الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: “حزب الله” يشعل الجبهتين وعون يتماهى وحليفه
النهار

النهار: “حزب الله” يشعل الجبهتين وعون يتماهى وحليفه

لو كان في لبنان دولة طبيعية بالحدود الدنيا لمفهوم الدولة لكان الحدث المخيف امس تمثل في ارقام مفزعة تصاعدية سواء في تفشي جائحة كورونا مع بلوغ الإصابات رقما قياسياً مخيفاً هو 5087 إصابة و19 حالة وفاة، ام على الصعيد المالي والاقتصادي حيث اخترق الدولار في السوق السوداء سقف الثلاثين الف ليرة وألهب معه أسعار المحروقات كما الأسعار الاستهلاكية كافة. ولكن في “لادولة” لبنان تقدمت “فتنة” التآمر على مصالح لبنان كل ما يتصل بكارثة الانهيار، بل شكلت هذه الفتنة بعينها مسبباً من مسببات التفلت اللاهب للدولار بعدما اشتعلت البلاد بأوسع موجة من السجالات والحملات المتبادلة مهددة بمزيد من الاشتباكات السياسية والتعقيدات الإضافية في ازمة شل الحكومة كما باستعار المعارك العلنية والضمنية بين الرئاسات. وليس خافياً ان الهجوم المقذع الذي افتعله وفجره الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله مساء الاثنين على المملكة العربية السعودية وعاهلها الملك سلمان بن عبد العزيز سواء كان بأمر عمليات إيراني مباشر ام بتطوع اندفاعي من نصرالله وحزبه قد حقق هدفين على الأقل يبدو واضحا ان الحزب خطط لهما : عربيا وإقليميا إعادة التخريب بقوة على كل المساعي والجهود لاحتواء تداعيات تورط الحزب في الحرب اليمنية ضد السعودية، وتاليا تمزيق محاولات احتواء الخراب اللاحق بعلاقات لبنان مع السعودية والدول الخليجية. ولبنانيا تسعير التوترات السياسية بل أيضا الطائفية والمذهبية على خلفية انكشاف الوضع السلطوي والحكومي كأنه منعدم الوجود امام التسلط الذي يبيح الحزب لنفسه الامعان في التباهي به، الامر الذي اطلق في وجهه ردود فعل وإدانات واسعة ولكنها تبقى من دون الأثر اللازم والغطاء الرسمي الضروري لتصويب الخلل الكبير، اذ يكفي ان يأتي تعليق رئيس الجمهورية ميشال عون امس على هذا الموضوع على طريقة ” بدل ما يكحلها عماها “من خلال موقفه المائع ومساواته السعودية بحليفه “حزب الله”.

وبدا واضحا ان موقف نصرالله لم يقف في استهدافاته عند حدود المنصة الخطابية التي خطط لها في ذكرى مقتل قاسم سليماني كمحطة استعراض للنفوذ الإيراني الآخذ في استرهان الساحة اللبنانية فيما تنصرف طهران الى التفاوض مع “أعداء” ذراعها اللبناني، بل تطور سلبا في اتجاه تعقيد الازمة الحكومية من خلال رد اتسم بحدة عالية على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، علما ان هذه التطورات جاءت وسط معلومات مؤكدة توافرت لـ”النهار” عن مشاورات وجهود كانت جارية لإيجاد تسوية تكفل عودة احياء جلسات مجلس الوزراء، ومن غير المؤكد ما اذا كان التصعيد الواسع الأخير قد أطاح هذه المحاولة. كما ان افتعال التصعيد الجنوني ضد السعودية وتحميل تبعته للبنان بكامله استكمل بمشهد شعبي في الشارع اذ اعلن مساء امس ان وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي “كلف المديرية العامة لقوى الامن الداخلي إزالة الصور المسيئة الى جلالة الملك السعودي وسفير المملكة في بيروت وكل الصور واللافتات المسيئة التي رفعت في بعض شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت”. ودعا الوزير مولوي “جميع المواطنين الى تغليب المصلحة الوطنية وتجنيب لبنان والمغتربين اللبنانيين عواقب الإساءة الى الأشقاء العرب”.

عون والحليف
غير انه غداة موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الرافض لما قاله نصرالله، اتسم موقف رئيس الجمهورية ميشال عون بميل مكشوف الى مسايرة حليفه اذ وزع موقف له “اعرب فيه عن تمسكه بموقف لبنان الرسمي الذي عبر عنه مجددا في رسالته الاخيرة الى اللبنانيين لجهة الحرص على علاقات لبنان العربية والدولية، لا سيما منها دول الخليج العربي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، ولفت الى ان هذا الحرص يجب ان يكون متبادلا لأنه من مصلحة لبنان والدول الخليجية على حد سواء”.

وعكست موجة الادانات الواسعة لموقف نصرالله واقع التسلط الذي يمارسه، وكان ابرز ما سجل في هذا السياق إعادة الاشتباك الإعلامي بين “تيار المستقبل” و”حزب الله ” بعد خروج الرئيس سعد الحريري عن صمته اذ وجه رسالة مباشرة الى نصرالله قال فيها : “إصرارك على استعداء السعودية وقيادتها ضربٌ متواصل من ضروب المغامرة بلبنان ودوره ومصالح ابنائه… السعودية ومعها كل دول الخليج العربي احتضنت اللبنانيين ووفرت لهم فرص العمل ومقومات العيش الكريم. من يهدد اللبنانيين في معيشتهم واستقرارهم وتقدمهم، هو الذي يريد دولة لبنان رهينة دولة ايران وامتداداتها في سوريا والعراق واليمن ولبنان .. أعلم أنك لن تتراجع عن اساليب الاستفزاز والشتم لدول الخليج العربي، لكن الكل يعلم ان التاريخ لن يرحم حزباً يبيع عروبته واستقرار وطنه ومصالح اهله لقاء حفنة من الشراكة في حروب المنطقة”.

وبدوره سأل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط “هل تقف حرب اليمن في اعتبار اللبنانيين في المملكة العربية السعودية رهائن وهل تحل الامور من خلال التهجم الشخصي على الاسرة المالكة؟. وسأل: “الى اين تذهب بنا الجمهورية الاسلامية وماذا تريد من لبنان والمنطقة؟”.

وفي حديث الى محطة سكاي نيوز العربية تبثه اليوم قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ان السياسة العدائية لحزب الله لا تخدم مصلحة الشعب اللبناني بقدر ما تخدم مصالح ايران في المنطقة وقد تؤدي الى عزل لبنان اكثر عن محيطه العربي . وانتقد سياسات الحزب العدائية تجاه السعودية ودول الخليج .

كما ان الامين العام ل”تيار المستقبل” احمد الحريري توجه إلى نصرالله قائلا: “من كان حزبه قاتلاً وقتله موثقا أقله في إغتيال الرئيس رفيق الحريري ليس له أن يتهم المملكة بالإرهاب وهي كانت أول من إكتوى بناره.”.

يشار في سياق اخر الى ان نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش اعلن مساء امس أن الرئيس سعد الحريري سيعود بعد أيام وسيكون في لبنان في ذكرى 14 شباط وسيعقد اجتماعات مع الكتلة النيابية وكوادر “تيار المستقبل” لاتخاذ القرار النهائي حول الانتخابات.

وفي المقابل واصل الحزب تصعيده حاملا هذه المرة على الرئيس ميقاتي الذي هاجمه النائب حسن فضل الله قائلا “بدل أن يسارع دولته، الذي يفترض أنه وفق الدستور رئيس حكومة جميع اللبنانيين، إلى الدفاع عمن يمثل دستوريا، فإنه إرتد ضد الداخل اللبناني، وأطلق عبارات التشكيك بولاءات جزء كبير من هذا الشعب بكل ما يمثله تاريخيا وحاضرا ومستقبلا، وهو ما كنَّا نربأ بدولته أن يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح استجداء لرضى من يصر على الاستمرار في الاساءة إلى اللبنانيين جميعا وفي طليعتهم الرئيس ميقاتي نفسه الذي رغم كل التنازلات التي قدمها بما فيها: استقالة وزير الاعلام، وإطلاق المواقف والتصريحات التي تخالف حتى إدعاء النأي بالنفس، والمحاولات الدؤوبة التي بذلها هو ووزير خارجيته منذ توليهما المسؤولية، فإنه لم يحظ بمجرد اتصال من سفير المملكة في بيروت خلافا لكل الأعراف الديبلوماسية والأصول وأدب العلاقة والتخاطب”.

الدورة الاستثنائية
في غضون ذلك تواصل العمل على جمع تواقيع الأكثرية النيابية على عريضة تطالب بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وأفادت المعلومات ان اكثر من أربعين نائبا كانوا وقعوا العريضة حتى مساء امس وان العريضة ستكفل تجاوز عدد الموقعين الـ65 نائبا وربما تصل الى سبعين. غير ان حزب “القوات اللبنانيّة” اكد انه لن يوافق على فتح دورة استثنائيّة إلا إذا عاودت الحكومة عقد جلساتها. وفي هذا السياق اعلن رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان ان “تفعيل عمل جميع المؤسسات الدستورية من حكومة ومجلس نواب مسؤولية واجب وطني لم يعد جائزا التهرب منه، لا سيما في الظروف المأسوية التي نعيشها. المطلوب عودة الحكومة الى الاجتماعات فوراً وبالتوازي فتح دورة إستثنائية للمجلس النيابي فيتكامل عمل المؤسسات خدمة لمصالح الناس”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *