الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: الأزمة بلا أفق وتجديد الدعم الأميركي لميقاتي
النهار

النهار: الأزمة بلا أفق وتجديد الدعم الأميركي لميقاتي

ماذا حين يدلي مسؤول كبير في الأمم المتحدة بشهادة صادمة جديدة هي من أقسى الإدانات الدولية للسلطات اللبنانية، ولا يرفّ جفن مسؤول ولا تتراجع حمأة الحسابات الفئوية وتبقى الحكومة عالقة بين الشلل والمحاولات اليائسة لإحيائها؟ وماذا حين يثبت تكراراً ان الدولة اللبنانية يسيرها “أمر عمليات” من كان ينفي بالامس انه يهيمن على لبنان، فيما لم يترجم نفيه الا دفعاً لوزير الاعلام جورج قرداحي للتشبث بموقعه وعدم الاستقالة وإبقاء المواجهة مع الدول الخليجية مفتوحة على فصول تصعيدية جديدة؟

الواقع ان أسبوعاً آخر من دوامة التعطيل الحكومي ينقضي وسط استمرار قتامة الأفق، خصوصاً في ظلّ اشتداد وطأة الأزمات المالية والاقتصادية والخدماتية، وكان من أخر وجوهها في اليومين الأخيرين تحليق سعر الدولار في السوق السوداء ومن ثم التحاق أسعار المحروقات بهذا الارتفاع والتخوف من ارتفاعات مطردة في شتى أسعار السلع الاستهلاكية عند أبواب موسم الأعياد بما ينذر بمزيد من مآسي اللبنانيين. ولا يبدو ان الإنسداد الذي أصاب الواقع الحكومي مقبل في وقت قريب على أي انفراج، إذ بدا لافتاً لكثر من الأوساط المعنية تجاهل الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله في كلمته الأخيرة، وعلى نحو متعمد ومقصود، أي ذكر للواقع الحكومي ولا لرئيس الحكومة #نجيب ميقاتي في ما فسر ترجمة لحال جفاء متصاعدة بين الحزب وميقاتي على خلفية تمسك رئيس الحكومة باستقالة او اقالة قرداحي التي يرفضها الحزب ويمعن في الوقت نفسه في تعطيل مجلس الوزراء بسبب موقفه هذا، كما بسبب مطالبة الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.

ولكن المضي في تعطيل الحكومة بدأ يثير أصداء لا تقف عند الساحة الداخلية، اذ شكلت اشادة وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن أمس بخطة الرئيس ميقاتي مؤشراً لافتاً جديداً لجهة الدعم الأميركي للحكومة التي كان رئيسها تبلغه من بلينكن الأسبوع الماضي خلال لقائه به في غلاسكو. ولكن تناول بلينكن الوضع اللبناني ولو باقتضاب أمس في مؤتمره الصحافي المشترك مع وزير الخارجية القطري اكتسب دلالات لجهة الردّ على تعطيل الحكومة الذي يضطلع “حزب الله” بدور أساسي شبه حصري بهذا التعطيل، كما لجهة تبادل وجهات النظر مع الجانب القطري في الملف اللبناني، علما ان وزير الخارجية القطري يزمع زيارة لبنان قريباً. وقد أكد بلينكن أن “رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام”، مشددًا على “أننا نعمل على توفير الوقود في لبنان ونعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار”.

اجتماع حكومي – اممي

في غضون ذلك وفيما يستمر الشلل الوزاري يمضي رئيس الحكومة في تكثيف عمل اللجان الوزارية والاجتماعات الجانبية، وقد عقد أمس اجتماع حكومي – أممي في السرايا الحكومية، خصص لبحث النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية، التي تم وضعها بالتعاون بين الحكومة اللبنانية مع المؤسسات الأممية بما فيها “اليونيسف” و”منظمة العمل الدولية” و”منظمة الاغذية العالمية”، كجزء من إطار التعافي والإصلاح واعادة الإعمار. واعلنت منسقة برنامج الامم المتحدة الانمائي في لبنان نجاة رشدي أثر اللقاء ان الاجتماع كان مهماً جداً في ما يخص اطلاق استراتيجية الحماية الإجتماعية، وكانت الحكومة اللبنانية قد طالبت الأمم المتحدة ان تساعد في اول نسخة لهذه الاستراتيجية، وتم امس تقديم النسخة الأولى “وهي جزء من اطار التعافي والإصلاح واعادة الإعمار التي عملنا عليها وتشارك فيها مجموعة من الجهات المانحة وممثلون من القطاع الخاص والمجتمع المدني تحت اشراف دولة رئيس الحكومة. وهذه بداية في ما يخص تفعيل هذه الإستراتيجية عمليا على أرض الواقع”.

 

ادانة جديدة

وبينما يسجل الدولار قفزات قياسية، صدر للمرة الثانية هذا الاسبوع، عن وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، جدول جديد لتركيب أسعار المحروقات، مسجلاً ارتفاعاً إضافياً طاول كل المشتقات النفطية. ووزع مكتب الامم المتحدة في بيروت، بيانا عن زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر لبنان، قال فيه: الحكومة اللبنانية تعيش في عالم خيالي وهذا لا يبشر بالخير. واشار إلى أن ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع”، مضيفا “لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها”. وقال ” أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان، ولا سيما الأطفال والنساء وعديمي الجنسية والأفراد الذين لا يحملون وثائق، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين أصلا”. وتابع “إن “الأزمة المصنعة” تدمر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلا بعد جيل”. وأضاف: “في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم، تضيع الحكومة وقتا ثمينا في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها”. وكان المسؤول الاممي اطلع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب امس على حصيلة زيارته للبنان التي استمرت 10 ايام.

إلى ذلك وغداة مواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي أكدت ان لا حل في المدى المنظور للأزمة الديبلوماسية بين لبنان والدول الخليجية، خصوصا انه عاد وصوّب على الرياض، كما رفض اقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، زار الاخير عين التينة، ليعلن بدوره انه ليس في صدد الاستقالة الا بعد تلقي ضمانات بأن خطوته ستحلّ الأزمة.

وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال قرداحي انه ناقش مع الرئيس برّي موضوع الإعلام لأن هناك قانوناً موجوداً في لجنة الإدارة والعدل “ولم أطرح موضوع الاستقالة ويُصوّرون “قضية قرداحي” كأنها مشكلة لبنان الأساسيّة وتناسوا المصائب التي أوصلوا لبنان إليها”. ولكنه استطرد “إذا حصلنا على الضمانات التي أبلغتها إلى البطريرك بشارة بطرس الراعي فأنا حاضر ولستُ في وارد تحدّي أحد لا رئيس الحكومة ولا السعودية التي أحترم وأحبّ ونحن ندرس الموضوع و”منشوف التطورات وبس يكون في ضمانات أنا حاضر”. وقال “مشكلة الحكومة ليست أنا وقبل نشر مقابلتي الحكومة لم تكن تجتمع ولا أعرف ما هو الحلّ واسألوا رئيس الحكومة”. واعتبر ان “هناك ابتزازاً وأعتقد أن السعودية ودول الخليج صدرها “أوسع من هيك” ولا نريد استفزاز أحد وهناك مزايدات كثيرة من الداخل واستغلّوا قضيتي لتقديم براءة ذمة إلى الخليج”.

البطريرك في فردان

إلى ذلك وبعد اسبوعين على جولته على الرؤساء بحثا عن حل للمأزق القضائي، زار البطريرك الماروني دار الطائفة الدرزية في فردان حيث قدم التهانىء إلى شيخ العقل سامي أبي المنى. ولفت الراعي بعد اللقاء إلى ان “شعبنا يفتقر والدولة تتحلل وكأنها من كرتون ونحن نحمل هذه المسؤولية لنسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل ودورنا مخاطبة ضمائر المسؤولين “. اضاف: “نأمل البدء مع شيخ العقل بفجر جديد لأننا أصبحنا في عالم جديد وضميرياً لا يمكننا أن نكون في موقع المتفرّج، نحن ليس لدينا مصالح الا مصالح شعبنا.، وكلنا نشعر بأننا غرباء في هذا البلد وأحيي الأخوة في طائفة الموحدين الدروز ونتوخّى عمل الخير والتعاون فيما بيننا رغم كل شيء”.

من جانبه، قال ابي المنى: “ما بين بكركي والموارنة والدروز عقد محبة وأخوة وعيش مشترك لا تنفصم عراه وقد بنيناه معاً ونستمر معاً ومع كل الطوائف في لبنان وشرائح المجتمع اللبناني. أضاف، يجب أن نحفظ لبنان الرسالة برموش العيون وبجهدنا المشترك وبتعاوننا مع بعضنا لنبني هذا الوطن ولبنان لولا الرسالة لا معنى له فهو رسالة في الوطنية والانفتاح والتنوع، وحريصون على الدور الذي تقوم به بكركي ونأمل أن نكون معاً من أجل لبنان الواحد الذي أصبح في وضع يرثى له ونحن مسؤولون عن خلق جو ايجابي في البلد ومهمتنا ليست سياسية لكن علينا أن نمهّد الطريق لخلق هذا الجو الإيجابي”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *