الرئيسية / صحف ومقالات / البناء : الموازنة للإنجاز حكوميّاً على طريق ‏الماراتون النيابيّ … ورعد: لا تبشّر ‏بالخير / مبادرة كويتيّة تكسر الجليد… ‏وترفع السقوف لحدّ المستحيل / الحريريّ ‏أتمّ جولته ويعلن اليوم انسحابه وتياره من ‏الانتخابات‎ /‎
flag-big

البناء : الموازنة للإنجاز حكوميّاً على طريق ‏الماراتون النيابيّ … ورعد: لا تبشّر ‏بالخير / مبادرة كويتيّة تكسر الجليد… ‏وترفع السقوف لحدّ المستحيل / الحريريّ ‏أتمّ جولته ويعلن اليوم انسحابه وتياره من ‏الانتخابات‎ /‎

يستعجل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن تنجز الحكومة مشروع الموازنة وتقرّه بأسرع وقت ‏وأقل نقاش ممكنين، ساعياً لإنجاز توافق مع الكتل النيابية المشاركة في الحكومة على نقل ‏ملاحظاتها الى ممثليها في مجلس النواب داخل اللجان النيابية والهيئة العامة، لإدخال ‏التعديلات وإبداء الملاحظات. وحجّة الرئيس ميقاتي في طلبه أن إقرار مشروع الموازنة في ‏الحكومة يتيح انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، على أن يتم الأخذ لاحقاً ‏بالتعديلات التي يدخلها عليها مجلس النواب، حيث يتوقع أن يكون المسار النيابيّ للموازنة ‏ماراتوناً متعرجاً طويلاً، في ظل شبه إجماع تعكسه تصريحات ومواقف لرموز الكتل النيابية، ‏على رفض الموازنة، التي وصفها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بأنها وفقاً ‏للقراءة الأولى لبعض أرقامها لا تبشر بالخير. كما سجل نواب من كتل عديدة ملاحظات ‏مختلفة، تركزت في أغلبها على غياب ملامح أية خطة نهوض اقتصادي وتطوير مالي عن ‏الموازنة، وغياب أجوبة على الأسئلة المالية الكبرى، كمصير الدين العام، والودائع، وسعر ‏الصرف، واقتصارها على زيادات ضريبية تعادل عشر مرات، من خلال إسقاطها على اقتصاد ‏منكمش مرتين ونصف ناقص، وزيادتها أربع مرات، بالتوازي مع منح الموظفين راتباً إضافياً ‏واحداً، بحيث يكون الحاصل هو نسبة واحد لخمسة في مستوى المعيشة، بين زيادات ‏الضرائب وزيادات الدخل، فيما الدخل نفسه لم يعد يوازي أكثر من نسبة 10% مما كان عليه ‏قبل الانهيار المالي‎.‎
سياسياً، جاءت زيارة وزير الخارجية الكويتي وما حمله مما وصفه بالأفكار الكويتية والخليجية ‏والعربية والدولية، لترتيب العلاقات اللبنانية الخليجية، لتكسر الجليد على هذا الصعيد بعد ‏جمود أعقب الاتصال الثلاثي الذي جمع الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي ورئيس ‏الحكومة على إعلان نيات تأتي الورقة كمحاولة أولى لترجمته بمسودة حوار. والترحيب الذي ‏لقيته الحركة الكويتية لم ينسحب على ما تضمّنته الأفكار المرفقة، والتي فيها ما لا جدال ‏حوله واستعداد لبرمجة تنفيذه كملف التهريب وملف الإصلاحات المالية، واستكمال تطبيق ‏اتفاق الطائف، وسواها من البنود المبدئيّة، بينما هناك شبه إجماع رئاسي على أن سقف ‏بعض البنود مرتفع لحد الاستحالة، خصوصاً الحديث عن القرار 1559 وما يقصد بالدعوة ‏لتطبيقه وبالدعوة الموازية لحصر  السلاح بيد الدولة، من إشارات لسلاح المقاومة. تعرف ‏الكويت ودول الخليج والعرب والعالم أنها دعوات تصلح كسقف مستقبليّ بعيد المدى يرتبط ‏بدور السلاح سواء في تحرير مزارع شبعا او ردع العدوان الإسرائيلي على لبنان، وصولاً لحل ‏قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين ومنع التوطين. وهي أهداف لا يملك الخليج والعرب ‏والعالم قدرة تقديم ضمانات للبنان لتحقيقها من دون سلاح المقاومة، ومثل قضية السلاح ‏قضية التعدد السياسي وحرية التعبير، حيث تتجاوز الأفكار المطروحة التعامل مع مواقف ‏الحكومة اللبنانيّة، الى الدعوة لتعقيم المجتمع اللبناني والإعلام اللبناني من أية مساحة ‏للحرية والتعدد، فيما الحكومة اللبنانيّة مستعدة للالتزام بضبط مفهوم الحرية والتعدد تحت ‏سقف القانون، لجهة عدم التعرّض لرموز الدول الشقيقة والصديقة، وملاحقة القضاء لكل ما ‏يطاله القانون تحت عنوان الإساءة لعلاقات لبنان الخارجية أو القدح والذم والتحريض على ‏الفتن. وقالت مصادر حكومية إن لبنان سيحمل للكويت حاصل المشاورات التي سيُجريها ‏الرؤساء وما يتبلور من خلاصات، عبر وزير خارجيته عبد الله بو حبيب، الذي سيزور الكويت ‏نهاية هذا الأسبوع‎.‎
في الشأن الداخلي والانتخابي تنتهي اليوم المهمة التي جاء الرئيس سعد الحريري لإنجازها، ‏بعدما أكمل مشاوراته مع قيادات ونواب تيار المستقبل والتقى رؤساء الحكومة السابقين ‏ودار الفتوى ونسق معهم المواقف، وتوج لقاءاته بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس ‏الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، ولم يعد خافياً أن الحريري لم يتأثر بكل ‏ما سمعه متمسكاً بالهدف الذي جاء من أجله وهو إعلان انسحابه وانسحاب تيار المستقبل من ‏المشهد الانتخابي، ما يؤكد أن القرار متخذ وأن المشاورات كانت من قبيل لزوم ما لا يلزم، وأن ‏زيارة بيروت كانت للتمهيد لإعلان القرار بالانسحاب، الذي ترى الكثير من المصادر السياسية ‏المعنية أنه انسحب من السياسة وليس من الانتخابات فقط. فيما رجحت هذه المصادر أن يتم ‏ربطه بتحميل عهد الرئيس ميشال عون وحزب الله مسؤولية إفشال مساعيه للتسويات، وعدم ‏التطرّق للضغوط السعودية التي يريد الحريري تفاديها ومراضاتها بالانسحاب وتبريراته ‏السياسية‎.‎
يتصدّر عنوانان بارزان النشاط السياسي والحكومي، اليوم الاثنين، الأول يتصل بجلسة مجلس ‏الوزراء التي ستعقد في قصر بعبدا والتي ستبدأ دراسة مشروع الموازنة الذي أعدته وزارة ‏المال والذي أثار بلبلة عند بعض القوى السياسية والاقتصادية ولدى الرأي العام ومجموعات ‏من الحراك. أما العنوان الثاني فيتعلق بالموقف الذي سيعلنه رئيس كتلة المستقبل سعد ‏الحريري الرابعة بعد الظهر من الانتخابات النيابية ومشاركة تياره في هذا الاستحقاق من ‏عدمها بعدما بات معلوماً أنه قرر العزوف شخصياً عن المشاركة في هذا الاستحقاق والابتعاد ‏لفترة‎.‎
ويبدأ مجلس الوزراء اليوم مناقشة مشروع موازنة العام 2022 ويأتي ذلك بالتزامن مع انطلاق ‏المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تمهيداً للتوصل إلى الاتفاق حول البرنامج الذي من ‏شأنه أن يساهم في إعادة إنعاش الاقتصاد‎.‎
‎ ‎ورأت مصادر نيابية لـ “البناء” ان المشروع يعاني من ثغرات تتصل بغياب أية رؤى اقتصادية ‏لخفض الدين العام الى الناتج المحلي. وتقول المصادر إن مشروع الموازنة الذي يلقي الضوء ‏على فرض الرسوم الجمركية والضرائب التي ستطال المواطن الفقير يغيب عنه تصحيح ‏الاجور والرواتب بالكامل. وهذا يعني أن وزارة المال اعدت موازنة تهدف بالدرجة الأولى إلى ‏زيادة الإيرادات عبر سلسلة ضرائب ستؤدي إلى التضخم. وتستغرب المصادر غياب أية بنود ‏تتّصل بإصلاح قطاع الكهرباء في حين تشير بنود الموازنة الى سلفة للكهرباء بقيمة 5250 ‏مليار ليرة لسداد عجز شراء المحروقات وسداد أقساط القروض والفوائد لصالحها‎.‎
وفي سياق متصل، تقول مصادر نيابية لـ “البناء” إن الموقف النهائي للكتل النيابية من ‏مشروع الموازنة سوف يتحدد في البرلمان، مرجحة أن تلجأ لجنة المال الى اضفاء بعض ‏التعديلات على بنود الموازنة تفضي إلى تحسين أوضاع القطاع العام، مشدّدة على أن ‏الأهمية تكمن في إقرار موازنة تحاكي الواقع الراهن على الصعد المالية والاجتماعية ‏والمعيشية والذي يتطلب دعم القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة، بعيداً عن فرض ‏ضرائب تفاقم أزمات الفقراء والموظفين الذين باتت رواتبهم بلا قيمة‎.‎
وليس بعيداً ترجّح بعض المعلومات، ان لا يمر البند 17 المعني بتعيين الهيئة الوطنية ‏لمكافحة الفساد وذلك لأن حزب الله وحركة امل لن يناقشا اي بند خارج العناوين التي أعلناها، ‏وبالتالي فإن ملف التعيينات خارج أولويات الثنائي في الوقت الراهن‎.‎
‎ ‎وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إن مشروع الموازنة لا يبشّر بخير ولا يجعلنا ‏نتجه لتنال الموازنة شرف موافقتنا عليها، فهي لا تنطوي على أي توازن ولا تعطي الناس ‏حقوقهم وتحملهم الأعباء بعد أن حملتهم الأزمة الكثير الكثير مما نهب من أموالهم وصودر ‏من ودائعهم وأهمله وأساء التصرّف به المسؤولون في بلادنا، والسماسرة في المصارف ‏وغير المصارف‎”.‎
‎ ‎وأضاف: “لا يجوز أن يتحمّل الفقراء والمساكين تبعات هذه الأزمة ونفرض عليهم الجبايات ‏والضرائب والرسوم المرتفعة، بحجة أننا نريد توازناً في الموازنة. فكروا في تحقيق التوازن. ‏نحن نريد أن تتوزع الأعباء بحسب قدرات الناس، فلا نحمل الفقراء كما الأغنياء‎”.‎
وحذّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من تمرير قرارات ماليّة في ‏الموازنة أشبه بسلسلة رتب ورواتب جديدة مقنّعة. وقال إنَّ فرضَ الضرائب والرسوم يَتمُّ في ‏مرحلةِ التعافي لا في مرحلةِ الانهيار، وفي طورِ النموِّ لا في طورِ الانكماش، ويَتمُّ في إطارِ ‏خُطّةِ إصلاحٍ شاملٍ، في ظلِّ سلطةٍ حرّةٍ تَحوز على ثقةِ شعبِها وثقةِ المجتمعَين العربيِّ ‏والدُولي. فالإصلاحُ الاقتصاديُّ يبدأ بإصلاحِ النهجِ السياسيِّ والوطنيِّ لا بتكبيدِ الشعبِ ضرائبَ ‏غُبّ الطَلب‎.‎
‎ ‎وفيما تتجه الانظار الى اطلالة الرئيس سعد الحريري اليوم عصراً، لإعلان سلسلة مواقف ‏تصب في إطار قرار ابتعاده عن الساحة السياسية موقتاً، ومن المشاركة في الاستحقاق ‏الانتخابي، جرت في الساعات الماضية سلسلة لقاءات معه لم تنجح في ثنيه عن قراره. وكان ‏الحريري زار رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب ‏النائب علي حسن خليل ومستشار الرئيس الحريري هاني حمود. وجرى خلال اللقاء الذي استمر ‏لأكثر من ساعة ونصف الساعة البحث في الأوضاع العامة وآخر المستجدات، ليعود بري ‏ويستقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في لقاء لم يتجاوز النصف ساعة، ‏ناقشا خلاله الأوضاع المتصلة بالاستحقاق الانتخابي وموقف الرئيس الحريري وانعكاسه على ‏الساحة السنيّة خصوصاً، واللبنانية عموماً، مع إشارة مصادر المجتمعين لـ “البناء” الى أن كلاً ‏من بري وجنبلاط حريصان على المحافظة على التوازنات السياسية واتفاق الطائف، ومن هذا ‏المنطلق يتمسكان بالحريري ويحاولان ثنيه عن قراره الا أنهما لم يستطيعا ذلك. وكان الحريري ‏التقى مساء السبت جنبلاط في لقاء وصف بالودّي، اكتفى بعده الحريري بالقول للصحافيين ‏‏”بعض المرات لازم الواحد يخطي خطوة لورا ليرجع يتقدم إلى الأمام‎”.‎
إلى ذلك، برز في اليومين الماضيين تحرّك خليجي تجاه لبنان تمثل بزيارة وزير الخارجية ‏الكويتي احمد ناصر الصباح ولقائه المسؤولين الرسميين وتسليمهم ورقة مؤلفة من عشرة ‏بنود عبارة عن مقترحات من شأنها أن تعيد مسار العلاقات اللبنانية الخليجية إلى ما كانت ‏عليه. وهي‎:‎
التزام لبنان مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي‎.‎
إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة اللبنانية وإجراء الاستحقاقات في مواعيدها‎.‎
إعادة إحياء سياسة النأي بالنفس‎.‎
احترام سيادة الدول العربية والخليجية ووقف التدخل في أي منها‎.‎
احترام قرارات الجامعة العربية والالتزام بالشرعيّة العربيّة‎.‎
الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي‎.‎
اتخاذ إجراءات جدّية وموثوقة لضبط المعابر الحدودية اللبنانية‎.‎
منع تهريب الكبتاغون واعتماد سياسة أمنية حاسمة تضع حداً لعمليات التهريب إلى الخليج‎.‎
الطلب من الحكومة اللبنانية أن تتخذ إجراءات لمنع حزب الله من الاستمرار بالتدخل في حرب ‏اليمن‎.‎
واعتبرت مصادر مطلعة على الموقف الخليجي لـ “البناء” أن هذه المقترحات مهمّة ولا تخرج ‏عن إطار سيادة لبنان، فهي  تصبّ في خانة دفع اللبنانيين إلى الالتزام باتفاق الطائف وتنفيذ ‏الإصلاحات المطلوبة منه وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها وعدم التدخل في شؤون ‏الدول العربية والخليجية. وفيما رجحت المصادر وجود تنسيق بين السعودية والكويت حبال ‏هذه الورقة، أشارت مصادر بعبدا لـ “البناء” إلى أن المقترحات سوف يجري درسها مع رئيس ‏الحكومة ورئيس مجلس النواب من أجل اتخاذ موقف رسمي موحّد منها، خاصة أن رئيس ‏الجمهورية أسوة برئيس الحكومة يريدان افضل العلاقات مع الدول الخليجية، وهذا الأمر عبر ‏عنه في الأيام الماضية الرئيس عون في أكثر من إطلالة أو تصريح‎.‎
في هذا السياق، تقول المصادر إن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب الذي سوف ‏يزور الكويت في نهاية هذا الشهر للمشاركة في اجتماع تشاوري عربي، سوف يحمل معه ‏موقف لبنان من المقترحات الكويتية ليعرضه أمام جلسة مجلس وزراء الخارجية العرب الذي ‏يُعقد في الكويت‎.‎
وكان الصباح قال إن الهدف من زيارته المقبلة إلى بيروت “هو وضع إجراءات لبناء الثقة ‏مجدداً بين لبنان ومحيطه الإقليمي والدولي‎”.‎
وأوضح الوزير أن “ثمة رغبة لدى الجميع ليكون لبنان مستقراً وآمناً”، مؤكداً أن “تحقيق ذلك ‏سيتم من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية والعربية‎”.‎
وحول تسمية سفير جديد للكويت، قال الصباح: “لم نرشح أحداً لمنصب السفير في لبنان، ‏وهذا الأمر يخضع لقوانين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وفقا اتفاقية فيينا، ويجري بشكل ‏طبيعي‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *