الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن:“غموض” أديب يربك 8 آذار… وباريس تنتظر “التزاماً بالتعهدات والمهل”..جعجع يرفع التحدي: تسليم السلاح و”لامركزية موسّعة”
نداء الوطن

نداء الوطن:“غموض” أديب يربك 8 آذار… وباريس تنتظر “التزاماً بالتعهدات والمهل”..جعجع يرفع التحدي: تسليم السلاح و”لامركزية موسّعة”

نهاية أسبوع وبداية آخر، وعقارب الساعة الفرنسية تواصل تقدّمها باتجاه لحظة انقضاء مهلة السماح الممنوحة لتأليف “حكومة مهمة” اختصاصية مستقلة خلال 15 يوماً من تاريخ انعقاد اجتماع قصر الصنوبر الأخير. ومع انتصاف هذه المهلة، بدأ عملياً العد العكسي للوصول إلى لحظة “الامتحان” حين سيُكرم من أوفى بالتعهدات ويُهان من أخلّ بها، وعليه فإنّ الأسبوع الجاري سيكون الفيصل بين إطلاق الوعود والالتزام بها على طاولة الملف الحكومي تمهيداً لاتضاح معالم المرحلة اللبنانية المقبلة ومآلاتها حكومياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً ومالياً ودولياً. أما من منظور “معراب” فلا أمل يُرتجى من “شلة الخارجين عن القانون والفاسدين” لحل الأزمة “الوجودية الكيانية” التي يمرّ بها لبنان، سيّما وأنّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع شخّص مكمن العلّة في ما وصل إليه البلد واختصرها بـ”كلمة سحرية تختصر أسباب كل ما وصلنا إليه: “تفاهم مار مخايل المشؤوم”، رافعاً السقف والتحدي في مواجهة طرفي هذا التفاهم “الصفقة”، ليطلق من جهة رصاصة الرحمة المسيحية على العهد العوني و”اتفاق معراب المطعون”، ويتوجه من ناحية أخرى مباشرةً إلى “حزب الله” بطلب تسليم السلاح وقرار الحرب والسلم للدولة، مع وضع “اللامركزية الموسعة” كشرط محوري رئيسي على طاولة أي “مؤتمر تأسيسي أو عقد اجتماعي جديد”.

 

ففي الشكل والمضمون، حرص جعجع على أن تكون كلمته خلال قداس شهداء المقاومة اللبنانية هذا العام فاصلة في مضامينها بين الأبيض والأسود… ففي العلاقة مع “التيار الوطني الحر” بدا جعجع كمن يستأصل خناجر التيار من ظهر اتفاق معراب، بعدما تبيّن أنّ العونيين أرادوه “مجرد مصلحة سياسية آنية بحتة” وما أن وصل “العمّ إلى الرئاسة حتى سارع الصهر إلى تمشيط ذقنه وتعريض كتفيه” لخلافة الرئيس ميشال عون على كرسي الرئاسة الأولى. أما لـ”حزب الله” فكانت رسالة مباشرة بلا قفازات: “سلّم قرار الحرب والسّلم للدّولة، وكفّ عن تدخّلاتك الخارجيّة السّافرة غير المبرّرة في شؤون أكثر من دولة عربيّة، وكفّ عن لعب دور رأس الحربة للمشروع الإيرانيّ المتمدّد والمتوغّل في المنطقة العربيّة، وضع نفسك في خدمة لبنان وشعبه وأمنه ومصالحه بدل أن تبقى في خدمة الجمهوريّة الإسلاميّة ومصالحها”. واستطراداً، في مقابل من يطرحون إكمال تطبيق اتفاق الطائف، طالب جعجع بوجوب “البدء بتطبيقه” انطلاقاً من بنده الأول الذي ينصّ على “حلّ جميع الميليشيات اللّبنانيّة وغير اللّبنانيّة وتسليم أسلحتها الى الدولة اللّبنانيّة”، محذراً في الوقت نفسه من “محاولة لتمرير قانون انتخابات لا يراعي خصوصيّة التّركيبة التّعدّديّة للبنان ويهدف إلى الإطاحة بخصائصه وتوازناته وتركيبته المجتمعيّة والوصول تحت ستار إلغاء الطائفيّة السّياسيّة إلى تطبيق الديمقراطيّة العدديّة”.

 

حكومياً، لا جديد في المعطيات والمعلومات خارج دائرة الشك والتشكيك بوجود نوايا رئاسية وسياسية مبيتة تهدف إلى تدجين الرئيس المكلف مصطفى أديب وحرف مسار التأليف عن سكة التخصّص والاستقلالية إلى سكة المحاصصة والتبعية، غير أنّ الجهود المبذولة في سبيل تحقيق هذه الغاية لا تزال تصطدم بأداء يحكمه “الغموض” من جانب أديب، وهو ما “فاقم من إرباك قوى 8 آذار ومن ريبتها إزاء تضاؤل إمكانية إخضاعه وتقييده بشروط مقنّعة، بما سيؤدي حكماً إما إلى رضوخ هذه القوى لشروطه أو إلى التصدي لجهوده وظهورها علناً بموقع المعرقل لمبادرة ماكرون”، وفق ما لاحظت مصادر مواكبة لعملية التأليف من خلال حصيلة الاتصالات التي جرت خلال الساعات الماضية، مؤكدةً لـ”نداء الوطن” أنّ الرئيس المكلف لم يحسم موقفه بعد من أي طرح أو مطلب ولا زال منكباً على ترجمة تصوره للحكومة التي ينوي تأليفها “وفق ما يرتئيه من مقتضيات المرحلة لا حسبما تقتضيه مصلحة الأفرقاء السياسيين”.

 

وإذ ستتكثف الاتصالات والمشاورات مطلع الأسبوع لرسم الخطوط العريضة الأولية لشكل الحكومة وتركيبتها، تعتبر المصادر أنّ مسار ملف التأليف سيتضح أكثر من خلال الاجتماع المرتقب خلال الأيام المقبلة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وأوضحت أنّ الأخير “سيكون واضحاً في هذا الاجتماع لناحية التأكيد على الثوابت والأهداف التي ارتكزت عليها عملية تكليفه بموجب المبادرة الفرنسية”، مشيرةً إلى أنّ أديب يبدو حاسماً في عزمه على “إسقاط المواصفات التي يضعها بنفسه على الحقائب والأسماء بغية أن تكون حكومة مصغّرة ذات مهمة إصلاحية بحتة، كما جاء في جوهر مبادرة الرئيس الفرنسي وفي صلب الأهداف التي كُلّف على أساسها”.

 

وتوازياً، يسود الترقب والانتظار على الضفة الفرنسية لرصد مفاعيل التزام الأفرقاء اللبنانيين بالوعود المقطوعة أمام ماكرون، وبينما آثرت مصادر ديبلوماسية عدم الخوض في أي استباق للنتائج المتوخاة على صعيد عملية التأليف، اكتفت بالقول لـ”نداء الوطن”: “باريس تريد أن ترى ترجمة عملية على أرض الواقع لكل ما تم الاتفاق عليه في بيروت، سواءً لناحية البُعد الإصلاحي أو المعيار المستقل للتشكيلة الوزارية المرتقبة، وهي الآن تنتظر التزاماً بالتعهدات السياسية وبالمهل الزمنية لكي يُبنى على الأمر مقتضاه”.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *