الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق:الحقيقة أخيراً.. المنفذون يدانون اليوم فمتى دور مَن قرروا وأمروا باغتيال الحريري؟  
الشرق

الشرق:الحقيقة أخيراً.. المنفذون يدانون اليوم فمتى دور مَن قرروا وأمروا باغتيال الحريري؟  

منذ اللحظة الأولى للجريمة النكراء التي أودت بالرئيس رفيق الحريري فجعلته شهيد لبنان الأكبر، كنا نعلم تماماً من نفذ وأمر ودبّر عملية الإغتيال… وسبحان الله العلي العظيم الذي يمهل ولا يهمل… إذ كلما قتل مسؤول كبير من حزب عظيم، أو مسؤول سوري كبير، تبيّـن أنّ للمقتول يداً ودوراً في عملية اغتيال الشهيد الكبير. هذا الشهيد الذي لا تزال بصماته وأعماله متداولة في الأوساط اللبنانية الوفيّة كافة.

واليوم… يصدر قرار المحكمة، كاشفاً من قتل وحرّض ودبّر وخطط لعملية اغتيال رجل، كان عظيماً في حياته، وظل أعظم بعد استشهاده.

صحيح اننا كنا نعلم من وقف وراء العملية التي أصابت لبنان في الصميم. فالرئيس الشهيد لم يكن رئيساً عادياً لحكومة لبنان، بل كان قائداً للإنماء والإعمار.. هدفه الأوّل جعل لبنان منارة الشرق الأوسط، وعنوان الرقي والتقدم بين دول المنطقة كافة.

قام الشهيد الكبير بزيارة بلدان إقليمية وعالمية عدة، ورسم خارطة طريق سياحية وسياسية واقتصادية، جعلت من لبنان محوراً لهذه الخارطة.

استشهاد الرئيس رفيق الحريري، قتل للبنان الحضارة، هو خنجر غرس في قلب الوطن فأدماه… ألم يكن لبنان منارة العالم العربي: علمياً وسياحياً، ومستشفى العالم العربي من أدناه الى أقصاه…؟ ألم يتخرّج عدد كبير من زعماء العالم العربي من الجامعة الاميركية في بيروت، ومن اليسوعية..؟ بلد الإشعاع والمعرفة هذا، أصابه خنجر الغدر بمقتل.

بالتأكيد من أقدم على اغتيال الحريري، قتل لبنان المتقدّم والمزدهر والمتطوّر والمتميّز.

إنّ الذين غدروا به واغتالوه، لا يؤمنون إلاّ بثقافة الموت وسط عالم يتطلع الى ثقافة الحياة.

غريب أمر هؤلاء وأولئك… يبحثون عن ثقافة الموت ويفاخرون بارتكاب جرائمهم… إنهم أعداء الحياة…

نقول لأصحاب ثقافة الموت: لبنان شبع من كثرة الموتى… ملّ ثقافتكم… فأنتم سبب فقره و»تعتيره».

يا جماعة… عام 1970 كان سعر متر الأرض في بيروت 25 ألف ليرة لبنانية يعني عشرة آلاف دولار أميركي. في وقت كان سعر المتر المربع في نيويورك أقل من ذلك… فماذا حدث اليوم…؟ وكم هو سعر متر الأرض في بيروت؟

منذ الإنسحاب الاسرائيلي عام 2000، سقطت دولة «الحزب العظيم»، إذ لم يعد هناك مبرّر لوجود دويلة ضمن الدولة. من هنا نقول إنّ ما حدث عام 2006 كان كارثياً على لبنان، ولم يكن ما حدث «غلطة» كما قال أمين عام «الحزب العظيم» يومذاك «لو كنت أعلم ما حلّ بلبنان واللبنانيين وخسارة خمسة آلاف شهيد إضافة الى جنود وضباط من الجيش اللبناني وعناصر من «حزب الله»… لما أقدمت على ما أقدمت عليه».

حقاً ان خسائر عام 2006 كانت كارثية، إذ بلغت قيمتها أكثر من 15 مليار دولار، دفعها الشعب اللبناني… فهل نفعت كلمة «لو كنت أعلم» في تقليل الخسائر؟

لقد تحوّل لبنان من بلد غني الى بلد فقير، وتحوّل شعبه من شعب متعلم متميّز الى شعب فقير لا يتمكن من تأمين العِلم لأبنائه.. من بلد عاش شعبه بازدهار لافت وبحبوحة ظاهرة، الى شعب يتوسّل لقمة العيش فلا ينالها.

المصارف التي قدّمت أموال المودعين الى الدولة وحجبت عن هؤلاء أموالاً باتوا في أمسّ الحاجة إليها.

والدولة التي صرفت 47 مليار دولار على الكهرباء بسبب فساد القيّمين عليها «لعيون الصهر» الذي رفض البواخر وعاد وتبناها. فلِمَ رفضها أولاً؟ ولماذا تمسّك بها أخيراً؟ لا أحد يعرف السبب إلاّ الراسخون في العلم.

لقد وضع الصهر الأموال التي حصل عليها باسم صديق له في لندن، هذا الصديق الذي صار وزيراً وتسلم حقيبة لم يكن يحلم بها لولا «الصهر العظيم»، أما الأموال التي حصل عليها الصهر فوضع قسماً منها في لبنان باسم وزير ثانٍ له أعمال في الخليج.

ونشير بالتالي الى سلعاتا، وما أدراك ما سلعاتا. يا جماعة… نصف الدين (أي 47 مليار دولار) صرفها الصهر بين العام 2005 والـ2020. فالصهر عبقري فنان متمرّس بالسرقة، والأنكى انه يظن نفسه عبقري زمانه.

ولنحاول أخيراً الإشارة الى تفجير مرفأ بيروت… مَن أحضر ومَن خزّن ومَن أقفل العنبر، وكمّ أفواه العارفين، ولماذا تجاهلت الدولة، ما رفعته إليها مديرية أمن الدولة؟.. أليْس هذا التجاهل… والتساهل… وسياسة «شاهد ما شفشي حاجة» هي التي تسببت بمقتل ما يزيد على الـ174 بريئاً، وجرح أكثر من خمسة آلاف إنسان؟

صدّقوني… إنّ من اغتال الشهيد الكبير رفيق الحريري وإن كشف اسمه اليوم، وحتى ولو كشف من كان وراءه، لا يزال يمسك بخنجر الإغتيال هذا، يوجهه الى شعبنا اللبناني البريء، بغية ارتكاب عملية إغتيال أخرى… تقتل هذه المرة لبنان كله.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *