الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: سلعاتا تعيد الحكومة الى “بيت الطاعة”
flag-big

النهار: سلعاتا تعيد الحكومة الى “بيت الطاعة”

لم يكف التشاطر الكلامي واللفظي والبلاغي الذي اعتمد في المخرج الشكلي لاعادة تثبيت كلمة العهد وتياره في شأن اعتماد معمل سلعاتا لإنتاج الكهرباء اسوة بمعملي الزهراني ودير عمار خلافا لما كان صوت عليه مجلس الوزراء بأكثرية وزرائه وقواه السياسية قبل أسبوعين فقط لحجب دلالات لي الذراع الحكومية وإرغام رئيسها حسان دياب على ابتداع المخارج اللفظية، بل ان معالم التخبط السلطوي الذي اتخذ طابع تصفيات حسابات النفوذ للمرة الأولى بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة تمدد الى ملف التعيينات الإدارية التي رحلت بدورها بفعل التضارب الكبير أولا بين اهل السلطة حول المرشحين لأربعة مناصب إدارية ومن ثم بسبب الارباك الذي أصاب مجلس الوزراء امام مضيّه في تعيينات محاصصية غداة إقرار مجلس النواب في جلسته التشريعية الأخيرة قانون اعتماد آلية التعيينات في وظائف الفئة الأولى بما كان سيظهر مجلس الوزراء في مظهر المخترق الأول لقانون إصلاحي ولو ان هناك احتمالا لتقدم “التيار الوطني الحر” بطعن في هذا القانون. لذا يصح في الجلسة الحكومية امس انها اثبتت مرة أخرى خضوع الحكومة للقوى النافذة التي تتحكم بمصيرها، واذا كانت تجاربها السابقة في هذا السياق مرت علنا مع خضات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومن ثم مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية وربما ضمنا مع غيرهما من القوى، فان المفارقة الموجعة للحكومة امس تمثلت في اضطرارها الى العودة الى بيت الطاعة العوني هذه المرة من خلال تسليمها بإرادة العهد وسيده إعادة تثبيت سلعاتا أولوية موازية لمعامل الإنتاج الكهربائي اسوة بالزهراني ودير عمار. واعتمد المخرج الشكلي بمداخلتين للرئيسين عون ودياب لتغليف المخرج بغلاف توافقي على أساس تلبية مطلب رئيس الجمهورية من دون انكسار رئيس الحكومة ومجلس الوزراء. وتبعا لهذا المخرج بادر الرئيس عون الى الطلب من مجلس الوزراء إعادة النظر في قراره المتخذ في جلسة سابقة المتعلق بخطة الكهرباء التي لحظت انشاء ثلاثة معامل لإنتاج الكهرباء من بينها معمل سلعاتا معتبرا ان السير في هذه الخطة يشكل ضرورة للبنان وأيضا للمفاوضات مع المؤسسات الدولية. ورد الرئيس دياب مؤكدا تقيده بالبيان الوزاري لناحية خطة الكهرباء وتنفيذه لقراري مجلس الوزراء اللذين تضمنا مواقع معامل انتاج الكهرباء مضيفا ان قرار مجلس الوزراء في جلسته قبل أسبوعين والتي صوت فيها على اعتماد معملي الزهراني ودير عمار دون معمل سلعاتا يأتي في سياق تنفيذ خطة الكهرباء من دون التعارض معها. واطلع دياب المجلس على انطباعاته عن الجولة التي قام بها امس على الحدود الشرقية مع سوريا.

التسليم المزدوج

وبدا واضحا كما اكدت مصادر وزارية لـ”النهار” ان دياب افتقد في هذا الموضوع لدعم من ساندوه قبل أسبوعين بدليل تسليمه بهذا المخرج الذي رضخ فيه لضغط العهد والوزير السابق جبران باسيل، ومن ثم اضطر الى القبول قسرا بالتراجع عن تعيين المرشحة التي أرادها لرئاسة مجلس الخدمة المدنية رندا يقظان بعد اعتراض وزراء “تكتل لبنان القوي” عليها بحجة وجود ملفات في حقها. ولعل أسوأ ما واكب ترحيل التعيينات الى جلسة الخميس المقبل البلبلة والمواقف المتضاربة وانعدام التنسيق بلغة واحدة بين الوزراء حول سبب ارجاء التعيينات بما كشف الارباك الواسع الذي واجهته الحكومة في هذا الملف أيضا. فوزيرة الاعلام منال عبد الصمد عزت تأجيل التعيينات الى جلسة الخميس المقبل الى ان بعض الوزراء لم تكن لديهم معلومات كافية عن المرشحين كما اضافت الى ذلك سببا آخر هو موضوع ألية التعيينات التي ناقشتها اللجنة الوزارية وسيتم تداول الامر لمعرفة امكان اعتمادها. اما وزير الاقتصاد راؤول نعمة فأدلى بدلوه في هذا الامر أيضا وتحدث عن تعارض بين الالية المتعلقة بالتعيينات والقانون الذي اقره مجلس النواب ولو لم يصبح نافذا بعد.

وكان للرئيس نجيب ميقاتي تعليق حمل دلالات على ما حصل في الجلسة اذ قال مغردا على صفحته ” محزن حجم التراجع في حضور مجلس الوزراء مجتمعا وفاعليته وهيبته. ومهين واقع رئاسة الحكومة وتراجع دورها لحساب التنازلات والتسويات الملتبسة. اخشى ان يكون ما يحصل تمهيدا لاستكمال الانقضاض على الدستور واتفاق الطائف وفرض واقع دستوري وسياسي جديد”.

الى ذلك علم ان وزير المال غازي وزني قدم في جلسة مجلس الوزراء عرضا حول نتائج الاجتماعات التي تعقد مع صندوق النقد الدولي مشيرا الى وجود نقاط تفاهم حول مسائل عدة وان المفاوضات لا تزال في مرحلة الشرح الذي يقدمه الجانب اللبناني مرجحا ان يكون الأسبوع المقبل او الذي يليه لسماع وجهة نظر صندوق النقد الدولي ووصف وزني الأجواء التي تجري فيها الاجتماعات بانها إيجابية .

وعطفا على الأجواء المشدودة التي خلفها الانقسام النيابي في الجلسة التشريعية الأخيرة لمجلس النواب حول اقتراح العفو كان لرئيس المجلس النواب نبيه بري مساء امس تعليق رأى عبره ان مسار الأمور كان دقيقا وحساسا بين الكتل الى درجة كبيرة. وأشار الى انه لمس ان مكونات نيابية كبيرة كانت تنوي الانسحاب من الجلسة لو لم يتم استدراك ما حصل وإقدامه على رفع الجلسة. ولم يخف بري انزعاجه من المشهدية التي وصل اليها المجلس ولكنه شدد على انه على رغم كل شيء لن يزهق وسيستمر في العمل على جمع لحمة اللبنانيين خصوصا في مثل الأوضاع التي يمر بها لبنان .

جعجع : ماذا فعلوا ؟

بدوره نبه رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع الى “أن الفرصة ضئيلة أمام لبنان للحصول على مساعدات يحتاجها بشدة من صندوق النقد الدولي في ضوء فشل الحكومة في القيام بإصلاحات يطالب بها المانحون لمعالجة الأزمة المالية”، وقال: “للأسف إن الأمور تتطوّر بشكل سلبي من سيء إلى أسوأ، وممكن أن تصل برأيي إلى ما يسمى بالاضطراب الاجتماعي والعنف الاجتماعي”.

وفي حديث لوكالة “رويترز”، تساءل جعجع”منذ اندلاع الأزمة في 17 تشرين الأول حتى الآن هل من يرى أن هناك من شيء تغيّر في إدارة الدولة؟ وهل من المعقول أنه بعد ان قامت كل هذه الانتفاضة الشعبيّة ما من شيء تغيّر في طريقة التصرّف؟ والجواب هو لا، إن الأمور تستمر على ما كانت عليه سابقاً، لذا نتساءل كيف سيقومون بإنقاذ البلاد إذا ما استمر الأداء في رأس الدولة على ما هو عليه؟”.

ورأى جعجع أن “حكومة الرئيس حسان دياب لم تنفذ أي إصلاحات، إلا أنها وفي ظل غياب أي سبل بديلة للحصول على مساعدات بدأت بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والأمل في الحصول على الدعم المطلوب ضئيل جداً جداً”.

مواجهات

وسط هذه الأجواء عادت مناخات الانتفاضة لتحضر بشكل تدريجي وتصاعدي اذ حصلت امس مواجهات عدة لم تخل من عنف بين مجموعات من المتظاهرين وقوى امنية المرة الأولى امام مقر رئيس مجلس النواب في عين التينة حيث وزع ناشطون فيديوهات تظهر حرس مجلس النواب يعتدي بالعصي على مجموعات من المعتصمين كما أظهرت متظاهرين يدوسون صور الرئيس بري بأرجلهم. وتوجه المتظاهرون على الأثر الى وزارة الداخلية حيث اعتصموا وما لبثت مجموعات من انصار حركة “امل” ان توجهت بدورها الى المكان حيث كادت تحصل مواجهات بين الفريقين . وعمدت قوى الامن الداخلي الى الفصل بين المجموعتين ولكن بعد ذلك دارت مواجهة بين المعتصمين من الانتفاضة وقوى الامن الداخلي .

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *