الرئيسية / سياسة / “الديار”: مصرف لبنان يتحمل مسؤولية إقراض الدولة من دون قيامها بإصلاحات قمّة الوقاحة… يقترحون اقتطاع أموال ويُهرّبون أمّوالهم إلى الخارج يعتمدون على مصرف لبنان لتمويل العجز والاستيراد والدين.. وتجاهلوا الفساد
الديار لوغو0

“الديار”: مصرف لبنان يتحمل مسؤولية إقراض الدولة من دون قيامها بإصلاحات قمّة الوقاحة… يقترحون اقتطاع أموال ويُهرّبون أمّوالهم إلى الخارج يعتمدون على مصرف لبنان لتمويل العجز والاستيراد والدين.. وتجاهلوا الفساد

كتبت صحيفة “الديار ” تقول : لا شك أن مصرف لبنان يحمل جزءاً من مسؤولية الازمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها اللبنانيون عبر قبوله ‏بإقراض الدوّلة على مدى عقود خلافًا للمواد 90 و91 من قانون النقد والتسليف حيث قام مصرف لبنان بتمويل الدوّلة ‏بشكل كبير أصبح يحمل معه أكثر من نصف الدين العام بالليرة اللبنانية ناهيك عن دفع الإستحقاقات بالعملة الصعبة. ‏وإذا كان من المنطقي القول إن السلطة السياسية ضغطت على حاكم مصرف لبنان لتمويل الدّولة، إلا أنه كان على ‏الحاكم ضرب رجله في الأرض ورفض تمويل سلطة لم تهتم يومًا لشؤون الناس بل كان إهتمامها منصبًا على ‏مصالحها الخاصة مما أوصل البلاد إلى ما هي عليه، خصوصاً ان الدستور اللبناني يحمي منصب حاكم لبنان من اي ‏تقلبات سياسية على صعيد السلطة، اذ لا يحق للاخيرة اقالته الا في حالات ثلاث: الاصابة بمرض عضال يمنعه من ‏القيام بواجباته، الخيانة العظمى، وتقديم استقالته بنفسه‎.‎
‎ ‎
وهنا لا بد من القول انه تم استعمال رصيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كي يقوم باتصالات مع شركات ودول ‏للاستدانة حيث ان من دونه لم يكن بالامكان استدانة 19 مليار دولار، وهو وافق على هذا الخطأ دون ضمانات او ‏تغيير بنيوي‎.‎
‎ ‎
الآن وصلنا الى هنا وسلامة تم طلب رأيه بشأن سلسلة الرتب والرواتب سابقاً، حيث اقترح تقسيطها على 5 سنوات ‏لعدم زيادة العجز لكن مجلس النواب ولاهداف شعبوية وانتخابية اقرها دفعة واحدة وهو امر لم يحصل لا في فرنسا ولا ‏في بريطانيا رغم اضراب حزب العمال والاشتراكيين. لذلك السؤال والمسؤولية الاولى تقع على الدولة اللبنانية في ‏طلب الاستدانة ولو قامت الدولة بتوظيف هذه الاموال في قطاعات الزراعة والصناعة والسياسة والتجارة والخدمات ‏والمعلوماتية خاصة مشروع الدامور لكانت الاموال التي استدانها لبنان جعلت نموه يصل الى 7 و8 بالمئة وعندها ‏يستطيع لبنان دفع ديون 4.5 مليار سنويا اضافة للفائدة على الدين العام. لكن المشكلة ان مصرف لبنان والحاكم سلامة ‏الذي يشهد له بنظافة الكف قاما بالاستدانة للبنان بعد مرحلة الحرب الاهلية التي جرت فيه وفي المقابل قامت 95 % ‏من الطبقة السياسية بهدر وسرقة هذه الاموال وهنا المصيبة‎.‎
‎ ‎
اذن المعادلة هي‎:‎
‎ ‎
‎1- ‎مصرف لبنان وحاكمه يستدين لصالح نهوض لبنان وبناء قوته الاقتصادية وتسديد الدين من خلال نموه ‏الاقتصادي‎.‎
‎ ‎
‎2- ‎وجود طبقة سياسية فاسدة سرقت اموال الشعب اللبناني ولم تنفذ المشاريع ووقع لبنان تحت دين عشرات
‎ ‎
المليارات الدولارات دون ان تكون الدولة بنت مؤسسة واحدة تستطيع تأمين مدخول مالي يساعد في تسديد الدين العام‎.‎
‎ ‎
وهنا نطرح السؤال عن الأسباب التي دفعت مصرف لبنان إلى القبول بإقراض الدولة من دون حصوله على ضمانات ‏من قبل السياسيين بإجراء إصلاحات بنيوية في المالية العامة وفي الإقتصاد خصوصًا أنه في العام 2002، تمّ إقراض ‏الدولة أموالا من القطاع المصرفي بفائدة صفر بالمئة مقابل إجراء إصلاحات ولم تقم السلطة بأي إجراء على هذا ‏الصعيد؟ ألا تكفي هذه التجربة لرفض تمويل الدوّلة من دون إبراز جدّيتها بالقيام بإصلاحات؟
‎ ‎
‎ ‎جذور الأزمة
‎ ‎
وبالعودة الى الواقع الاقتصادي، لا بد من التذكير أن الصعوبات المالية التي يواجهها لبنان موجودة منذ الحرب الأهلية، ‏إلا أنها المرّة الأولى التي تظهر تداعياتها على لبنان إقتصاديًا ونقديًا وإجتماعيًا. العجز في الموازنة يعود إلى الحرب ‏الأهلية وإستمرّ بعد إنتهائها حيث إرتفع الدين العام من 3 مليار دولار أميركي في 1 كانون الثاني 1993 إلى 22.37 ‏مليار دولار أميركي في 1 كانون الثاني 2000، و51.15 مليار دولار أميركي في 1 كانون الثاني 2010، و86.9 ‏مليار دولار أميركي حاليًا. بمعنى أخر إرتفع الدين العام في تسعينات القرن الماضي 18.42 مليار دولار (7 سنوات)، ‏وفي العقد الأوّل من القرن الحالي 32.73 مليار دولار أميركي (10 سنوات)، وفي العقد الثاني 54.17 مليار دولار ‏أميركي (10 سنوات‎)!‎
‎ ‎
إذًا نرى أن أداء الحكومات المُتعاقبة في العقد الحالي حمّل الخزينة العامّة دينًا عامًا لا يُمّكن تفسيره بأي منطق، حيث ‏أن النظرّ إلى أرقام وزارة المال منذ كانون الثاني 2012 إلى آب 2019، تحمّلت الخزينة نفقات هائلة لا يُمكن إلا أن ‏تكون نتاج فساد أو هدر. وتُشير الأرقام إلى أن مجموع أجور القطاع العام على هذه الفترة بلغت حدود الـ 40 مليار ‏دولار أميركي، خدمة الدين العام الداخلية والخارجية 34 مليار دولار أميركي، تحاويل مؤسسة كهرباء لبنان 12.53 ‏مليار دولار أميركي. هذه النفقات تُشكّل 77% من إجمالي إنفاق الدولة على نفس الفترة والبالغ 113 مليار دولار ‏أميركي مقارنة بإجمالي إيرادات يوازي 80 مليار دولار أميركي وعجز على نفس الفترة بقيمة 33 مليار دولار ‏أميركي تحوّل تلقائيًا إلى دين عام مع ضعف الماكينة الإقتصادية والتي كانت من المفروض أن تمتصّ هذا العجز‎!‎
‎ ‎
قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب، كانت الدولة تلتجئ إلى الإستدانة لسدّ العجز. وكان هذا الأمر مُمكنًا نظرًا إلى قدرة ‏الإستدانة الموجودة أنذاك. إلا أن إقرار سلسلة الرتب والرواتب والتي كانت من المفروض أن تُموّل من الضرائب ومع ‏ضعف الجباية والتهرّب الضريبي، إضطرت الدولة إلى الإستدانة بفوائد عالية من أجل دفع سلسلة تمّ تقديرها بـ 800 ‏مليون دولار أميركي، لكنها كلّفت فعليًا 1.87 مليار دولار أميركي‎.‎
‎ ‎
إذًا الأرقام التي قدّمناها تُرجّح وجود فساد وذلك بشكل واسع حيث أنه من المُستحيل تبرير دفع 40 مليار دولار أميركي ‏لمؤسسة كهرباء لبنان منذ نهاية الحرب، والخدّمة المُقدّمة لا ترتقي إلى مستوى خدّمة عامّة. أيضًا لا يُعقل أن نُصدّق ‏أن 14.5% من النشاط الإقتصادي يذهب إلى الخزينة مما يُشير إلى أن التهرّب الضريبي هائل! ولا يُمكن نسيان مرفأ ‏بيروت والذي يحرم الخزينة من أكثر من 1.5 مليار دولار أميركي. وماذا نقول عن الأملاك العامة من أملاك بحرية ‏ونهرية وسكك حديد والتي تمّ الإستيلاء على ما يُقارب الـ 30 مليون متر مربّع مقابل مدخول 150 مليار ليرة لبنانية ‏فقط أي ما يوازي 3.5 دولار أميركي للمتر الواحد سنويًا في حين أنه في الزيتونة بي، يتمّ تأجير المتر المربع الواحد ‏بـ 2500 دولار أميركي سنويًا‎!‎
‎ ‎
‎ ‎النظام الاقتصادي اللبناني
‎ ‎
النظام الإقتصادي توجّه إلى الخدمات وإعتمد على الإستيراد وعلى تدفّق الدولارات من الخارج. وبالتالي ومع أو ‏إنخراط في الصراع الدولي ـ الإقليمي القائم، تمّ حجب الدولارات عن لبنان وأخذت وكالات التصنيف بخفض تصنيف ‏لبنان الإئتماني إلى درجة أصبح لبنان غير قادر على تمويل الإستيراد ولا على تمويل ماليته العامّة. وهذا أدّى إلى ‏خلق أزمة نقد تمثّلت بعدم توفر الدولار في السوق وإرتفاع سعره لدى الصيارفة‎.‎
‎ ‎
إن تصرفات المسؤولين توحي بأنهم لم يعوا حتى الساعة المخاطر المالية وهو يتّكلون على مصرف لبنان لتمويل ‏عجز الدولة بالعملة الصعبة وإستحقاقات الدين في العام 2020 (أي ما مجموعه 8 مليار دولار أميركي) بالإضافة إلى ‏الإستيراد. وهم تناسوا أو يتناسون أن إحتياط المركزي يوازي 30 مليار دولار أميركي! ألا يعون هذه المخاطر؟ وهل ‏إقتطاع أموال المودعين سيحّل المُشكلة؟
‎ ‎
العديد من الخبراء والسياسيين طرحوا فكرة الهيركت وأفكار أخرى (نتحفّظ عن ذكرها) بهدف حلّ مُشكلة تمويل ‏الخزينة العامّة. وأتت فكرة الهيركت على الودائع لتُثير رعب المودعين بشكل جنوني مع الحديث عن أرقام لا نعلم من ‏أين أتت‎.‎
‎ ‎
من المنطقي القول أنه قبل الحديث عن أيّ إجراء لحلّ مُشكلة المالية العامة، يتوجّب القيام بجردة حساب تُظهر إيرادات ‏الدولة ونفقاتها للمرحلة المُقبلة. وبعد ذلك يتم البحث عن حلول. في الواقع أي إجراء لا يأخذ بعين الإعتبار الأرقام ‏الحقيقية هو إجراء عبثي وعشوائي. فأرقام مشاريع قطوعات الحسابات من العام 1997 إلى العام 2017 تُظهر فارقًا ‏بقيمة 16.3 مليار دولار أميركي بين حسابات الدوّلة والتصحيحات الحسابية في قطوعات الحسابات! وهنا نطرح ‏السؤال كيف يُمكن الحديث عن هيركت وما هي قيمته؟ وهل ستكفي القيمة التي سيتمّ إقتطاعها؟
‎ ‎
في الواقع لا يُمكن الحديث عن أي إجراء في ظل وجود الفساد. ولا يُمكن القبول بأي إجراء قبل محاربة الفساد في كل ‏مفاصل الدولة إذ لا يُمكن القبول أن تذهب أموال المودعين لتمويل الفساد أينما وُجد ومهما كانت قيمته‎.‎
‎ ‎
ورقة بعبدا الاقتصادية
‎ ‎
وبالحديث عن الإجراءات، تمّ إقرار ورقة بعبدا المالية الإقتصادية والتي تمّ تجميعها في أربع فئات‎:‎
‎ ‎
أولا ـ السياسة المالية والتي تضمّنت لائحة طويلة بالإجراءات مثل إقرار الموازنات في مواعيدها، إقرار قطوعات ‏الحسابات، خفض العجز، إصلاح الكهرباء، خفض الإنفاق الجاري (المساهمات والمساعدات خارج القطاع العام، ‏والمواد والخدمات الاستهلاكية في الموازنة وخدمة الدين العام) وزيادة الايرادات (تحسين الجباية ومكافحة التهرب ‏الضريبي، ومكافحة التهريب الجمركي والإثراء غير المشروع، وإصلاح النظام الضريبي، وتحصيل المتأخرات ‏المتراكمة على المكلفين)، رفع حصة المشاريع الاستثمارية الممولة من خلال قروض خارجية ميسرة بعد دراسة ‏جدواها المالية أو بالاشتراك مع القطاع الخاص، تجميد زيادة الرواتب والأجور، لمدة ثلاث سنوات‎…‎
‎ ‎
ثانيًا ـ السياسة الإقتصادية والتي تحوي على تحفيز زيادة الإنتاج من خلال تطوير إنتاج السلع والخدمات مع الحرص ‏على حماية البيئة، إعتماد التكنولوجيا بشكل مكثف ومطرد، تحفيز مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي، خلق فرص ‏عمل جديدة للبنانيين، الإسراع في مناقشة دراسة ماكينزي، إصلاح نظام الدعم، المباشرة بتنفيذ المشاريع الضرورية ‏من برنامج الاستثمارات العامة (سيدر)، انجاز خطة الكهرباء ومشاريع الصرف الصحي، إقرار خطة مستدامة لإدارة ‏النفايات الصلبة‎…‎
‎ ‎
ثالثًا ـ معالجة الخلل في ميزان المدفوعات وذلك من خلال التركيز على تصدير الخدمات التي يتمتع بها لبنان بمزايا ‏تنافسية، تشجيع الصادرات، تأمين الجو السياسي الملائم والمستقر، تسريع عمليات التشركة في مشاريع البنى التحتية ‏لاستقطاب الأموال، ومتابعة تطبيق المواد الواردة في اتفاقيات التجارة التي انضم إليها لبنان‎.‎
‎ ‎
رابعًا ـ السياسة الإجتماعية وتتضمّن عددًا من الإجراءات التي تهدف إلى زيادة الأمن الإجتماعي مثل إقرار نظام تقاعد ‏وحماية اجتماعية لجميع اللبنانيين في غضون ستة أشهر الى سنة، إقرار نظام التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانبين ‏المقيمين في لبنان، إستكمال مكننة جميع عمليات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وضع سياسة إسكانية، تقوم ‏على مبدأ الحق بالسكن‎.‎
‎ ‎
واقع الحال
‎ ‎
في الواقع لم تقم السلطة بأي إصلاح من هذه الإصلاحات، بل إنكبّت على تقاسم الحصص في الدولة وعلى الخلافات ‏التي عطّلت البلد وحمت الفاسدين الذي نهبوا مال الدولة على مرّ عقود بطريقة مُمنهجة يُمكن وصفها بـ “الإبادة” ‏لمالية الدولة‎.‎
‎ ‎
ويأتي اليوم عدد من جهابذة الإقتصاد الذين يقترحون هيركت على ودائع المودعين! بأي حق يقترح هؤلاء إقتطاع ‏أموال المودعين؟ ألا يعلمون أن الدستور في لبنان يحمي “قدّسية الملكية”؟ نعم بكل وقاحة يتحدّثون عن إقتطاع أموال ‏المودعين فيما أصحاب النفوذ يُهرّبون أموالهم إلى الخارج. إنها فعلا قمّة الوقاحة‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *