الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : ميقاتي يلاقي ماكرون وبن سلمان ‏برزمة إجراءات لإعادة الثقة
الجمهورية

الجمهورية : ميقاتي يلاقي ماكرون وبن سلمان ‏برزمة إجراءات لإعادة الثقة

فاعل أمس نجاح مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في إعادة ‏وصل ما انقطع بين لبنان والمملكة العربية السعودية في مختلف ‏الأوساط، وانعكس ارتياحاً لبنانياً عاماً، ما خلا بعض الأوساط السياسية ‏التي تحفّظت أو قلقت. وكذلك انعكس ارتياحاً على مستوى تعاطي ‏كثير من العواصم العربية والاجنبية وتفاعلها مع الشأن اللبناني. ‏وسينطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدءاً من اليوم في ورشة ‏متعدّدة الوجوه، للبدء بترجمة ما اتُفق عليه لتطبيع العلاقات مع ‏السعودية خصوصاً والدول الخليجية عموماً، واتخاذ كل الإجراءات على ‏كل المستويات، بما يعيد الثقة الخارجية بلبنان، ولا سيما منها العربية، ‏وكذلك بما يمكن لبنان من استعادة ثقته بنفسه. ورجّح المراقبون ان ‏تُتوّج كل الخطوات التي سيتخذها لبنان بتواصل لبناني ـ سعودي ‏مباشر. ومن الأفكار المتداولة في هذا المجال، ان يزور ميقاتي الرياض ‏في وقت ليس ببعيد، بناءً على دعوة رسمية سعودية او بناءً على ‏رغبته، لا فارق، بحيث تكون هذه الزيارة تتويجاً لتطبيع العلاقات بين ‏البلدين، بعد تطبيق مجموعة من الإجراءات التي ستتخذها الحكومة ‏على مختلف المستويات، لمعالجة ما اعترى العلاقات اللبنانية ـ ‏السعودية من شوائب وإشكالات كانت تسببت بالقطيعة بين بيروت ‏والرياض، والتي أنهاها الاتصال الهاتفي الذي تمّ بين الرئيس الفرنسي ‏وولي العهد السعودي وبين ميقاتي، خلال محادثات جدة السبت ‏الماضي. علماً انّ في برنامج رئيس الحكومة زيارات لعدد من دول ‏الخليج، قيل انّه كان يستأخّرها في انتظار معالجة الأزمة بين لبنان ‏والسعودية، والانطلاق بعد ذلك في جولة على دول الخليج العربي.‏
أظهر الأسبوع الفائت انّ باريس ما زال دورها مؤثراً في لبنان، وانّ ‏المبادرة الفرنسية التي انطلقت على إثر انفجار مرفأ بيروت ما زالت ‏مستمرة، على رغم التبدُّل الذي شهدته في مضمونها، حيث أنّ زيارة ‏ماكرون للدول الخليجية كانت كفيلة بحلّ أزمة مزدوجة: استقالة وزير ‏الإعلام جورج قرداحي، وفتح قنوات التواصل بين الرياض وبيروت من ‏خلال الاتصال بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس ‏الحكومة نجيب ميقاتي، وذلك في أول اتصال رسمي من هذا النوع، ‏الأمر الذي يعني تجميداً للخطوات التصعيدية، وفتح الباب أمام عودة ‏المسار الديبلوماسي والسياسي بين البلدين.‏
‏ ‏
وقد نجحت باريس في تحقيق خرق مهمّ على هذا المستوى، من خلال ‏تفكيك عقدة قرداحي التي كانت أُضيفت إلى عقدة التحقيق في ‏انفجار المرفأ، التي ما زالت تعطِّل العمل الحكومي، كما تفكيك عقدة ‏العلاقة المتوترة بين لبنان والدول الخليجية، وتحديداً المملكة العربية ‏السعودية، والتي تضرّ كثيراً بالمصلحة اللبنانية، ودلّ الدور الفرنسي ‏الى انّه الوحيد القادر على تحقيق اختراقات داخل الساحة اللبنانية.‏
‏ ‏
ومن غير المستبعد ان تتمّ الاستفادة لبنانياً من المناخات الإيجابية ‏التي أرختها عودة التواصل السعودي مع لبنان، وطي صفحة استقالة ‏قرداحي من أجل إنهاء التعطيل الحكومي، بغية الاستفادة من هذا ‏الزخم لجماً للتدهور المالي والاقتصادي وإعادة وضع الحكومة على ‏سكة المسار الذي انطلقت على أساسه بكونها حكومة إصلاحات ‏وانتخابات.‏
‏ ‏
وعلى الرغم من البيان المشترك الفرنسي والسعودي الذي يدين ‏‏”الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة”، ويؤكّد على ‏حصر السلاح في لبنان في مؤسسات الدولة الشرعية، وعلى رغم ‏الموقف الفرنسي الواضح من السلاح النووي الإيراني، فإنّ باريس ‏تحافظ على خطوط تواصل مع طهران، وتتحدث بعض المعلومات ‏عن انّ استقالة قرداحي جاءت بناءً على طلب فرنسي من طهران، ‏بعدما عجزت كل المساعي الأخرى عن فعل فعلها، ما يعني انّ ‏الخطوة هي ثمرة توافق فرنسي-إيراني، ولكن وفقاً للتجربة فإنّ سقف ‏هذا التوافق منخفض جداً، بدليل انّه لم ينتج الحلول التي ينتظرها ‏الشعب اللبناني.‏
‏ ‏
ولا شك في انّ الأنظار ستكون شاخصة في الأيام والأسابيع المقبلة ‏على طريقة ترجمة التواصل الأول من نوعه بين بن سلمان وميقاتي، ‏لجهة ما إذا كانت هناك من زيارة للأخير إلى الرياض، أم انّ الأمور ‏انتهت عند هذه الحدود مع انتهاء زيارة ماكرون، وما مدى الانفتاح ‏السعودي على لبنان، وهل سيقتصر على تجميد الخطوات ‏التصعيدية، أم سيفتح صفحة جديدة مع لبنان؟
‏ ‏
وفي الانتظار تبقى الأنظار على الجلسة التشريعية المقرّرة غداً، في ‏ظل الحديث عن تسوية عنوانها إنشاء المجلس الأعلى لمحاكمة ‏الرؤساء والوزراء، وحصول هذه التسوية يتطلّب تراجع فريق العهد عن ‏موقفه الذي كان يقف ضد هذا المخرج، وفي حال تبديل موقفه يعني ‏انّ ثمة مقايضة ما قد حصلت، وانتزع العهد بموجبها مطلبه الإطاحة ‏بتصويت المغتربين تجنباً لتأثيرهم داخل الدوائر اللبنانية، او مطالب ‏أخرى.‏
‏ ‏
ويبدو انّ هناك تصميماً على معالجة الأزمة الحكومية، فيدخل لبنان ‏في تبريد سياسي في الأسابيع الأخيرة الفاصلة عن السنة الجديدة، ‏خصوصاً انّ ما شهدته البلاد في نهاية الأسبوع الماضي شكّل ارتياحاً ‏على مستوى الأسواق المالية وعلى المستويين الشعبي والسياسي، ‏وهناك محاولة للدفع قدماً من أجل تثبيت هذه الإيجابيات وتوسيعها. ‏وبالتالي، السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيشهد هذا الأسبوع نهاية ‏للتأزُّم الحكومي على غرار ما شهد الأسبوع الماضي نهاية للتأزُّم مع ‏الدول الخليجية من باب استقالة قرداحي وعودة التواصل الرسمي مع ‏الرياض؟
‏ ‏
ميقاتي في بعبدا
نتائج زيارة ماكرون الخليجية وما تركته من مفاجآت ستكون اليوم ‏موضع بحث بين رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي، على هامش ‏الاحتفال الذي سيُقام في القصر الجمهوري لمناسبة توقيع اتفاقية ‏إنشاء المكتب الاقليمي لمنظمة الدول الفرنكوفونية في بيروت في ‏حضور المدير العام للمنظمة والمسؤولين الكبار فيها.‏
‏ ‏
وفي انتظار الاتصال المنتظر من الرئيس الفرنسي برئيس الجمهورية ‏كما وعد الاول، والذي لم يحصل بعد، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ ‏‏”الجمهورية”، انّ عون وميقاتي سيناقشان ما يمكن ان تؤدي اليه ‏الزيارة وسبل مواكبة نتائجها في ضوء بعض التقارير العاجلة التي ‏وصلت الى بيروت من اكثر من مصدر، وللبحث في تفاصيل إضافية ‏لم يتمكن ميقاتي من شرحها هاتفياً عندما تحدث عصر السبت الماضي ‏الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ‏واطلعهما على ما جرى في الإتصال الهاتفي الذي تلقّاه من ماكرون ‏وولي العهد السعودي .‏
‏ ‏
كذلك سيتناول اللقاء بعض المواضيع المتصلة بالمساعي المبذولة ‏لإحياء عمل مجلس الوزراء، وما توصلت اليه بعض المبادرات الجارية ‏على اكثر من مستوى، والتي لم تنته بعد الى صيغة قابلة للتطبيق ‏وتشكّل مخرجاً يتيح الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، بعدما تضخّم ‏جدول اعماله الى درجة كبيرة ادّى تأجيل البحث فيها الى اكثر من ‏مشكلة في اكثر من قطاع.‏
‏ ‏
اجتماع موسع
وفي اول إجراء عملي، سيرأس ميقاتي في السرايا الحكومية ظهر ‏اليوم اجتماعاً موسعاً يضم نائب رئيس الحكومة ووزراء الدفاع ‏والخارجية والداخلية والمالية والصناعة والاقتصاد والمجلس الاعلى ‏للجمارك والهيئات الاقتصادية وإتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية ـ ‏السعودية والخليجية.‏
‏ ‏
وقالت مصادر حكومية لـ”الجمهورية”، انّ البحث سيتركز على ‏الإجراءات الواجب اتخاذها لإعادة الثقة العربية والدولية بلبنان وتعزيز ‏العلاقات بينه وبين دول الخليج العربي.‏
‏ ‏
بديل قرداحي
وتزامناً مع تسلّم وزير التربية عباس الحلبي مهمات وزير الاعلام ‏بالوكالة بعد استقالة الوزير جورج قرداحي بموجب مرسوم البدائل، ‏نفت مصادر وزارية سلسلة الشائعات التي تحدثت عن اسماء متعددة ‏للوزير البديل الذي سيُعيّن بمرسوم.‏
‏ ‏
وكان رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية قد غرّد عبر “تويتر” كاتباً: ‏‏”مع احترامنا ومحبّتنا لكل الأسماء التي طُرحت في الإعلام، فإنّ ‏موقفنا الذي عبّرنا عنه في بكركي بأننا لن نسمّي بديلاً للوزير جورج ‏قرداحي لم ولن يتغيّر”.‏
‏ ‏
خرق إيجابي
والى ذلك، أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري ارتياحه الى نتائج زيارة ‏الرئيس الفرنسي للرياض على المستوى اللبناني وما أفرزته من خرق ‏إيجابي تمثل في الاتصال السعودي بميقاتي.‏
‏ ‏
بيانان
وكان الديوان الملكي السعودي أصدر السبت بياناً اكّد فيه حصول ‏الاتصال الهاتفي، بين ماكرون وبن سلمان ميقاتي. وبحسب “وكالة ‏الأنباء السعودية” (واس) فقد أبدى ميقاتي “تقدير لبنان لما تقوم به ‏المملكة العربية السعودية وفرنسا من جهود كبيرة للوقوف إلى جانب ‏الشعب اللبناني”.‏
‏ ‏
كما أكّد “التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ كل ما من شأنه تعزيز ‏العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون، ورفض ‏كل ما من شأنه الإساءة إلى أمنها واستقرارها”.‏
‏ ‏
وتمّ الاتفاق بين الدول الثلاث على “العمل المشترك لدعم الإصلاحات ‏الشاملة الضرورية في لبنان”. والتأكيد على حرص السعودية وفرنسا ‏على أمن لبنان واستقراره.‏
‏ ‏
وقال البيان المشترك الذي صدر في ختام المحادثات بين ماكرون وبن ‏سلمان، إنّ الطرفين شدّدا على “ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ ‏إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام بتنفيذ اتفاق الطائف المؤتمن على ‏الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان. وان تشمل الإصلاحات ‏قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود. واتفق ‏الجانبان على العمل مع لبنان لضمان تنفيذ هذه الإجراءات. وشدّدا ‏على ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية وألّا يكون لبنان ‏منطلقاً لأي اعمال ارهابية يزعزع استقرار وامن المنطقة، ومصدراً ‏لتجارة المخدرات. كما شدّدا على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في ‏الحفاظ على أمن واستقرار لبنان. واتفقا على استمرار التشاور بين ‏البلدين حول كل هذه القضايا. كما كان اتفاق على إنشاء آلية ‏مساعدات إنسانية فرنسية- سعودية في إطار يضمن الشفافية التامة ‏ويظهر عزمهما على إيجاد الآليات المناسبة للتخفيف من معاناة ‏الشعب اللبناني، بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة. وأكّدا أهمية ‏الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وفقاً لقرارات ‏مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680) والقرارات الدولية ذات ‏الصلة”.‏
‏ ‏
ماكرون
من جهته، أكّد ماكرون في مؤتمر صحافي عقب انتهاء زيارته ‏للسعودية، أنّه حصل على تعهّد من المملكة بأنّها ستعود لتلعب دوراً ‏اقتصادياً في لبنان. وقال: “نريد بذل كل الجهود لكي يتمّ إعادة فتح ‏الاقتصاد والتبادلات التجارية لصالح لبنان، وسأجري غداً (أمس) اتصالاً ‏هاتفياً برئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون”. واضاف: “تطرقت مع ‏ولي العهد السعودي للملف اللبناني، واتصلنا برئيس الوزراء نجيب ‏ميقاتي، وقلنا له إنّ فرنسا والسعودية تريدان دعم الشعب اللبناني”. ‏وتابع: “محمد بن سلمان أبلغنا بأنّه تمّ الأخذ بعين الاعتبار مطالب ‏السعودية المتعلقة بتهريب المخدرات من لبنان وموضوع استقالة ‏وزير الإعلام جورج قرداحي”.‏
‏ ‏
لا مقايضة
من جهة ثانية، وعشية الجلسة التشريعية، نُقل عن بري تأكيده ان لا ‏مقايضة ولا صفقة في الجلسة النيابية المقرّرة غداً، معتبراً انّ ما يُروّج ‏احياناً عن انّ هناك تسوية او مساومة يجري تحضيرها بين الملفات ‏العالقة، هو انعكاس لخفة البعض ولا صلة له بالواقع.‏
‏ ‏
وفي هذا السياق اكّدت مصادر نيابية بارزة لـ”الجمهورية”، أن لا اساس ‏اطلاقاً لأي كلام عن اتجاه لدى مجلس النواب الى سحب ملف ‏التحقيقات المتعلقة بالنواب والوزراء والرؤساء اليه. ولم يتحدث احد ‏مع احد عن هذا الامر، وهو غير مطروح من الأساس، وقالت انّ الحل ‏كان ولا يزال مرجعيته القضاء ومجلس الوزراء.‏
‏ ‏
الجلسة التشريعية
وفي هذه الاجواء، تتجّه الانظار غداً الثلاثاء الى مسرح الاونيسكو، حيث ‏يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية، وعلى جدول اعمالها 36 بنداً، ‏ابرزها إقتراح القانون المعجل المكرّر الرامي الى تمديد العمل بالقانون ‏الرقم 200 /2020 الى حين الإنتهاء من أعمال التدقيق الجنائي الذي ‏يسمح لفريق المؤسسة المكلّفة التدقيق، بإتمام المهمة في مصرف ‏لبنان قبل الانتقال الى بقية الوزارات والمؤسسات العامة والهيئات ‏المستقلة. وبندان يعنيان الصحافيين، الأول يمنح الضمان الصحي ‏للمحرّرين الصحافيين غير المنتسبين للصندوق الوطني للضمان ‏الاجتماعي، والثاني تعديل قانون المطبوعات لجهة عدم إدراج ‏العقوبات الصحافية على السجل العدلي، ومساعدة العاملين في ‏القطاع الإستشفائي.‏
‏ ‏
ومن اقتراحات القوانين المعجلة: إلغاء الإمتحانات الرسمية للشهادة ‏المتوسطة، تعليق العمل ببعض مواد وفصول القوانين المتصلة ‏بإنفجار المرفأ، إعطاء تعويضات ومعاشات تقاعدية لذوي الضحايا ‏اللبنانيين الذين استشهدوا في تفجير 15 آب في بلدة التليل العكارية ‏وتمكين اللبنانيين الذين أصيبوا منهم من الاستفادة من التقديمات ‏الصحية للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وحقوق ذوي ‏الإحتياجات الإضافية.‏
‏ ‏
وأخطر ما في جدول اعمال الجلسة ما ورد في البند 34 الذي نص ‏على اقتراح القانون المعجل المكرّر الرامي الى إعطاء الجنسية ‏اللبنانية لمكتومي القيد مواليد عام 2011 وما بعد، وهو بند لا يمكن ‏ان يمرّ بعد ان سجّلت كتل نيابية ملاحظات عدة تؤدي الى تطييره.‏
‏ ‏
عوده
وفي المواقف السياسية، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم ‏الأرثوذكس المطران الياس عوده، في قداس الأحد والجناز عن راحة ‏نفس البطريرك إغناطيوس الرابع في ذكراه التاسعة، في كاتدرائية ‏القديس جاورجيوس: “أصبح إنسان بلادي جائعاً ومريضاً وفقيراً، ‏ومستعطياً الدواء، ومظلوماً من حكام لا يبالون إلّا بمصالحهم، وزعماء ‏لا يعرفون إلّا استغلاله من أجل الوصول إلى مآربهم، ومتى وصلوا ‏نسوا كل شيء إلّا التشبث بمراكزهم وكراسيهم ولو على حساب ‏الشعب وحياته. وما ردة فعلهم على التحقيق في تفجير بيروت إلاّ ‏عينة عن أنانيتهم وقلة مسؤوليتهم وعدم اكتراثهم بشعبهم. والآن ‏يعطلون عمل الحكومة من أجل غاياتهم، وكأنّ البلد ملكاً لهم ‏يتصرفون به حسب أمزجتهم ومصالحهم”. وأضاف: “عوض أن تكون ‏اجتماعات الحكومة مفتوحة ومتلاحقة وغير منقطعة من أجل إخراج ‏لبنان من عمق أزماته، نراها معطلة مشرذمة وغير منتجة. وكلنا نعرف ‏أنّ الفرصة التي تضيع لا تتكرّر، وأنّ هدر الوقت يفاقم الأوضاع، وأنّ لا ‏حل خارج المؤسسات الدستورية التي يجب أن تعمل وفق أحكام ‏الدستور والقوانين، ومن أجل خير الشعب. لذلك على الحكومة أن ‏تتكاتف وتنصرف إلى العمل، وإن كان أعضاؤها واعين ثقل ‏مسؤوليتهم، عليهم الإقلاع عن سياسة التعطيل وفرض الشروط، ‏والعمل من أجل إخراج لبنان من أزمته المميتة، ومساعدة شعبه في ‏البقاء على قيد الحياة. أما استرضاء هذه الجهة وتطييب خاطرها، ‏ومسايرة تلك والتغاضي عن أخطائها، فليست الطريقة الفضلى لإدارة ‏البلاد. وعلى الجميع أن يعوا أنّ مصلحة لبنان فوق مصالحهم وأنّهم ‏في مراكزهم للخدمة والعمل لا لتعطيل البلاد وقهر العباد”.‏

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *