الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار: “التسييس” يلف تحقيقات المرفأ: تجميد عمل البيطار بعد استدعاءات جديدة
الاخبار

الأخبار: “التسييس” يلف تحقيقات المرفأ: تجميد عمل البيطار بعد استدعاءات جديدة

دخلت المواجهة بين “المُدّعى عليهم” في ملف انفجار مرفأ بيروت والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار جولة جديدة، صار معها “مصير” الأخير على المحك، على رغم أنه قد لا يُبت به قريباً. إذ إن الدعاوى المقدّمة بحقه في محاكم التمييز والاستئناف غير مضمونة النتائج حتى الآن.
وبعد دعوى “الارتياب المشروع” التي تقدّم بها الوزير السابق يوسف فنيانوس، تبلّغ البيطار دعوى طلب الردّ المقدمة من النائب نهاد المشنوق. الفارق بين الدعويين أنه، في ما يتعلق بالثانية، فإن المحقق العدلي مُلزم منذ لحظة تبلّغه بها بتجميد عمله في التحقيق وبوقف الإجراءات التي يتخذها في حق المدعى عليهم أو الشهود.
اختلاف الآراء القانونية في شأن صلاحية بعض المحاكم في البت في مثل هذه الدعاوى، طرح تساؤلات حول كيف سينتهي بها الأمر، لا سيما أن محاكم الاستئناف سبق أن أسقطت مثل هذه الدعاوى في الشكل قبل النظر في المضمون، بحجة أن البتّ فيها ليس من اختصاصها.
يوم أمس كان حافلاً في “العدلية”. وصلَ البيطار إلى مكتبه، واستأنفَ عمله بعدَ تغيبه يوميْ الخميس والجمعة الماضيين، وبدأ باستجواب العميد في مديرية المخابرات سابقاً جودت عويدات. وفورَ انتهاء الجلسة دخلَ المباشِر مبلغاً إياه طلب الردّ، ما ألزمه تجميد عمله على الفور. لكن تبين أن البيطار كان قد رفع طلبين جديدين إلى وزير الداخلية والأمانة العامة لمجلس الوزراء لإعطاء الإذن بملاحقة كل من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا. وتردد أنه أعدّ، طلب ادعاء على أحد القضاة، وهو ما سربه إعلاميون على صلة دائمة بالبيطار. وذكر هؤلاء أن القاضي المقصود هو المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري.
وأدت هذه التطورات إلى إثارة جو من البلبلة، حيث اتهم مدعى عليهم البيطار بأنه أصدر طلبي ملاحقة إبراهيم وصليبا بعد تبلّغه دعوى طلب الرد. ويقول هؤلاء إنه سجلّهما بتاريخ 24 من الشهر الجاري، أي يوم الجمعة، علماً أنه لم يحضر إلى مكتبه يومها. كما اتهمه هؤلاء بأن الادعاء الذي أعدّه البيطار على الخوري هدفه الرد على طلب الردّ المقدّم من المشنوق. علماً أن آخرين يعتقدون بأن “تهمة التلاعب غير منطقية، لأن في إمكان القاضي البيطار أن يعد الطلبات من منزله”.
من جهة ثانية، وفيما يعتقد بأن طلب ملاحقة إبراهيم وصليبا لن يغير في موقف وزارة الداخلية ومجلس الدفاع الأعلى نظراً لبقاء الوقائع كما كانت سابقاً، إلا أنه برزت شكوك حول إمكانية قبول محكمة الاستئناف طلب الرد المقدّم من المشنوق، بناءً على تجارب سابقة تشير إلى أن المحكمة قد ترفض الطلب في الشكل لأنه لا يدخل ضمن اختصاصها.
لكن الوكيل القانوني للنائب المشنوق المحامي نعوم فرح يقول إنه “لا يوجد نصّ قانوني يشير إلى عدم وجود صلاحية لمحكمة الاستئناف، وعليه فهي المرجع الصالح حتى إشعار آخر”. واعتبر أنه “لا يُمكن حصر كف يد القاضي أو المحقق العدلي بالارتياب المشروع، ولا يوجد نص يمنع طلب رد القاضي، لأننا بذلك نصبِح أمام ديكتاتورية القضاة”، واضعاً ما يحكى في إطار “المعركة الإعلامية والنفسية” ومؤكداً أن “الطلب المقدم من قبلنا معلل بأسباب موجبة كافية للقبول بها، وإلا يكون هناك تسييس”. بينما أكد مرجع قانوني أن “المحكمة تستطيع اتخاذ القرار الذي تراه مناسباً، إما لناحية قبول طلب الردّ أو لناحية رفضه. على أن تعلّل في الحالتين سبب القرار والمعطيات التي بنت عليها قرارها. والمحكمة ليست ملزمة بقبول الطلب أو رده، فهي سيدة نفسها لناحية السلطة التقديرية المُعطاة لها بدرس الملفات”.
الواضح من مسار الملف كله، أن قضية انفجار مرفأ بيروت دخلت البازار السياسي والانتخابي والشعبوي من بابِه العريض، وأصبحت مادة لتحريك العصبيات والتعبئة في معركة تصفية حسابات تُدار كلها بـ “القانون”… والنتيجة الوحيدة المُحققة حتى الآن هي تمييع التحقيق ومحاولة توظيف القضية في السياسة وبقاء اللبنانيين وأهالي الضحايا من دون جواب حول هوية المسؤول عن جريمة قتل أولادهم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *