الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : نكبات اللبنانيين فاقت كل احتمال… والمحاسبة التامة أقلّ الواجب أمام هول المأساة ‎”‎بيروت” ساحة دمار شامل
الانباء

الأنباء : نكبات اللبنانيين فاقت كل احتمال… والمحاسبة التامة أقلّ الواجب أمام هول المأساة ‎”‎بيروت” ساحة دمار شامل

ماذا يُمكن أن يُكتَب بعد الكارثة الوطنية التي حلّت بلبنان؟ ماذا يُمكن أن يقال لهذه السلطة ‏المقصّرة المستهترة بحياة اللبنانيين، الفاقدة للضمير ولأي حسٍ وطني، بل للأخلاق، ‏ومنعدمة المسؤولية؟ سلطةٌ فاسدةٌ ساقطةٌ بكل المعايير الإنسانية والأخلاقية. حكومة ‏‏”اللعنة والشؤم” تقامر بمصير البلاد والعباد‎.‎

ثوانٍ قليلة تحوّلت معها بيروت وضواحيها إلى ما يشبه هيروشيما، في وقتٍ كانت أصداء ‏الانفجار، الذي دوّى في مرفأ بيروت، تتردد بقوة في معظم مناطق لبنان، محدثةً هلعاً ‏وذعراً بين المواطنين الذين اعتقدوا للوهلة الأولى أن حدثاً أمنياً كبيراً وقع على فاصل أيامٍ ‏من إعلان الحكم في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؛ أو أن اعتداءً إسرائيلياً ‏جديداً استهدف لبنان، فإذا به، وفق المعطيات الأولية، انفجار الإهمال واللّامسؤولية عند ‏من يُفترض بأنهم مسؤولون‎.‎

الانفجار الذي لم يسبق أن شهد لبنان مثيلاً له من حيث شدّته وتأثيره ونتائجه، وتخطّى ‏بحسب الذاكرة قوة انفجار 14 شباط 2005، بأضعاف مضاعفة، أطلق العنان للتحليلات ‏والتوقعات. بل أكثر من ذلك، أطلق المخاوف والهواجس من أن يكون شرارةً لما قد يكون ‏أسوأ في ظل فراغٍ في السلطة العاجزة عن مواجهة الأزمات والأعاصير التي تضرب الكيان ‏اللبناني بكل مقوّماته نتيجة الغياب الكليّ لهذه السلطة، والدافنة رأسها في الرمال، ‏والمعلنة إفلاسها وفشلها، قبل أن يتبيّن ما هو أسوأ: استخفافٌ بحياة الناس ما بعده ‏استخفاف‎.‎

ما حدث أمس كارثة وطنية بكل معنى الكلمة، وتستوجب، قبل أي شيء، رحيل هذه السلطة ‏الممعنة بتدمير الوطن وحرقه، كما فعل نيرون بروما، وربما أكثر. ويبقى الأهم، أن تتم ‏محاسبة كل مسؤول أيا كان عن كل جزئية في ما حصل‎.‎

تفاصيل الإنفجار‎ ‎

الانفجار وقع في العنبر رقم 12 داخل حرم مرفأ بيروت. وبرغم تعدّد الروايات، والتحليلات، ‏والتكهنات، والسيناريوهات، فإنه حسب المعلومات الأولية، كان الحريق نتيجة اشتعال ‏حريقٍ وصل إلى مادة نيترات الأمونيوم المتروكة بشكلٍ غير آمنٍ منذ سنوات، وبعلم ‏السلطات، كما أكّدت المعلومات، فكانت مفاعيله مدمّرةً في محيط المرفأ، ووسط بيروت، ‏ومناطق الكرنتينا، والمدوّر، والأشرفية، وطالت أضراره معظم الضواحي المطلة على ‏العاصمة، مع سقوط عشرات القتلى، وآلاف الجرحى الذين غصّت بهم مستشفيات لبنان‎.‎

أجهزة مرصد الزلازل الأردني سجّلت قوة الانفجار، الذي ساوت شدّته طاقة زلزالية تعادل ‏‏4.5 درجة على مقياس ريختر. وقال رئيس المرصد محمود القريوتي، إن محطات رصد ‏الزلازل الأردنية سجّلت الانفجار الساعة 06:08 دقائق، وأن الانفجار يعادل هزةً بقوة 4.5 ‏درجة على مقياس ريختر. ووصف القريوتي الطاقة المتحررة من التفجير، بأنها “قوية جداً‎”.‎

أما الارتدادات الزلزالية فوصفها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، بأنها حوّلت ‏بيروت إلى ما يشبه عام 1982، زمن الاجتياح الإسرائيلي، وقال: “نعم سننتظر التحقيق، لكن ‏لصالح مَن أتت تلك المواد القابلة للتفجير، ولماذا بقيت هذه المدة الطويلة في مرفأ ‏بيروت؟ إلّا اذا كانت هناك فرضيات اخرى … كم هذه الوزارة، ومَن يحميها، محلياً وإقليمياً،ج ‏فيها لعنة وشؤم على اللبنانيين‎”.‎

موقفٌ أكّده رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي، النائب تيمور جنبلاط، الذي دعا إلى “التضامن ‏فوق هول الكارثة ببيروت ولبنان”، وأضاف: “حق كل لبناني أن يُكشَف مَن أدخل هذه ‏المواد شديدة الانفجار، ولصالح مَن؟ مَن سمحَ بتخزينها سنوات بمنطقة عملٍ، وقرب ‏السكن؟ من يحمل مسؤولية الضحايا والجرحى؟ يجب محاسبة كل مسؤول عن هذه ‏المصيبة‎”.‎

وفي التداعيات السياسية أعلن عضو اللقاء الديمقراطي، النائب مروان حماده، أنه سيتقدم ‏باستقالته كنائب في البرلمان، وأضاف: “أول شخص يجب أن يستقيل هو رئيس ‏الجمهورية‎”.‎

رسمياً، تلقّى لبنان العديد من رسائل الدعم العربية والدولية، ومواقف التضامن والاستعداد ‏للمساعدة. وعقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً طارئاً أعلن بيروت مدينة منكوبة، كما أعلن ‏حالة الطوارئ فيها لأسبوعين، مع سلسلة تدابير لمواجهة الكارثة، فيما كانت مستشفيات ‏العاصمة بيروت تختنق بالجرحى، وتطلق نداءات التبرّع بالدم، والحاجة إلى نقل المصابين ‏إلى خارج بيروت. وحتى ساعات الليل المتأخرة لم يكن بعد قد توقف إحصاء عدد الضحايا ‏والجرحى، فيما بقي كثيرون في عداد المفقودين وسط حالة من الصدمة التي طالت كل ‏المواطنين من هول ما حصل‎. ‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *