الرئيسية / صحف ومقالات / 8 آذار تقدم دياب فدية… وتفتح البازار؟
flag-big

8 آذار تقدم دياب فدية… وتفتح البازار؟

قطعا لا اسف على حكومة حسان دياب ولكن الأهم الان استحقاق التغيير الكبير وصولا الى انتخابات رئاسية ونيابية معجلة وليست فقط مبكرة.

كل العوامل والظروف الدراماتيكية المتسارعة التي كانت تتجمع وتتراكم قبل 4 آب أصلا، كانت تشكل ادانة ضخمة لحكومة حسان دياب وداعميها خصوصا لجهة فشلها الهائل في الاستجابة للمطالب الداخلية والخارجية بالإصلاح ممرا الزاميا وملحا لبداية اخراج لبنان من أنفاق الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي اتخذت خلال ولاية هذه الحكومة أحجاما مضاعفة ومتعاظمة. فكيف الحال بعد كارثة 4 آب التي ظلت الحكومة ورئيسها وتحالف العهد وقوى 8 آذار يتصرفون حيالها طوال الأيام التي فصلت بين يوم الانفجار المزلزل واليومين الماضيين بمنطق المكابرة والمخادعة والمناورة السياسية ظنا منهم ان إلهاء الرأي العام ببعض الإجراءات التي يقوم بها التحقيق سينجي التحالف الحاكم من دفع الثمن السياسي أولا والجنائي ثانيا جراء المسؤولية والتبعات المباشرة التي يتحملها التحالف كلا بكل قواه امام الكارثة غير المسبوقة التي ضربت بيروت. وإذ اشتعلت البلاد مجددا بانتفاضة شعبية بالغة الخطورة مدفوعة بانفجار الغضب العارم الذي اجتاح البلاد كما هب العالم بأسره لنجدة الشعب اللبناني حصرا مطلقا حكم الإدانة القاطعة على التحالف الحاكم والسلطة والحكومة، انقلبت صفحة المشهد رأسا على عقب ورسمت وقائع قاسية صارمة وجد التحالف الحاكم نفسه امام حتمية اللجوء قسرا الى ما تجنب اللجوء اليه في اللحظة الأولى من الانفجار. قرر التحالف الحاكم التضحية بالحكومة التي وصفت يوم تشكيلها بحكومة العهد الأولى والتي جاءت قبل ثمانية اشهر محمولة بأحادية المحور الذي يضم العهد وقوى 8 آذار، وفجأة بدأت ترتيبات تقديم التضحية السياسية الى الداخل والخارج تحت حجة اندلاع معركة حادة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب عقب تفرد دياب بإعلانه اعتزامه تقديم مشروع قانون الى مجلس الوزراء حول الانتخابات النيابية المبكرة، الامر الذي اعتبره بري تجاوزا لصلاحيات مجلس النواب وقرر على الأثر معاقبة دياب بتحديد جلسة مساءلة للحكومة الخميس المقبل موحيا بإمكان اسقاط الحكومة فيها. والحال ان هذه الذريعة بدت حجة شكلية في مسار التأزيم الكبير الذي وجد تحالف العهد والقوى المكونة للحكومة نفسه محاصرا فيه امام تمدد التداعيات النارية لكارثة الانفجار التي فضحت إهمالا هائلا للسلطة بكل مستوياتها لم تشفع في طمسه كل المحاولات اللاهثة التي تولتها أدوات السلطة لتوجيه الاتهامات سلفا ضد خصوم سياسيين او سواهم. كما ان قوى التحالف بدت كأنها قررت التضحية بالموقع الأضعف لديها راهناً تحسباً لاحتمال تكبد خسائر اكبر لاحقاً فقررت تقديم رأس حسان دياب فدية داخلية وخارجية على امل ان تتمسك من خلال رئيس الجمهورية ميشال عون بورقة التحكم باستحقاق التغيير الحكومي البديل وإطلاق المفاوضات الخلفية داخليا وخارجيا حول تسويات مقبلة راج الكلام عليها بقوة أخيرا.

واذا كانت الوقائع السياسية المملة والرتيبة التي طبعت الساعات الطويلة امس بين بعبدا والسرايا وعين التينة تمركزت حول التفاصيل التي دفعت دياب الى إطالة امد اعلان استقالته، كما لعب وزراء كثر أدوارا سطحية ومسرحية في التمهيد للاستقالة، فان المعطيات الجدية كشفت بما لا يقبل جدلا ان التحالف الحاكم للعهد وقوى 8 آذار ولا سيما منها الثنائي الشيعي اتخذ قرار”اقالة ” حسان دياب وإطلاق الساحة امام الاستحقاق الحكومي المقبل عَل ذلك يؤدي أولا الى فتح التفاوض مع الداخل والخارج حول حكومة يبقى للتحالف يد طولى فيه ولو من ضمن وقائع جديدة تحفزها مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في العودة بقوة الى الوضع اللبناني بتفويض دولي وتحديداً أميركي. كما ان فتح الاستحقاق الحكومي الطارئ من شأنه ان يشكل قتالا تأخيرياً لمنع تسريع استحقاق الانتخابات النيابية المبكرة التي يرفضها التحالف الحاكم بكل قواه. ولعله يندرج في هذا الإطار الاجتماع الطارئ الذي علمت “النهار” انه عقد مساء امس في عين التينة وضم الى الرئيس نبيه بري الوزير السابق جبران باسيل والوزير السابق علي حسن خليل وعن حزب الله حسين الخليل ووفيق صفا. وأدرجت أوساط 8 آذار الاجتماع في التشاور الأولي حول الرئيس المكلف لتأليف الحكومة الجديدة. وعلى ذمة هذه الأوساط فان حركة “امل” و”حزب الله” ووليد جنبلاط يؤيدون عودة الرئيس سعد الحريري لتولي تأليف حكومة توافقية فيما يؤيد جبران باسيل تكليف السفير السابق نواف سلام. ولكن الوضع لا يزال في بداياته ولا يمكن بلورة صورة المواقف بوضوح من الان. وثمة معطيات تتوقع ضغطا فرنسيا ودوليا لاستعجال تأليف حكومة تتولى الإصلاحات كاولوية برئاسة سعد الحريري.

 

الإطلالة الأخيرة!

وبعد ساعات طويلة استبعد فيها الاعلام عن مكاتب رئيس الحكومة وقاعة مجلس الوزراء وسادها هرج ومرج اعلامي و”بطولات ” وزارية تطايرت مع تصريحات وزيرات وزراء حاولوا تصيد اللحظة الشعبوية الأخيرة اطل دياب في السابعة والنصف على اللبنانيين بكلمة اعلان الاستقالة التي لم تختلف في نمطها اطلاقا عن كل ما دأب على إطلاقه من هجمات على معارضي الحكومة والقوى السياسية المعارضة، فيما لم يتجرأ بالتطرق بكلمة واحدة حيال أي فريق او طرف من أطراف التحالف الحاكم ولا تناول الظروف الحقيقية التي أسقطت حكومته. وشن دياب حملة حادة على “منظومة الفساد المتجذرة التي اكتشفت انها اكبر من الدولة التي لا تستطيع التخلص منها “. وقال “اننا امام مأساة كبرى وكان يفترض بالقوى الحريصة ان تتعاون لمساعدة الناس وبلسمة جراحهم لكن البعض يعيش في عالم آخر ولا يهمه من كل ما حصل الا تسجيل النقاط السياسية “. ومن دون ان يسمي أحدا مضى الى القول “انه يفترض بهؤلاء ان يخجلوا لان فسادهم فجر هذه المصيبة المخبأة منذ سبع سنوات وان المطلوب هو تغييرهم لانهم هم المأساة الحقيقية للشعب اللبناني “. وإذ دافع عن حكومته واعتبر ان “كل وزير فيها أعطى اقصى ما عنده” قال “كنا وحدنا وكانوا مجتمعين ضدنا لانهم يعرفون اننا نشكل تهديدا لهذه الطبقة”. واعلن “اننا نتراجع خطوة الى الوراء للوقوف مع الناس ونخوض معركة التغيير معهم ونريد فتح الباب امام الإنقاذ الوطني لذلك اعلن اليوم استقالة هذه الحكومة والله يحمي لبنان “.

وتوجه دياب مساء الى قصر بعبدا وقدم استقالته الخطية الى رئيس الجمهورية ميشال عون ثم صدر مرسوم قبول الاستقالة وتكليف الحكومة بالاستمرار في تصريف الاعمال. ولم تخل الدقائق الأخيرة قبل الاستقالة من خدمات ومحاصصات اذ صدر مرسوم رئاسي بتعيين العميد ماهر الحلبي قائدا للشرطة القضائية، وكان مجلس الوزراء كلف أيضا باسم القيسي بتسيير أمور مرفأ بيروت لستة اشهر كما قرر المجلس إحالة انفجار المرفأ على المجلس العدلي.

 

الاستشارات متى؟

وإذ تردد ان الأسبوع الحالي لن يشهد تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتأليف الحكومة الجديدة سادت مخاوف من ان يعمد رئيس الجمهورية الى تكرار التجربة التي سبقت تكليف دياب عقب استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري اذ مضت أسابيع قبل اجراء استشارات التكليف بحجة توفير التوافق على اسم رئيس الحكومة الجديد. ولم تبدد المؤشرات الأولية الصادرة عن بعبدا امس هذه المخاوف اذ قالت مصادر بعبدا ان المشاورات السياسية تعطى وقتا قبل الاستشارات النيابية كما هي العادة الا ان الاستشارات النيابية لن تتأخر كثيرا.

في ردود الفعل الداخلية اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط استقالة الحكومة “انتصارا سياسيا كبيرا ” واكد اننا مع تشكيل حكومة حيادية تشرف على انتخابات نيابية جديدة وفق قانون الطائف”.

اما في ردود الفعل الخارجية فأعلنت الخارجية الفرنسية ان “الأولوية لتشكيل حكومة جديدة بسرعة” وأكدت انه من دون إصلاحات سيتجه لبنان نحو الانهيار.

 

مجلس الامن

وسط هذه الأجواء الداخلية انعقدت امس جلسة لمجلس الامن الدولي في شأن لبنان قال خلالها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس “ان التداعيات الاقتصادية لتفجير بيروت كبيرة ونعمل على مساعدة لبنان طبيا وإنسانيا”. وأضاف ان الأمم المتحدة تشارك في عمليات الإغاثة في لبنان “كما شدد على ضرورة تحقيق إصلاحات اقتصادية في لبنان منوها بان “لدى لبنان إرادة قوية ولن نترك بيروت وحدها الانفجار جاء في وقت صعب حيث يواجه لبنان صعوبات اقتصادية وتأثيرات جائحة كورونا”.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *