الرئيسية / أخبار مميزة / الجراح مثل الحريري في لقاء لليونسكو في يوم حرية الصحافة:المضللون كثر ووحدتنا الداخلية الضمان الأبقى للحفاظ على السلم الأهلي والحرية
الجراح

الجراح مثل الحريري في لقاء لليونسكو في يوم حرية الصحافة:المضللون كثر ووحدتنا الداخلية الضمان الأبقى للحفاظ على السلم الأهلي والحرية

نظم المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في بيروت بالشراكة مع وزارة الإعلام، وبالتعاون مع كل من مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت، ومؤسسة Justicia للتنمية وحقوق الإنسان، ومنظمة إعلام للسلام (ماب)، لقاء لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي تحتفل به الأمم المتحدة في الثالث من أيار من كل عام، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي مثله وزير الإعلام جمال الجراح.

وحمل المؤتمر عنوان “الإعلام والديمقراطية – الصحافة والانتخابات في أوقات التضليل الإعلامي”، وحضره المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني، مدير مكتب اليونسكو في بيروت حمد الهمامي، النائب جورج عقيص، نقيب المحررين جوزف القصيفي، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان وعدد من السفراء، وممثلون عن وكالات الأمم المتحدة في لبنان ونخبة من الإعلاميين والأكاديميين والناشطين الاجتماعيين.

الجراح
وقال الجراح في كلمته: “إن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو تحرص في مثل هذا اليوم، جريا على عادتها ككل سنة، منذ إعتماد إعلان ويندهوك عام 1991، على تذكيرنا بالمبادىء التي ترعى حرية الصحافة، وهي مبادىء يسعى لبنان إلى تطبيقها، نصا وروحا، من خلال الممارسة التلقائية لمفهوم الحرية، خصوصا أن الدستور اللبناني كفل في مادته الثالثة عشرة “حرية إبداء الرأي قولا وكتابة، وحرية الطباعة، وحرية الاجتماع، وحرية تأليف الجمعيات”.

وأضاف: “إن حق حرية التعبير هو حق لكل إنسان في أن يعبر عن رأيه بكل موضوع، وفي كل وقت، وفي كل مكان وبكل وسيلة، وقد أصبح ذلك متوافرا للجميع من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، وما تتيحه من مساحة واسعة لكي يعبر كل شخص عن آرائه، من دون أن يضطر للجوء إلى وسائل الإعلام التقليدية التي لا تزال تحافظ على خصوصيتها، مع تسجيل بعض الملاحظات على عدم تقيد هذه المواقع بالضوابط التي تضعها وسائل الإعلام على نفسها، وهذا ما درج على تسميته الرقابة الذاتية، مع ما تفرضه على كل إعلامي مسؤول عن كل كلمة يكتبها أو عن كل خبر أو معلومة ينشرهما من التزامات مهنية وأخلاقية. كما أن لحرية التعبير وجها آخر أيضا، هو حق الناس في المعرفة، وفي الاستماع إلى مختلف الآراء، في عملية تبادلية لوجهات النظر وللأفكار المتنوعة، التي تتيح فرصة التنافس البناء والإيجابي في ما بينها. ونستطيع القول إنه من خلال هذه المنافسة الشريفة بين المتخاصمين لا بد أن تظهر الحقيقة، التي ستوصل حتما إلى ممارسة الديمقراطية في شكلها السليم، ومن بينها تطبيق مبدأ تداول السلطة عبر العمليات الإنتخابية، التي هي أرقى وجوه ممارسة الديمقراطية”.

وتابع: “ليس خافيا أن حرية التعبير تمكن أيضا من كشف المشاكل التي تعانيها مكونات معينة في المجتمع، وهذا الأمر غالبا ما يؤدي إلى تنفيس هذه المكونات عن ضائقتها وتخفيف ميلها للجوء إلى العنف، وهكذا يمكننا المحافظة على الاستقرار الاجتماعي. صحيح أن حرية التعبير قيمة مركزية للإنسان والمجتمع، غير أنها ليست الوحيدة، لأن حرية التعبير هي حق نسبي وغير مطلق، إذ إن ثمة قيما إضافية مركزية ومهمة مثل كرامة الإنسان وحريته، سلامة الجمهور، والحق في الخصوصية وأمن الدولة والإستقرار العام تتقدم في بعض الأحيان أو تسير مع هذه الحرية في شكل متواز”.

ولفت الى أن “حرية التعبير قد تتضارب مع حقوق أخرى، الأمر الذي يستوجب التعامل مع الوقائع بحكمة وعقلانية لمعرفة كيفية الحفاظ على التوازن بين هذه الحرية وبقية القيم في المجتمع الديمقراطي”. وسأل: “متى يكون تقييد حرية التعبير مبررا؟ الجواب البديهي والطبيعي، وإن كنت ميالا إلى أن تكون الحرية مطلقة، يكون من خلال التقيد الظرفي لطريقة التعبير وليس لمضمونه، عندما يمنع المتظاهرون من التظاهر والتعبير عن رأيهم لكونهم يقطعون الطرقات ويعرقلون حركة السير، لا يكون لهذا التقيد أي علاقة له بالمضمون الذي يعبر عنه المتظاهرون، بل لطريقة تعبيرهم ومسهم بحقوق أخرى كحرية حركة الناس، مع أن الدستور كفل أيضا حرية التظاهر، ولكن من ضمن شروط محددة وضوابط تحول دون تحول التضاهرات إلى نوع من أنواع الفوضى وتهديد السلم الأهلي. أما عندما تصبح حرية التعبير وسيلة من وسائل المس بقيم أخرى مهمة في الدولة الديمقراطية، كسلامة الناس وأمن الدولة، فعندها يكون التقييد حتى في المضمون مبررا إلى حدود معينة، وذلك من ضمن ما تفرضه القوانين والأنظمة التي ترعى علاقة الفرد بالجماعة، إذ إن الحرية الشخصية تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. ففي حال وجود دليل قاطع على أن ثمة مسا بسلامة الناس وأمن الدولة فإن اللجوء إلى القضاء هو الوسيلة الفضلى من أجل الحفاظ على التوازن ما بين السلامة العامة وحرية التعبير. وهذا الأمر يقودنا طوعا إلى تشجيع الإعلاميين على تبني مواثيق شرف إعلامية تضمن حقوقهم من جهة وتلزمهم بواجبات أخلاقية من جهة أخرى، خصوصا عندما تتشابك المصالح وتختلط المعلومة بالرأي وضروة التأكد من صحة المعلومة قبل نشرها”.

وتوقف الجراح عند “دور الصحافة في أوقات التضليل الإعلامي”، لافتا الى أن “ما نشهده في أيامنا هذه عبر مواقع التواصل الإجتماعي يتخطى في كثير من الأحيان القواعد والمعايير التي يفرضها الإعلاميون المحترفون على أنفسهم قبل نشر أي معلومة قد يؤدي نشرها بهدف تحقيق سبق صحافي إلى حالة من البلبلة والفوضى وإثارة الذعر بين الناس، لكون هذه المعلومة غير المؤكدة تدخل في سياق الشائعات، التي غالبا ما يكون وراءها أهداف خفية لبعض الذين يتربصون بلبنان شرا، من خارج الحدود ومن الداخل، عبر ما يعرف بالخلايا النائمة، مستغلين جو الحرية الذي يعيشه لبنان، لكن القوى الأمنية الساهرة على الأمن تقف لهم بالمرصاد، وهذا ما يدعو إلى الاطمئنان”.

وختم: “المضللون والمضللون كثر، وهم يتحينون الفرص لتنفيذ مآربهم عبر ذر الرماد في العيون، وهذا الأمر يدعونا إلى مضاعفة الجهود للحؤول دون تمكينهم من تحقيق غاياتهم عبر وحدتنا الداخلية، التي تظل الضمان الأبقى للحفاظ على السلم الأهلي والحرية التي ينعم بها لبنان.
أخيرا وليس آخرا، لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو على ما تقوم به من جهود مساهمة منها في تعميم المفاهيم المشتركة لقيم حرية التعبير وما يتفرع منها من قيم تبقى الأساس في حياة الشعوب والأمم”.

لازاريني
من ناحيته، بدأ لازاريني كلمته بالإشارة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مسلطا الضوء على حق كل فرد في حرية الرأي والتعبير “من دون أي تدخل خارجي”. وأكد أهمية هذه الحقوق “إلى جانب إجراء انتخابات حرة ونزيهة لتحقيق ديمقراطيات حقيقية ومستقرة”. وشدد على أن “ضمان الوصول إلى المعلومات غير المقيد والمفتوح هو أساسي في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة”.

وقال: “إن الأمم المتحدة تولي أهمية كبيرة للعلاقة بين وسائل الإعلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحديدا الهدف 16 الذي يرمي إلى ضمان وصول الجمهور إلى المعلومات كما حماية الحريات الأساسية وفقا للتشريعات الوطنية والاتفاقات الدولية”.

وختم كلمته مؤكدا “التزام الأمم المتحدة الطويل الأمد حرية الصحافة من خلال الدعم المستمر للتشريعات، والتعليم، والبحث والتدريبات في جميع أنحاء البلاد”.

الهمامي
من ناحيته، قال الهمامي إن “حرية التعبير هي حق أساسي من حقوق الإنسان تقوم عليه جميع الحريات المدنية”. وأكد “دور اليونسكو في حماية وتعزيز حرية التعبير عبر الوسائل التقليدية ووسائل شبكة الإنترنت”. وأضاف: “لقد أحدثت التحولات على الصعيد السياسي، التكنولوجي، والاقتصادي في العالم، ولاسيما في المنطقة العربية، ضغوطا جديدة على حرية الصحافة. وشهدت بعض المناطق تشديدا في الجهود التي تبذلها الجهات الفاعلة الحكومية للحد من حرية التعبير، وذلك بوضع تشريعات تقييدية وفرض الرقابة. وفي ظل هذه الظروف، لا بد من التركيز على توفير وسائل إعلام حرة ومستقلة وتعددية، تتمتع بالصحافة المهنية التي تمارس بدون أي خوف من الاعتداء، وتستطيع أن تشارك بشكل فعال في صنع ديمقراطية واعية”.

جلسات العمل
تلا الافتتاح جلسات عمل ركز فيها المشاركون على مسائل ذات الصلة بموضوع هذا العام، حيث تناولت الجلسة الأولى مسألة “حدود حرية التعبير” تحدث عنها كل من النائب القاضي جورج عقيص، وأمين صندوق نقابة المحررين ومقرر لجنة الحريات في الإتحاد العام للصحافيين العرب علي يوسف، والإعلامي بسام أبو زيد. وأدارت الجلسة الإعلامية نجاة شرف الدين.

واعتبر عقيص ان “للنظام الديمقراطي 3 عناوين اساسية هي تداول السلطة، حرية التعبير والقضاء المستقل. واذا انتفى احد هذه الاركان تغيب الديمقراطية الحقيقية”. واشار الى ان “الانطباع المشترك حول التجربة الانتخابية الاخيرة سلبي، لأن الاعلام لم يلعب الدور الذي كان مطلوبا منه.
وتحدث عن دور هيئة الاشراف على الانتخابات الرقابية والتي لم يحظ اعضاؤها بأي دعم، مشيرا الى أنها “النقطة الاساسية التي يجب التركيز عليها وتحسينها للانتخابات المقبلة بهدف تفعيل دور هذه الهيئة”.

ورأى أن “العلاقة بين الاعلام والرأي العام ملتبسة على الدوام، ما يخلق آراء عامة لبنانية وليس رأيا عاما بسبب التعدد الطائفي والحزبي”، معتبرا أن “على الاعلام الرصين والحر ان يخلق مساحة مشتركة بين هذه الآراء للبناء عليها”.

وأكد أنه مع مبدأ الحرية الاعلامية، سائلا: “من يحدد حرية الفرد وحرية الشخص الآخر؟. لم يخبرنا أحد عن حدود هذه الحرية، لذا أرى أن علينا أن نخرج من هذه المقولة ونبني معايير في هذا المجال”.

وكشف عقيص عن بشرى سارة، فقد تقدم لبنان من المرتبة 92 الى المرتبة 89 من أصل 122 دولة في مؤشر سيادة القانون وفق “مشروع العدالة العالمي”، لافتا الى أن “لبنان في طليعة دول شرق الاوسط وشمال افريقيا في هذا المؤشر”. وقال: “يمكننا أن نكون في طليعة أمر ما، لذا يجب ألا نتشاءم دائما ولا نعتبر اننا شعب فاشل ونظام فاشل، بل يجب ان نبني على هذا الواقع”.

واعتبر أنه “بالاضافة الى حرية التعبير المصونة في لبنان، سبب هذا التقدم هو الجهد الذي بدأ عام 2017 مع إصدار قانون حق الوصول الى المعلومات وعدد من القوانين الاصلاحية”، موضحا أن “قانون حق الوصول الى المعلومات تأسيسي، وإذا صدرت المراسيم التشكيلية له يمكن ان يشكل نقلة نوعية في تكوين الرأي العام”.

وتطرق الى قانون الاعلام الذي يدرس في لجنة الادارة والعدل، “وهو بات في طور وضع اللمسات الاخيرة له”، شارحا اقتراح قانونين مترابطين تقدم بهما منذ 8 أشهر، الاول لتعديل قانون العقوبات وادخال النشر الالكتروني في عداد وسائل النشر التي يعاقب عليها القانون. أما الثاني فلتعديل قانون المطبوعات النافذ حاليا من خلال منع التوقيف الاحتياطي لمن يعبر عن رأيه وزيادة الغرامات في حال ثبوت القدح والذم”.

وشدد على “ضرورة الانتهاء من المنظومة العقابية الجزائية في جرائم المطبوعات لتتحول الى محاكم مدنية سريعة وفعالة تضم اشخاصا مهنيين”.

وختم عقيص بالتوقف عند “حلول أبرزها انتشار مراكز تدريب اعلامي وتعزيز دور المجلس الوطني للاعلام الذي لم يتسن له ان يلعب دوره، وتعزيز دور هيئة الرقابة على الانتخابات لان الاعلام في الانتخابات الاخيرة كان مقودا للديقراطية وباتت الوسائل الاعلامية تنتظر الانتخابات للحصول على التمويل”.

أما الجلسة الثانية فتمحورت حول “إمكانات وسائل الإعلام للمساهمة في ثقافة السلام المستدام والديمقراطية”، وتكلم فيها كل من الإعلامي عباس ضاهر، والأستاذ الجامعي في الإعلام ابراهيم داوود، والمراسلة غيدا جبيلي. وأدارت الجلسة الإعلامية فانيسا باسيل.

وتناولت الجلسة الثالثة “الإعلام والإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي” وتحدث فيها رئيس مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية والملكية الفكرية المقدم ألبير خوري، وعضو لجنة تكنولوجيا المعلومات في نقابة المحامين المحامية ديانا رحيم، وعضو منظمة سمكس عبد قطايا. وأدارت الجلسة ندى حمزة.

أما الجلسة الختامية فتناولت الخطوات المستقبلية وتحدث فيها رئيس مؤسسة جوستيسيا بول مرقص، ومسؤول برنامج الإتصال والمعلومات في مكتب اليونسكو في بيروت جورج عواد.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *