الرئيسية / صحف ومقالات /  الجمهورية: مساعدات الصندوق مرهونة بـ 4 شروط والصــرّافون «منضبطون»
الجمهورية

 الجمهورية: مساعدات الصندوق مرهونة بـ 4 شروط والصــرّافون «منضبطون»

حتى الآن، ما زال المجتمع الدولي يتعامل مع لبنان بسياسة النَفَس الطويل، في انتظار أن تحسم السلطة موقفها وتقرّر أن تأخذ بتحذيراته المتتالية ونصائحه التي يسديها بوتيرة شبه يومية، لتدارك الإنهيار الاقتصادي والمالي الحتمي، إن بقي المسار الانحداري على ما هو عليه، وإن بقيت هذه السلطة ماضية في إحجامها غير المنطقي وغير المبرّر، عن بناء الكوابح المانعة لهذا الانهيار.

 مالياً، إختبر سوق الصرف امس، أول تجربة له بعد عودة الصرّافين الى العمل، وبدء تنفيذ الخطة المتفق عليها بهدف خفض سعر الدولار تدريجياً. ومن خلال هذه التجربة أُمكن تسجيل الملاحظات التالية:

– اولاً، جرى الالتزام بتسعيرة الصرافين التي أُعلنت في الصباح، وهي 3950 للشراء و4000 ليرة للمبيع.

– ثانياً، لم تكن حركة البيع والشراء ناشطة، كما هي العادة، وبقيت خجولة في يومها الاول.

– ثالثاً، لم يظهر صرافو الشنطة غير الشرعيين في الشوارع كما اعتادوا ان يفعلوا، وبالتالي لم يتمّ تسجيل سوق سوداء موازية لسوق الصرافة الرسمي.

– رابعاً، لم يتمّ تحديد كوتا للمواطنين لشراء الدولار، لكن الصرافين طلبوا اوراقاً تُثبت حاجة الزبون الى شراء الدولار. وهذا يعني تقليص الطلب على الدولار قسرياً.

– خامساً، غاب التجار الكبار والمستوردون عن السوق امس، ولم يطلبوا شراء الدولار، بما يعني انّهم يتريثون على أمل نجاح التجربة وانخفاض الدولار في الاسبوعين المقبلين، لكي يتمكّنوا من شرائه بسعر أقل من السعر المعروض حالياً.

نَفَس طويل .. ولكن

في مجال آخر، تبدو سياسة النَفس الطويل التي يتبعها المجتمع الدولي تجاه لبنان، ليست مفتوحة إلى ما لا نهاية، بل قد يصبح قصيراً جداً في اي لحظة، وفق ما تعكسه أجواء السفراء الغربيّين في لقاءاتهم مع المراجع المسؤولة في الدولة الرسمية والسياسية، وكذلك مع الهيئات الاقتصادية والمالية، والتي تقترن بتساؤلات مباشرة وصريحة عمّا يمنع السلطة من الاستجابة الى سيل التحذيرات والنصائح، والمبادرة الى وضع برنامجها الإصلاحي الذي وعدت به موضع التنفيذ، وخصوصاً في المجالات والقطاعات المخسّرة للدولة، والتي تسبّبت في تراجع الاقتصاد وعجز مريع في المالية العامة.

وبحسب معلومات استقتها «الجمهورية» من مصادر سياسية مطلعة عن كثب على أجواء الحركة الديبلوماسية، فإنّ الجديد في الكلام الديبلوماسي الغربي والأممي، هو الإيحاء بشكل شبه مباشر بأنّ المجتمع الدولي، يوشك أن يبلغ مرحلة الملل من تحذيرات ونصائح يسديها ولا تلقى استجابة من قِبل الجهات اللبنانية المسؤولة. وما ينقله بعض السفراء في هذا المجال، يوحي وكأنّ صبر المجتمع الدولي على لبنان، بدأ ينفد، خصوصاً وانّ منسوب الثقة بالسلطة اللبنانية صار في ادنى مستوياته.

وكشفت المصادر، انّ حالاً من الانزعاج وعدم الارتياح تسود الجسم الديبلوماسي، وخصوصاً انّ السفراء في لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين لا يلمسون تفاعلاً جدّياً مع ما يطرحونه، من موقع الحرص على عدم انزلاق لبنان في ازمته الى ما هو اخطر مما عليه اليوم. بل انّ ما يسمعونه من فرقاء السلطة لا يعدو كونه تعابير انشائية ووعوداً متكرّرة، لا تظهر لها ترجمة تنفيذية على أرض الواقع، وهو أمر بدأ يقرّب المجتمع الدولي من الشعور بعدم جديّة السلطة في مقاربة أزمة لبنان الخانقة بما تتطلبه من اجراءات وقائية نوعية.

فرصة جديدة

الّا انّ اللافت للانتباه، انّه على الرغم من حال عدم ارتياح المجتمع الدولي من تلكؤ السلطة في القيام بمبادراتها الانقاذية والاصلاحية الملموسة، فإنّ فرصة دولية جديدة قد لاحت في الافق الداخلي في الساعات الأخيرة، ترتكز على خريطة طريق انقاذية، لا بدّ للسلطة اللبنانية ان تسلكها قبل فوات الأوان، وحدّدها سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان رالف طراف خلال مناقشة النواب لاقتراح قانون المشتريات العام في مجلس النواب. بمشاركة ممثلين عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الرقابية في لبنان.

وفي معلومات «الجمهورية»، انّ سفير الاتحاد الاوروبي رالف طراف، عبّر عن سروره لوضع هذا الاقتراح على طاولة النقاش، باعتباره احد اهم القوانين الاصلاحية إن تمّ السير فيه واقراره.

وقال: «اننا كمجموعة دعم دولية للبنان، قد ابلغنا الحكومة اللبنانية بكل وضوح بأنّ دعمنا للبنان ولحكومته، يرتكز على مجموعة نقاط اساسية، ينبغي عليها ان تقوم بها في اسرع وقت ممكن، لكي تبدأ المساعدات بالوصول الى لبنان ومنها:

– النقطة الاولى، المعالجة الملحّة والضرورية جداً لقطاع الكهرباء، فمن غير المقبول ابداً ان يستمر الوضع فيه على ما هو عليه حالياً.

– النقطة الثانية، والتي تُعتبر اكثر من ضرورية، وهي اصدار قانون استقلالية القضاء اللبناني.

– النقطة الثالثة، اصدار قانون الشراء العام ( وهو قانون يتعلق بكل ما يشتريه القطاع العام، وبالمناقصات التي تجريها الوزارات والمؤسسات العامة والمجالس والبلديات، حيث يرمي الى تنظيم كل هذه الامور من خلال ادارة المناقصات وتوسيع دورها، بما يؤدي الى مناقصات اكثر شفافية واكثر التزاماً بالمعايير والشروط القانونية).

– النقطة الرابعة، ولعلّها الأهم من بين كل الشروط، وهي المصداقية، فالمطلوب بالدرجة الاولى من لبنان هو ان يستعيد الثقة به (ثقة اللبنانيين، وكذلك ثقة المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية).

وبحسب المعلومات، انّ ممثلي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تبنّوا ما اشار اليه سفير الاتحاد الاوروبي، وشدّدوا على انّ الاصلاح هو باب الانقاذ للبنان، وانّ الخطوات الإصلاحية التي اوردها السفير طراف هي الاساس في اي دعم مُنتظر للبنان.

وقالت مصادر نيابية لـ»الجمهورية»، انّ ما جرى التعبير عنه من قِبل سفير الاتحاد الاوروبي، الذي عكس موقف مجموعة الدعم الدولية وكذلك من ممثلي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في جلسة مناقشة اقتراح قانون الشراء في مجلس النواب، يشكّل المفتاح للمساعدة التي يمكن ان تُقدّم من صندوق النقد الدولي. ما يعني انّ ذلك يوجب ان يتمّ التعاطي بكل جدّية مع الصندوق، فمن دون هذه الجدّية، التي ينبغي ان تتبدّى في الخطوات الاصلاحية خصوصاً في مجال الكهرباء اولاً، لا يؤمل بتحقيق اي نجاح في الحصول على مساعدة من الصندوق.

الصندوق

في هذا الوقت، انعقدت امس، جولة جديدة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في حضور وفد وزارة المالية برئاسة وزير المال غازي وزني ومصرف لبنان، وتمحور النقاش في هذه الجولة حول موضوع متابعة البحث في ارقام الخسائر المتباينة بين وزارة المالية ومصرف لبنان. على ان يُستكمل البحث في جلسات تفاوض تالية.

وزني

وقال وزير المال لـ«الجمهورية»، انّ «النقاش يتمّ بروحية ايجابية، وانا شخصياً مرتاح لمسار الامور، علماً اننا نعتمد في هذه المفاوضات سياسة الخطوة خطوة، على امل ان نصل في نهايتها الى خواتيم ايجابية ومريحة للبنان».

ولفت الى انّه «من حيث المبدأ لا سقف زمنياً محدداً للتفاوض، كما لا سقف زمنياً محدداً لظهور نتائج، ولكن افترض اننا في وقت ليس بعيداً يمكن ان نعرف ذلك، واما الآن فالاساس هو متابعة النقاش والتفاوض، وكما قلت المباحثات جدّية وعميقة في كل المحاور التي نتناولها».

9 مليارات

الى ذلك، وفي الوقت الذي تعبق الصالونات السياسية بالحديث عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وما يمكن ان يقدّمه للبنان في ختام هذه المفاوضات، جزمت مصادر الوفد اللبناني المفاوض مع الصندوق بضرورة عدم الافراط في تقدير ارقام خيالية للمساعدة المرتقبة من صندوق النقد، وبالتالي فإنّ ما يمكن ان يحققه لبنان في هذه المفاوضات، اذا ما استمرت ماضية بوتيرتها الايجابية، لا يعدو اكثر من مليار و800 مليون دولار على مدى 4 او 5 سنوات، اي ما مجموعه 9 مليارات دولار. هذا مع العلم انّ صندوق النقد لا يقدّم الاموال مجاناً، بل ستكون مقيّدة بشروط تطبيقية صارمة لها، وحتى الآن لا نستطيع ان نحدّد ما هي شروط قبول صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، وتأثيراتها وكذلك انعكاساتها، سلبية كانت او ايجابية، على الفئات الشعبية في لبنان وتحديداً على الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود.

وبحسب معلومات مطلعين على اجواء المفاوضات، فإنّ ما يشدّد عليه ممثلو صندوق النقد، هو مبادرة الحكومة الى اجراءات اصلاحية سريعة في العديد من القطاعات الحيوية، فمن شأن ذلك ان يعزّز موقف لبنان اكثر ويشكّل عاملاً محفّزاً للصندوق لإطلاق مساعداته تجاه لبنان في وقت قريب. علماً انّ صندوق النقد لا يسعى في المفاوضات الجارية مع لبنان الى وضع خريطة طريق جديدة امام لبنان، يوجب عليه سلوكها للحصول على المساعدات، ذلك انّ خريطة الطريق هذه، سبق للصندوق ان وضعها في تقرير علني (article 4) اصدره في تموز من العام 2019، يحدّد فيه كل مكامن الخلل في البنية الاقتصادية والمالية في لبنان وسبل المعالجة والاصلاح. وهذا التقرير يفترض ان يكون في عهدة الحكومة اللبنانية، وما عليها سوى الاستفادة منه، وتبادر الى خطوات تنفيذية ملموسة في قطاعات الخلل المتعددة، ومن شأن ذلك ان يسهّل مهمتها اكثر في المفاوضات مع صندوق النقد ويحصّن بالتالي موقف المفاوض اللبناني.

جابر

وفي سياق هذا التحصين، كما يلفت النائب ياسين جابر عبر الـ«الجمهورية»، تندرج الاجتماعات المكثقة التي تجريها لجنة المال والموازنة مع كل الاطراف المعنية: وزارة المال، مصرف لبنان، والمصارف وغيرها، سعياً الى موقف موحد يقوّي المفاوض اللبناني في مفاوضاته مع صندوق النقد.

ورداً على سؤال قال جابر: مع تقديرنا انّ الحكومة أخرجت لبنان من حالة الانكار للأوضاع في ما خَص الشأن المالي، الذي مارسته الحكومات السابقة والتي «عَيّشت» اللبنانيين فيه، بحيث قدّمت هذه الحكومة تشخيصاً صريحاً للوضع المالي، الّا انه يجب ان نقرّ انها لم تَخطُ حتى الآن اي خطوات عملانية تجعل الناس تشعر بالفرق عمّا كان سائداً قبلها.

أضاف: المطلوب بإلحاح من الحكومة وقبل اي شيء آخر، هو وقف حال التخبّط الذي تعيشه، وان تحسم امرها ولا تعوم على شبر ماء من إنجازات ورقية واعلامية، بل المطلوب انجازات ملموسة وحسيّة، وأهمها إجراء تعيينات ذات مصداقية في القطاعات الاساسية، وكذلك اتخاذ قرارات ذات مصداقية ايضاً، علماً انّ القرار الاخير التي اتخذته في ما خَصّ معمل سلعاتا، كان جريئاً، الّا انّ ما أحاط بهذا القرار لاحقاً لجهة الايحاء وكأنّ هناك عودة عنه، ضرب هيبة الحكومة ومصداقيتها.

وأشار جابر الى انّ الوقت لم ينفد امام الحكومة لتسير على طريق الانجاز، واعتقد انّ أمامها فرصة اكثر من ثمينة لتعبّر عن توجهها الاصلاحي وذلك عبر مبادرتها الى إعلان تبنّي القانون المتعلق بآلية التعيين، وتبادر الى تطبيقه، الى جانب المبادرة السريعة الى وضع عشرات القوانين المعطّلة موضع التنفيذ والمسارعة في إصدار المراسيم التطبيقية لها.

أضاف: ولكي تتصدّى الحكومة لتطبيق القوانين، عليها أولاً أن تبدأ بالملفات التي تنزف: الكهرباء، الاتصالات، الطيران المدني، سلامة الغذاء، وغيرها، كلها قوانين تنتظر التنفيذ وإصدار مراسيمها التطبيقية وتعيين هيئاتها الناظمة.

التعيينات

وعلى خَط التعيينات، وفي وقت تتحدث اوساط تكتل لبنان القوي عن احتمال رد رئيس الجمهورية للقانون المتعلق بآلية التعيين الذي أقرّه مجلس النواب في جلسته الاخيرة، حال وصوله إليه، وضع ملف التعيينات على نار حامية، وأرجىء البَت به الى جلسة تعقد في القصر الجمهوري يوم الخميس المقبل.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ التعيينات المالية التي تشمل تعيين النواب الاربعة لحاكم مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف ومفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان والاسواق المالية، قد تكون جزءاً من التعيينات التي ستصدر الخميس والتي تشمل محافظ بيروت ومدير عام وزارة الاقتصاد ومدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة ورئيس مجلس الخدمة المدنية.

وعلمت «الجمهورية» انّ حركة اتصالات تجري على المستوى السياسي لإنضاج هذه التعيينات كانت قد تكثّفت في الساعات الماضية، والعنوان الاساس لها ان تتم وفق الكفاءة لا المحاصصة او المحسوبية، وسجلت في هذا الاطار زيارة قام بها المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل ليل امس الاول الى السرايا الحكومي، حيث التقى رئيس الحكومة حسان دياب.

السرايا

وفي هذا الاطار، قالت مصادر السرايا الحكومي لـ«الجمهورية» انّ مجموعة من التعيينات يجري التحضير لإصدارها قريباً وربما خلال الايام المقبلة، ومعيارها الاساس الكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب.

اليونيفيل

في مجال سياسي آخر، كان ملف التمديد لقوات اليونيفيل محور الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن، حيث اكد تمسك لبنان باليونيفيل ودورها الايجابي الذي تلعبه، مؤكدا على «أهمية استمرار وتعزيز الشراكة بين «اليونيفيل» والجيش اللبناني وعلى الدور الذي تلعبه هذه القوات في رصد خروقات اسرائيل اليومية وانتهاكها المتمادي للقرار 1701. وبدروه اكد رئيس الحكومة خلال الاجتماع على استمرار عمل «اليونيفيل» في الجنوب وفق الوكالة المعطاة لها، والدور المنوط بها، من دون أي تعديل في مهماتها، معلنا ان لبنان يتطلع إلى تأكيد التزام الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي حفظ الاستقرار على حدود جنوب لبنان، وفرض تطبيق القرار 1701 على إسرائيل».

وهذا الامر اشار اليه ايضا مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري امس، من زاوية الترحيب بتجدُّد الدعوة الحكومية إلى تنفيذ القرار 1701. وضرورة تأمينَ استمراريةٍ رسمية للمطالبة بذلك على مستوى المنظمة الدولية والعواصم المعنية. فمن شأن ذلك إراحة الوضعَين الإقليمي والمحلي، والدفع في اتجاه ترسيخ الحل الدبلوماسي لمشكلة الحدود الجنوبية.

وفي جانب آخر، أسف مجلس المطارنة الموارنة «لعودة الخطاب السياسي للتشنج»، وثمن «قرار الحكومة إقفال المعابر غير الشرعية، كذلك أسف «لأعمال العنف والعنف الكلامي الذي ساد في منطقة لاسا بمحاولة منع المزارعين باستثمار اراضي الاوقاف المارونية».

وعلمت «الجمهورية» أن مبادرة مهمة يحضر لها البطريرك على المستوى المسيحي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *