الرئيسية / صحف ومقالات /  النهار: “استحضار” الأسد في هجوم باسيل: لمن الرسالة؟
النهار

 النهار: “استحضار” الأسد في هجوم باسيل: لمن الرسالة؟

تطوي أزمة #تشكيل الحكومة الجديدة اليوم شهرها الرابع منذ تكليف الرئيس سعد #الحريري بتشكيلها وانعقاد 15 اجتماعا بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا لم تفض الى تفاهم يؤدي الى الولادة الحكومية. ومع بدء الشهر الخامس من الازمة يبدو من الصعوبة البالغة التكهن بما اذا كان عامل الوقت القاتل سيلعب دورا في إنزال أصحاب الشروط الاستعصائية التي تفتعل تباعا في سياق موصول منذ أربعة اشهر لتعطيل هذا الاستحقاق عن رؤوس الشجر بل ان الشكوك في الامعان في هذا النهج إزدادت وتعمقت بعدما بات التداخل القائم بين مصالح المعطلين لاهداف ودوافع داخلية وأخرى إقليمية مكشوفا ولا يحتاج الى قرائن لإثباته. لذا لم يكن غريبا ان تنطلق موجة تصعيدية جديدة على مسار هذه الازمة بعد أسبوع واحد فصل بين الكلمة التي القاها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في الذكرى الـ 16 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرد عليها امس من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل بما بدا بوضوح رداً مزدوجاً باسم العهد وتياره السياسي الحزبي سواء بسواء. وإذ لم يفاجئ الهجوم المتجدد الذي شنه باسيل على الحريري مختلف الأوساط السياسية والمراقبة والمعنية باعتبار ان الإعلان عن كلمة باسيل قبل أسبوع تماما جاء تحت عنوان الرد على الحريري، فان المفارقة التي طبعت مواقف باسيل امس تمثلت في الدلالات اللافتة لثلاثة مؤشرات لا يمكن تجاهلها في استقراء واقع العهد وتياره. المؤشر الأول تمثل في توسيع باسيل اطار معركته الدائرية نحو كل خصومه تقريبا بدءا بالحريري على المسار الحكومي واستمكالا بالزعماء المسيحيين الموارنة الذين ينافسهم مبدئيا في المعركة المقبلة لخلافة الرئيس ميشال عون.

والمؤشر الثاني البارز تمثل في استعادة الضرب على وتر اتهام الحريري والحريرية بانتهاك المناصفة بين المسيحيين والمسلمين منذ التسعينات في معرض إيحائه بان كلام الحريري عن مسالة وقف العد هو مزاعم غير صحيحة وان هدف الحريري الراهن هو احياء حلف رباعي جديد من دون المسيحيين. واما المؤشر الثالث ولعله الأكثر اثارة للتدقيق في خلفيات توقيت عودة الرجل الثاني في العهد العوني الى التذكير بتحالفاته الإقليمية فهو في استشهاده المفاجئ بكلام نسبه الى الرئيس السوري #بشار الأسد وجاء بمثابة استكمال لاعتراف باسيل بان “حزب الله” وحده من الافرقاء الداخليين يتفهم ويدعم موقف تياره من القضايا التي يطرحها حول المسار الحكومي. ففي كلمة أعدت وطبعت مسبقا باللغة المحكية العامية بدا واضحا ان الاستشهاد بكلام لرئيس النظام السوري كان متعمدا للرد ليس على الحريري أو فتح المواجهة الرئاسية ضمنا مع الخصوم  السياسيين المسيحيين فحسب، بل كما يقول معنيون للرد أيضا على مواقف دولية وعربية برزت أخيرا لمصلحة الحريري، وكان ابرزها اعلان الدعم الروسي لمهمة الحريري واتخاذ موسكو موقفاً لافتاً برفض الثلث المعطل لاي فريق. أعاد باسيل الاطار الى مسالة حقوق المسيحيين وذكر بمرسوم التجنيس والخلل الديموغرافي في التسعينات وبقوانين الانتخابات وبإحباط المسيحيين ليشن هجوما على الزعماء المسيحيين أولا قائلا ان “أحدا منهم لا يتعلم: واحد لا يرى في الحياة الا رئاسة الجمهورية وواحد لا يرى بالحياة الا كيف يريد ان يربح على ظهر الحراك وواحد لا يرى كل حياته الا كيف يريد ان يربحنا وهو يعيش دائما على جانب الاحداث ولا مرة في قلبها”. وذهب من هناك ليقول :”الرئيس (بشار) الأسد  قال لي مرة نحن مصلحتنا بسوريا من بعد ما تعلمنا من اخطائنا بلبنان انو لو بقي مسيحي واحد بلبنان لازم هوي يكون الرئيس وصلاحياته قوية ومصلحتنا بلبنان وسوريا والمنطقة انو المسيحيين يبقوا بدورهم وخصوصياتهم من دون ما يذوبوا ..”.  وفي اطار حملته على الحريري اعتبر ان “هناك من يعمل حتى يخسر العهد أياما أكثر من دون حكومة حتى لو انهار البلد أكثر، وهم يقولون علنا أن العهد يجب أن يخسر أكثر ولو انهار البلد أكثر، إذ ما من مشكلة لديهم إذا انهار البلد، المهم أن يسقط ميشال عون. صرنا نريد حكومة برئاسة الحريري، رغم قناعتنا أنه لا يقدر أن يكون عنوانا للإصلاح ولهذا لم نقم بتسميته، وبعدما سمي الحريري خلافا لرغبتنا، أصبح لدينا مصلحة بأن تشكل حكومة ويتحمل مع رئيس الجمهورية المسؤولية، بعدما هرب منها في تشرين 2019”.

“… لن تنجح “

وأثارت مواقف باسيل موجة ردود فعل سلبية وسجالات حادة انخرط فيها نواب من “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر” والحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية”. واصدر”المستقبل” ردا اعتبر فيه  ان باسيل ” ما زال يقيم في لالا لاند، ويفرض على رئاسة الجمهورية الاقامة الجبرية في الانكار للمتغيرات التي نشأت بعد 17 تشرين”. وأضاف: “من المؤسف أن يشهد اللبنانيون من خلال الطحن الكلامي لباسيل، انتقال قرار رئاسة الجمهورية من قصر بعبدا الى سنتر ميرنا الشالوحي، وأن يستمعوا لرئيس الحزب الحاكم كما لو كان الناطق الحصري باسم العهد القوي. لكن المختصر المفيد لكل ما قيل من عجن: مع جبران فالج لا تعالج. بكل الاحوال، ما يعني الرئيس الحريري هو ما يصدر عن رئيس الجمهورية بالمباشر وليس بالواسطة، وما قيل يبقى إضغاث أحلام، مع الاشارة الى أن أحدا لم يعرض على الوزير جبران باسيل الاشتراك بالحكومة، ومحاولته ايهام اللبنانيين بوجود ضغوط عليه للمشاركة، مجرد رواية تثير الضحك .. إن المحاولة الجارية لتأجيج العصبيات الطائفية، لن تنجح يا جبران مهما سعيت الى دق الأسافين بين المسلمين والمسيحيين”.

دعم بكركي

وسط هذه التطورات تجري استعدادات لاعلان سلسلة مواقف وتحركات داعمة لبكركي وموقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في دعوته الى مؤتمر دولي للبنان هذا الأسبوع. وشرح البطريرك مجددا امس اهداف وظروف دعوته فقال انه ” أمام الواقع المؤسف، إضافة إلى إستحالة التفاهم بين المرجعيات السياسية لتشكيل حكومة مهمة، ولإتخاذ أي قرار إصلاحي منذ مؤتمر سيدر وإلى فقدان الثقة ما بين هذه المرجعيات، وانقطاع الحوار، وتوقف عجلات الدولة، وعدم وجود سلطة دستورية قادرة على إحيائها، دعونا إلى مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية منظمة الأمم المتحدة، من أجل إعادة إحياء لبنان، عبر تحصين وثيقة الوفاق الوطني الصادرة عن مؤتمر الطائف وتطبيقها نصا وروحا، وتصحيح الثغرات الظاهرة في الدستور المعدل على أساسها سنة 1990. أما الهدف الأساسي والوحيد فهو تمكين الدولة اللبنانية من أن تستعيد حياتها وحيويتها وهويتها وحيادها الإيجابي وعدم الإنحياز، ودورها كعامل إستقرار في المنطقة. وإن ما نطمح إليه عبر هذا المؤتمر هو دولة موحدة بشعبها وأرضها، بشرعيتها وقرارها، بمؤسساتها وجيشها، بدستورها وميثاقها؛ ودولة قوية تبني سلمها على أساس مصلحتها الوطنية وحق شعبها بالعيش الآمن، لا على أساس مصالح دولٍ أخرى”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *