الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : الثنائي يرفض “الداخلية” مقابل ‏‏”المالية”. . وواشنطن تحذّر باريس من ‏ضياع مبادرتها
الجمهورية

الجمهورية : الثنائي يرفض “الداخلية” مقابل ‏‏”المالية”. . وواشنطن تحذّر باريس من ‏ضياع مبادرتها

كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : خلاف الاعتقاد الذي ساد أخيراً بأنّ مسار التأليف لن يختلف عن مسار ‏التكليف، وانّ الأمور ستسير بسلاسة مطلقة بعيداً من التعقيد ‏والانقسام ووضع العصي في الدواليب، فإنّ حسابات هذا التأليف ‏اختلفت عن حسابات ذلك التكليف، ودخل هذا المسار في تعقيد ما ‏بعده تعقيد، ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت المبادرة الفرنسية في ‏خطر، أم انّ التدخُّل الفرنسي سينقذها في اللحظة الأخيرة من الضياع ‏ومعها لبنان بدخوله في نفق مجهول.‏
‏ ‏
وتدلّ كل المؤشرات الى انّ التعقيد يغلب التسهيل، وانّ الأمور ‏مفتوحة على شتى الاحتمالات، من تأليف حكومة وفقاً لشروط ‏المبادرة الفرنسية وطبيعة المرحلة ومأزوميتها المالية، إلى التجاوب ‏مع الشروط التي يضعها الثنائي الشيعي بما يؤدي إلى ولادة حكومة ‏بنسخة منقحة عن الحكومة المستقيلة، وما بينهما ان يعتذر الرئيس ‏المكلف مصطفى أديب عن مواصلة مهمته. وبالتالي، عود إلى بدء ‏ودخول لبنان في أزمة حكم، لأنّ فريق السلطة غير قادر على تشكيل ‏حكومة، وحتى لو استطاع فإنه غير قادر على إخراج لبنان من أزمته.‏

حاول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من خلال المشاورات التي ‏أجراها، أن يتسلّح برأي الكتل النيابية التي تجاوبت مع دعوته من أجل ‏إقناع باريس والرئيس المكلف بضرورة تعديل مسار التأليف بجَعل ‏تسمية الوزراء من مهمة الكتل لا الرئيس المكلف ولو بصَيغ مختلفة ‏من قبيل تقديم هذه الكتل لوائح بخيارات عدة يختار من بينها الرئيس ‏المكلف.‏
‏ ‏
وقد سأل بعض المعنيين بالتأليف هل ستتمكن الحكومة العتيدة من ‏قيادة مهمة الإنقاذ في حال كانت مؤلفة على طريقة المحاصصة ‏ونموذج الحكومة المستقيلة أقوى دليل والمصير الذي آلت إليه؟ وقال ‏هؤلاء انّ “هناك مرحلة استثنائية تستدعي مقاربة من الطبيعة نفسها ‏في التأليف بعيداً عن الأساليب التقليدية والكلاسيكية التي تصحّ في ‏الأوقات العادية لا في الأزمات المالية والوطنية والوجودية، والتي ‏تستدعي تضافر الجهود بعيداً عن السياسات الخاصة والفئوية من ‏أجل إنقاذ البلاد.‏
‏ ‏
وقد تبيّن من حصيلة المشاورات الجارية أن لا تقدّم تحقق حتى ‏اللحظة في 3 عقد أساسية:‏
‏ ‏
ـ العقدة الاولى، حجم الحكومة بين الرئيس المكلف الذي يريدها من ‏‏14 وزيراً للتمكن من القيام بدورها في شكل متجانس وفعّال، وبين ‏فريق السلطة الذي يريدها فضفاضة لتوزير أوسع مقدار ممكن من ‏المحسوبين عليه.‏
‏ ‏
‏- العقدة الثانية، تتعلق بمن يسمّي هؤلاء الوزراء، بين فريق السلطة ‏الذي لا يريد إحداث سابقة بمنح الرئيس المكلف هذا الحق وتحويله ‏عرفاً خلافاً لِما كان معمولاً به ويتصل بنتائج الانتخابات وما أفرزته ‏صناديق الاقتراع، وبين الرئيس المكلف والفريق الذي يدعم وجهة ‏نظره في انّ فريق السلطة فشل فشلاً ذريعاً، وأي تسمية للوزراء ‏تعني البقاء في مستنقع الفشل نفسه، ومن الضروري ان يتكفّل ‏الرئيس المكلف بالتسمية من اجل اختيار فريق عمل متجانس لا ‏مرجعية له خارج عمله تحت سقف الحكومة والدستور والقانون.‏
‏ ‏
‏- العقدة الثالثة، تتمثّل في اعتبار الثنائي الشيعي انّ وزارة المال لا ‏تنطبق عليها صفة المداورة وهي بمثابة الرئاسات الثلاث ولا يريد ‏المساومة على هذا الأمر، فيما الفريق الآخر يعتبر انه منذ إقرار “اتفاق ‏الطائف” إلى اليوم لم يتجاوز عدد الوزراء الشيعة في وزارة المال الـ6 ‏وزراء مقابل 21 وزيراً من الطوائف الأخرى تعاقبوا على هذه الوزارة، ‏كما انّ اي كسر للمداورة في مكان سيكسرها في حقائب أخرى.‏
‏ ‏
وفي ظل كل هذه المعمعة تساءلت المصادر هل ستتمكن باريس من ‏حل كل هذه العقد وعلى أي أساس؟ وهل تجاوز المهلة يعني انّ ‏الفراغ سيكون مفتوحاً؟ وهل سيبدأ التفكير بتفعيل حكومة تصريف ‏الأعمال؟ وهل التصعيد هو الحل في ظل أزمة مالية تستدعي تأليفاً ‏سريعاً؟ وهل ما زال في إمكان كل فريق التسليم بوجهة نظر الآخر، ام ‏سيعتبر هذا التسليم تراجعاً لا يتحمله؟ وهل من حلول وسط يمكن ‏العمل عليها؟
‏ ‏
حصيلة المشاورات
‏ ‏
وكان عون قد أنهى مشاوراته مع الكتل النيابية أمس، باستثناء كتلتي ‏‏”اللقاء الديموقراطي” و”الجمهورية القوية” اللتين لم تشاركا فيها. ‏وكشفت مصادر معنية لـ”الجمهورية” انّ هذه المشاورات، التي ‏تناولت 3 عناوين اساسية تتصل بالمداورة في توزيع الحقائب وحجم ‏الحكومة وتسمية الكتل لممثليها، انتهت الى النتائج الآتية:‏
‏ ‏
‏- في شأن مصير المداورة انتهت المشاورات الى انّ الثنائي الشيعي ‏اكد رفضه المداورة اذا كانت ستشمل حقيبة وزارة المال التي يتمسك ‏بها، وانه يؤيدها في ان تشمل بقية الحقائب، فيما أيّدت بقية الكتل ‏النيابية المداورة كاملة بلا استثناء.‏
‏ ‏
‏- وعلى مستوى تسمية الكتل النيابية لوزرائها أثمرت المشاورات إصرار ‏بعض الكتل على تسمية ممثليها بما فيها “الثنائي الشيعي” باستثناء ‏‏”المستقبل” وكتلة “الوسط ” التي يترأسها الرئيس نجيب ميقاتي، ‏الذي رفض منطق التسمية معتبراً انّها من حق الرئيس المكلف ‏وبالتعاون والتنسيق مع رئيس الجمهورية فهما يكمّلان بعضهما بعضاً ‏من اجل إصدار مراسيم تشكيل الحكومة.‏
‏ ‏
‏- في شأن حجم الحكومة رفضت الاكثرية النيابية صيغة الحكومة ‏المصغرة التي تفرض دمجاً بين الوزارات، ما سيقود الى حكومة من ‏‏18 او 20 وزيراً على الأقل، وهو ما يعني سقوط تشكيلة الـ 14 وزيراً ‏التي يقترحها الرئيس المكلف ويصرّ عليها.‏
‏ ‏
أديب في بعبدا اليوم
‏ ‏
وفي ضوء هذه النتائج، قالت المصادر المعنية انّ رئيس الجمهورية ‏دعا الرئيس المكلف الى لقاء يعقد بينهما الحادية عشرة قبل ظهر ‏اليوم في قصر بعبدا لوضعه في حصيلة المشاورات، ليبني عليها ما ‏يراه مناسباً من مواقف.‏
‏ ‏
وفي المقابل، كشفت مصادر مطلعة انّ اديب سيطلب مهلة إضافية ‏لتحديد موقفه النهائي، وسط ترجيحات تقول إنه سيقدم على الإعتذار ‏عن التأليف اذا لم يتمكن من تقديم تشكيلة مستقلة وحيادية خارج ‏التسميات والأطر الحزبية التي يرى انها ستكبّله.‏
‏ ‏
الثنائي الشيعي
‏ ‏
في غضون ذلك، علمت “الجمهورية” انّ الثنائي الشيعي رفض عرضاً ‏قدّم إليه بإعطائه وزارة الداخلية مقابل تخلّيه عن وزارة المال التي ‏يتمسّك بها بشدة، خصوصاً بعدما تبيّن له انّ الجميع يعارض تولّيه ‏هذه الحقيبة من عون الى الرئيس سعد الحريري الى رئيس “التيار ‏الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وصولاً الى الفرنسيين.‏
‏ ‏
وقالت اوساط “الثنائي الشيعي” انه لا يمكن ان يتخلى عن حقيبة ‏المال، وانه لا مانع لديه ان يقترح الرئيس المكلف اسماء الوزراء ‏الشيعة عليه شرط ان يتشاور معه فيها مسبقاً.‏
‏ ‏
ووجهت هذه الاوساط، عبر “الجمهورية”، نصيحة الى الرئيس سعد ‏الحريري بأن “لا تلحق البوم، لأنّو بِيدلّك عالخراب”. واشارت الى انّ ‏هناك اكثر من “بوم” يحوط بالحريري، “واذا قرر ان يذهب معهم حتى ‏النهاية فإنه هذه المرة لن يجدنا عندما يعود”.‏
‏ ‏
بومبيو يحذر باريس
‏ ‏
وفي غضون ذلك، حذّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو فرنسا، ‏أمس، من أنّ “جهودها لحل الأزمة في لبنان قد تضيع سدى إذا لم يتم ‏التعامل على الفور مع مسألة تسلّح جماعة “حزب الله” المدعومة من ‏إيران”.‏
‏ ‏
وقال بومبيو لإذاعة “فرانس إنتر”: “الولايات المتحدة اضطلعت ‏بمسؤوليتها، وسنمنع إيران من شراء دبابات صينية ونظم دفاع جوي ‏روسية ثم بيع “حزب الله” السلاح ونسف جهود الرئيس (ايمانويل) ‏ماكرون في لبنان”. وتابع: “لا يمكن أن تدع إيران تحصل على مزيد من ‏المال والنفوذ والسلاح، وفي الوقت نفسه تحاول فصل “حزب الله” ‏عن الكوارث التي تسبّب بها في لبنان”.‏
‏ ‏
مواقف
‏ ‏
في جديد المواقف الداخلية اكد تكتل “لبنان القوي”، في بيان، إثر ‏اجتماعه الدوري إلكترونيّاً تمسّكه بـ”المبادرة الفرنسية ودعمها وحرصه ‏على نجاحها وإبعادها من أي تجاذبات خارجية أو داخلية، لمنع إفشالها ‏وحمايةً للغاية التي وضعت من أجلها، وهي تحقيق الإصلاحات ‏الضرورية والعاجلة لتأمين خروج آمن ومتدرّج للبنان من الأزمة المالية ‏والاقتصادية الضاغطة”.‏
‏ ‏
ورفض التكتل “تكريس أي وزارة لأي طائفة أو طرف سياسي، كذلك أيّ ‏استقواء بالخارج على أي مكوّن داخلي بهدف تأليف الحكومة بطريقة ‏منافية للأعراف والأصول”.‏
‏ ‏
وأبدى تخوّفه من “الاستمرار في إضاعة الوقت تهرّباً من اتّباع الأصول ‏اللازمة لتأمين تأليف الحكومة”، محذّراً من أنّ هذا الأمر “يعرّض البلد ‏الى مزيد من الانقسام السياسي والتدهور الاقتصادي، في وقتٍ يُمكن ‏اعتماد التفاهم الداخلي المتوافرة شروطه لإخراج التشكيلة الحكومية ‏القادرة على تنفيذ البرنامج الإصلاحي المتّفق عليه”.‏
‏ ‏
ولاحظ “اللقاء التشاوري”، في بيان بعد اجتماعه الدوري في منزل ‏النائب عمر كرامي في بقاعصفرين، أنّ “المشهد الحكومي الحالي ‏ليس سوى النتيجة الطبيعية للاخفاق السياسي والاداري والاقتصادي ‏منذ 30 عاماً، كان العنوان الابرز فيها تجاوز الدستور والاستنسابية في ‏تطبيق الطائف واتّباع سياسات اقتصادية مدمّرة وابتداع أعراف ‏وتفاسير غب الطلب لمفاهيم الديموقراطية والتوافق والوحدة ‏الوطنية”.‏
‏ ‏
ورأى “أنّ لبنان وُضِع، وفق ما يسمّى بالمبادرة الفرنسية، امام خيارين: ‏الاول التفليسة المالية وهي حاصلة فعلياً ومؤداها انهيار لبنان، ‏والخيار الثاني التفليسة السياسية ومؤداها انتهاء النظام السياسي ‏الحالي والذهاب الى نظام جديد مبهم ومحدود ومفتوح على كل ‏الاحتمالات”.‏
‏ ‏
وإذ لفت الى انه “لن يدخل في المتاهات الشكلية المتصلة بالحكومة ‏العتيدة”، اكد موقف اللقاء “المعترض شكلاً ومضموناً على الطريقة ‏التي جرى اتّباعها في التكليف، وتالياً يجري استكمالها في التأليف”.‏
‏ ‏
وأكّد أنه “انسجاماً مع الذات ومع المبادئ التي ننادي بها، فإنّ اللقاء ‏سيتعامل مع الحكومة العتيدة كأمر واقع. وعليه، لن يقف اللقاء ضد ‏أي إصلاحات او إنجازات في حال وجدت عبر هذه الحكومة، لكنه ‏وبوضوح شديد لن يسير وفق إملاءات لا من الداخل ولا من الخارج”.‏

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *