الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار : ‎عدّاد “كورونا” يتخطّى المئة وإعلان التعبئة العامة: لبنان تحت “حظر التجوال‎”‎
الاخبار

الأخبار : ‎عدّاد “كورونا” يتخطّى المئة وإعلان التعبئة العامة: لبنان تحت “حظر التجوال‎”‎

كتبت صحيفة “الأخبار ” تقول : التعبئة العامة وفرض ما يشبه حظر التجوال، هما القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية، أمس، لمواجهة وباء كورونا ‏مع وصول عدد ضحاياه في لبنان إلى عتبة الـ103، مع تسجيل أربع حالات جديدة في مُستشفى رفيق الحريري ‏الجامعي مساءً. ورغم أن الحكومة اعتبرت أنها نجحت في “إبطاء انتشار الوباء”، إلا أن تمهيدها للإعلان عن الإقفال ‏التام حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري، يُشير إلى توجسها من فقدان السيطرة على الوباء. ولعلّ ما يُعزّز هذا ‏التوجّس هو الواقع الصحي والاستشفائي الذي لا يشي بإمكانية الصمود طويلاً إذا ما واصل الوباء انتشاره، في ظلّ ‏الأزمة الاقتصادية والمالية التي تفتك بالبلاد. وهو ما ترجمته مقررات الحكومة التي أوعزت بإجراء الاتصالات ‏اللازمة لتزويد لبنان بالمُستلزمات الطبية والاستشفائية والمخبرية بموجب هبات أو مساعدات‎.
مع تجاوز أعداد الإصابات بفيروس كورونا المُستجد المئة حالة، قرر مجلس الوزراء اللبناني، مساء أمس، إعلان ‏التعبئة العامة لمواجهة انتشار الوباء. وفق تصريح وزير الداخلية محمد فهمي، فإنّ لبنان “يُعدّ حالياً بعيداً عن إعلان ‏حالة الطوارئ، لذا توجهت الحكومة إلى إعلان التعبئة العامة”، مُشيراً إلى أن الهدف هو “منع الاكتظاظ في ‏مساحة جغرافية محددة لمنع انتشار الوباء‎”.
وبمعزل عن “طبيعة” المقررات التي خرجت بها الحكومة وتسميتها، فإنّ ما نصّت عليه لا يعكس إلا قلقاً جدياً ‏وتوجساً حقيقياً من فقدان السيطرة على الوباء‎.
وحتى ليل أمس، كانت الأرقام تُشير الى 103 حالات إصابة في لبنان. وبعد أن كانت وزارة الصحة أعلنت ظهراً ‏أن مجموع الحالات المُثبتة مخبرياً وصل إلى 99 حالة، أعلن مُستشفى رفيق الحريري الحكومي مساءً ارتفاع ‏أعداد المُصابين في منطقة العزل الصحي فيه الى 52 بعدما كان عددهم أول من أمس 48، ما يعني تسجيل أربع ‏إصابات جديدة. وبذلك، “يؤوي” المُستشفى الحكومي حالياً نصف الحالات الإجمالية في لبنان، فيما تُعيد هذه ‏المعطيات التذكير بالتساؤلات التي تتعلّق بقدرته على تولي هذه المهمة وحده، في ظلّ ملامسة قدراته الاستيعابية ‏الحد الأقصى، وفي ضوء غياب الإمكانيات الفعلية والتجهيزات التي تمكنه من ذلك. كما تذكّر بطبيعة العمل الذي ‏ستقوم به بقية المُستشفيات وحجم “التعاون” الذي ستبديه في هذا المجال‎.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس الحكومة حسان دياب أنه طلب من كل المُستشفيات الحكومية والخاصة إعداد خطة ‏للاستعداد للطوارئ، فيما يبدو واضحاً أنّ “الثقل” لا يزال على عاتق المُستشفى الحكومي. وما تصريحات الدعم ‏المادي والمعنوي التي “انهالت” عليه من مختلف الجهات إلا ترجمة لواقع تحمّله العبء الأساسي، (دعم مالي من ‏قبل بلدية بيروت، وتبرعات من مخصصات عدة شخصيات سياسية، فضلاً عن تبرعات من نقابة المُستلزمات ‏الطبية‎).
هذا الواقع يأتي فيما لا تزال الإصابات في صفوف الطواقم الصحية والعاملين في المُستشفيات الخاصة ترتفع، فيما ‏لم يُسجّل المُستشفى الحكومي الذي يستقبل نصف الحالات أي إصابة‎.
وبعدما أثيرت معلومات بشأن إصابة موظف في كافيتريا مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت بالفيروس مع ‏مخالطته لعدد كبير من رواده، أفادت معطيات “الأخبار” بإصابة أحد الأطباء المسؤولين عن الطوارئ في ‏مستشفى آخر في بيروت. مصادر طبية قالت لـ”الأخبار” إن “أداء بعض المُستشفيات الخاصة أثبت فشلاً وعدم ‏جاهزية في التعاطي مع الظرف الراهن، لذلك قد يبدو من الأفضل الاتكال على المُستشفى الحكومي”. ولكن، هل ‏يعفي ذلك سلطة الوصاية والمسؤولين عن الأزمة من مهمة فرض أداء يرتقي الى مستوى الأزمة وعدم رمي الثقل ‏على “الحريري”؟
‎وكانت الحكومة أعلنت التعبئة العامة اعتباراً من يوم أمس حتى منتصف ليل 29 آذار، لتنفيذ عدة خطوات، ‏أبرزها: وجوب التزام المواطنين بالبقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى (…)، تأكيد منع ‏التجمعات في الأماكن العامة والخاصة على اختلافها (…)، إقفال مطار رفيق الحريري الدولي وجميع المرافئ ‏الجوية والبحرية والبرية (فقط أمام الوافدين إلى المرافئ البرية والبحرية) اعتباراً من الأربعاء (باستثناء قوات ‏اليونيفيل والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والطائرات المخصصة للشحن والأشخاص العاملين لدى ‏الشركات المرتبطة بعمليات الحفر في البلوك رقم 4)، إقفال المؤسسات العامة والإدارات والبلديات واتحاداتها ‏والمصالح المُستقلة والجامعات الرسمية والخاصة والحضانات باستثناء ما تقتضيه ضرورات العمل، على أن ‏تُستثنى المؤسسات الرئيسية لدى وزارة الدفاع الوطني والمديريات العامة للأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة ‏والدفاع المدني (…) ووزارة الصحة وكل ما يرتبط بالقطاع الصحي والاستشفائي، ومؤسسة كهرباء لبنان ‏والمديرية العامة للنفط لتأمين المحروقات، والمديرية العامة للموارد المائية، فضلاً عن مصرف لبنان وشركات ‏الصيرفة والتحويل والمؤسسات المصرفية المختلفة، وتعليق العمل في الشركات الخاصة والمحال التجارية على ‏اختلافها وأصحاب المهن الحرة (مع مراعاة الضرورة القصوى)، باستثناء المطاحن والأفران وكل ما يرتبط ‏بإنتاج المواد الغذائية وتوزيعها‎ (…).
ونصّت المُقرّرات على تكليف وزير الخارجية والمغتربين بالتنسيق مع وزير الصحة العامة “إجراء الاتصالات ‏اللازمة مع سفارات الدول والمنظمات الإقليمية لتزويد لبنان بالمُستلزمات الطبية والمخبرية وأدوية بموجب هبات ‏و/أو مُساعدات عينية. وأوعزت إلى القوى الأمنية والأجهزة العسكرية باتخاذ المقتضى القانوني لتنفيذ ما تقدم‎”.
يُذكر أن إعلان الحكومة عن المُقررات سبقه إعلان المجلس الأعلى للدفاع الوطني “التعبئة العامة” استناداً إلى ‏المرسوم الاشتراعي الرقم 102 تاريخ 16/9/1983 (قانون الدفاع الوطني)، والذي تنصّ المادة الثانية منه على ‏جملة من التدابير التي تُتخذ في حالة التأهب الكلي أو الجزئي للحدّ من تعرّض السكان والمنشآت الحيوية للخطر، ‏عبر استخدام القوى المُسلحة، كفرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها، فضلاً عن فرض الرقابة على ‏المواد الأولية والإنتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وتخزينها وتصديرها وتوزيعها، إضافة إلى ‏‏”تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات‎”.‎
_‎تعبئة لا طوارئ‎
التعبئة العامة التي أعلنها مجلس الوزراء أمس، تختلف عن حالة الطوارئ. حتى إنّه لا يوجد شيء في لبنان اسمه ‏‏”طوارئ صحية”. فحالة الطوارئ الوحيدة مُحدّدة في المرسوم الاشتراعي الرقم 52، الصادر في 5 آب 1967، ويرد ‏فيه “إعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية في جميع الأراضي اللبنانية أو جزء منها عند تعرّض البلاد لخطر ‏داهم ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام والأمن أو عند وقوع أحداث ‏تأخذ طابع الكارثة”. تطبيق هذا القانون يُعدّ أمراً خطيراً، لكونه يبسط سلطة العسكر على كلّ منافذ البلد. هذه هي حالة ‏الطوارئ الوحيدة المعمول بها في لبنان، ولا يوجد شيء اسمه “حالة طوارئ صحية‎”.
وفي هذا الإطار، يقول الوزير السابق المحامي زياد بارود، في اتصال مع “الأخبار”، إنّه في حال فرض الطوارئ ‏‏”مُمكن أن يؤدّي ذلك إلى تقليص دائرة بعض الحريات، بينما في التعبئة العامة الصحية تُرفع الجاهزية؛ فيُمكن مثلاً ‏أن يتقرّر تحويل مبنى إلى مستشفى”. الفارق الثاني أنّه في حالة الطوارئ “يُمكن فرض حظر تجوال، الأمر الذي من ‏غير المُمكن فرضه في التعبئة العامة”. أما الفارق الثالث، فيكمن في أنّ حالة الطوارئ بحاجة إلى موافقة أكثرية ‏الثلثين في مجلس الوزراء. ولكن ألا يُعتبر الطلب من المواطنين ملازمة منازلهم إلا للضرورات القصوى، نوعاً من ‏حظر التجوال؟ يوضح بارود أنّ “الحظر يعني أنّ الشخص ممنوع من الخروج من منزله، وهذا الإجراء لم تتخذه ‏الحكومة”. هناك خيط رفيع بين التعبئة والطوارئ، حتى في ما خص الأولى “إجمالاً تُطبّق في الحالات العسكرية، ‏ونادراً أن استُخدمت في مواجهة وباء، فمفهومها عسكري أكتر مما هو صحي”. رغم ذلك يعتبرها بارود “مخرجاً ‏مقبولاً، لأن إعلان حالة طوارئ ممكن أن ينطوي على تقليص واسع للحريات أو تعليق بعض الأحكام القانونية. تبقى ‏العبرة في التنفيذ‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *