الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: احتفالية “فوقية”… تبردها صدمة الألف إصابة
flag-big

النهار: احتفالية “فوقية”… تبردها صدمة الألف إصابة

مع ان الاستعدادات التحضيرية لاحتفالية الحكومة بمرور مدة المئة يوم الاولى من ولايتها كانت لا تستدعي أي مفاجأة باعتبار انه جرى الإعلان رسميا ومسبقا عن كلمة سيوجهها رئيس الحكومة حسان دياب في مستهل جلسة مجلس الوزراء في هذه المناسبة الا ان العامل المفاجئ تمثل فعلا في الإطناب المبالغ فيه على حكومته الذي سقط فيه الرئيس دياب كأنه اسقط كل قفازات التواضع. بل ان الامر من الناحية السياسية الواقعية بدا بمثابة غلو نمطي بات يشكل نهجا ثابتا في إعادة الضرب المستسهل على السياسات السابقة لإظهار حسنات وانجازات يجري تضخيمها تبعا لكل مناسبة بغية إظهار الحكومة الحالية كانها من صلب تغييري غير مسبوق في تاريخ الحكومات. رياح الاحتفالية بالمئة يوم كانت لتمر بحد اقل من الاستغراب لولا الفوقية المفرطة في نبرة رئيس الحكومة والمغالاة في الكلام عن إنجازات الـ97 في المئة التي تذكر باستفتاءات الـ99 في المئة لدى الأنظمة الديكتاتورية البائدة ولكن ما اثار مزيدا من الاستغراب هو إمعانه في تلميع صورة للواقع لا تحتمل أي تلميع لان الإسهاب في سرد إنجازات كان يتضارب بقوة مع وقائع الازمات المتفاقمة بقوة هائلة بعد تشكيل الحكومة بلوغا الى اللحظة نفسها التي كان فيها الرئيس دياب يتوجه فيها الى اللبنانيين. جرت احتفالية الحكومة بمئتها الأولى فيما كانت تتصاعد فضيحة صراع الأرقام والنسب والتقديرات لأكبر مديونية تاريخية ولأكبر العجوزات المالية بين السلطات السياسية والمصرفية والنقدية امام المؤسسة المالية الدولية الأساسية في العالم التي يفاوضها لبنان بغية إقناعها بجدوى الخطة المالية لحكومته. وجرى الاحتفاء بجردة الإنجازات “التاريخية” فما كانت الاعتصامات المدنية وتظاهرات المتتفضين تعيد مشاهد الازمة الاجتماعية والمالية والخدماتية الى نقطة الصفر مع ما شهدته امس وزارات عدة منها وزارة الطاقة ووزارة الاتصالات من اعتصامات لم يخل بعضها من تشابك بين القوى الامنية والمعتصمين. وتشاء المصادفات المؤسفة والمؤلمة ان تسفه أيضا ارقام اليوم القياسي لارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في لبنان قافزة للمرة الأولى برقم قياسي فوف الألف إصابة الامر الذي شكل صدمة ضاعت معها أصداء الإنجازات. ولكن رغم كل هذه المشهديات والوقائع السلبية لم تخف معالم الجهد الكبير الذي بذل خلف الكواليس لانهاء صفحة العداء العلني بين رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اذ توج بلقاء أدى الى هدية الاحتفالية بوعد تدخل المصرف لحماية سعر صرف الليرة وتامين تمويل استيراد المواد الغذائية الأساسية.

وابرز دياب في كلمته ان الحكومة “وضعت خطة لمواجهة التحديات، ولم نتردد في إعلان عدم قدرتنا على دفع ديون لبنان في سندات اليوروبوند ” معتبرا ” ان إن جرأة قرارنا ورشد خيارنا أنقذا البلد، فلو أننا كنا دفعنا قيمة سندات اليوروبوند عن سنة 2020 بقيمة 4.6 مليار دولار، لكانت قدراتنا المالية الضعيفة أكثر ضعفا، وعاجزة عن التعامل مع التداعيات المالية والصحية والاجتماعية لوباء كورونا”. وقال ” أطلقنا ورشة عمل لتنفيذ التزامات لبنان بمؤتمر سيدر، وشاركنا بها سفراء الدول المعنية بهذا المؤتمر، وقد لمسوا جدية في تطبيق هذه الالتزامات، ونحن اليوم في الطريق الصحيح نحو بدء الترجمة العملية لمقررات مؤتمر سيدر، بحيث يستفيد لبنان سريعا من ورشة الإنقاذ المالي التي أطلقتها الحكومة، بموازاة المفاوضات التي انطلقت مع صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، انطلاقا من خطة الحكومة للإصلاح المالي”. واعتبر”أن الحكومة أنجزت ما نسبته 97 % من التزاماتها في البيان الوزاري للمئة يوم، ونحو 20 % من التزاماتها خارج المئة يوم في برنامج عمل السنةوانها طلبت من الوزارات خفض نفقاتها التشغيلية بين 15 و 20 في المئة، الأمر الذي سيؤدي إلى خفض الإنفاق العام بين 4 و 5 بالمئة في موازنة 2020 “. وعدد دياب ما اعتبره انجازات ومنها اطلاق بداية التدقيق في ميزانية المصرف المركزي، لأول مرة في تاريخ لبنان ودعوة الجهات المانحة للكشف عن الأموال المنهوبة واسترجاعها واقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وإقرار تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الاموال المتأتية عنها وطلب إجراء التحقيقات بخصوص الأموال التي حولت إلى الخارج قبل وبعد 17 تشرين الأول 2019 ومشروع قانون يرمي الى رفع السرية المصرفية واسترداد إدارة وتشغيل قطاع الهاتف الخليوي والتحضير لمناقصة عالمية وانجاز القوانين المتعلقة باستقلالية القضاء والتنظيم القضائي وانتهاء المرحلة الأولى من التنقيب عن الغاز والاستعداد للمرحلة الثانية.

 

اتفاق دياب وسلامة

واعلن دياب ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامه ابدى استعداده للتدخل في السوق وحماية الليرة اللبنانية ابتداء من 27 ايار في ظل معلومات تحدثت عن لقاء جمع الاثنين مساء الاربعاء في حضور رئيس جمعية المصارف واتفق خلاله على التعاون والتنسيق بين الأطراف الثلاثة علما ان سلامه كان زار رئيس مجلس النواب نبيه بري نهارا.

وكان مصرف لبنان اصدر بيانا قال فيه أنه يباشر بدءاً من 27 أيار الجاري “اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية الليرة اللبنانية، ومن ضمنها تأمين الدولارات لتأمين استيراد المواد الغذائية الأساسية تبعاً لتعميم سيصدر بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة. ويمكن للمصارف المساهمة في هذه العمليات بالتنسيق مع مصرف لبنان”.

وأفادت المعلومات مساء ان جولة مفاوضات جديدة عقدت بين الفريق اللبناني وفريق صندوق النقد الدولي بمشاركة حاكم مصرف لبنان وتركزت على ارقام المركزي ووصفت هذه المعلومات أجواء الاجتماع بانها كانت جيدة. وصرح المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس ان موظفي الصندوق يجتمعون مع السلطات اللبنانية في محاولة لفهم وجهات نظرهم وخططهم للمضي قدما بشكل افضل. وكرر ان الخطة الاقتصادية للحكومة هي نقطة بداية جيدة لهذه المناقشات.

وتوازيا مع الحديث عن “انجازات” الحكومة، برز موقف لافت للنائب باسين جابر قال فيه ” للاسف حتى الساعة لا نزال غير مدركين اي درك وصلت اليه البلاد والى أين نحن ذاهبون بها، مع العلم اننا امام خيارين لا ثالث لهما، اما التجاوب مع المجتمع الدولي الممثل بصندوق النقد او الكارثة. هناك شعب يصرخ في الشوارع والطرق من البطالة والفقر والجوع ويطالب المسؤولين بحل في وقت تقدم فيه الحكومة مع الاسف على تثبيت اساتذة ومتعاقدين وتعيين عسكريين يرتبون على الخزينة الفارغة اصلا وعلى مر السنين اي منذ اليوم وحتى تقاعدهم المليارات من الليرات”.

رقم قياسي

اما مجلس الوزراء فاعلن رسميا انه عرض خطة ماكينزي للاستفادة منها في الخطة الاقتصادية وقرر تمديد فترة التعبئة العامة حتى 7 حزيران 2020 ضمناً. وسجلت في غضون ذلك قفزة قياسية في عدد الإصابات بفيروس كورونا بلغت ٦٣ إصابة وهي المرة الثانية التي يسجل فيها رقم قياسي بعد رقم مماثل سجل سابقا منذ تفشي الوباء في لبنان في شباط الماضي. وبلغ العدد التراكمي ١٠٢٤ إصابة علما ان أكثرية الإصابات توزعت بين عائدين لبنانيين من رحلة من الكويت وعمال من التابعية البنغلاديشية في بيروت. وأعلنت ليلا بلدية مجدل عنجر عزل البلدة بعدما سجل عدد إضافي في الإصابات فيها. ومع ذلك فان وزير الصحة حمد حسن قال في حديث لموقع “النهار ” ان الحالات مبررة ويمكن تتبعها وعندها لا يوجد أي سبب للذعر والمهم اننا نقوم بالمتابعة والفحوصات ويجب على الناس ان يكونوا حذرين” واكد “اننا نوازن بين السماح بمزاولة العمل ومراقبة القدرة الاستيعابية في المستشفيات واذا ما شعرنا اننا فقدنا السيطرة نصدر قرارا سريعا باقفال البلد “. (راجع الحديث كاملا على موقع النهار الالكتروني ).

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *