الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: الاحتدام السياسي يتصاعد غداة زيارة لودريان
النهار

النهار: الاحتدام السياسي يتصاعد غداة زيارة لودريان

كتبت صحيفة النهار تقول: -طبقاً لما أوردتها “النهار”، أمس، من أنّ ما بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت لن يختلف في شيء عما كان قبلها بالنسبة إلى الأزمة الحكومية والسياسية، لم تمضِ أربع وعشرون ساعة على انتهاء الزيارة حتى تجدّدت السجالات الداخلية حاملة استعادة للمشهد المأزوم والمفتوح على مزيد من استنزاف على مختلف الصعد السياسية كما الاقتصادية والمالية والاجتماعية. والواقع أنّ الهوّة الواسعة راحت تتّسع أكثر فأكثر بين كل عناوين السجالات السياسية ومعاركها وسلالم أولوياتها بين الأفرقاء السياسيين وبين الوضع الشديد التأزم على المستوى المعيشي والاقتصادي في ظل التحليق المخيف لاسعار السلع المختلفة ولا سيما السلع الغذائية والدوائية وسط تسارع العد العكسي لرفع الدعم عن المواد الأساسية وما بدأت تشهده الأسواق من تداعيات بالغة السخونة على هذا الصعيد. ويخشى والحال الطالعة على هذا المنوال أن يكون لبنان دخل فعلاً مرحلة شديدة الخطورة من شأنها أن تحوّل الأسابيع المقبلة إلى وقت متحوّل نحو هاوية تحمل شتّى أنواع المخاوف من اضطرابات اجتماعية ومعيشية قد لا تبقى محصورة في نطاق سلمي ويخشى أن تهزّ الاستقرار الأمني.

وبالعودة إلى الوضع السياسي، يمكن القول أنّ المشهد الداخلي أثبت بسرعة فائقة عدم تأثّره ظاهراً على الأقل برسائل الضغط بل التهديد الفرنسية التي أطلقها وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته المثيرة للجدل، على رغم أنّ جميع القوى السياسية ترصد بترقب حذر للغاية كيف ستشرع فرنسا بترجمة آلية العقوبات التقييدية في حق من ستنصفهم في فئتي تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة والفساد ومن يمكن أن تشمل هذه العقوبات وكيف سيتم تطبيقها وماذا ستكون عليه تداعياتها على الدور الفرنسي في لبنان. وبدا لافتاً، في هذا السياق، أنّ موضوع العقوبات بدأ يرخي ظلاله على الخطاب السياسي الداخلي بما يعني تحسب جهات عديدة لشمول مسؤولين أو محسوبين عليها بها.

في غضون ذلك، تجدّد أمس التراشق الإعلامي الحاد على خلفية أزمة تشكيل الحكومة بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” بعدما بادر الأول كعادته كل سبت وثلثاء إلى الهجوم على الرئيس المكلف سعد الحريري. فبعد اجتماع الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل أمس، أصدرت بياناً دعت فيه الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة “إلى إعادة لبننة عملية التشكيل باعتبارها استحقاقاً لبنانياً صرفاً بالدرجة الأولى، وأن نبقي تشكيل الحكومة مسؤولية اللبنانيين لو مهما بلغ مستوى المساعدة من أصدقائهم. وعليه يدعو “التيار” إلى العودة الى الأصول الميثاقية والدستورية لتشكيل حكومة تحمل برنامجاً إصلاحياً واضحاً وتتألف من وزراء يتمتعون بالخبرة والكفاءَة والقدرة على تنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد وتحقيق النهوض الاقتصادي. ويدعو “التيار” مجدداً الى عدم إضاعة الوقت أكثر من ذلك وتقديم تشكيلة حكومية متكاملة وفق المنهجيّة المعروفة والمعتمدة لكي تتمكن من الحصول على ثقة المجلس النيابي وثقة اللبنانيين”.

ولفت في بيان “التيار” دعوته إلى أن “تواصل فرنسا مسعاها من خلال المبادرة الفرنسية، إلا أن الحديث عن فرض عقوبات على سياسيين بسبب موقفهم السياسي، هو أمر يقوم به اللبنانيون الذين هم من يعطون المسؤولين عنهم الشرعية الشعبية في اتخاذ المواقف السياسية والدستورية أو ينزعوها عنهم. فيما يأمل التيار من فرنسا والإتحاد الأوروبي ملاحقة الفاسدين ومحوّلي الأموال العامة ومسيئي استعمالها ومبّيضيها وذلك بحسب القوانين الدولية وقوانينهم المحليّة”.

وردّ تيار “المستقبل” على “التيار الوطني الحر” معتبراً أنّه “الأجدر به أن يتوجه الى رئيسه جبران باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون بدلاً من الرئيس المكلف، وأن يطالبهما بالافراج عن التشكيلة الحكومية الموجودة في القصر الجمهوري منذ اكثر من ستة أشهر لتخضع لامتحان الثقة في المجلس النيابي. ان محاولات التذاكي التي يقوم بها “التيار الوطني الحر” ورئيسه، والإصرار على عدم احترام عقول اللبنانيين واصدقاء لبنان في العالم، عبر طرح شعارات رنانة مثل الاصلاح ومكافحة الفساد، بات أشبه بنكتة سمجة ودعاية ممجوجة لا قيمة لها. لذا، نجدد دعوة “التيار الوطني الحر” إلى احترام المعايير الدستورية لتسهيل الولادة الحكومية، بعيدًا عن “المعايير الباسيلية” التي وضعت رئيسهم ورئيس الجمهورية في موقع الانقلاب على المبادرة الفرنسية، وفي خانة المعطلين الذين يأخذون البلاد إلى جهنم نتيجة حسابات شخصية لا تقيم أي وزن لمصالح اللبنانيين ولمعاناتهم جراء سياسات هذا العهد الذي يعطل نفسه بنفسه، ويمعن في إضاعة الفرصة تلو الفرصة لإنقاذ لبنان”.

وفي سياق متّصل، لوَّح نائب رئيس تيار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش بخطوات يستعدّ لها تيار “المستقبل” لمواجهة أي محاولة لتأخير الانتخابات النيابية منها استقالة جماعية من مجلس النواب. وقال: “الترويج لتأجيل الانتخابات مرتبط أيضا بالتمديد لرئيس الجمهورية وهو أمر مرفوض”.

وفي الضفة المعارضة التي تشمل الأحزاب والجماعات التي التقى ممثلوها وزير الخارجية الفرنسي في قصر الصنوبر، اعتبر رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل البطاقة التمويلية “بأنها بطاقة الفساد وتركيع الشعب وإذلاله”، داعياً إلى إستكمال الانتفاضة التي بدأت بالشارع في السياسة والانتخابات وببناء “جبهة معارضة سيادية وطنية كيانية لبنانية حقيقية” تواجه من وصفهم بـ”بوطة الزعران” التي تحكم البلد. وتطرّق الجميّل إلى زيارة لودريان، معتبراً أن “وزير خارجية فرنسا لم يجتمع سوى مع من ينظر اليهم على انهم يمكن ان يكونوا البديل لانهم يعرفون أن لا امل بمن دمّر البلد وعزله عن صداقاته ودور الكتائب أن تساهم في بروز هذا البديل وتشكيله”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *