الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: الحريري وكتلته أمام حسم وشيك للقرار
النهار

النهار: الحريري وكتلته أمام حسم وشيك للقرار

مع ان كل القوى السياسية والحزبية اللبنانية انخرطت عمليا في الاستعدادات للانتخابات النيابية على قاعدة ترجيح اجرائها في موعدها على رغم المحاذير التي لا يمكن اسقاطها من الحسابات، فان عودة زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري فجر أمس إلى بيروت شكلت بذاتها علامة فارقة في سياق المناخ الداخلي سياسيا وانتخابيا. ذلك ان غياب الحريري عن البلد منذ نحو أربعة أشهر واكبته موجات غير مسبوقة من الاجتهادات والسيناريوات المتخوفة جديا او المثارة افتعالا حيال هاجس اهتزاز عميق في الشارع السني خصوصا، وهو الهاجس القائم على فرضية ترجيح انسحاب الحريري من المعترك الانتخابي. هذه الموجات شغلت الحيز السياسي اللبناني برمته وليس فئة واحدة وغذاها الغموض الذي لا يزال غير محسوم بعد في شأن ما إذا كان الرئيس سعد الحريري سيحسم قراره إيجابا او سلبا في خصوص ترشحه شخصيا علما ان المعطيات التي جرت اشاعتها أمس رجحت ان يكون الحريري قرر شخصيا عدم الترشح على ان تبت مسالة ترشيحات تيار المستقبل في الساعات المقبلة.

ولعل الجانب الإيجابي الاولي في عودة الحريري أمس تمثل في قطعه الطريق على افتعالات تجاوزت مسألة الترشيح من عدمه إلى توظيف غياب الحريري في نواح لامست السعي إلى “استثمارات” انتخابية مبكرة في أكثر من اتجاه ومن أكثر من جهة تحت ستار الغيرة على الجمهور الحريري العريض ولذا بدت العودة بمثابة نزع اولي لفتيل هذه الاستثمارات ومن ثم التمهيد لحسم القرار العلني المتصل بالانتخابات في وقت وشيك.

وبدا لافتا حرص الحريري الذي عاد فجرا على الشروع فورا في حركة سياسية واسعة “خارجية ” مع الحلفاء والمراجع الذين قرر التشاور معهم ولاحقا داخلية مع اهل البيت ولذا استهل نشاطه بزيارة السرايا حيث التقى رئيس الوزراء #نجيب ميقاتي وعرضا المستجدات السياسية والأوضاع العامة من مختلف جوانبها. بعد ذلك، زار الحريري دار الفتوى واجتمع مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.

وتشير معلومات “النهار” إلى أنّه على رغم كل الضجيج الإعلامي الذي تصاعد بعد عودته فان الحريري لم يصدر عنه أي كلام او أجواء وهو لم يلتق أحدا سوى الزيارات المعلنة وسيبدأ اعتبارا من اليوم الجمعة سلسلة اجتماعات داخلية لكتلة المستقبل والهيئات القيادية في تيار المستقبل للتباحث في موضوع الاستحقاق الانتخابي بما يمهّد لاتّخاذ قرار المشاركة في الانتخابات أو المقاطعة. ولا يمكن الحديث عن معطى “إلزاميّ” باتخاذ توجه انتخابي حاسم راهناً، بحيث يمكن للحريري أن يتريّث في الإعلان الحاسم عن قراره بعد المشاورات المرتقبة. وما تأكد أن هناك جدول لقاءات مكثّفة سيعقدها الحريري في الأيام المقبلة على صعيد البيت السياسي الداخلي، وتتمثّل الخيارات الممكن اتّخاذها بين ترشّح الحريري أو عزوفه شخصياً في حال فضّل إدارة العملية الانتخابية وشؤون كتلته النيابية من خارج البرلمان.

ويشير مقربون من الحريري إلى أن الوتيرة المكوكيّة التي اتخذتها حركته السياسية فور عودته مرتبطة بعدم توفّر الوقت المستقطع والدخول جدياً في مرحلة اتخاذ القرارات. ويرجّحون أن يتبلور الجوّ العام للقرار الانتخابي بين مشاركة أو عزوف على الصعيدين الكليّ والشخصي خلال الأيام المقبلة. ولا يربط هؤلاء ابدا بين القرار الذي اتخذه الرئيس تمام سلام أمس بعزوفه عن خوض الاستحقاق الانتخابي افساحاً في المجال أمام “دم جديد”، وفق تعبيره، وبين أي معطى متعلّق بمنحى التيار “الأزرق”. وقد اتخذ سلام قراره من منطلق شخصيّ، مع تنويه المراقبين بتمثيل سلام لقيمة إنسانية واجتماعية وأخلاقية عالية طيلة تجربته السياسية.

وفي السياق الانتخابي أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع في اطار اعلان مرشحي “القوات” اومن تتحالف معهم من المستقلين أنه “لا تستقيم مقدمة اي كلام من دون التذكير بمصيرية انتخابات 2022، هذه الانتخابات التي نعوّل عليها كلبنانيين لقلب المشهد الجهنمّي الحالك، وتحقيق التغيير الذي طال انتظاره، ووضع لبنان على سكة الإنقاذ المنشود”، معتبراً أننا “نقف اليوم امام تحدّيين: الاول هو الفوز في الانتخابات وتشكيل اكثرية جديدة مع اصدقاء ومجموعات اخرى تتولّى بمسؤولي وجرأة ومعرفة قيادة سفينة الإنقاذ. اما الثاني فهو الفوز من خلال شخصيات نظيفة قادرة ان تحمل مشروعنا في مناطقها لأن الاستحقاق الاكبر والفعلي يبدأ غداة صدور النتائج. هذا الاستحقاق يتطلب شخصيات صلبة، عنيدة في مواقفها السيادية، لكن أيضاً شخصيات منبثقة من الشعب، تعيش همومه، وتتفهّم هواجسه وتشعر بأوجاعه، وتسعى بكل ما اوتيت من طاقة وقوة لتكون صوته وقوته”. وقد أعلن جعجع أمس دعم “القوات” للمرشح المستقل في دائرة زغرتا مخايل سركيس الدويهي.

الخطاب الأخير

وسط هذه الأجواء لم يحمل الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية العماد #ميشال عون أمس أمام السلك الديبلوماسي لمناسبة حلول السنة الجديدة مواقف جديدة خارجة عن المعتاد لديه اذ كرر رسم المشهد وفق رؤيته واعتبر “ان لبنان الذي يرزح اليوم تحت أعباء اقتصادية ومالية واجتماعية وانسانية صعبة أسس لها نظام سياسي ونهج مالي واقتصادي، يتطلع دوما إلى أشقائه وأصدقائه في العالم ليعملوا على مساعدته كي يتجاوز الظروف القاسية”. وقال: “لبنان يحمل لدولكم وشعوبكم كل الخير والمحبة والرغبة الصادقة في أن تكون علاقاته معها، علاقات تعاون بناء واحترام متبادل. ولبنان بطبيعته ليس ممرا أو مقرا لما يمكن أن يسيء إلى سيادة دولكم وأمنها واستقرارها ولا يشكل تدخلا في شؤونها الداخلية وخصوصا الدول العربية الشقيقة”، وامل ان تكون مواقف بعض الدول مماثلة لمواقف لبنان، بحيث لا تستعمل ساحته ميدانا لتصفية خلافاتها أو صراعاتها الإقليمية، ولا تدعم فئات أو مجموعات منه على حساب فئات أخرى، بل تتعاطى مع جميع اللبنانيين من دون تمييز أو تفرقة”. وقال “إني عازم، بالتعاون مع مجلس النواب والحكومة، وبما تبقى من ولايتي، على متابعة العمل على الرغم من كل العراقيل من أجل تحقيق الإصلاحات التي التزمتها، والتي طالما دعت دولكم إلى تطبيقها”، مشيرا إلى ان “أولى الخطوات الاصلاحية إقرار خطة التعافي المالي والاقتصادي خلال الاسابيع المقبلة، وذلك تمهيدا لمناقشتها مع صندوق النقد الدولي لبدء مسيرة النهوض من جديد، بالتزامن مع التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان والإدارات والمؤسسات والمجالس الأخرى”.

بدوره، شجّع السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري، باسم السلك الديبلوماسي “جميع اللبنانيّين على الثبات في التزامهم بالحرّيّة والحقوق الأساسيّة والديمقراطيّة والتضامن، لكي يستمرّوا في بعث الأمل بإمكانيّة العيش المشترك المتناغم والتقدّم”. وقال:” لا حلول يمكن التوصّل اليها، بدون حوار صادق، قائم على أساس احترام الآخر. بالفعل، إنّ الحوار المستمرّ على الصعد كافّة، وحده، وليس فرض الايديولوجيّات، يستطيع أن يساعد في توضيح الاحتياجات الحقيقيّة لمختلف مكوّنات المجتمع اللبنانيّ، والسماح باتّخاذ القرارات الصحيحة وتنفيذها.” وإذ ركّز على أهمية #الانتخابات النيابية المزمع اجراؤها في الربيع المقبل، رأى انه “قد يكون من المفيد أن توقِّع الأحزاب السياسيّة المشارِكة في الانتخابات المقبلة اتّفاق احترام متبادل، بدل اللجوء إلى حملات التشهير، صونًا لكرامة كلّ مرشّحٍ وكلّ حزبٍ وكلّ انتماء”.

مجلس الوزراء

وعلى صعيد الموازنة أعلن مساء أمس من السرايا ان مجلس الوزراء سيعقد جلسة في التاسعة صباح الاثنين المقبل في القصر الجمهوري للبحث في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة 2022 إضافة إلى مواضيع أخرى وفق جدول اعمال من 56 بندا. وتتضمن البنود الأخرى مواضيع وظيفية ومعيشية وإدارية طارئة ومنها إعطاء مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع العام ومشروع تعديل قيمة بدل النقل اليومي ومشروع يرمي إلى إعطاء منح تعليم موقتة للمستخدمين والعمال وإعطاء تعويض نقل شهري مقطوع للعسكريين في الجيش والأجهزة الأمنية وطلبات نقل اعتمادات لوزارات كما يتضمن تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

واشار الرئيس نجيب ميقاتي أمس إلى أن “حكومتنا تعاود جلساتها الاسبوع المقبل لدرس واقرار الموازنة العامة التي تشكل محطة اساسية تحتاجها البلاد لانتظام عمل الدولة، ونشدد على ضرورة تعاون الجميع لتكون هذه الموازنة خطوة اساسية على طريق الاصلاح المنشود. ولا ننسى أنّ أمامنا استحقاقات أخرى أبرزها الانتخابات النيابيّة التي سنعمل أيضاً على تأمين الأطر اللازمة للإشراف عليها وإدارتها بفعاليّة وشفافيّة”.

وفي السياق المالي جدد حاكم مصرف لبنان تأكيد الاستمرار بتنفيذ التعميم 161 بمفاعيله الأساسية وببيع الدولار الأميركي الورقي مقابل الليرة اللبنانية الورقية على منصة “صيرفة” للمصارف على سعر منصة “صيرفة ” ومن دون سقف محدد كما تم الاتفاق عليه في اجتماع 11 كانون الثاني 2022 برئاسة رئيس الحكومة ووزير المال يوسف خليل.

واوضح أن حجم التداول اليومي على منصة “صيرفة” لا تمثل عمليات تدخّل من قبل مصرف لبنان في السوق النقدي للدولار، ولا حجم تدخله، لأن منصة “صيرفة” لا تتضمن فقط العمليات التي يقوم بها مصرف لبنان مع المصارف وانما يسجل عليها كل عمليات بيع وشراء الدولار التي تتم في السوق بين المسجلين على هذه المنصة عبر المصارف والصرافين حتى وان لم يتدخل فيها مصرف لبنان.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *