الرئيسية / سياسة / الأخبار : فشل مبادرة عون لتفادي “طريق جهنم”: الانقلاب لن يمرّ
الاخبار

الأخبار : فشل مبادرة عون لتفادي “طريق جهنم”: الانقلاب لن يمرّ

لم تنجح مساعي رئيس الجمهورية بإحداث خرق ما في الجمود الحكومي. ‏ثنائي حزب الله وحركة امل متمسك بمطالبه. فالمشكلة، برأي الثنائي، لم ‏تعد مجرد صراع على حقيبة المالية بل باتت معركة على الشراكة الوطنية ‏وعلى وجهة الحكومة المقبلة، التي تريدها واشنطن، بواجهة رئيسي ‏الحكومة السابقين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، حكومة انقلابية على نتائج ‏الانتخابات النيابية وعلى التمثيل الشعبي لفريق المقاومة. وهذا الانقلاب، ‏يؤكد الثنائي، “لن يمرّ”. وبسبب غياب أي تشاور محلي، وفي ظل إطفاء ‏باريس محركات مبادرتها، أتى تحذير رئيس الجمهورية من “الذهاب إلى ‏جهنم‎”‎

وصلت المبادرة الفرنسية الى أفق مسدود، فخرج رئيس الجمهورية ميشال عون يوم أمس محاولاً إنعاشها من خلال ‏اقتراح يدرك مسبقاً أنه ولد ميتاً. فقد عرض إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سُمّيت سيادية و”عدم تخصيصها ‏لطوائف محددة، بل جعلها متاحة لكل الطوائف، فتكون القدرة على الإنجاز وليس الانتماء الطائفي هي المعيار في ‏اختيار الوزراء”، واضعاً اقتراحه هذا في إطار السير نحو الدولة المدنية. طرح، كان من الممكن أن يكون موضع ‏ترحيب من ثنائي حركة أمل وحزب الله، لو أنه لم يمس بجوهر مطلبهما الحصول على حقيبة المالية. بات واضحاً أن ‏ثمة تصعيداً أميركياً مباشراً عبر العقوبات على الحزبين بدافع تضييق الحصار عليهما، وغير مباشر عبر رؤساء ‏الحكومات السابقين، ولا سيما سعد الحريري وفؤاد السنيورة، فيما يجري تغليف هذه المسألة بمظهر طائفي، لإضعاف ‏حجة التمسك بحقيبة المالية، التي يصرّ عليها الثنائي أكثر من أي وقت مضى من منطلق مواجهة الانقلاب الناعم على ‏مضمون المبادرة الفرنسية ونتائج الانتخابات النيابية. غير أن ذلك لا يضع حزب الله في مواجهة عون، وفق المصادر، ‏ولا يتناقض مع وثيقة التفاهم. على العكس، “يتفهم الحزب تمسك رئيس الجمهورية بهذه المبادرة انطلاقاً من أنه يراها ‏الفرصة الأخيرة، فضلاً عن تفهّم حساسية الرئيس تجاه أي معركة يخوضها رئيس مجلس النواب نبيه بري‎”.

بدا واضحاً يوم أمس أن عون أراد لعب دور الحكم، مستبعداً أي حل قريب، لأن “كل الحلول المطروحة تمثّل غالباً ‏ومغلوباً”، فانبرى يفند أداء الكتل والعقد التي تقف في وجه تأليف الحكومة. لكنه انتقد بوضوح الرئيس المكلف ‏مصطفى أديب الذي لم يستطع أن يقدم خلال زيارته الرابعة الى قصر بعبدا أي تصور أو تشكيلة أو توزيع ‏للحقائب أو الأسماء. وأشار بوضوح إلى أن “الرئيس المكلف لا يريد الأخذ برأي رؤساء الكتل في توزيع الحقائب ‏وتسمية الوزراء ويطرح المداورة الشاملة، ويلتقي معه في هذا الموقف رؤساء حكومات سابقون”؛ مسجلاً له ‏رفضه التأليف من دون توافق وطني. أما كتلتا التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، فتصرّان على “التمسك بوزارة ‏المالية وتسمية الوزير وسائر وزراء الطائفة الشيعية”. يسجل لهما وفق عون أيضا “التمسك بالمبادرة ‏الفرنسية”. بناءً على ما سبق، انتقد رئيس الجمهورية أداء الرئيس المكلف ورؤساء الحكومات السابقين، رافضاً ‏‏”استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة، لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي ‏‏(…) كما لا يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الآخرين، خصوصاً أنه لا يملك الأكثرية النيابية”. من ‏جهة أخرى، سئل عون عن الأصوات المطالبة بفك تفاهم مار مخايل، فأوضح أن “هذا الامر لم يجر، لكن ذلك لا ‏يمنع من أن يبدي كل فريق رأيه عندما لا يكون هناك تفاهم حول موضوع ما‎”.‎

وعن طرح المداورة في الوزارات وخروج أصوات تطالب بإلغاء كل الأعراف المتعلقة بالطائفية بدءاً من رأس ‏الهرم، أجاب: “في الوزارة وفي الحكم لا شيء تغير. هذا الطرح لا علاقة له بتأليف الحكومة. الأمر الأول قائم ‏على ركائز ثابتة متفق عليها وعلى أطرافها، ولكن في موضوع تشكيل الحكومة، هناك دوماً تكليف لرئيس حكومة ‏بتشكيلها. كل طائفة مهما كان حجمها لديها تمثيل بعدد محدد من الأشخاص في الحكومة، ويمكن تغيير هؤلاء، ‏وهذا لا يستلزم تغييراً في الرؤساء. فعند وقوع أزمة كبيرة، من يمسك بالأمور هم رئيس الجمهورية ورئيس ‏مجلس النواب ورئيس الحكومة”. ورأى أنه في حال فشل المبادرة، “نحن ذاهبون إلى جهنم”. لكن ما هو لافت في ‏كلام رئيس الجمهورية، تمثل في ردّه عندما سُئل عما إذا كان سيطلب من أديب الاعتذار في حال وصلت الأمور ‏الى حائط مسدود، بقوله إن الاعتذار لن يجدي نفعاً. فالطريقة التي “لجأنا اليها هي أننا لم نسأل الأكثرية ما الذي ‏تريده، بل طلبنا أن يتم تقديم 3 أسماء من الطائفة السنية لنختار واحداً منها وسنعود الى الموضوع نفسه في حال ‏الاعتذار”، ما يعني أن الاستشارات النيابية التي سبقت التكليف لم تعد ملزمة بل مجرد إجراء شكلي يناقض فحوى ‏الدستور وما ينص عليه، وثمة عرف جديد مخالف للقوانين يتمثل في انتقاء الطائفة التي ينتمي اليها رئيس ‏الحكومة رئيسها وفرضه على باقي الكتل الممثلة في البرلمان، مع إعطاء الكتل حق اختيار مرشح من أصل ثلاثة ‏تنتقيهم الطائفة بنفسها‎.

التيار: ليتحمّل بري نتيجة صفقته الخاسرة‎
في غضون ذلك، ما زال موقف التيار الوطني الحر الذي عبّر عنه البيان الصادر عن هيئته السياسية أول من أمس ‏هو نفسه. ووفقاً للمصادر، فإن “ممارسات رؤساء الحكومات السابقين غير مقبولة مثلها مثل أداء تيار المستقبل ‏وسعيه لخلق أعراف جديدة من خلال تسمية الرئيس. أمعن الحريري في وقاحته، ينتهك الدستور عبر ادّعاء حق ‏طائفي بتعيين رئيس الحكومة ثم يدّعي حقاً علمانياً مدنياً بتسمية الوزراء من دون استمزاج آراء الكتل النيابية”. ‏من ناحية أخرى، تقول المصادر إن “المشاركة في السلطة التنفيذية وما يسمّى التوقيع الثالث لا تكون عبر وزارة ‏تخفي مطلباً بالمثالثة. فأساس خارطة الطريق التي طرحها التيار تركزت على معالجة الأزمة والانهيار خلال ‏ثلاثة أشهر، ثم الانتقال الى تطوير النظام، لكن يبدو أن ثمة من استعجل القفز فوق الهم الأول. ومنذ البداية أيضاً، ‏أخذ رئيس التيار”، على ما تضيف المصادر، “دور المسهّل عبر سحب نفسه من حلبة الصراع كي لا يتهم ‏بالعرقلة، مع التشديد على أن هذا الموقف لا يعني مطلقاً المس بعمق العلاقة مع حزب الله في موضوع دعم المقاومة ‏في وجه إسرائيل وفي وجه أي خطر يأتي من الخارج”. لكن من الواضح أن “التيار غير معني بمساندة بري الذي ‏استعجل لإسقاط حكومة كانت تنال انفتاحاً دولياً عليها، لإعادة الحريري – رأس الحربة في المعسكر المواجه. ‏ولمّا فشلت هذه الصفقة عبر انسحاب الحريري منها ونتيجة خطأ من بري نفسه، صار المطلوب من التيار أن ‏يكون قوة إسناد ناري لطرح مذهبي، فيما عندما تم تنفيذ ما افترضت حركة أمل أنها صفقة ناجحة، لم يلتفت ‏رئيسها الى مصلحة التيار ولم يجر النقاش معه في خيار مماثل. مع ذلك، انسحبنا الى حدّ إلغاء الذات‎”.‎

من ناحيته، يتصرف رئيس الحكومة المكلف وكأنه لا أزمة سببها انقلاب فريقه على حكومة الوحدة الوطنية ‏المنصوص عليها في المبادرة الفرنسية، ولا كأنه يصرّ على تجاهل الكتل البرلمانية التي نصّبته رئيساً للحكومة، ‏مُدّعياً حياديته ورغبته في تأليف حكومة اختصاصيين، فيما بات واضحاً أن عرّابَيه الحريري والسنيورة ينفذان ‏عبره الأجندة الأميركية، التي تخطّت المعركة على حقيبة المال لتنتقل الى موضوع الشراكة ووجهة برنامج العمل ‏الذي ستتبناه الحكومة المقبلة. فقد أصدر أديب بياناً يدعو فيه الى “تعاون جميع الأطراف من أجل تسهيل تشكيل ‏حكومة مهمة محددة البرنامج، سبق أن تعهدت الأطراف بدعمها، مؤلفة من اختصاصيين”، مشيراً الى أن “لبنان ‏لا يملك ترف إهدار الوقت”. وأكد أنه لن يألو جهداً لـ”تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع رئيس الجمهورية”، متمنياً ‏على الجميع “العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية فوراً”، علماً بأن مساعي فرنسية للحلحلة تمثلت في اقتراح ‏تسمية الاليزية للوزير الشيعي، جرى رفضها من قبل بري، شأنها شأن طرح الحريري تسمية وزير المال ‏المنتمي الى الطائفة الشيعية بنفسه. وعليه، كل طرقات الحل مقفلة بانتظار مبادرة جدّية لحل الأزمة، وسط إصرار ‏حركة أمل وحزب الله على التمسك بمطالبهما. على أن ثمة ما يثير الاستغراب، وهو أداء رئيس حزب القوات ‏اللبنانية سمير جعجع، الذي سارع فور طرح المبادرة الفرنسية الى رفضها عبر رفض تسمية مصطفى أديب ‏لتأليف الحكومة. لكن ومنذ بروز عقد وزارة المالية، عاد جعجع ليطلق الموقف تلو الآخر لإعلان تأييده للمبادرة. ‏رئيس القوات، المأزوم في الشارع وسياسياً الى جانب صرف النظر الأميركي والخليجي عنه، أصدر بياناً أمس ‏ليعطي تعليماته بشأن طريقة تأليف الحكومة، مطمئناً “الشيعة” الى أنه لا استهداف لهم، وأنه لن يقبل “بإلغاء ‏طائفة بأمها وأبيها”. وأعلن جعجع تأييده “المداورة الكاملة، طوائف وأحزاباً، ونرفض كلياً أن تسمّي الكتل ‏الحاكمة أيّ وزراء في الحكومة‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *