الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: التكليف: عضّ أصابع يسبق ماكرون.. إسرائيل تهدّد… وشكوى لبنانية
الجمهورية

الجمهورية: التكليف: عضّ أصابع يسبق ماكرون.. إسرائيل تهدّد… وشكوى لبنانية

حسم قصر الاليزية زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت يوم الثلثاء المقبل، فيما لا توحي المؤشرات المرتبطة بالملف الحكومي، حتى الآن، بإمكان تكليف شخصية لرئاسة الحكومة قبل وصوله. الّا اذا طرأ ما قد يدفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اجراء الاستشارات النيابية الملزمة لحسم التكليف قبل الثلثاء، وربما قبل نهاية الاسبوع الجاري، ربطاً بالحماسة التي يبديها رئيس الجمهورية لتحديد موعد هذه الاستشارات في وقت قريب.

يأتي ذلك في وقت، تحرّكت فيه الجبهة الجنوبية بشكل لافت للانتباه، بتوتير ليلي يطرح الغموض حول اسبابه، اكثر من سؤال وعلامة استفهام في هذا التوقيت بالذات، ومخاوف من ان يكون ذلك تمهيداً لتصعيد على جبهة الجنوب، حيث ترافق مع قصف اسرائيلي للمناطق اللبنانية المحاذية للحدود، وفيما قرّر لبنان تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الامن ضدّ إسرائيل، اعتبر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، خلال كلمة له مساء امس، أنّ “ما حصل في جنوب لبنان أمس (الاول) هو أمر مهم وحسّاس لدينا، لكن لن أعلّق عليه الآن وسأترك ذلك إلى وقت لاحق”.

 

ماكرون

سياسياً، اذا كان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، قد كشف جانباً مما يحمله الرئيس الفرنسي في زيارته الى بيروت، بقوله انّ ماكرون يحمل رسالة مفادها انّه “ينبغي على المسؤولين اللبنانيين عدم التنصّل من مسؤولياتهم والمضي قدماً في اصلاحات جوهرية”، فإنّه يأتي بالتزامن مع ما تبلّغته جهات لبنانية مسؤولة، بأنّ “باريس التي خاب املها من لامبالاة بعض الجهات السياسية بحجم الكارثة اللبنانية، تعتبر انّ اللبنانيين امام فرصة اخيرة للتوافق في ما بينهم على حكومة، وانّ الرئيس ماكرون سيؤكّد على ذلك لمرّة اخيرة”.

وفي هذا السياق، ابلغت مصادر سياسية عاملة على خط المشاورات الداخلية لتأليف الحكومة الى “الجمهورية”، انّ برنامج الرئيس الفرنسي لن يقتصر على المشاركة بالاحتفال بمئوية لبنان الكبير، بل قد يشمل لقاءات ثنائية مع بعض كبار المسؤولين السياسيين والرسميين، لم يتسنّ له الالتقاء بهم ثنائياً في زيارته السابقة بداية الشهر الجاري.

 

الورقة الفرنسية

ويُفترض ان يتسلّم ماكرون اجوبة القيادات السياسية الاساسية حول الورقة الفرنسية التي حصلت “الجمهورية” على نسخة منها، وملخّصها أنّ الاليزيه وضع اولويات لحلّ الأزمة، تبدأ بتشكيل حكومة سريعاً لتفادي الفراغ في السلطة، وهذه الحكومة يجب أن تتعاطى مع الازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية التي يعاني منها لبنان، ويكون لديها مهمة تتجاوب مع المستجدات السريعة للبنان في كافة القطاعات، بفترة زمنية محدودة.

 

ويجب ان تُشكّل الحكومة من شخصيات لا غبار عليها ويُشهد لها بالمهارة والنزاهة والكفاءة، لتحقيق تقدّم واضح، خصوصاً في الطاقة والمالية والاتصالات والاشغال والعدل، ويجب ان يكون امام مجلس النواب قوانين الزامية تحاكي التغييرات الفعلية، وان تُنظّم حوارات مع المجتمع المدني لإشراكه في كل القرارات. وعلى الحكومة ان تزيد من مساعدتها وحمايتها الاجتماعية، وفرنسا ستعمل على مواكبة الدعم الذي يستمر الى اقصى حد في المجال الطبي والمستشفيات في لبنان لمكافحة الـ COVID-19.

 

وفي ما خصّ الاصلاحات، فإنّ الورقة لحظت مجموعة اصلاحات يجب الّا تتأخّر السلطات اللبنانية في تنفيذها:

– التدقيق الشامل الذي يعطي صدقية للبنك المركزي. وقد أبدت فرنسا استعدادها لدعم لبنان في هذا التدقيق، وسترسل فريقاً من المالية الفرنسية والبنك الفرنسي لهذه المهمة.

– اقرار مشروع “الكابيتال كونترول” تناسباً مع مطالب صندوق النقد الدولي.

– استكمال الاصلاحات المتعلقة بقطاع الطاقة، ولا سيما تشكيل الهيئة الناظمة والمستقلة سريعاً.

– تعيين اعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، واستئناف جلسات العمل ما بين الحكومة وصندوق النقد الدولي لإعادة اطلاق المفاوضات وانهائها سريعاً، لتأمين برنامج تمويلي يعالج حسابات الدولة ويعمل على الانقاذ من حالة التدهور النقدي والمالي.

ووضعت الورقة الفرنسية امام الحكومة مهمة تنظيم الانتخابات التشريعية خلال حدّ اقصى هو عام، سيدعم في خلاله الاتحاد الاوروبي هذه الانتخابات ويرسل فريقاً لمراقبتها. وقد وعدت فرنسا بتنظيم مؤتمر دولي للجهات المانحة، لتمكين تمويل لبنان ومساعدته في بسط كامل سيادته.

 

الحريري .. مرشح

في هذا السياق، وعلى الرغم من البيان الصادر عن الرئيس سعد الحريري، واعلانه بأنّه ليس مرشحاً لرئاسة الحكومة، فإنّ ذلك، وبحسب تأكيدات العاملين على خط المشاورات الداخلية حول الملف الحكومي، لا يعني أنّه اصبح خارج نادي المرشحين، بل على العكس من ذلك، فهو، اي الحريري، ما زال وحيداً في هذا النادي، وكل الاسماء التي تمّ تداولها ليست جدّية، وبالتالي فلننتظر بعض الوقت، خصوصاً انّ باب المشاورات ما زال مفتوحاً ولم يُقفل بعد.

وعلمت “الجمهورية”، انّ الساعات التي تلت صدور بيان الحريري، شهدت حركة اتصالات مكثفة على مختلف الخطوط، ولاسيما بين عين التينة وبيت الوسط، وكذلك بين الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحر”، بالتوازي مع تواصل حول الملف الحكومي بين باريس وبيروت، جرى التأكيد خلاله على الحماسة الفرنسية ذاتها التي عبّر عنها الرئيس الفرنسي، لإنضاج الملف الحكومي في لبنان سريعاً، وتشكيل حكومة برئاسة الحريري، بحجم الوضع الذي بلغه لبنان، ومتطلبات الاصلاح، ومحصّنة بتأييد الشريحة الاوسع من اللبنانيين.

 

5 اسباب

وكشفت مصادر سياسية معنية بحركة المشاورات هذه، انّ ما هو سائد بين الاطراف المعنية بالملف الحكومي، هو عملية عضّ اصابع متبادلة، ورغم ذلك، فإنّ محاولة اخراج “تكليف توافقي” موضوعة على نار حامية، لافتة الى انّ المعطيات المتوافرة لديها حتى الآن، تجعلها تستبعد اجراء الاستشارات النيابية الملزمة قبل يوم الثلثاء، وذلك لخمسة اسباب:

 

السبب الاول، هو انّ التوافق لم يحصل بعد على اسم الشخصية التي سيتمّ تكليفها تشكيل الحكومة، علماً انّ الرئيس الحريري هو وحده المطروح لهذه المهمة. ولم يصدر عنه حتى الآن، ما يشير الى تبدّل موقفه بعدم مبادرته الى تسمية او تغطية اي شخصية بديلة منه، سواء من تيار “المستقبل” او من خارجه.

 

السبب الثاني، انّ مختلف القوى السياسية، وخصوصاً تلك التي كانت تشكّل الحاضنة السياسية لحكومة حسان دياب، ترفض تكرار ذات الطريقة التي تمّ فيها تكليف دياب تشكيل الحكومة، ولا تجربة تكليف شخصية شبيهة برئيس الحكومة المستقيل، اياً كانت مزاياها ومناقبيتها ومواصفاتها الاخلاقية.

 

السبب الثالث، انّ فئة اساسية من هذه القوى السياسية، يتقدّمها الثنائي الشيعي، ترفض ان تشارك في ما يُسمّى “غبن الطائفة السنّية”، عبر تسمية شخصية لرئاسة الحكومة لا تريدها الطائفة، والتجربة مع حسان دياب اكّدت ذلك، اضافة الى انّ الطائفة السنّية بكل مستوياتها السياسية والدينية والشعبية، اعلنت صراحة انّها تريد من تعتبره معبّراً عنها في رئاسة الحكومة، ومن هنا اعلانها الوقوف مع الرئيس سعد الحريري بوصفه الاكثر تمثيلاً، وما ينطبق على رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، ينبغي ان ينطبق على رئاسة الحكومة.

 

وما يجدر ذكره هنا، انّ حالاً من الغليان تسود المستويات السنّية على اختلافها، وتحديداً في دار الفتوى. وزاد هذا الغليان مع ما تردّد في الايام الاخيرة حول عزم رئيس الجمهورية على تحديد موعد الاستشارات الملزمة لاختيار شخصية غير الحريري. وكذلك مع ما اعتبرتها المستويات السنّية “محاولة استلاب صلاحيات رئيس الحكومة”.

 

وبحسب معلومات الجمهورية، فإنّ تحضيرات كانت قد بدأت لعقد اجتماع سنّي موسّع ( ربما في دار الفتوى) رفضاً لهذه المحاولة، التي تبدّت في ما قيل انّها محاولة من قِبل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي لتأليف الحكومة قبل تكليف رئيسها، على ان يصدر في ختام هذا الاجتماع بيان شديد اللهجة، الّا انّ اتصالات جرت في الساعات الماضية، نجحت في صرف النظر عن هذا الاجتماع، وكذلك عن البيان العنيف، مع الاشارة هنا الى زيارة قام بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى دار الفتوى ولقائه المفتي عبد اللطيف دريان.

 

السبب الرابع، وهو انّ تحديد موعد لاستشارات “لا توافقية” سيُعدّ موقفاً استفزازياً للسنّة ولغير السنّة، فضلاً عن انّه قد يؤدي الى حدوث مفاجآت غير محسوبة في التسمية، وربما مفاجآت غير محمودة للمتحمسين على اجراء هذه الاستشارات، ليس اقلّها مقاطعة هذه الاستشارات من قوى سياسية عديدة.

 

السبب الخامس، انّ تحديد موعد لاستشارات خلافية، وقبل التوافق المسبق على اسم الرئيس المكلّف، قد يُعتبر “دعسة ناقصة جداً” عشية وصول ماكرون الى بيروت، من شأنها ان تؤدي الى تعقيدات كبرى يصعب احتواؤها آنياً ولاحقاً، فضلاً عن انّ هذه الاستشارات الخلافية إن تمّ تحديد موعد لاجرائها، قد تُعتبر انّها تُرمى في وجه الرئيس الفرنسي قبل وصوله، ومعلوم انّ ماكرون متحمس لعودة الحريري الى رئاسة حكومة وحدة وطنية او حكومة جامعة بأوسع تمثيل. وربطاً بما تقدّم، نجح الوسطاء في سحب فتيل الدعوة الرئاسية الى الاستشارات الخلافية.

 

تقييم .. ونصائح

وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ تقييماً اجرته الجهات المعنية بحركة المشاورات على الخط الحكومي في الساعات الماضية، والوساطات التي تولاها اللواء عباس ابراهيم، وخلص الى الآتي:

– انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، بطّأ من حركة اتصالاته، ويمكن القول انّها جامدة مؤقتاً من دون ان يقطعها نهائياً، وذلك بعدما اصطدم بالشروط التعجيزية المتبادلة، وبعدم موافقة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على عودة الرئيس الحريري الى رئاسة الحكومة.

– انّ الطرح البديل الذي قيل انّه جاء من قِبل باسيل، بالموافقة على السير بشخصية يسمّيها الحريري لرئاسة الحكومة، لا يلقى قبولاً، حتى من حلفائه، ذلك انّ الاولوية هي لعودة الحريري شخصياً، فضلاً عن انّ هذا الطرح لا معنى له، كون الحريري اعلن مسبقاً انّه لن يسمّي احداً ولن يغطي احداً لرئاسة الحكومة.

– انّ المصرّين على ابعاد الحريري، وتسمية شخصية بديلة منه، لا وزن لها داخل الطائفة السنّية، سمعوا كلاماً صريحاً من جهات سياسية و”وسطاء”، مفاده انّ الاصرار على هذا الامر معناه استفزاز السنّة ومعاداتهم، ما قد يدفعهم الى التكتل ضدّ العهد الى حدّ المقاطعة الكاملة، فهل هذا هو المطلوب؟ فالسنّة في اكثريتهم الساحقة يريدون شخصية قوية في الطائفة، وهم يعتبرون انّ هذه الصفة تنطبق على الحريري، فكيف يمكن ان يُواجهوا بغيره، والموقف الحاسم من ترشيح الحريري مطلوب من رئيس الجمهورية شخصياً وليس من احد غيره.

– انّ اشارة “التيار الوطني الحر” الى عدم انتاجية الحريري، والشروط التي يطرحها رئيس التيار حول “اننا نريد حكومة منتجة برئيسها ووزرائها”، لا تنطبق على الحريري وحده، بل تنطبق على التيار ايضاً. فالكل كانوا شركاء بعدم الانتاجية، سواء في حكومة الحريري، او في حكومة حسان دياب التي يشارك فيها التيار بمجموعة وزراء، وقد كان لباسيل نفسه اعتراف صريح في حوار بعبدا في حزيران الماضي، حينما قال انّ انتاجيتها قد انخفضت بشكل ملحوظ. فهل كان الحريري هو السبب في انخفاض هذه الانتاجية؟ فضلاً عن انّ باسيل نفسه تحدث صراحة في احد اجتماعات “تكتل لبنان القوي” عن انّ اداء بعض وزراء التيار مخيّب للآمال. ولوّح بأنّ التيار قد يضطر لاجراء تعديل وزاري لتغييرهم؟

– انّ الشروط التي يطرحها الحريري حول إبعاد باسيل عن الحكومة، وحول اطلاق يده في الحكومة التي سيشكّلها إن تمّ تكليفه، من الصعب ان تجد قبولاً لدى سائر الاطراف، وتحديداً من المتمسكين بترشيحه لرئاسة الحكومة. فهذه الشروط تتجاوز الطائف، وكما انّه لا يقبل بوضع “فيتو” عليه، فالآخرون لا يقبلون ايضاً بوضع “فيتو” عليهم. وثمة نصيحة أُسديت في هذا السياق، هناك غيوم داكنة في العلاقة بين الحريري وباسيل حالياً، وفي السياسة هذه الغيوم ليست ثابتة، فقد تنقشع في لحظة ما، وعليه هما محكومان بالتعايش مع بعضهما البعض ولو بالإكراه، وبالتعاون مع بعضهما البعض إن عاجلاً ام آجلاً.

– انّ النصيحة الاساس التي أُسديت لطرفي الشروط المتبادلة تتلخص بالآتي: “يجب ان تعترفوا بأنّ اي طرف لا يستطيع ان يلغي الطرف الآخر او يحجمه، او يقلّل من قدره، او يتجاوز حجم تمثيله. ومن هنا لا بدّ من التعاطي بموضوعية وواقعية مع هذه الحقيقة التي لا يستطيع ان يتجاوزها احد مهما كانت شروطه عالية”.

 

“حزب الله”

واللافت في هذا السياق موقف لـ”حزب الله” المعارض للاستشارات الخلافية، صدر أمس، وفُهم منه انه لا يضع فيه فيتو على مشاركة أي طرف، وحتى عودة الحريري من دون أن يسمّيه الى رئاسة الحكومة، وجاء على لسان نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم بقوله أمس: انّ الحزب حريص على تكليف رئيس حكومة وتشكيلها بما يتناسب مع أوسع تأييد للقوى السياسية النيابية، لتتمكّن من العمل معاً لإنقاذ البلد، الذي يحتاج الى سواعد أبنائه كلها. وما رغبة الحزب في حكومة الوحدة الوطنية أو ما يُشابهها إلّا لحشد الطاقات وتحمّل المسؤولية من الجميع في بناء لبنان، فقد أثبتت التجربة أنّ أغلب من يكونون معارضة لأنهم لم يُمثّلوا في الحكومة، يعملون على إعاقة عمل الحكومة وتحريض الدول الأجنبية لعدم مساعدة لبنان، والتحريض لإفشال الحكومة. كلّ ذلك بسبب عدم مشاركتهم، فالأفضل أن يتمثّل الجميع إذا أمكن”.

 

الجنوب.. هدوء

من جهة ثانية، ساد أمس هدوء ملحوظ على طول الحدود الجنوبية بعد التوتر الذي شهدته المنطقة ليل الثلاثاء الاربعاء، وتخلله قصف إسرائيلي لبعض المناطق اللبنانية.

ووسط غموض صورة ما حصل، أشار بيان الجيش اللبناني الى انّ مروحيّات تابعة للعدو الإسرائيلي استهدفت بعد منتصف ليل 25-26/ 8/ 2020 مراكز تابعة لجمعية “أخضر بلا حدود” البيئية داخل الأراضي اللبنانية وذلك عبر إطلاق 3 صواريخ في خراج بلدة راميا، و8 صواريخ في خراج بلدة عيتا الشعب، إضافة إلى صاروخين أُطْلِقا من داخل موقع تل الراهب على خراج البلدة نفسها. كما استهدفت مركزاً للجمعية المذكورة في محمية عيترون، ما أدى إلى اندلاع حريق داخلها. وسبق ذلك اعتداءات من قبل العدو الإسرائيلي في الليلة نفسها عبر إطلاق 117 قذيفة مضيئة، وحوالى 100 قذيفة قسم منها متفجّر والآخر فوسفوري في خراج بلدات: ميس الجبل وحولا ومارون الراس وعيترون داخل الأراضي اللبنانية، ما سَبّب اندلاع حرائق في الأحراج، وأضراراً مادية في أحد المنازل وفي حظيرة ماعز عائدة إلى أحد المواطنين، ونفوق عدد من رؤوس الماعز. كما سُمع دوي عشرات الانفجارات داخل مزراع شبعا المحتلة.

 

اليونيفيل

وأعلن الناطق باسم قوات اليونيفيل أندريا تيننتي انّ اليونيفيل رصدت “عند نحو الساعة الحادية عشرة من مساء يوم الثلاثاء الواقع في 25 آب، إطلاق عدد من القنابل المضيئة من عدة مواقع للجيش الإسرائيلي على طول الخط الأزرق مقابل عيترون وعيتا الشعب وميس الجبل وحولا وكفركلا وكفرشوبا في جنوب لبنان. كما رصدت رادارات اليونيفيل قذائف هاون وقذائف مدفعية، معظمها دخانية، بالإضافة إلى أنشطة مكثفة للطائرات من دون طيّار فوق هذه المناطق.

 

وأشار الناطق الى انّ اليونيفيل قامت على الفور بتحريك قنوات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها، وعزّزت قواتها على طول الخط الأزرق. وفي اتصالات لاحقة، أبلغ الجيش الإسرائيلي اليونيفيل أنّ نيران أسلحة خفيفة أُطلقت من لبنان تجاه دورية تابعة للجيش الإسرائيلي في محيط منطقة المنارة. وقال: انّ رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول ما زال على اتصال بالأطراف، يحثّهم على ضبط النفس ويطلب من جميع الأطراف تَجنّب أي عمل استفزازي من شأنه أن يزيد من تصعيد التوترات ويعرّض وقف الأعمال العدائية للخطر”.

 

وقال ديل كول: في البداية، من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نتقصّى كل الحقائق والظروف المحيطة بالتطورات الخطيرة التي حدثت الليلة الماضية على طول الخط الأزرق. لقد فتحت تحقيقاً عاجلاً، وأدعو الطرفين إلى التعاون الكامل مع اليونيفيل للمساعدة في تحديد الحقائق”.

 

إسرائيل

وفي الجانب الاسرائيلي، أعلنت وسائل الاعلام الاسرائيلي انّ الهدوء الحَذر يسود منطقة الحدود شمال اسرائيل بعد حالة استنفار عقب إطلاق نار من أسلحة خفيفة من جهة لبنان على قوة من الجيش الاسرائيلي كانت تقوم بنشاط قتالي في محيط المنارة. ولم يصب أيّ من الجنود بأذى، ورَد أفراد القوة بإطلاق العشرات من القنابل الضوئية والدخانية، كما أغارت مروحيات مقاتلة وطائرات تابعة لسلاح الجو على أهداف إرهابية لمنظمة “حزب الله”. ومن مجمل ما تمّ قصفه مواقع مراقبة تابعة لـ”حزب الله” قرب الحدود”.

وبحسب الاعلام الاسرائيلي، فإنه بسبب الاشتباه في وقوع تسلل عبر الحدود أُغلق لبعض الوقت عدد من الطرق في شمال البلاد، وتمّ الايعاز الى سكان بعض القرى بملازمة منازلهم الّا انه تمّ لاحقاً السماح لهم بالعودة الى مجرى الحياة الطبيعي”.

وقال الاعلام الاسرائيلي انّ رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يمضي إجازة شخصية في شمال إسرائيل، تلقّى تقارير أمنية أولاً بأوّل. كما أجرى وزير الدفاع بيني غانتس مشاورات مع رئيس اركان جيش الدفاع الجنرال افيف كوخافي. وأكد الجيش الاسرائيلي انه يُحمّل حكومة لبنان كامل المسؤولية عمّا ينطلق من أراضيه، وينظر الى الحادث والى أيّ محاولة لانتهاك سيادة دولة إسرائيل ببالغ الخطورة.

 

وفي تصريح له أمس، قال نتنياهو الذي ترأس اجتماعاً للبحث في التطورات الأخيرة على الحدود مع لبنان: “إنّ إسرائيل تنظر ببالغ الخطورة إلى قيام “حزب الله” بإطلاق النار على قواتنا”، مشيراً الى انّ اسرائيل “ستردّ بقوة على أيّ اعتداء كان”.

وقال إنّ “حزب الله” يعرّض الدولة اللبنانية إلى الخطر مرة أخرى بسبب عدوانتيه، وأنصحه بعدم تجربة قوة إسرائيل الضاربة”.

 

مجلس الدفاع

وما حصل على الحدود، كان مدار بحث في اجتماع مجلس الدفاع الاعلى الذي قرر الطلب الى وزير الخارجية تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الامن الدولي ضد اسرائيل.

وفي بيان، بعد اجتماعه في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، قرر مجلس الدفاع تمديد حالة التعبئة العامة حتى نهاية السنة الحالية، وتفعيل وتنفيذ التدابير والإجراءات التي فرضتها المراسيم ذات الصلة والقرارات الصادرة عن معالي وزير الداخلية والبلديات، وذلك خلال فترة تمديد التعبئة. ومع تشديد المجلس على الاجراءات الوقائية لمنع انتشار فيروس كورونا، أكد على الأجهزة العسكرية والأمنية كافة التشدّد ردعياً في قمع المخالفات”، وشدّد من جهة ثانية “على الأجهزة الأمنية والقضائية استكمال التحقيقات اللازمة لكشف ملابسات جريمة كفتون التي أودت بحياة 3 مواطنين من أبناء البلدة”.

وعرض المجلس موضوع تجديد تفويض “اليونيفيل” الذي ينتهي بتاريخ 31/8/2020، وجرى التأكيد على ضرورة تجديد التفويض، لمدة سنة، من دون تغيير في مهامها”.

 

إغتيال الحريري

من جهة ثانية، برز أمس تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الاميركية، أعدّته الصحافية الالمانية سعاد المخنث والصحافي الاميركي جوبي واريك، كشفا فيه “انّ سليم عيّاش، الذي اتهمته المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، هو في الحقيقة جزء من فرقة اغتيال متخصّصة نفّذت 4 عمليات اغتيال أخرى على الأقل، بأوامر مباشرة من قيادة “حزب الله”. وذكر التقرير أنّ “عياش كان جزءاً من الوحدة المعروفة باسم “الوحدة 121″، وهي وحدة سرية للغاية تضمّ عشرات الناشطين من الحزب، المنفصلين تماماً عن أيّ نشاط آخر، وتتلقّى أوامرها من حسن نصر الله بشكل مباشر”.

 

وبحسب الصحيفة، فإنّ “الاتصالات التي تم اعتراضها، وغيرها من الأدلة غير المُدرجة في الإجراءات العلنية للمحكمة الدولية، تؤكد جميعها وجود وحدة اغتيالات متخصّصة كانت وراء سلسلة من التفجيرات بسيارات مفخخة، استهدفت قادة عسكريين وسياسيين وصحافيين لبنانيين. وعلى الرغم من التغييرات الدائمة في بنية فرقة الاغتيالات؛ فإنّ عيّاش كان القاسم المشترك الدائم، قبل أن يصبح قائداً للوحدة”.

 

وبحسب مصادر الصحافيين الأمنية، فإنّ وجود فريق الاغتيال من شأنه أن يقوّض نهائياً محاولات “حزب الله” نَفي صِلته بالاغتيال. وفي هذا السياق قال مسؤول أميركي كبير سابق في الأمن القومي، سبق له المشاركة في جهود جمع المعلومات الاستخباراتية بعد مقتل الحريري: “ليس هناك شك” حول سيطرة “حزب الله” على فرقة الاغتيال، “حزب الله منظمة شديدة الانضباط”.

 

وفي هذا السياق يقول ماثيو ليفيت لواشنطن بوست، وهو محلّل مكافحة الإرهاب السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخزانة، ومختصّ بعمليات “حزب الله”: “تملك الجماعة صانعي قنابل من أصحاب الخبرة العالية، وهيكل قيادة معقد مصمّم لإبعاد كبار المسؤولين عن اللوم”. ويضيف: “أعدّ “حزب الله” وحدات متخصّصة للقيام بمهام فريدة، بعضها محدد زمنياً، وبعضها الآخر يتعلق بمجموعة مهارات معينة أو نوع من المهام”.

 

كما أكّد اللواء أشرف ريفي، في مقابلة مع الصحيفة، علمه بوجود “مجموعة داخل “حزب الله” مسؤولة عن العمليات والاغتيالات”، بما في ذلك مقتل الحريري وتفجير السيارات المفخخة التي استهدفت قادة آخرين. وأضاف ريفي أنّ عياش “كان جزءاً من تلك المجموعة”.

 

وقد حددت الصحيفة الاميركية “4 ضحايا مفترضين للوحدة 121، هم: العميد فرانسوا الحاج، النقيب وسام عيد، العميد وسام الحسن، والوزير السابق محمد شطح”، ونقلت عن مسؤولين أمنيين حاليين وسابقين ومحللين أمنيين مختصّين بـ”حزب الله”، “خشيتهم من أنّ قادة الحزب قد يشعرون بالحاجة لِشَن هجمات جديدة، تستهدف قادة سياسيين وخصوماً مُحتَملين في لبنان أو خارجه. ويرى المحللون أنّ الأوضاع المضطربة والفوضى التي تعيشها البلاد، وخاصة بعد انفجار ميناء بيروت، قد تشكلان فرصة مناسبة للحزب لإسكات منتقديه، أو من يحاولون ربطه بالتفجير”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *