الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: شل التحقيق العدلي يدهم الانطلاقة الحكومية
النهار

النهار: شل التحقيق العدلي يدهم الانطلاقة الحكومية

لا يمكن تجاهل الأثر الثقيل والضاغط بقوة لقضية كف يد المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار على مجمل المشهد الداخلي وتحديدا على الانطلاقة الحكومية خصوصا ان هذا التطور السلبي الذي قد يهدد مجددا بشل التحقيق العدلي قد اثار تفاعلات واسعة لم تقف عند حدود الداخل وبدأ يتردد صداها في مواقف مجلس الامن اول من أمس والأمم المتحدة أمس ناهيك عن تفاعلات ساخنة في الداخل. ووسط طغيان هذه القضية ستنعقد بعد ظهر اليوم الجلسة العملية الأولى لمجلس الوزراء إيذانا ببدء المسار الانتقالي الحكومي الفاصل عن الانتخابات النيابية المقبلة التي يبدو لافتا أيضا ان أي موقف ديبلوماسي لاي دولة او هيئة دولية بات يدرج هذه الانتخابات كاولوية تتقدم اجندة تعامل المجتمع الدولي مع لبنان وحكومته الجديدة. ولذا اتخذ تنامي التعهدات الحكومية باجراء الانتخابات في موعدها دلالات تصاعدية اذ كرر رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في الساعات الأخيرة مرات عدة التزام اجراء الانتخابات بما يعكس ضمنا ان أي دعم خارجي مرجو للبنان بعد تشكيل الحكومة سيمر أيضا وربما أساسا بممر اثبات الحكومة جديتها وصدقيتها في الاعداد للانتخابات ضمن المعايير الإصلاحية.
ولعل “التطور” الدبلوماسي البارز الاخر الذي تشهده بيروت التي تفتقد منذ مدة طويلة الحضور الديبلوماسي الخارجي سيتمثل في زيارة رئيس الوزراء الاردني بشر الخصاونة اليوم لبيروت بما يكمل لوحة الاهتمام والدفع الأردنيين بالملف اللبناني خصوصا في الآونة الأخيرة حيث لعب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني دورا مساندا للمساعي التي ادت الى تشكيل الحكومة، كما وعمل قبل ولادتها على مساهمة المملكة الأردنية في مشروع استيراد الغاز المصري عبر اراضيها فضلاً عن استجرار الكهرباء من الاردن عن طريق سوريا الى لبنان .

جدول الأعمال
ويعقد مجلس الوزراء اولى جلساته في قصر بعبدا بعد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع دعا اليه رئيس الجمهورية لتمديد اعلان التعبئة العامة المتصلة بجائحة كورونا، وعلى جدول اعماله 11 بنداً، إضافة الى جدول يحتوي على 561 موافقة استثنائية صدرت خلال فترة تصريف الاعمال للحكومة السابقة. ومن بين البنود احالة جريمة انفجار خزان الوقود الذي وقع في منطقة التليل على المجلس العدلي، ونقل اعتماد بقيمة 16 مليار ليرة لبنانية من احتياطي الموازنة العامة الى موازنة وزارة الدفاع على أساس القاعدة الاثني عشرية لتأمين الفارق بين الاعتماد الملحوظ في مشروع الموازنة والاعتماد المُتاح من اجل دفع رواتب العسكريين حتى نهاية العام، بالاضافة الى بنود تضمن احتفاظ وزراء العمل والثقافة والداخلية والتنمية الادارية بوظائفهم. وتتجه الانظار الى رصد ما سيخرج به المجلس من قرارات سيما في ما يخص الازمات المعيشية، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي اذ من غير المستبعد ان يشكل المجلس الوفد الوزاري والمصرفي المفاوض.
ولوحظ ان الرئيس ميقاتي حرص على لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري غداة عودته من فرنسا وعشية الانطلاقة العملية للحكومة وأوضح على الأثر مجموعة مواقف بارزة من الأولويات المطروحة وأشار الى “ان لدينا مشاريع قوانين سترسل إلى مجلس النواب، وبعضها موجود ‏أساسًا كالكابيتال كونترول “. وأعلن ردا على سؤال ان “لا مانع لديّ بتاتاً من زيارة سوريا أو أيّ دولة أخرى شرط عدم تعريض لبنان لأيّ عقوبات” واكد ان لا خلاف بينه وبين رئيس الجمهورية حول المفاوضات مع صندوق النقد. وقال انه “ستكون هناك ورشة كاملة لانهاء كل القوانين الموجودة لا سيما القوانين اصلاحية وفي موضوع التعيينات اؤكد انني لست من هواة صنع الخلافات لأظهر انني أحلها وليست لدينا غاية لا لتعيين ازلام او غيرهم”. وفي موضوع المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت جدد التإكيد انه ” لا يجوز ان يتغير القاضي مرة اخرى لانه سيفقد التحقيق مصداقيته واتمنى ان تتم اعادة النظر في القانون وان يلتزم القاضي البيطار القانون “. وشدد على “ان نيتنا صادقة بإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها وعدم إرجائها وهناك لجنة تتابع موضوع اقتراع المغتربين”.

وشدد سفير الإتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف عقب زيارته ميقاتي أمس على “أن العنصر الأكثر أهمية هو الدخول في مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي” كما ركز بدوره على أهمية إجراء الإستحقاقات الإنتخابية في موعدها المحدد في العام المقبل، وكذلك ما يمكن القيام به لمعالجة المشكلات المتعلقة بقطاع الكهرباء”. وأعلن “اننا سنواصل دعمنا للبنان، وبشكل خاص في القضايا المتصلة بقطاعات الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية والتربية”.
ووسط تصاعد الضجة والشكوك حول مسألة انتخاب المغتربين سارع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب الى اصدار تعميم الى جميع البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج حدد فيه موعد تسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للاقتراع في الانتخابات النيابية وذلك ابتداء من الاول من شهر تشرين الاول المقبل ولغاية العشرين من تشرين الثاني 2021 من خلال اعتماد التسجيل الالكتروني أو الحضور شخصياً الى البعثة الدبلوماسية الأقرب أو بموجب كتاب موقع ومثبت وفقاً للأصول شرط ان يُبرز المغترب اللبناني بطاقة هوية لبنانية أو اخراج قيد لبناني أو جواز سفر لبناني وبطاقة إقامة في البلد الأجنبي أو هوية أجنبية أو جواز سفر أجنبي أو جواز سفر لبناني ممهور بتأشيرة هجرة أو بإجازة عمل، أو رخصة قيادة أجنبية. وطلب الوزير بو حبيب من كل البعثات الديبلوماسية اللبنانية المعنية تكثيف الجهود لحث المغتربين على التسجيل.

تفاعلات قضية البيطار
في هذه الاثناء، بقيت التطورات التي استجدت على خط التحقيقات في جريمة المرفأ في الواجهة. في السياق، أكدت منسقة الأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي عبر حسابها على “تويتر” “أن هناك حاجة ماسة لتحقيق مستقل وحيادي في تفجير مرفأ بيروت”، مضيفة “لا بد من تحقيق العدالة ولعائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت الحق في معرفة الحقيقة”.
وعشية التحرك الذي دعا اليه الاهالي والمجتمع المدني ظهر اليوم امام قصر العدل رفضا لكف يد المحقق العدلي طارق البيطار، ازداد المناخ المتوتر تفاقما مع وفاة ضحية جديدة من ضحايا انفجار مرفأ بيروت هو إبرهيم حرب الذي توفي بعد صراع طويل مع تفاعلات الجراح التي أصيب بها والغيبوبة منذ انفجار المرفأ وأجريت مراسم تشييعه أمس في بيروت. وفي غضون ذلك التقى وزير العدل الجديد القاضي هنري خوري وفدا من “لجان عائلات ضحايا وشهداء المرفأ “واستمع إليهم في ظل التطورات الاخيرة، وأكد “تضامنه الكامل معهم في قضيتهم المحقة”، وشدد على أن “القضاء يقوم بعمله القانوني على أكمل وجه، على الرغم من الضجة الكبيرة والدعايات الكثيرة”، مشددا على “ضرورة وقف التهشيم والتشهير بالقضاء لان الامر يضعف وضع الجهتين، اي الاهالي والقضاء”. واذ أعرب خوري عن ثقته بقضاة لبنان، دعا الى “ترك القضية لمسارها القانوني، والى ملء الثقة بالقضاة المولجين متابعة ملف المرفأ”، واوضح عدم احقيته كوزير عدل في “التدخل بعمل القاضي او الاطلاع على تفاصيل الملف”، وقال، “المؤكد اني سأواكب الملف للتأكد من سلوكه المسار القانوني، واتمنى وقف حملات التشهير والتخوين بالقضاء والقضاة، لان الامر سيضعف القضية وسيؤخر الملف، فيما الهدف هو الوصول الى العدالة والحقيقة ضمن اتباع المسار القضائي القانوني”..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *