الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: مناورات العهد و”الحزب” لا تجمل الخطة
flag-big

النهار: مناورات العهد و”الحزب” لا تجمل الخطة

مع ان أحداً لا يمكن ان يتجاهل او يعارض لقاء مفاجئاً من خارج السياقات المتوقعة للتطورات الداخلية بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط خصوصا متى ادرج إطاره العلني والظاهري بأمن الجبل واستقراره، فان ذلك لن يسقط حتما الطابع المناوراتي الذي اختاره فريق العهد لهذا اللقاء الذي جاء بمبادرة من القصر في توقيت مكشوف اريد منه محاولة تعويم لقاء بعبدا غداً واختراق صفوف القوى المعارضة بعدما ترنح لقاء بعبدا قبل انعقاده. وبالمعيار نفسه أيضا يبدو صعبا تجاهل لجوء الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى الحدود الواسعة للمرونة حيال خطة الحكومة المالية المثيرة للجدل والتحفظات والرفض كأنه يمدها بالدعم فيما غلب على الوجهة المقابلة لمواقفه التساؤل كيف ستوفق الحكومة والحزب بين السماح للحكومة بالذهاب الى التفاوض مع صندوق الدعم الدولي في ظل التهديد الناعم لنصرالله بانه سيخضع كل تفصيل في هذا الاتجاه للدرس الحذر؟ اذن بطابع المناورة المزدوج هذا يستعد العهد وحليفه الأساسي لتزويد الحكومة جرعة استقواء لتمرير خطة باتت بعد أيام قليلة من إقرارها عنوان أوسع انقسام سياسي ومالي واقتصادي، وترتفع في وجهها مداميك التعقيدات خصوصا في ظل المعارضة الشرسة لها التي بدأت مع جمعية المصارف ثم استكملت امس مع الهيئات الاقتصادية. كما ان الطابع المناوراتي إياه لن يكفي على الأرجح لتلميع صورة الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس عون رؤساء الكتل النيابية والسياسية غدا والذي باتت صورته الباهتة في ظل مقاطعة مهذبة لزعماء وانتداب ممثلين عنهم ابلغ من أي انتظار لما سيؤول اليه.

والواقع ان الزيارة الاولى التي قام بها جنبلاط امس للرئيس عون منذ الصيف الماضي احيطت بملف استقرار الجبل، فيما علم انها جاءت نتيجة مبادرة من القصر وعبر وسيط مشترك، الامر الذي اثار سؤالا أساسيا لماذا لم تكن المبادرة قبل هذا التوقيت بزمن طويل وتحديدا عقب احداث توالت في اكثر من منطقة في الجبل ولفت اليها جنبلاط بوضوح امس عبر تأكيده للعلاقة المتوترة بين الحزب التقدمي و”التيار الوطني الحر”؟. هذا التساؤل تعزز عقب اللقاء بين عون وجنبلاط حين برز تضارب بين تأكيد جنبلاط انه تخلى عن طرح أسماء لبعض التعيينات فيما سارعت أوساط القصر الى الإيحاء بان التعيينات طرحت في اللقاء. وقد اعلن جنبلاط انه بحث ورئيس الجمهورية في “العلاقة المتوترة مع التيار الوطني الحر ونسعى الى تنظيم الخلاف وليكن الأسلوب بالتعاطي غير الانفعالي”. ولفت في تصريحه تأكيده انه “لا يسعى الى تغيير الحكومة وان لا علاقة له باي حلف ثنائي او ثلاثي” مع الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع و”حساباتي خاصة”. وقالت أوساط بعبدا بعد اللقاء ان جنبلاط اعتذر من الرئيس عون عن عدم المشاركة في لقاء بعبدا غدا لاسباب صحية وبما ان الدعوة هي شخصية سيرسل جنبلاط ملاحظاته الخطية حول الخطة المالية للحكومة. وقالت ان اللقاء تناول موضوع التعيينات في مراكز رئاسة الشرطة القضائية ونيابة حاكم مصرف لبنان والأسواق المالية ونسبت الى جنبلاط انه اذا طلبت منه أسماء فهو حاضر. ووصفت اللقاء بانه كان مفيدا وايجابيا .

وفهم في هذا السياق ان الدعوات التي وجهها رئيس الجمهورية حددت برئيس الحزب او برئيس الكتلة شخصيا لذا سيكون على رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ان يحسم موقفه بالحضور او المقاطعة فيما سيغيب الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي واليوم تحدد “القوات اللبنانية” موقفها.

نصرالله

وعلى وقع محاولة القصر تجميل المناخات عشية لقاء بعبدا لم تخف محاولة السيد نصرالله في كلمته مساء امس الترويج الإيجابي للخطة الحكومية بل وذهابها الى التأكيد انها قابلة للتعديلات بعد النقاش الواسع الذي شجع عليه باعتبار “ان الخطة في حاجة الى تحصين وطني”. ولكن نصرالله الذي قال ان لا مشكلة بطلب الحكومة المساعدة من الجهات الدولية سارع الى التشديد على ان “كل ما سيناقش مع صندوق النقد الدولي سنعيد مناقشته بحذر شديد”. واذ قال “نحن لا نريد تدمير ولا اسقاط ولا السيطرة على القطاع المصرفي ” حمل بحدة على القطاع متهما إياه بانه كان اكبر المستفيدين من السياسات المالية والاقتصادية منذ التسعينات كما نفى ان يكون لدى الحزب أي نية للسيطرة على حاكمية مصرف لبنان واصفا هذا الاتهام للحزب بانه “سخيف”.

بين النواب والهيئات

في أي حال لم تحجب كثافة المحاولات لتجميل الخطة تصاعد مناخات الرفض والتحفظات حيالها حتى ضمن التحالفات السياسية الحاضنة للحكومة. ويمكن اعتبار الاجتماع الحاشد الذي عقدته امس لجنة المال والموازنة النيابية للاستماع الى وزيري المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة حول الخطة نموذجا اوليا بارزا عن التحفظات النيابية الواسعة عن الخطة التي تؤكد في اقل الأحوال انها ستكون عرضة لتعديلات كبيرة وعميقة لدى إحالة معظم ما تتضمنه من قرارات على مجلس النواب. وفي إحاطته لنتائج المناقشات اكد رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان ان هناك الكثير من الملاحظات واجمع النواب الذين تحدثوا على اعتبار الخطة اطارا وليس خطة تنفيذية منزلة كما لفت الى تضمنها عشرات النقاط التي تحتاج الى قوانين التي يجب إحالتها على مجلس النواب وكشف ان أسئلة طرحت حول دستورية بعض الاقتراحات مثل اعتماد المفعول الرجعي في إلزام مودعين بخطوات على غرار الفوائد والاقتطاع من الودائع .

وفي ما يعتبر الضربة الأعنف الثانية للخطة من القطاعات المالية والاقتصادية بعد جمعية المصارف أصدرت الهيئات الاقتصادية امس بيانا حذرت فيه من “المنحى التدميري للخطة على ما تبقى من اقتصاد”. واعتبرت انها تنتهز الانهيار المالي واليأس الاجتماعي للانقلاب على النظام الليبرالي وتغيير الهوية الاقتصادية للبنان”. كما لفتت الهيئات الى ان الخطة تتخطى مبادئ دستورية راسخة مثل الحقوق الشخصية والملكية الخاصة وتخلخل التركيبة القانونية التي حمت لبنان منذ ما قبل الاستقلال “.

الى ذلك يعقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعا اليوم في قصر بعبدا للبحث في موضوع التعبئة العامة الصحية .

ووسط هذه الأجواء واجهت الحكومة استحقاقا جديدا تمثل في الاجتماع الأرثوذكسي الذي عقد امس في مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس على خلفية الاعتراض الكبير للطائفة على التعدي المنهجي على حقوقها ومناصبها في الدولة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *