الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: عاصفة بيطار تتصاعد بين الترهيب و”الارتيابيين”
النهار

النهار: عاصفة بيطار تتصاعد بين الترهيب و”الارتيابيين”

يتوجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم إلى باريس في زيارة عمل يتوجها غداً بأول لقاء له مع زعيم دولي منذ تأليف الحكومة الجديدة، وهو الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سيستضيف ميقاتي إلى الغداء في قصر الاليزيه، في مؤشر إلى مضيه في مبادرته حيال لبنان، وايلاء ملفه الأولية القصوى لدى فرنسا منذ انفجار مرفأ بيروت. واذ يبدو طبيعياً ان تثير اول زيارة لميقاتي كرئيس للحكومة باريس دون سائر العواصم العربية والغربية المعروفة تقليدياً بعراقة علاقاتها التاريخية مع لبنان، الكثير من الاجتهادات والجدل حول دلالات الزيارة وما يمكن ان تفضي اليه على صعيد توفير دفع بارز للحكومة، فإن الأنظار ستتركز على نتائج الزيارة من جهة إحياء مقررات “سيدر” وما يمكن ان يسمعه ميقاتي في المقابل من تشديد فرنسي على الأهمية الحاسمة لالتزام حكومته المسار الإصلاحي التنفيذي والجدي والحاسم الذي لن تكون للبنان مساعدات خارجية ودولية وازنة من دونه. وتحدثت بعض المصادر عن احتمال مطالبة ماكرون ميقاتي بجدول زمني لمراحل الإصلاحات وتنفيذها تباعاً. ولم تغب هذه الدلالات تباعاً أمس في مؤشرات دولية وعربية متعاقبة برزت معها عودة الاهتمامات لدى بعض الجهات الدولية والدول بواقع لبنان على خلفية انطلاق الحكومة الجديدة في عملها، اذ أصدرت اولا مجموعة الدعم الدولية للبنان بيانا رحبت فيه بتشكيل الحكومة الجديدة وبمنح البرلمان اللبناني الثقة للحكومة وبرنامجها. وتماشياً مع البنود الرئيسية للبيان الوزاري المعتمد، “حضت مجموعة الدعم الدولية القادة اللبنانيين على التحرك بسرعة لتخفيف عبء المشقة الاقتصادية والاجتماعية عن الشعب اللبناني واستعادة الخدمات الأساسية والتحضير لانتخابات نزيهة وشفافة في موعدها في العام 2022 والشروع في الإصلاحات اللازمة لاستعادة الثقة ولتحقيق العدالة والاستقرار والازدهار للشعب اللبناني ولتمهيد الطريق لتعزيز الدعم الدولي” وكررت “تأكيد أهمية استكمال التحقيق في انفجارات مرفأ بيروت على وجه السرعة، وأكدت وقوفها إلى جانب لبنان وشعبه”.

بدورها هنأت ممثلة الامم المتحدة في لبنان السفيرة يوانا فرونتسكا رئيس الجمهورية ميشال عون على تشكيل الحكومة الجديدة مؤكدة من بعبدا ان “منظمات الأمم المتحدة ستعمل معها في سبيل تحقيق ما ورد في بيانها الوزاري، لا سيما في ما خص الإصلاحات واجراء الانتخابات النيابية ضمن المهلة المحددة، إضافة إلى الاستمرار في دعم الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية وتوفير المساعدات اللازمة لها”. ولفتت إلى ان مجلس الامن سيلتئم في 9 تشرين الثاني المقبل للاستماع إلى احاطة عن الوضع في لبنان لا سيما بعد تشكيل الحكومة ونيلها الثقة على ضوء برنامج العمل الذي تقدمت به”.

وفي مؤشر ثالث بارز تلقى الرئيس ميقاتي اتصالا من ملك الاردن عبد الله الثاني هنأه فيه بتشكيل الحكومة الجديدة. والاتصال بدا لافتاً كون العاهل الأردني تطرق أمس في كلمته امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى الواقع الإنساني الصعب الذي يعاني منه لبنان. وفي اتصاله بميقاتي أكد الملك عبدالله انه “سيكثف مساعيه مع قادة العالم لدعم لبنان الذي يواجه وضعا إنسانيا واقتصاديا حرجا، ويتطلب ذلك استجابة دولية محكمة التخطيط ودقيقة التنفيذ”، وشدد “على دعم لبنان في هذه الظروف الصعبة” متمنيا للرئيس ميقاتي التوفيق في مهمته. بدوره شكر الرئيس ميقاتي”الملك الاردني على عاطفته الدائمة تجاه لبنان ومبادراته المشكورة تجاه الشعب اللبناني”، وقال”ان اللبنانيين لم ينسوا وقوف الاردن الدائم إلى جانب لبنان”.

على محورين
وسط الاستعدادات لزيارة ميقاتي لباريس تحولت قضية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار إلى عاصفة متنامية في ظل تطورين: الأول ثبوت تلقيه تهديدات من “حزب الله” الذي التزم الصمت لليوم الثاني على كل المعطيات المتداولة إعلاميا وقضائيا وسياسيا حول هذا التهديد، بما يثبت انه ليس صحيحا فقط، وانما الحزب ماض في التهديد ولن يتراجع عن محاولته ترهيب المحقق العدلي. واما التطور الثاني فهو تصاعد المواجهة بين المحقق العدلي ومجموعة المسؤولين السابقين والنواب الذين يلاحقهم والذين بدأوا تقديم شكاوى ومراجعات قانونية في حقه بدعوى الارتياب المشروع.

في الجانب المتصل بتهديد بيطار، التقى وزير العدل هنري الخوري في مكتبه في وزارة العدل، المحقق العدلي واستوضح منه حصرا ما تداولته وسائل والمتعلقة بأمنه الشخصي على ان “يقوم الوزير الخوري بمتابعة هذا الأمر مع المراجع القضائية المختصة كي يُبنى على الشيء مقتضاه”. وافادت المعلومات أن المحقق العدلي رد خطياً ‏على طلب النائب العام التمييزي في شأن إعداد تقرير حول ما يتم تداوله عن رسالة شفهية وصلته بالواسطة من صفا وذلك بالتأكيد على فحوى الرسالة التي تم التداول بها والتي وصلته. وأفادت المعلومات أن بيطار أكد في رده المعلومات عن تهديده بواسطة رسالة شفهية وصلته بالواسطة من مسؤول التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا.

في الشق الثاني تقدم فريق من محامي الدفاع عن الوزير السابق يوسف فنيانوس بدعوى “نقل الدعوى للارتياب المشروع” بحق المحقق بيطار. وقال انه “لن يسكت عن جور يطاوله شخصيا”. وشدد على ان “السلوك الشاذ والردود والاجتهادات والانتقائية والكيل بمكيالين، وكل أنواع المظالم، لا تغير الحقائق والوقائع”. ورأى فنيانوس “ان تحميله الجريمة واصدار مذكرة توقيف في حقه خطوة غير مشروعة وظالمة، اذ ان المجلس العدلي اصلا ليس صاحب الصلاحية”.

اما الموقف الأشد حدة في شأن بيطار فجاء هذه المرة على لسان النائب نهاد المشنوق الذي لمح إلى أنّ المحقق العدلي “يأتمر بالمستشار الرئاسي سليم جريصاتي”. وذكّر بتهديد جريصاتي له قبل عامين، بأنّه “سيدفع الثمن غالياً”، بسبب تصدّيه لكلام النائب جبران باسيل من البقاع، حيث هاجم “السنيّة السياسية”.

وقال المشنوق بعد اجتماع مطوّل مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان: “سنواجه بالدستور وبالقانون وبالسياسة فليسمح لنا البيطار، هذا كثير. وهذه مسألة لا تحتمل شدّ العضلات، ولا يزايدنّ أحدٌ علينا. كلّ واحد يروق ويعرف وين قاعد”. وأضاف: “من سيقول إنّ هذه الدار فئوية وطائفية، أجيبه: أنا مستعدّ أن أقول هذا الكلام من بكركي”. وإذ أعلن أنّ “صاحب السماحة لم يسمح لي، لكن سأقولها، إذا كان جهاز أمن الدولة يريد إحضار الرئيس حسان دياب، وضيّع العنوان، فعنوان الرئيس دياب هو “دار الإفتاء – الزيدانية – بيروت”، فليأتوا للتبليغ والإحضار من هنا”. وعدّد المشنوق مجموعة أسباب “لارتيابه المشروع من تنفيذ البيطار أجندة سياسية، بعيداً من الدستور والقانون والمنطق”.

وفي المقابل دافع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بقوة عن بيطار وأعلن في بيان انه “لمن المخزي جداً ان يتم تهديد محقق عدلي يعتبر بين أقرانه من أشرف وأنزه القضاة، وفي قضية بحجم انفجار مرفأ بيروت والمآسي التي نتجت عنه، كما انه من المؤسف جدا ألا تتجاوب مع المحقق الكثير من الشخصيات المطلوبة إلى التحقيق، ساعة بحجة الحصانات، وساعة أخرى بحجة التوازن الطائفي، والمطلوب من وزير العدل الجديد والحكومة الجديدة بأكملها ان تقف سدا منيعا بوجه كل تهديد او عرقلة للمحقق العدلي. وبكافة الأحوال وبطريقة او بأخرى لن نترك قضية انفجار المرفأ تسقط من دون كشف حقيقتها”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *