الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: لا معجزات في باريس اليوم… ولبنان على خط الــترسيم لتعديل المرسوم
الجمهورية

الجمهورية: لا معجزات في باريس اليوم… ولبنان على خط الــترسيم لتعديل المرسوم

تتركّز الأنظار على باريس التي شكلت المحطة الأولى في جولات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واجتماعه اليوم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسيتجاوز التركيز الصورة والحفاوة والمشهدية، إلى ما يمكن ان تُسفر عنه هذه الزيارة من خطوات عملية وترجمات فورية لمساعدات لبنان في أشد الحاجة إليها، وتشكل فاتحة لمساعدات وجولات جديدة وقريبة. على انّ تخصيص ميقاتي باريس بالجولة الخارجية الأولى سببه رعايتها للوضع اللبناني، ليس فقط من زاوية مساعيها لتأليف الحكومة، إنما لجهة حشد الدعم الدولي للبنان ماليا واقتصاديا، وهذا الدور ستتكفّل بماتبعته أكثر فأكثر بعد تأليف الحكومة التي تشكل بالنسبة الى المجتمع الدولي معبرا أساسيا للمساعدات بعد التزامها المسار الإصلاحي.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ ميقاتي يعوِّل كثيرا على دور فرنسا لـ3 أسباب أساسية:
ـ السبب الأول، أن لبنان لم يعد في استطاعته الخروج من أزمته من دون مؤازرة دولية، والمساعدة الفرنسية ضرورية لفتح أبواب العواصم الغربية والعربية.
ـ السبب الثاني، أن الرعاية الفرنسية تشكل مصدر اطمئنان داخلي الى ان لبنان ليس متروكاً لقدره، وان باريس بما تملك من علاقات دولية ستبقى العين الساهرة على وضعه.
ـ السبب الثالث، أن باريس على تقاطع مع الدول المعنية بالواقع اللبناني، من واشنطن إلى الرياض وطهران، وبالتالي تستطيع التوفيق بين هذه الاتجاهات بما يخدم الاستقرار في لبنان.
وقالت المصادر المطلعة ان زيارة ميقاتي الباريسية التي تأتي بعد أيام على نيل حكومته الثقة تشكل ارتياحا لدى اللبنانيين الى ان مسار الحكومة الحالي يختلف عن مسار الحكومة السابقة التي لم تتمكن من الخروج من لبنان، وان هذه السرعة دليل جدية ودينامية مختلفة وإصرار على فرملة الانهيار ومعالجة الأزمة عن طريق البوابة الأساسية، ألا وهي المجتمع الدولي.

العروق الجافة
وبينما تتجه كل الانظار الى باريس اليوم لمواكبة لقاء ماكرون ـ ميقاتي ونتائجه المحتملة، نصحت اوساط مطلعة بعدم المبالغة في الآمال المعلقة عليه ورفع سقف التوقعات كثيراً، لافتة إلى ان لا معجزات ستحصل في العاصمة الفرنسية.

وقالت هذه الاوساط لـ”الجمهورية” ان إعادة ضخ الدم في عروق مؤتمر “سيدر” الجافة ليست مهمة سهلة بعد التحولات التي جرت داخليا وخارجيا منذ انعقاد هذا المؤتمر، مشيرة الى ان المتوقع في أفضل الحالات هو إعطاء لبنان جرعات من الاوكسيجين والمسكنات التي قد لا يستمر مفعولها طويلا ما لم تواكبها معالجات جذرية وتدفقات مالية كبيرة بالعملة الصعبة، لم تظهر بعد مؤشراتها الجدية.
واشارت الاوساط نفسها الى ان رفع الدعم كليا عن المحروقات من دون إرفاقه بصمّامات أمان قد يؤدي الى تداعيات اجتماعية واقتصادية، ومِن مَخاطره المحتملة إمكان ارتفاع الدولار الى سقوف أعلى وسط الطلب الكثيف الذي سيحصل عليه في الأسواق عند إلغاء الدعم.
وشددت الاوساط على ان المطلوب اتخاذ قرارات استثنائية بحجم التحديات واكتساب ثقة المجتمع الدولي لاستقطاب مساعدات وازنة تصنع فارقا حقيقيا، والّا فإن الهامش الممكن لن يتجاوز حدود تقطيع الوقت في سياق سباق غير مضمون مع المخاطر الداهمة.

ترسيم الحدود
في غضون ذلك، عاد أمس ملف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية الى قصر بعبدا من خلال اجتماع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس الوفد اللبناني المفاوض العميد الركن الطيار بسام ياسين، وعضوي الوفد العقيد الركن البحري مازن بصبوص وعضو هيئة إدارة قطاع البترول المهندس وسام شباط، في حضور المستشار الأمني والعسكري لرئيس الجمهورية العميد الركن بول مطر.

وبعدما سلّم الوفد عون تقريرا يتضمن مراحل المفاوضات منذ انطلاقتها وحتى تاريخه، واستراتيجية متكاملة للمرحلة المقبلة، بما يضمن مصلحة لبنان العليا في المحافظة على حقوقه في ثرواته في المنطقة الاقتصادية الخالصة، علمت “الجمهورية” ان الوفد قدّم طرحا متكاملا وتصوراته حول الدوافع التي قادت اسرائيل الى طرح عملية التنقيب مجددا في شكلها ومضمونها وتوقيتها، وتحديدا في المنطقة التي ستثير حفيظة الوفد اللبناني الذي سبق له ان حذّر من انها يمكن ان تتحول من منطقة اسرائيلية “خالصة” الى منطقة “متنازع عليها” في حال تعديل المرسوم الرقم 6433 واعتماد الخط 29 بدلا من الخط 23. كذلك تناول البحث ما يمكن ان يقوم به لبنان من اجل مواجهة الطروحات الاسرائيلية وطريقة التعاطي معها.

عند بوحبيب
وعلمت “الجمهورية” ان الوفد المفاوض سلّم العرض نفسه الى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب أمس الأول، عشيّة اللقاء الذي عقده بوحبيب امس مع السفيرة الاميركية دوروتي شيا العائدة من بلادها والتي سبق لها ان التقت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل توجهه الى العاصمة الفرنسية.
وكان لقاء الأمس مع عون قد ارجىء 24 ساعة بعدما تقرر ان يعقد اللقاء مع بوحبيب قبله ليكون وزير الخارجية في الأجواء التي يعيشها الوفد المفاوض قبل اللقاء مع السفيرة الاميركية، الذي تركز البحث خلاله على العلاقات الثنائية وترسيم الحدود ودعم الجيش اللبناني، الى جانب مسألة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وزير خارجية إيران
الى ذلك كشف مصدر ديبلوماسي لبناني أن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، سيزور لبنان بعد انتهاء أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وذلك ضمن جولة له على المنطقة تشمل بيروت ودمشق.
وكانت وكالة “مهر” الإيرانية قد أفادت أمس الأول بأن وزير خارجية إيران التقى في نيويورك مسؤولين سعوديين ومن دول خليجية وعربية أخرى، وقال إن تعزيز العلاقات مع الجيران يأتي على رأس أولويات الحكومة الجديدة. وقد جاء لقاء الوزير الإيراني بالمسؤولين العرب على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وقد حضره وزراء خارجية وممثلون كبار لدول بينها السعودية والكويت وقطر ومصر والأردن وتركيا وفرنسا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي. فيما كتبت وزارة الخارجية الإيرانية على “تويتر”، إن أمير عبد اللهيان عقد ما وصفته اجتماع متابعة لاجتماع عقده خلال مؤتمر في بغداد في 28 آب الفائت.

“الوفاء للمقاومة”
وفي المواقف، حَضّت كتلة “الوفاء للمقاومة” في اجتماعها الدوري الحكومة على “التزام برنامج أولويات بحسب المواضيع الاكثر الحاحاً، ومباشرة التصدي لملفات الكهرباء والمحروقات والمياه وتأمين الدواء والإبقاء على دعم المطلوب منه للأمراض المزمنة والمستعصية واللقاحات وحليب الأطفال، وضبط أسعار السلع في السوق بما يمنع الغلاء الفاحش والاحتكار”، وشددت على وجوب “أن يكون أي اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي وفق المصلحة اللبنانية ومن دون القبول بأيّ إملاءات أو وصفةٍ جاهزة”.
ولفتت الكتلة الحكومة الى “أنّ الوقت الذي يفصلنا عن المهلة الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية هو بضعة أشهر، ولذلك ينبغي للحكومة ولكل المعنيين أخذ هذا الأمر في الاعتبار وبذل الجهود الحثيثة للالتزام بإجراء هذا الاستحقاق في موعده القانوني والتحضير لكامل احتياجات إنجازه”.
وقالت: “إن تلزيم العدو الصهيوني إحدى الشركات الأميركيّة التنقيب عن الغاز في مناطق متنازع عليها مع لبنان، يستدعي من الدولة اللبنانية وسلطتها أن تحسم أمر حدودها البحريّة وفق المعايير العلميّة والقانونيّة ومتطلبات اعتمادها لدى الأمم المتحدة بما يتناسب مع القانون الدولي، ليصبح حقّ لبنان بمساحته الجغرافيّة وحدوده البريّة والبحريّة مصاناً على المستوى القانوني بشكلٍ نهائي تبعاً لما تقرر الدولة اللبنانية اعتماده وتثبيته وفق الأصول المرعية الإجراء دوليّاً.
في غضون ذلك، غردت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا عبر “تويتر” في ختام جولة لها امس على وزراء العدل والدفاع والمال، فاعتبرت “أن التحقيق السريع في انفجار مرفأ بيروت سيكون معيارا لقضاء مستقل وفعال في لبنان”. واكدت”التزام الأمم المتحدة دعم الجيش اللبناني وأهميته الحيوية للقرار 1701″. واشارت الى ان”لبنان في حاجة الآن إلى خطوات سريعة لإرساء الاستقرار وتطبيق إصلاحات بالتوازي مع شبكة أمان اجتماعي متينة لتمهيد الطريق للتعافي”.

حدث تاريخي
من جهة ثانية، رست السفينة الأميركية “USNS Choctaw County” في مرفأ بيروت، وذلك كجزء من تدريبات يجريها الأسطول الأميركي، ووصفت بأنها “الأولى من نوعها في الأسطول الخامس”.
وبحسب بيان وزعته السفارة الأميركية في بيروت، فقد وصلت هذه السفينة المخصصة للنقل السريع إلى لبنان في 20 من الجاري في زيارة كانت مقررة سابقا. وقالت إن “هذه الزيارة التاريخية هي الأولى لسفينة بحرية أميركية إلى قاعدة بحرية لبنانية، وهي تسلط الضوء على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني”، مشيرة إلى أن “هذه الزيارة بإدارة القيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية (NAVCENT)، تعتبر جزءا من مهمة هذه القيادة التي تهدف إلى بناء قدرة البحرية اللبنانية على الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين وتعزيز قدرات الاستجابة للكوارث، بما في ذلك تبادل الخبراء المتخصصين بين البحرية اللبنانية وطاقم القيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية الذين يعملون على الاستجابة للكوارث، والصحة العامة، وإجراءات مكافحة الألغام، وطب الغوص، وقدرات البناء”.
وقال الأدميرال براد كوبر، قائد الأسطول الخامس الأميركي والقوات البحرية المشتركة: “هذه فرصة جديدة للبحرية الأميركية للعمل مع نظرائنا اللبنانيين.. نحن نستهل حقبة جديدة من تعزيز وتوسيع بناء القدرات في جميع أنحاء المنطقة”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *