الرئيسية / سياسة / “النهار”: أيام حاسمة للموازنة والحريري يعطّل الألغام
flag-big

“النهار”: أيام حاسمة للموازنة والحريري يعطّل الألغام

كتبت صحيفة “النهار” تقول: غداة كارثة الحرائق التي اجتاحت مناطق واسعة من لبنان، بدا لافتاً أن تصاعد تداعيات الاجتياح الناري الذي خلّف مشهداً مرعباً من المساحات الحرجية المتفحمة في طول البلاد وعرضها، كانت تسابقها الشكوك بل المخاوف من الواقع الحكومي الذي نشأ عن اصطدام مجلس الوزراء قبل يومين بعقبات مفاجئة ومفتعلة فرملت إنجاز إقرار موازنة سنة 2020 قبل نهاية المهلة الدستورية في 22 تشرين الأول الجاري.

ووسط تصاعد الأصوات النيابية من اتجاهات مختلفة بوجوب فتح تحقيق في ملابسات محتملة للحرائق أو في جوانب التقصير الرسمي المتصل بعدم التحسّب لموسم حرائق الغابات ومنها موضوع إهمال الصيانة لطائرات “سيكورسكي” التي استقدمت قبل سنوات ولم تجر صيانتها، طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من السفير الفرنسي برونو فوشيه مساعدة فنية للتحقيق في أسباب اشتعال الحرائق في الأحراج اللبنانية، في كتاب وجهه إليه أمس، بينما انحسرت الحرائق الكبيرة وواصلت فرق الاطفاء في الدفاع المدني معززة بوحدات من الجيش والأجهزة المعنية، مطاردة الحرائق التي تجددت وإن بشكل محدود، في كفرمتى ودقون وقرنة الحمرا والزيرة والمطيلب وبعورتا ومزرعة الضهر ومزمورة وبكيفا، حيث استعين بطوافات عسكرية. وأعلنت غرفة العمليات المركزية أنها “مستمرة في الإنعقاد لغاية الانتهاء من العمليات الميدانية لمكافحة الحرائق، ومواكبة تطورات الطقس في الأيام المقبلة لمراقبة الحرائق وتأمين الاستجابة السريعة للحد من الخسائر في الغطاء الحرجي والأراضي الزراعية والممتلكات”.

وواكب رئيس الجمهورية ميشال عون التطورات المتعلقة بالحرائق، وتلقى تقارير عن أوضاع القرى والبلدات التي استهدفتها، والاجراءات التي اتخذت لمساعدة العائلات التي اضطرت الى ترك منازلها. كما اطلع على معلومات أولية عن الأضرار التي خلّفتها النار وتفاصيل عمليات مكافحتها وتبريد الأراضي في المناطق المحترقة. وتردّدت أصداء كارثة الحرائق في أروقة مجلس النواب، عبر جلسات طارئة للجان لتحديد المسؤوليات ومواقف سياسية تطالب بمحاسبة المقصرين أو لاطلاق مبادرات لدعم المتضررين.

وناقشت اللجنة النيابية للاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في جلسة طارئة برئاسة النائب نزيه نجم “مراجعة المعطيات ومحاسبة من تقاعس”، خصوصاً في ما يتصل طوافات “سيكورسكي” التي “تبيّن إنها لا تعمل لأسباب يجب أن تتوضح”. وطالبت بـ”فتح تحقيق شفاف يجيب عن تساؤلات عدة”.

كذلك انعقدت لجنة البيئة برئاسة النائب مروان حماده وتطرقت الى موضوع الدفاع المدني وضرورة تطبيق القانون الذي صدر في موضوع التثبيت وتخصيص الموازنة في هذا الشأن وقرّرت تشكيل لجنة متابعة طارئة وتناولت موضوع الطوافات و”التحقيق جار حول قضية هذه الطائرات”.

واقترح رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل تشكيل لجنة تحقيق نيابية في موضوع عدم صيانة طائرات إطفاء الحرائق، “وايلاءها بعض سلطات قضاة التحقيق، وفقا لأحكام القانون تمهيداً لعرض الاقتراح على الهيئة العامة لمجلس النواب”.

وأعلن رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض والنائب فريد البستاني عن سلسلة مبادرات لتعويض الخسائر التي سببتها الحرائق.

الحريري واستحقاق الموازنة
في غضون ذلك، اتخذت مناقشات مجلس الوزراء لمشروع الموازنة أبعاداً “مصيرية” في الساعات الأخيرة في ظل الوقائع والمعطيات التي تحكم هذا الاستحقاق لجهة ضرورة انجاز الموازنة قبل 22 تشرين الأول من جهة وحتمية تضمين الموازنة توجهات وقرارات إصلاحية من جهة أخرى تحت وطأة نشوء تداعيات بالغة الخطورة في حال استنزاف مزيد من الوقت وتجاوز المهلة الدستورية الأمر الذي سيدخل البلاد في متاهة شديدة الغموض والسلبية. وبدا من المعطيات التي توافرت لدى “النهار” أن رئيس الوزراء سعد الحريري لم يكتم القوى السياسية المشاركة في الحكومة الخطورة التي ستنجم عن عودة الزج بالعقبات والعثرات في وجه انجاز الموازنة في الايام القليلة المتبقية قبل نهاية المهلة، خصوصاً بعدما عمد الى رفع الجلسة مساء الاثنين الماضي لدى اصطدامه بمجموعة مواقف لقوى مختلفة رسمت أمامه لوحة قاتمة وقرر على أثرها وضع الجميع أمام مسؤولياتهم الحاسمة بالتزام ما سبق التوافق عليه أن في مجلس الوزراء أو في لجنة الاصلاحات المالية والاقتصادية. هذا التغيير في مواقف القوى استوجب لقاء الرئيس الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري وأبلغ رئيس رئيس المجلس أن الامور لا يمكن أن تعود الى الوراء على قاعدة أن التفريط بإقرار الموازنة كما إقرار الاصلاحات يمكن أن يرتّب تبعات خطيرة على لبنان.

ويبدو أن الرهان معقود على امكان الاتفاق على الموازنة والاصلاحات هذا الأسبوع، بعدما خشي متصلون برئيس الوزراء أن يتجه الى تحميل الجميع مسؤولياتهم الأسبوع المقبل أياً يكن ما يمكن تسمية ذلك أو أي خطوة قد يتخذها شخصيا لأنه، فيما يحذر الجميع من الوضع المالي الخطير، يجري كل فريق حساباته الخاصة المباشرة كي لا يخسر من شعبيته أو مناصريه متناسين أن ما قد يذهب اليه البلد في حال عدم الموافقة على الاجراءات المؤلمة الى حد ما قد يذهب به الى مكان آخر أكثر خطورة. وهذه التطورات وضعت لبنان أمام احتمالين يفترض أن جميع الافرقاء يدركون طبيعتهما وهما الذهاب الى إنجاز ما هو مطلوب من صلاحات في ظل اقتناع رسمي حكومي بأن إنقاذ الوضع لا يزال ممكنا بعيدا من مجرد شراء الوقت حتى تتضح معالم المنطقة، أو وصول لبنان الى الخيارات الصعبة التي قد لا يود أهل السلطة تحديدها.

وبدا واضحاً أن هذه الاجواء انعكست حلحلة للأجواء المشدودة وتلييناً للتعقيدات، اذ اتسمت جلسة مجلس الوزراء مساء أمس في السرايا برئاسة الرئيس الحريري بدفع واضح نحو استكمال إنجاز الموازنة اليوم وغداً بعدما تم إقرار بنود مهمة وبارزة بعضها يتصل بجوانب اصلاحية. وافادت مصادر وزارية أن مجلس الوزراء سيعقد جلستين اليوم وغداً لاستكمال مناقشة الموازنة، وأن البحث يتركز على البنود الضريبية والحسومات التقاعدية الواردة في ورقتي رئيس الوزراء و”التيار الوطني الحر”.

وأوضحت أن ثمة توجهاً لإقرار الموازنة خلال المهلة الدستورية، أي قبل 22 تشرين الأول، وبعض المواد الاصلاحية ستكون منفصلة عن مشروع الموازنة وستحال بمشاريع قوانين.

أما الإصلاحات التي أقرت امس، فوصفها وزير الاعلام جمال الجراح بأنها “مهمة جداً، فقد صدر قرار عن وزير المال برفع الرسوم على التبغ والتنباك المستورد والمنتج محلياً، كما تمت الموافقة على تركيب ماسحات ضوئية على الحدود لضبط التهريب، والطلب من جميع المؤسسات والمرافق العامة عدم القيام بأي إنفاق استثماري إضافي إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، وتحويل الفائض في هذه المؤسسات شهرياً إلى الخزينة اللبنانية، على أن تكون مدة هذا القرار سنة، وستصدر عن مجلس الوزراء تسمية بهذه المؤسسات والهيئات. كما أقر مجلس الوزراء مبدأ تشركة المرفأ، إضافة إلى مؤسسات أخرى ستصدر فيها لائحة. وتأجل البحث في موضوع الكهرباء بسبب غياب الوزيرة المعنية. كذلك أقر إلغاء ودمج بعض المؤسسات والمرافق العامة التي لا لزوم لها ويمكن الاستغناء عنها أو ضمها إلى وزارات أخرى كمؤسسة ضمان الاستثمارات وضمان الودائع والمؤسسة العامة للزراعات البديلة وغيرها. كذلك تم تكليف وزير المال إجراء جردة بعقارات الدولة تمهيدا لاتخاذ قرار حول الاستفادة منها. كما أقر قانون برنامج على ثلاث سنوات بقيمة 470 مليار ليرة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية التي أقرت في مجلس النواب والبالغة قميتها 3,3 مليارات دولار. وهذا سيشكل دفعاً مهماً جداً للاقتصاد، حين يتم ضخ مشاريع بـ3,3 مليارات التي تم توزيع لائحة بها دولار في الاقتصاد اللبناني. وهناك مشاريع ستتم دراستها غداً وتقرير أولوياتها والبدء بتنفيذها، لأن هناك 1,2 مليار دولار جاهزة للإنفاق حسب أولويات المشاريع وأهميتها. كما كُلف وزيرا العمل وشؤون مجلس النواب متابعة القانون المعروف بضمان الشيخوخة وطُلب من الوزراء تقديم اقتراحات في شأن مسودة الدراسة المقدمة من البنك الدولي حول الإصلاحات. وكذلك تقرر إعطاء 5% دعم للمصانع على الصادرات الإضافية. وهناك بحث أيضاً في موضوع الزراعة والأمور الأخرى. وتم الاتفاق على تحويل خطة ماكينزي إلى اللجنة الاقتصادية لدراستها. وأرجئ البحث في تحديد الضريبة على القيمة المضافة الى اليوم”.

وفي موضوع الحرائق شكر الرئيس الحريري ومجلس الوزراء الدول التي ساعدت لبنان وفي مقدمها: اليونان وقبرص والأردن وقطر والسعودية ومصر وإيطاليا. وكلفت الهيئة العليا للإغاثة القيام بالإحصاءات اللازمة لتحديد الأضرار، كما فتحت وزارة العدل تحقيقاً في سبب هذه الحرائق. وقد طُلب من وزارتي الداخلية والدفاع تقديم تقرير إلى مجلس الوزراء عن أسباب الحرائق، والعقبات التي واجهتهما والخطوات التي يجب على مجلس الوزراء اتخاذها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *