الرئيسية / صحف ومقالات / الديار:رغم الكارثة … الظروف غير مُتوافرة لتأليف الحكومة بسبب صراع بين العهد والمعارضة..الثنائي الشيعي اختار الحريري كممثل للسنّة .. و«الاشتراكي والقوات» لن يُقدّما هديّة لعون..الرئيس ماكرون لن يتدخل.. والأطراف كلّها تلعب لعبة الجسور المنسوفة
الديار لوغو0

الديار:رغم الكارثة … الظروف غير مُتوافرة لتأليف الحكومة بسبب صراع بين العهد والمعارضة..الثنائي الشيعي اختار الحريري كممثل للسنّة .. و«الاشتراكي والقوات» لن يُقدّما هديّة لعون..الرئيس ماكرون لن يتدخل.. والأطراف كلّها تلعب لعبة الجسور المنسوفة

يبدو أن أفرقاء الطبقة السياسية يريدون أن يحافظوا على مكتسباتهم، لأن الصراع بين العهد برئاسة فخامة الرئيس العماد ميشال عون والمعارضة ازداد بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب وبدء المشاورات لتأليف الحكومة الجديدة. فالرئيس العماد ميشال عون يُريد أن يُحافظ على مُكتسبات العهد خاصة التيار الوطني الحر وعلى عدد نواب كتلته الكبيرة، لذلك هو ضدّ أيّ مسعى لانتخابات نيابية مُبكرة، لان كثيرين يعتقدون أن التيار الوطني الحر خسر من شعبيته، والانتخابات المبكرة ستؤدي الى تقليص عدد نواب التيار، وبالتالي اضعاف العهد.

 

من هنا، فان الرئيس ميشال عون يُريد أن تكون له الكلمة الأولى في تشكيل الحكومة، لذلك لم يُبادر الى دعوة لاستشارات نيابية، وفي المقابل، فان الرئيس سعد الحريري لم يزر بعبدا، ويعتبر أن تحالف الرئيس ميشال عون مع حزب الله بتشكيلة حكومة الرئيس حسان دياب قد فشلت، وبالتالي، فان العهد غير قادر بعد الاّن على تأليف الحكومة من دون الحريري.

 

وهنا، لا بدّ من التذكير أن الرئيس نبيه بري حاول اقناع الرئيس عون بإجراء الاستشارات النيابية لكنه فشل. وقال بري : »لقد اطفأت محركاتي وانتظر من غيري ماذا سيفعل«. وقال النائب في كتلة بري محمد نصر الله »ان الوضع يسير نحو كارثة بعد انخفاض احتياطي المصرف المركزي«، وقال بما معناه أن اجتماعات الرئيس بري مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل لم تصل الى نتيجة، وأضاف : شاء من شاء وأبى من أبى، فان الحريري هو الممثل الأول للسنّة في لبنان، لذلك توافقت حركة أمل وحزب الله على اختياره.

 

أما مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان فسيدعو الى اجتماع في دار الفتوى خلال 72 ساعة المقبلة لقادة الطائفة السنية والنواب والوزراء الحاليين والسابقين للاحتجاج والمطالبة بإجراء الاستشارات النيابية، لأن التكليف هو قبل التأليف، ولا يجوز التحكم بموقع رئاسة الحكومة من قبل أيّ جهة.

 

وفي الوقت ذاته، تلاقى المفتي دريان مع البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على المواقف ذاتها، حيث طالب البطريرك الراعي بالإسراع بتأليف الحكومة وطالب أيضاً بالانتخابات المبكرة، وهذا ما طالب به الوزير وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، وبذلك التقت بكركي مع دار الفتوى في الموقف ذاته بالإسراع بتشكيل الحكومة. ولا شك أن الرئيس عون لن يكون مُرتاحاً لموقف البطريرك الراعي.

 

وفي معلومات لـ »الديار« أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لن يتدخل بتشكيل الحكومة، لأن موقف فرنسا مبدئي بدعم لبنان، وانه قد يُرسل إنذاراً للمسؤولين حول ضرورة تأليف الحكومة، وهنا تقول المعلومات، ان باريس وواشنطن وموسكو يُؤيّدون عودة الحريري، وان الثنائي الفرنسي والأميركي باستطاعتهما تأمين الغطاء السياسي للحريري من السعودية بسهولة، وهو ما عبّرت عنه زيارة السفير السعودي البخاري الى بيت الوسط واجتماعه بالرئيس سعد الحريري.

 

الوزير وليد جنبلاط يعتبر أنه لن يدعم عهد الرئيس ميشال عون بعد الان، وبالتالي لن يُرشح الحريري للتأليف ، ويترك الامر للعهد أن يختار شخصية أخرى قادرة على تأليف الحكومة. والحزب الاشتراكي مُقتنع تماماً بأن الرئيس ميشال عون من دون تسمية الحريري لن يستطيع تأليف حكومة جديدة، وبالتالي، وان ذلك سيُؤدي الى عدم حصول التيار الوطني الحر و الرئيس ميشال عون على المكتسبات السياسية التي حصلوا عليها.

 

أما “القوات اللبنانية” فهي تلتقي مع الحزب الاشتراكي على عدم ترئيسها الحريري لرئاسة الحكومة وانتظار ما سيفعله الرئيس ميشال عون بتأخيره الاستشارات النيابية طالما أن الحريري لن ينتقل من بيت الوسط لزيارة بعبدا وهو ما يريده الرئيس ميشال عون كي يطلع على رؤية الحريري في كيفية تأليف الحكومة الجديدة، وهل ستكون نيابية أم من خبراء واختصاصيين خارج تمثيل أي حزب سياسي فيها.

 

لذلك، فان انقطاع التواصل بين بعبدا وبيت الوسط سيستمرّ الى حين تدخل دول وجهات خارجية أهمها فرنسا وواشنطن لكونهما يُؤثران على الساحة اللبنانية.

 

بالنسبة للحريري ،هو باقِ على موقفه ولن يزور بعبدا، ويعتبر أن التكليف يجب أن يسبق التأليف، وانه يحظـى بدعم داخـلي وخارجي خاصة من الثنائي ? الشيعي اي حركة أمل وحزب الله، وتأييد دار الفتوى ونادي رؤساء الحكومات ممّا يجعله في موقف قوي.

 

الأطراف كلها تلعب لعبة الجسور المنسوفة، أيّ أنك لا تستطيع العودة الى الوراء أو رفع السقوف عالياً كي يقبل بها الطرف الاخر، وأولى الخسائر التي سيشهدها لبنان ستكون الغاء الرئيس الفرنسي ماكرون زيارته الى بيروت بعدما وعد بالعودة في ايلول، وبعد ان تتشكل الحكومة العتيدة وتبدأ بالاصلاحات، ليتمّ دفع مبلغ 11 ملياراً ونصف المليار الذي قرره مؤتمر »سيدر-1«، ومن شروط ماكرون ايضاً ان يتولى اختصاصيون الوزارات وان يكونوا من خارج الطبقة السياسية.

 

اذاً، يُمكن القول ان زيارة الرئيس ماكرون لم تعد سهلة بل أصبحت صعبة، الا اذا قرّر التدخل مُباشرة بتأليف الحكومة، لكنه حتى الان لا يُريد أن يُعطي انطباعاً أن لبنان هو تحت الوصاية الفرنسية، لان الاميركيين قالوا لكل الأطراف شكلوا حكومة يتمثل فيها حزب الله، لان وكيل وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل الذي زار بيروت قال : »لقد تعاونا مع حكومات عدة وكان ضمنها حزب الله«، أيّ أنه لا مشكلة بتمثيل حزب الله في الحكومة بالنسبة للأميركيين .لكن اللافت في زيارة ديفيد هيل الى بيروت عدم اجتماعه برئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.

 

أخيراً، اذا طال زمن تأليف الحكومة، فان لبنان مُقبل على كارثة اقتصادية ومالية ستطيح بالاقتصاد وبالليرة اللبنانية وبالسلم الأهلي، وقد ندخل الفوضى السياسية، لان الحوار الجاري حول الحكومة توقف عملياً بعد اعلان الرئيس بري إطفاء مُحرّكاته، وبعد انقطاع العلاقة بين بيت الوسط وبعبدا، وبعدم الدعوة لاستشارات نيابية، لكن الردّ على ما يبدو سيأتي من دار الفتوى بالحفاظ على الموقع السّني الثالث في البلاد، والتأكيد أن الطائفة السّنية لن ترضى بالمسّ بجوهر اتفاق الطائف ولو أن الدستور لم يُحدّد المهلة لرئيس الجمهورية للدعوة لاستشارات نيابية لتكليف رئيس للحكومة، لكن العرف المعمول فيه منذ اتفاق الطائف هو الدعوة لاستشارات نيابية بعد استقالة كل حكومة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *