الرئيسية / سياسة / “النهار”: الخطة “ب”: تكليف و”قمع” الانتفاضة
النهار

“النهار”: الخطة “ب”: تكليف و”قمع” الانتفاضة

كتبت صحيفة “النهار” تقول: يبدو ان العهد انتقل الى الخطة “ب”، الى المواجهة. كل المؤشرات تشي بذلك. حكومة مواجهة تستبعد ما كان يعرف بفريق 14 اذار بعد اعتكاف الرئيس سعد الحريري عن ترؤس حكومة مسبقة الشروط والتركيبة ، وذهاب “تيار المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية” والكتائب اللبنانية كل في طريق مختلف عن الاخر، لتتحقق ارادة الوزير جبران باسيل بأن اصرار الحريري على اخراجه من الحكومة، لن يمر من دون اخراج الاخير من السرايا الحكومية. لذا كان الحصار الذي استمد دعماً خارجياً من خلال تواصل الوزير باسيل مع دولة قطر في محاولة لتوفير غطاء لمرشح بديل يحظى بالدعم المالي ايضا لانطلاق حكومته، وجرى بحث في اسم النائب فؤاد مخزومي، الذي جبه برفض “حزب الله” له.

واذا كان الخيار وقع أخيراً على اسم الوزير السابق حسان دياب، فان الاخير وضع في خانة “حزب الله” مباشرة بما يوحي ان البلاد ذاهبة الى حكومة مواجهة، خصوصاً ان الحزب الذي يمتنع غالباً عن تسمية رئيس للوزراء خلال الاستشارات، سمى دياب بما بدا دعما كاملا له. وأكد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد التعاون “بشكل كامل معه”. وهوما أشارت اليه مؤسسات اعلام عالمية منها “وكالة الصحافة الفرنسية” ومحطة “سي ان ان” ، اما صحيفة “الفيغارو” الفرنسية فاوردت ان لبنان سمى رئيساً مدعوماً من “حزب الله”. والى هذا التوصيف، ضعف الغطاء السني الذي لم يتوافر له الا من نواب “اللقاء التشاوري” السني الذي يدور في فلك الحزب، اضافة الى النائب قاسم هاشم من كتلة “التنمية والتحرير” لتسقط مقولة “الميثاقية” التي كان أطراف عدة أصروّا عليها في الاسابيع الاخيرة قبل ان يسقطوها من حساباتهم. كما بدا لافتا ان الرئيس نجيب ميقاتي الذي ادخل دياب الى الحلبة الحكومية عام 2011، لم يسمه امس كما سافر بعد الاستشارات ما يعني عدم استقباله الرئيس المكلف وفق التقليد القاضي بان يجول المكلف على من سبقه في الموقع.

وقد أكد الرئيس المكلف، الذي استقبل بتظاهرات حاصرت منزله وبقرع على الطناجر من اهالي الحي، عدم مضيه بـ”حكومة مواجهة”، وصرح بعد تكليفه: “سوف أعمل جاهدا لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، من خلال التشاور مع رؤساء الحكومات السابقين الذين سأستفيد من آرائهم ونصائحهم ومع الكتل النيابية وسائر النواب. سأتوسع في المشاورات التي سأجريها لتشمل القوى والأحزاب السياسية، وأيضا الحراك الشعبي. سأستمع لكل الآراء لكي ننطلق بحكومة فاعلة تستند إلى إرادة شعبية”.

وقال: “إن المرحلة دقيقة جداً وحساسة، وتتطلب جهداً استثنائياً وتضافر جميع القوى السياسية، في الحكومة وخارجها، فنحن نواجه أزمة وطنية لا تسمح بترف المعارك السياسية والشخصية، وإنما تحتاج إلى وحدة وطنية تحصن البلد وتعطي دفعا لعملية الإنقاذ التي يجب أن تكون أولوية في حسابات الجميع، بهدف الخروج من حالة الشك التي وصلنا إليها، إلى حالة اليقين واستعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، عبر إعطائهم الثقة بمستقبل واعد”.

وأضاف: “إنني ومن موقعي كمستقل، أتوجه اليكم بصدق وشفافية، أنتم الذين عبرتم عن غضبكم ووجعكم، لأؤكد أن انتفاضتكم أعادت تصويب الحياة السياسية في لبنان، وأنكم تنبضون بالحياة ولا تستسلمون لليأس، وأنكم أنتم مصدر السلطات فعلاً لا قولاً. على مدى 64 يوماً، استمعت إلى أصواتكم التي تعبر عن وجع مزمن، وغضب من الحالة التي وصلنا إليها، وخصوصا من استفحال الفساد. وكنت أشعر بأن انتفاضتكم تمثلني كما تمثل كل الذين يرغبون بقيام دولة حقيقية في لبنان، دولة العدالة والقانون الذي يطبق على الجميع. هذه الأصوات يجب أن تبقى جرس إنذار بأن اللبنانيين لن يسمحوا بعد اليوم بالعودة إلى ما قبل 17 تشرين الأول، وأن الدولة هي ملك الشعب، وأن بناء المستقبل لا يكون إلا بالتفاعل مع مطالب الشعب”.

الانتفاضة
لكن الشارع المنتفض لم يتلق، الرسائل الايجابية لدياب، اذ اشتعلت الساحات في غير منطقة، فاقفلت الطرق في الشوارع البيروتية من قصقص الى البربير الى كورنيش المزرعة والمدينة الرياضية وفردان، وفي ضهر البيدر وقرى بقاعية، وحصل اشكال واطلاق نار في بعلبك، كذلك في الشمال حيث احرقت اطارات وحصل اطلاق نار ورمي قنابل صوتية في طرابلس، وقطعت طرق العبودية والكورة وكفرحزير، مع دعوات الى اعلان اضراب عام في طرابلس والشمال واقفال جميع المدارس والجامعات الرسمية والخاصة اليوم. كذلك اقفلت الطرق في الجية والناعمة وصيدا. واتخذت التحركات طابعاً سنياً في عدد من المناطق التي اعتبرت ان الرئيس المكلف لا يمثل الوجدان السني وانه فرض فرضا على الطائفة.

من جهة أخرى، اصدرت قوى الثورة بيانا مما جاء فيه:

“بعد 64 يوماً على الثورة، وفي ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد القلق عند الناس، تردّ قوى المنظومة بتكليف غير مطابق لكل ما طلبته ساحات الثوار وما يتطلبه الوضع للخروج من الازمة. فهذا التكليف يعاكس ارادة الناس الذين طالبوا بحكومة مستقلة من خارج قوى المنظومة ومن غير المرتبطين بها، والذين رفضوا ويرفضون النهج السابق من التكليف المبني على الحسابات السياسية التي تحاول استعادة مشاهد الانقسام بين 8 و14 اذار، النهج ذاته الذي شكلت من خلاله كل الحكومات المتعاقبة بعيداً عن أي بحث في برامج وخطط جدية لتجنيب الناس اعباء الأزمة الاقتصادية المالية.

لا عودة الى ما قبل 17 تشرين الاول 2019. الثورة مستمرة حتى تحقيق المطالب بحكومة مستقلة تماماً ومنحازة للناس ببرنامج انقاذي يوزع اثمان وتكاليف الازمة بشكل عادل، حكومة تعمل على اجراء انتخابات مبكرة وفق قانون يضمن صحة التمثيل”.

وقالت مصادر مطلعة لـ”النهار” إن السلطة خططت لقمع الانتفاضة أو تلطيفها منذ عشية الاستشارات بدليل الخطة الامنية المتشددة التي اعتمدت ليل الاربعاء – الخميس بحواجز تفتيش اقامها الجيش اللبناني. وأضافت المصادر ان قوى السلطة وتحديداً “حزب الله”، بعدما قررت الذهاب الى المواجهة، اتخذت قراراً بـ”تلطيف” الانتفاضة من دون تصفيتها لعدم التصادم مع المجتمع الدولي الذي يؤيدها، لكن الخطة تقضي بمحاصرتها وابقائها في عدد من الساحات المقفلة والمحاطة بجدران عزل ووضعها تحت المراقبة بحجة الحماية، فيقتصر نشاطها على حلقات بحثية ومحاضرات وندوات، بحيث تُدفع الى تصفية ذاتية بعد حين، ما يعتبر انتصاراً على مخطط اميركي لاثارة الفوضى عبرها. وأكدت هذه المصادر ان قوى السلطة لا تزال تنظر الى الانتفاضة بعين الريبة كأنها حراك أميركي غربي ولا تريد الاعتراف بانها ثورة نابعة من وجع الناس. وفي رأيها ان الاعتداء على المتظاهرين في غير منطقة واحراق الخيم واشجار الميلاد انما تصب في هذه الخطة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *