالنسبة إلى الوقت الذي اخذته الحكومات السابقة، ولفت إلى انه سيكون في الحكومة عدد كبير من النساء ومن الاختصاصات المطلوبة لمعالجة الكثير من الأمور، موضحاً انه سيشرك الجميع في الحكومة، وانه طلب اعطائه مهلة للقيام بالاستشارات يوم السبت في مجلس النواب.

وشدّد على انه ليس محسوباً على أحد، وانه لم يلتق أحداً لا من حزب الله ولا من حركة “أمل”، وانه التقى فقط الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري الذي قال انه كان متجاوباً جداً، لكنه لم يشأ الرد على سؤال حول عدم تسمية الحريري له في الاستشارات.

وأعلن ان جولته على رؤساء الحكومة السابقين ستنطلق حوالى الساعة العاشرة، لكن مصادر مطلعة أكدت ان الرئيس دياب لم يطلب حتى الآن مواعيد من رؤساء الحكومة السابقين لزيارتهم في إطار جولته البروتوكولية، في حين ذكر ان الرئيس ميقاتي لن يتمكن من استقباله نظراً لوجوده خارج لبنان.

وعلم ان لقاءه بالرؤساء السابقين حدّد يوم السبت في إطار برنامج مشاوراته مع الكتل النيابية في المجلس.

وأشار الرئيس دياب، في سياق الحديث أيضاً إلى انه منذ لحظة وصوله إلى المنزل، أكّد لأمين عام مجلس الوزراء ان الأولوية هي لزيارة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، وان هذا الأمر سيحصل اليوم.

إلا ان مصادر دار الفتوى أكدت لـ”اللواء” ان الرئيس المكلف لم يطلب موعداً لزيارة مفتي الجمهورية. وقالت انه في كل الأحوال لم تجر العادة ان يزور الرئيس المكلف دار الفتوى الا بعد إنجاز تشكيل الحكومة وصدور مرسوم التأليف.
الحريري

اما الرئيس الحريري، فقد أعلن في أوّل حديث له بعد بيان اعتذاره عن قبول التكليف، ان عودته إلى رئاسة الحكومة ليست مهمة، بل المهم ان يعود لبنان، مشدداً على ان التفاؤل يجب ان يبقى موجوداً.

وأشار إلى اننا في السلطة “فشلنا ولم نقدم الكهرباء ولا الاتصالات”، مضيفاً: “فشلنا نعم، ولكنني لم اذهب إلى التسوية عن عبث بل من اجل البلد”.

وشدّد الحريري في اتصال مع محطة الـMTV عبر برنامج “صار الوقت” على انه “علينا جميعاً ان نتكاتف ونسمع كلمة الثورة”.

وأكد الحريري أنني “سمعتُ صوتَ الناس منذ الدقيقةِ الأولى، ولذلك أنا أوّل من رشّح نواف سلام”، لكنه لم يشر إلى سبب عدم تسميته لسلام في الاستشارات والتي كانت موضع انتقاد أمس من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط.

وأضاف: “تفاجأت بموقف “القوات”، ومن منطق أن يكونَ هناك سلامٌ بين الطوائف ومن منطق الإعتدال طلبت يومين للتفكير بالموضوع”.

وأعلن أنه سيستقبل الرئيس المكلف خلال الإستشارات غير الملزمة.

ولم يشأ الرد على سؤال حول قدرة الرئيس المكلف على تأليف الحكومة، معتبراً انه ليس هو الذي من يُشكّل الحكومة، لكنه قال انه “ليس مرتاحاً لأنه يخاف على البلد”.

واضاف: “يجب ان نتقدم، والطريق التي يمكننا الخروج منها من الأزمة هي بحكومة اختصاصيين”.

احتجاجات وقطع طرقات
ومع ان الرئيس المكلف، حرص على التقرب من الحراك، من خلال تبني مطالبه، الا ان ردة فعل شباب الحراك جاءت سلبية، وعبروا صراحة عن رفضهم تكليفه، بالتزامن مع تنظيم مجموعة احتجاجات واعتصامات بدأت من أمام منزله في تلة الخياط، ومن ثم التجمع في ساحة شهداء، ثم توسعت هذه الحركة ليلاً في اتجاه طرابلس والشمال والبقاع الأوسط، وطريق الساحل باتجاه الجنوب عند الناعمة، فيما أعاد الجيش فتح اوتوستراد انطلياس- جل الديب بعدما قطعه المحتجون لدقائق.

اما العاصمة، فقد شهدت ليلاً، قطع طرقات قصقص بالاتجاهين عند جامع الخاشقجي بالاطارات المشتعلة، وكذلك شارع فردان امام ثكنة بربر الخازن، والمدينة الرياضية قرب جسر الكولا وكورنيش المزرعة، حيث افيد عن حصول اشكال بين متظاهرين ومواطنين على نصب خيمة وسط الكورنيش، كما افيد عن قطع طرقات في مناطق الحمرا والملا بالاطارات المشتعلة.
وإزاء اتساع حركة الاحتجاجات، دعا الرئيس الحريري “جميع الأنصار والمحبين” إلى رفض أي دعوة للنزول إلى الشارع أو قطع الطرقات.

وأكّد في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، ان الهدوء والمسؤولية الوطنية اولويتنا، والأزمة التي يواجهها لبنان خطيرة ولا تحتمل أي تلاعب بالاستقرار.

ولوحظ ان بعد صدور هذا النداء، انسحب المتحجون من امام منزل دياب في تلة الخياط، في حين استمرت عمليات قطع الطرق، ولا سيما في طرابلس، حيث افيد عن إلقاء قنبلة صوتية في مجرى نهر أبو علي في باب التبانة، وإطلاق عيارات نارية في منطقة القبة، وجاب شوارع المدينة شبان عملوا على قطع الطرقات الداخلية، كما قطعوا الطريق البحرية بين طرابلس والقلمون، في محلة البالما حيث سجل اشتباك بين المتظاهرين وقوى الجيش أثناء محاولتها فتح الطريق. وأفيد أيضاً عن قطع الأوتوستراد الساحلي في السعديات والدامور وخلدة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *