الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : عون للحريري: “تعا ولا تجي‎”!‎ أميركا تضغط على سلامة: معنا أو مع “حزب الله”؟
نداء الوطن

نداء الوطن : عون للحريري: “تعا ولا تجي‎”!‎ أميركا تضغط على سلامة: معنا أو مع “حزب الله”؟

حدثان منفصلان يلتقيان عند مسار الضغط الدولي المتصاعد لتحقيق الإصلاح في لبنان، ‏سيلقيان بثقلهما على الساحة الداخلية هذا الأٍسبوع. الأول مع انعقاد مؤتمر باريس الدولي ‏بالشراكة مع الأمم المتحدة غداً لاستكمال البحث في المساعدات الطارئة للبنانيين وحثّ السلطة ‏السياسية على الإقلاع عن لعبة التعطيل الهدّامة والإسراع في تأليف “حكومة مهمة” تعمل ‏على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، والحدث الثاني يترقبه المتابعون خلال الأيام المقبلة من ‏واشنطن حيث تواترت معلومات عن اتجاه لإصدار حزمة عقوبات جديدة لن يكون المصرف ‏المركزي بعيداً منها، ربطاً بدوره في عرقلة التدقيق الجنائي واستمراره في تغطية المنظومة ‏السياسية الفاسدة، وصولاً إلى اتهام مسؤولين في مصرف لبنان بلعب دور “مركزي” في تأمين ‏‏”بعض الخدمات” المصرفية لـ”حزب الله” المدرج على القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية‎.

فمن حيث لم يحتسب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، دخلت الولايات المتحدة بقوة ‏على خط “التدقيق الجنائي” في حسابات المصرف، موجهةً سلسلة رسائل مباشرة وغير ‏مباشرة إلى سلامة لا تحتمل التموضع الرمادي: “إما معنا أو مع حزب الله”! وتحت هذا ‏العنوان، لاحظت أوساط مالية مواكبة للأجواء الأميركية أنّ التلويح المباشر خلال الساعات ‏الأخيرة بإدراج مسؤولين كبار في المصرف المركزي اللبناني على قائمة العقوبات، وضع ‏الحاكم أمام خيارين: “إما الإصطفاف إلى جانب المجتمع الدولي والمضي قدماً في كشف ‏المستور وتسليم المستندات المطلوبة عن حسابات الدولة للتدقيق بها حتى ولو أدت إلى الإطاحة ‏برؤوس كبيرة، أو الاستمرار في تغطية المنظومة السياسية واعتباره بالتالي اختار التموضع ‏على ضفة هذه المنظومة التي يهيمن عليها “حزب الله” وآثر عدم التراجع عن حماية أركانها‎”.

وأوضحت المصادر أنّ المقال الذي نُشر في “وول ستريت جورنال” أمس والذي يصوّب ‏مباشرةً على تمويل المصرف المركزي للفساد في لبنان، إنما يبيّن أنّ “الإدارة الأميركية تتبنى ‏بشكل حاسم مطلب التدقيق الجنائي وستضغط بقوة خلال الفترة المقبلة لإنجازه، وهذا التوجه ‏بدا واضحاً على لسان المبعوث الأميركي ديفيد هيل خلال زيارته الأخيرة بيروت حين قال: ‏‏”هناك تركيز كبير على المصرف المركزي وعلى الحاجة للتدقيق في حساباته لنفهم ماذا ‏حصل بالفعل هناك”. ولفتت الانتباه في هذا المجال إلى أنّ “مهمة التدقيق الجنائي من المنظور ‏الأميركي تهدف بشكل أساس إلى محاولة كشف النقاب عن كافة المعلومات ذات الصلة ‏باستفادة “حزب الله” من النظام المصرفي اللبناني لتمويل أنشطته، وفي ذلك تذهب واشنطن ‏باتجاه تأكيد تلازم المسارات بين مكافحة الإرهاب ومكافحة الفساد‎”.

ومن بين المسؤولين المصرفيين الموضوعين تحت المجهر الأميركي، برز اسم أحمد ابراهيم ‏صفا الذي كان يشغل موقعاً في لجنة الرقابة على المصارف في المصرف المركزي وتتهمه ‏الولايات المتحدة بأنه عمل من خلال موقعه على تسهيل عمليات مصرفية لأشخاص متصلين ‏بـ”حزب الله” وكان عنصراً مساعداً في تأمين حركة أموالهم عبر عدة حسابات وعمليات ‏مصرفية. وإذ لا تخفي المصادر خشيتها من “تداعيات هائلة” على النظام المصرفي في لبنان ‏في حال إدراج مسؤولين رفيعين في المصرف المركزي على قائمة العقوبات الأميركية، تؤكد ‏في المقابل أنّ الإدارة الأميركية تبدو عازمة على إحكام الخناق على “حزب الله” لاعتبارات ‏تتصل من جهة بكونه مصنفاً “منظمة إرهابية” على مستوى لبنان والمنطقة والعالم، ومن جهة ‏ثانية بوصفه “حامي المنظومة السياسية الفاسدة في لبنان ولا يريد لها السقوط لكونها تؤمن ‏المظلة الرسمية لسطوته على البلد‎”.

أما حكومياً، فلا جديد يُعتدّ به خارج إطار حالة “الرهاب” التي يمرّ بها العونيون إزاء احتمال ‏إقدام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على خطوة تقديم تشكيلة اختصاصيين إلى رئيس ‏الجمهورية ميشال عون ووضعه بالتالي أمام مسؤولياته الدستورية في قبولها أو رفضها، مع ‏ما سيعنيه الرفض من ظهور رئيس الجمهورية في موقع المعرقل لولادة الحكومة الإصلاحية ‏المطالب بها شعبياً والمطلوبة دولياً‎.

وتحت هذا الهاجس، بدا عون من خلال تسريبات قصر بعبدا الإعلامية خلال الساعات الأخيرة ‏كمن يقول للحريري: “تعا ولا تجي”… بحيث أتى بهذا المعنى تعميم دوائر الرئاسة الأولى ‏أجواء ترحّب من ناحية بزيارة الرئيس المكلف المرتقبة إلى القصر الجمهوري إذا كان الهدف ‏منها “التشارك مع الرئيس عون في وضع التشكيلة الحكومية”، وتحذره من ناحية أخرى من ‏أنه إذا كان ينوي التوجه للقاء عون بغية وضع “تشكيلة أمر واقع تتجاوز المعايير الموحدة ‏فهذا أمر لن يوصل إلى مكان”، مع التشديد على أنّ “العقدة لا تزال في الأسماء، ورئيس ‏الجمهورية ليس بوارد القبول أن يكون مفتاح التسمية بيد الحريري وحده‎”.

وعلى هذا الأساس جاءت خلاصة الرسالة الرئاسية الإعلامية لتقول للرئيس المكلف: “ليس ‏المهم أن تتوجّه إلى بعبدا أم لا، المهم ماذا ستحمل معك وكيف ستتصرّف؟‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *