الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط :‎ “‎حزب الله” يتصدر الحملات ضد المحقق في انفجار مرفأ ‏بيروت شكوك حول أسباب مخاوفه قبل صدور القرار الظني
الشرق الاوسط

الشرق الأوسط :‎ “‎حزب الله” يتصدر الحملات ضد المحقق في انفجار مرفأ ‏بيروت شكوك حول أسباب مخاوفه قبل صدور القرار الظني

أثار هجوم أمين عام “حزب الله” على المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ ‏بيروت القاضي طارق البيطار، ومطالبة الحكومة اللبنانية بالتدخل، جملة أسئلة ‏عن أسباب مخاوف الحزب من هذا التحقيق، كون الاستدعاءات لم تطل الحزب ‏مباشرة، بل طالت شخصيات حليفة له، وهو ما ينظر إليه خبراء على أنه ناتج ‏عن “إحراج الحزب وقلقه” من الادعاءات القائمة‎.
ودخل الحزب مباشرة في مواجهة مع القاضي البيطار، بالمطالبة بقاض “صادق ‏وشفاف” لاستكمال التحقيق في الملف. وقال أمينه العام حسن نصر الله مساء ‏الاثنين: “نعتبر ما يحدث خطأ كبيرا جدا جدا… ولن يوصل إلى حقيقة ولن ‏يوصل إلى عدالة بل إلى ظلم وإخفاء الحقيقة”. واتهم نصر الله المحقق البيطار ‏بـ”الاستنسابية والتسييس”، وبالعمل “في خدمة أهداف سياسية‎”.
وأثار تصريح نصر الله جملة ردود من قوى سياسية، تصدرها حزب “القوات ‏اللبنانية”، الذي أكد رئيسه سمير جعجع أن كلام نصر الله “غير مقبول لا شكلا ‏ولا مضمونا”. وقال في تصريحات صحافية: “كان يمكن أن أتفهم موقف نصر ‏الله لو كان صدر القرار الظني وتضمن مغالطات كالتي يتحدث عنها، لكن أن ‏ينتقد التحقيق قبل معرفة مضمونه كما فعل منذ حوالي 3 أشهر ولا يزال، يعني ‏أن (حزب الله) لا يريد التحقيق من أصله، أو على الأقل يريده شكليا حتى لا ‏يصل القضاء إلى الحقيقة كما فعل في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري‎”.
وذكر جعجع أن “القوات اللبنانية تعتبر أن لا حصانة على أحد في ملف كبير ‏مثل ملف انفجار المرفأ بدءا من رئيس الجمهورية وصولا إلى أصغر موظف ‏في الدولة”. واعتبر أن “(حزب الله) غير راض عن المحقق العدلي ومحكمة ‏الاستئناف ومحكمة التمييز ومجلس القضاء الأعلى لا يعجبه، يعني كل القضاء ‏في نظره غير مقبول، إلا إذا كان طيعا بين يديه. هذا الأمر بات واضحا، وهذا ‏الأداء يدل على مسؤولية ما لـ(حزب الله) في الانفجار‎”.‎
واستغرب عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب طوني حبشي “التدخل غير ‏العادي في مسار قضائي”، وذلك قبل انتظار النتيجة والاطلاع على الحيثيات، ‏قائلاً في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إن الهجوم على القاضي “يأتي من أركان ‏السلطة وهو ما يثير الخوف على المسار القضائي الذي يقوم به القاضي ‏البيطار”، وقال إن ما يجري “بدأ يطرح الشكوك حول نوايا المعترضين على ‏المسار القضائي ووقوفهم بوجه البيطار”، موضحاً أنه “بدأ يرخي بظلال الشك ‏حول تورط من يريد أن يوقف هذا التحقيق ومنعه من التوصل إلى نتيجة، ‏وبالتالي يرفض أن تكون هناك محاكمة بأي ملف”. وقال: “من المعيب أن ‏يعترض أي طرف على هذا التحقيق في جريمة قتل أكثر من مائتي شخص ‏وتدمير نصف العاصمة، وبالتالي يجب أن يُترك البيطار في مساره حتى يعطينا ‏النتائج وهناك نحكم عليها‎”.
ومهد الحزب لهجومه على البيطار بجملة تصريحات بدأت في أغسطس (آب) ‏الماضي، بالتلميح إلى “استنسابية” في الادعاءات، واستتبع ذلك برسالة بعث بها ‏رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا إلى البيطار، وتوعد فيها ‏بإزاحته بالقانون، قبل أن يُستكمل الهجوم في تصريح نصر الله الذي طالب بتنحية ‏البيطار عن الملف واستبداله بواسطة قاضٍ آخر‎.
ورأى حبشي أن “استباق الإجراءات القضائية بالهجوم عليها والتعاطي مع ‏القاضي بالتهديد يثبت أن ما قام به المسؤول الأمني في (حزب الله) وفيق صفا ‏ليس تصرفاً فردياً، وهو ما أثبته نصر الله في خطابه”، رافضاً اعتراض المسار ‏القضائي “خصوصاً أن المدعى عليهم ليسوا مستضعفين، بل هم أركان السلطة ‏وأقوى من البيطار نفسه”، مشيراً إلى أن الوقوف بوجه مسار التحقيق “هو ‏عرقلة وتشجيع للإفلات من العقاب‎”.
ولم ينظر الباحث في ملف الحزب والكاتب علي الأمين إلى تصريح نصر الله ‏على أنه “مفاجئ”، معتبراً أن الحزب “قلق من مسار التحقيقات، كونه يمسك ‏بالمنظومة السياسية والأمنية بأكملها في لبنان”، موضحاً لـ”الشرق الأوسط” ‏أن الافتراض بأن الحزب غير متورط مباشرة في انفجار المرفأ أو استقدام ‏الأمونيوم، “لا ينفي أنه يدافع عن أدواته في الأجهزة السياسية والأمنية وربما ‏القضائية كوننا ندرك حجم تحكمه وسطوته على الأجهزة في المرفأ، وندرك ‏خصوصية المرفأ تحت عنوان المقاومة، وهو تدخل معروف ومثبت وجاء على ‏لسان شهود”، وبالتالي، يضيف الأمين، أن “من يعمل على الأرض سواء ‏لتغطية شحنة النيترات التي وصلت إليه، أو التقصير في معالجتها، هم من ‏أدواته، ويعمل على حمايتهم‎”.
ويرى الأمين أن الحزب “قلق”، بالنظر إلى أن “هناك أسراراً كثيرة، وقد يفتح ‏التحقيق على أبواب أخرى، بشكل قد يغير في القرار الظني المنتظر صدوره بعد ‏الانتهاء من التحقيقات”. ويقول الأمين: “الحزب مربك باعتباره رأس السلطة ‏الفعلية، وبالتالي فإن المحاسبة ستطاله بشكل أو بآخر، لذلك يشعر بالقلق سواء ‏من فرضية أن يكون له أي علاقة بالنيترات، أو باهتزاز المنظومة التي يحميها، ‏وهو ما دفعه لرفع الصوت ضد البيطار بشكل علني‎”.
وتطال الاستدعاءات السياسية بشكل أساسي حليفي الحزب، وهما “حركة أمل” ‏التي ينتمي إليها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، و”تيار المردة” الذي ‏ينتمي إليه الوزير الأسبق يوسف فنيانوس، فيما يؤيد حليفه الآخر “التيار الوطني ‏الحر” الاستدعاءات القضائية ويدعم مهمة القاضي البيطار بتحقيقاته‎.
وإذ يؤكد الأمين أن القاضي البيطار مقتنع بمهمته ووظيفته، ما ينفي عنه تهمة ‏التسييس، يرى أنه “من الطبيعي أن يدرك التيار الوطني الحر أن هذا التفجير ‏استهدف مناطق المسيحيين بشكل خاص، وهناك إجماع من الكنيسة إلى الجهات ‏السياسية المسيحية على ضرورة التحقيق بالملف، وبالتالي، فإن التيار لن ‏يستطيع أن يواجه البيطار في هذا الملف، حتى لو تعرض لضغوط من (حزب ‏الله)”، موضحاً أن وقوف التيار في مواجهة القاضي “سيعني نهايته السياسية في ‏الشارع المسيحي، وبالتالي فإن التيار يعمل لمصلحته، لذلك لا يستطيع أن ‏يراعي الحزب في هذا الملف‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *