الرئيسية / سياسة / “الجمهورية”: أسبوع إختبار النيّات قبل الإستشارات. وانتظار الحريري لتأكيد ترشيحه‎ ‎
الجمهورية

“الجمهورية”: أسبوع إختبار النيّات قبل الإستشارات. وانتظار الحريري لتأكيد ترشيحه‎ ‎

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : الوقائع التي أحاطت بالملف الحكومي، وأسقطت مجموعة من الضحايا على ملعب التكليف، بدءاً من نواف سلام الى ‏محمد الصفدي الى بهيج طبارة، الذي أخرج نفسه من هذه اللعبة، وصولاً الى سمير الخطيب، أعادت توجيه بوصلة ‏التكليف نحو الرئيس سعد الحريري. والاسبوع الفاصل من الآن وحتى الموعد الجديد للإستشارات النيابية الملزمة ‏الإثنين المقبل، متوقّف فيه الحسم على موقف الحريري لناحية تأكيد استعداده لتولّي رئاسة الحكومة، والذهاب الى ‏حكومة توافقية مع سائر الأطراف، تكون بحجم المرحلة ومتطلباتها وتلبّي مطالب الحراك الشعبي، وفي جوهرها ‏توحي بالثقة للداخل والخارج، أو لناحية البقاء على انكفائه وتبنّي شخصية سنية جديدة، يحصّنها جلياً بالغطاء الجدي ‏سياسياً وسنياً، لا أن تتحول هذه الشخصية “كبش تكليف” كمَن سبقها‎.‎

سقوط الدورة الاولى من الاستشارات الملزمة، يضع جميع الاطراف المعنية بالملف الحكومي مجدداً بعضها أمام ‏بعض، في جولة مشاورات تؤشّر أجواء الاطراف جميعها، الى أنها ستكون مكثفة، ونقطة البداية فيها، وعلى ما يقول ‏مرجع سياسي معني بالملف الحكومي لـ”الجمهورية”، يفترض أن تنطلق من حسم موقف الحريري، لجهة تأكيد ‏ترشيحه من عدمه، على ان تمضي المفاوضات بعد ذلك في أي من الاتجاهين، وذلك لكي لا نقع مجدداً في دوّامة ‏الغموض والمراوحة التي حكمت المفاوضات السابقة، وأسقطت المرشحين لرئاسة الحكومة الواحد تلو الآخر‎.‎

وعلمت “الجمهورية” انّ حركة الاتصالات قد بدأت بالفعل في الساعات الماضية، وتركزت في جانبها الأساسي بين ‏عين التينة و”بيت الوسط”، حيث سجّلت الساعات الماضية أكثر من اتصال بين الحريري ووزير المال في حكومة ‏تصريف الاعمال علي حسن خليل، الذي أكد لـ”الجمهورية” انّ “الاسبوع الفاصل عن استشارات الاثنين ينبغي ان ‏يشكل فرصة لجمع الاطراف، لبلورة حلول ومخارج قبل الاثنين، بما يجعل الاستشارات الملزمة تسلك مسارها ‏الطبيعي والايجابي نحو التكليف السلس، يليه فوراً تأليف حكومة تواجه الازمة الراهنة، وتضع لبنان على السكة ‏الانقاذية‎”.‎

وبحسب المعلومات، فإنّ لقاء وشيكاً سيعقد بين الحريري و”الثنائي الشيعي”، فيما كان خط التواصل مفتوحاً في ‏الساعات الاخيرة بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”. وعلى رغم من حال عدم الانسجام الظاهر بين تيار ‏‏”المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، تحدثت المعلومات عن بدء محاولات لعقد لقاء بين الحريري ورئيس “التيار ‏الوطني الحر” الوزير جبران باسيل. إلّا أنّ مصادر “بيت الوسط” أكدت لـ”الجمهورية” انها لا تملك اي معطيات ‏حول هذا الأمر‎.‎
‎ ‎
أي حكومة؟
الى ذلك، يبدو من المواقف المعلنة أنّ شكل الحكومة المقبلة، ما يزال محل تباين حاد بين الاطراف المعنية بالملف ‏الحكومي. إلّا انّ مصادر معنية مباشرة بحركة الاتصالات اكدت لـ”الجمهورية” الآتي‎:‎

أولاً – انّ جميع الاطراف، وبمعزل عن مواقفها العلنية، باتت مسلمة بأن لا إمكانية للسير بحكومة تكنوقراط في لبنان. ‏اذ انه لن يكون مجال في لبنان لمثل هذه الحكومة، وخصوصاً في ظل تركيبته السياسية والطائفية، وايضاً في ظل ‏أزمة خانقة تتطلّب حكومة تمتلك القدرة على الانقاذ، وتكون محصّنة سياسياً ومن اختصاصيين. وبالتالي، انّ تركيبة ‏لبنان لا يمكن ان تراعى الّا بتشكيل حكومة تراعي بدورها تركيبته السياسية والطائفية، وكذلك في ظل الظروف ‏الراهنة، لا بد من أن تراعي الحراك الشعبي ومطالبه، وان يكون شريكاً في هذه الحكومة. خلاصة الامر انّ الحكومة ‏المقبلة هي حكومة تكنو- سياسية‎.‎

ثانياً – إنّ عدداً من السفراء طرحوا جملة تساؤلات امام بعض المسؤولين اللبنانيين حول معنى حكومة “تكنوقراط”، ‏وتقاطع موقف بعض هؤلاء السفراء الاوروبيين مع موقف مسؤول أممي كبير، بأنّ هذا النوع من الحكومات نادراً ما ‏يُلجأ إليه في أي دولة في العالم، خصوصاً انه أثبت فشله، ولا يستطيع ان يواكب أو يتصدى لأيّ أزمة، فكيف مع ‏أزمة مستعصية كالتي يشهدها لبنان؟

ثالثاً – بات الجميع مسلّماً أنّ الحل الأنجع للبنان في هذه المرحلة، يأتي مع تشكيل حكومة مختلطة من سياسيين ‏واختصاصيين، على أن تضمّ مجموعة من أصحاب الخبرات، توحي بالثقة للبنانيين، والمحتجّين منهم على وجه ‏الخصوص، وتستعيد ثقة الخارج، وهنا يكون امتحانها الكبير، أي امتحان استعادة الثقة، ونقل لبنان من واقع أسود الى ‏واقع الانتعاش‎.‎

رابعاً – ثمة فكرة مطروحة حالياً ولكن من دون ان تحسم بعد، وتفيد أن يُصار الى تشكيل حكومة أقطاب مصغّرة ‏تكون بمثابة حكومة طوارئ إنقاذية تنتشل البلد من عمق الهاوية الساقط فيها حالياً‎.‎
‎ ‎
الوقت ثمين
في هذه الاجواء قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري “انّ الازمة تضغط على لبنان في كل مفاصله، وكما سبق وقلت ‏انّ البلد لم يعد يتحمّل لأسابيع قليلة هذا الوضع الخطير. الوقت اكثر من ثمين، وصار المطلوب بإلحاح حكومة تبدأ ‏مسيرة الانقاذ. وهذا يتطلب بالدرجة الاولى أن تُزال كل الموانع والتعقيدات من طريق تأليف الحكومة الذي يجب ان ‏يكون في منتهى السرعة‎”.‎

وفي هذا السياق، جاء موقف كتلة “التحرير والتنمية”، بعد اجتماعها في عين التينة أمس برئاسة بري، التي أكدت ‏ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة للتركيز على معالجة الاوضاع المعيشية والامنية والوضعين المالي والمصرفي، ‏مشدّدة في الوقت نفسه على وجوب ان تتحمل حكومة تصريف الاعمال كل مسؤولياتها الى حين تأليف حكومة جديدة‎.‎
وإذ لاحظت الكتلة “إيجابيات” دولية حيال لبنان، دعت الى “ملاقاة هذه الاجواء الايجابية الدولية بالتسريع في تأليف ‏الحكومة ومعالجة الاوضاع المعيشية‎”.‎
وعلم في هذا الاطار، انّ هذه الايجابيات عكستها حركة الموفدين الغربيين الى بيروت في الآونة الاخيرة، وبعضهم ‏التقى بري، ونواباً من كتلة “التنمية التحرير”. وتضمنت تأكيداً لاستعداد المجتمع الاوروبي لتقديم المساعدة للبنان ‏للخروج من أزمته، مع حرصهم على استقراره السياسي والاقتصادي‎.‎

ولعل العلامة الايجابية الاساس، تَجلّت في الاجتماع حول لبنان، التي دعت فرنسا الى انعقاده غداً في باريس. وقد ‏أعرب بري عن ارتياحه الى هذا الاجتماع، ووصف الخطوة الفرنسية بالبالغة الايجابية، وانها تنمّ عن حرص واضح ‏على لبنان، وقد عَلّق على ذلك بقوله: “مع الأسف، الخارج أحرص على لبنان من اللبنانيين أنفسهم‎”.‎
وكان موضوع اجتماع مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، المقرر عقده في باريس غداً، محل تداول بين رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون والمنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، حيث أعرب رئيس الجمهورية ‏عن ارتياحه لانعقاد هذا المؤتمر، آملاً في أن تُسفر عنه نتائج تترجم عملية الدعم الذي تظهر الدول الاعضاء في ‏المجموعة حيال لبنان، خصوصاً في الظروف الاقتصادية الدقيقة التي يمر بها‎.‎
‎ ‎
‎ ‎
مجموعة الدعم
وربطاً بالاجتماع، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان أمس، أن فرنسا الحليف التقليدي للبنان تستضيف في ‏باريس غداً الاربعاء “اجتماع عمل” دولي مخصّص له، بغية مساعدته على الخروج من الأزمة السياسية‎.‎
وأفاد البيان انّ اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان الذي تتشارك في رئاسته فرنسا والأمم المتحدة، “يجب أن يتيح ‏للمجتمع الدولي الدعوة إلى تشكيل حكومة فعّالة وذات صدقية سريعاً، لتتخذ القرارات اللازمة لإنعاش الوضع ‏الاقتصادي وتلبية التطلعات التي يعبّر عنها اللبنانيون”. وأضاف: “إنها مسألة تحديد المطالب والإصلاحات التي لا ‏غنى عنها المتوقّعة من جانب السلطات اللبنانية، حتى يتمكّن المجتمع الدولي من مرافقة لبنان‎”.‎
‎ ‎
جرثومة الفساد
الى ذلك، وفي موازاة المطالبات الدولية بحكومة لبنانية توحي بالثقة، وكذلك العناوين التي طرحها الحراك الشعبي منذ ‏‏17 تشرين الاول الماضي، أعلن رئيس الجمهورية انه “في اليوم العالمي لمكافحة الفساد، سنظل نعمل بكل ما أوتينا ‏من جهد وطاقة للقضاء على جرثومة الفساد الخبيثة التي نَخرت عافية الوطن ومؤسساته وذهنيات الكثيرين ‏وممارساتهم في مختلف الشرائح والمواقع والطبقات، ونريد للنزاهة ان تصبح نهجاً وثقافة للصغار والكبار وطريقة ‏حياة‎”.‎

وأيّد مرجع سياسي كلام عون مُشدداً، عبر “الجمهورية”، على “ضرورة إعلان الحرب على الفساد”. وقال: “العالم ‏يأخذ علينا كثرة الكلام، ويوجّه الينا انتقادات لاذعة، وبعض الموفدين الاجانب قال لنا صراحة: نسمع منكم كلاماً كثيراً ‏لكننا لم نرَ ترجمة لهذا الكلام حتى الآن. حتى في موضوع “سيدر” كان لبنان هو المقصّر الوحيد، حيث قطع على ‏نفسه وعوداً لكنه لم يترجمها، بل تهرّب منها، من دون أي تبرير”. وبناء على ذلك، يقول المرجع “انّ علينا ان ننقذ ‏بلدنا وأنفسنا، العالم يريد ان يساعدنا، فلنساعد أنفسنا بتشكيل حكومة نظيفة تجعل البلد على اسمها. ولو أننا بادرنا الى ‏الاصلاح لكنّا وفّرنا على أنفسنا الكثير، ولكان الاحتقان الشعبي في البلد اقل بكثير مما هو عليه الآن. كانت امامنا ورقة ‏إصلاحية، أعدّيناها في قصر بعبدا، ومع الأسف تجاهلناها بلا أي سبب، ولو اننا طبّقنا بنداً وحيداً منها، لكان الوضع ‏اختلف وهدأت خواطر الناس، والحراك‎”.‎
ورداً على سؤال قال المرجع: “الفرصة لم تذهب بعد أمام الحكومة، سواء حكومة تصريف الاعمال او الحكومة التي ‏ستتشكّل، لديها الكثير لتقوم به… المهم ان تملك الارادة والفعل‎”.‎
‎ ‎
إجتماع باريس… معنوي
من جهة ثانية، وعلى رغم انّ قرار مجموعة الدعم الدولية عَقد اجتماع لها في باريس غداً الاربعاء للبحث في الوضع ‏المالي والاقتصادي في لبنان، بناء على طلب رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، أنعشَ الآمال بالحصول على ‏دعم مالي يحتاجه البلد بإلحاح في هذه الحقبة الصعبة، إلّا انّ المؤشرات التي توفّرت لا توحي بأنّ لبنان سيحصل على ‏مراده‎.‎

ومن خلال رصد الاجتماع من حيث الشكل، تبيّن انّ لبنان سيوفد للمشاركة وفداً رسمياً يضمّ كلّاً من المدير العام ‏لوزارة المال آلان بيفاني، والمدير العام لوزارة الخارجية والمغتربين هاني الشميطلّي، وهازار كركلا مستشارة ‏الحريري‎.‎
ومن خلال غياب مشاركين على المستوى الرئاسي أو الوزاري، تقلّصت الطموحات الى مستويات دنيا، وصار مأمولاً ‏في أحسن الظروف الحصول على ما يشبه المساعدات الإنسانية، والحصول أيضاً على دعم معنوي مفاده أنّ لبنان ليس ‏منسيّاً لدى الدول الصديقة‎.‎

وفي السياق، أشار النائب ياسين جابر لـ”الجمهورية” الى انّ اجتماع الغد “هو للتذكير ولتأكيد استمرار اهتمام ‏مجموعة الدعم الدولية بلبنان وانها لن تتخلّى عنه، وفي الوقت نفسه لتأكيد ضرورة أن يسير لبنان في المسار الذي ‏يسمح للمجتمع الدولي ويُمَكّنه من مساعدته ودعمه من خلال تأليف حكومة جديدة، والسير في الاصلاحات ‏والاجراءات المطلوبة‎”.‎

وعن أزمة تعذّر فتح اعتمادات لاستيراد المواد الاساسية، قال جابر انّ “الحريري يسعى الى فتح خطوط ائتمان مع ‏دول مثل السعودية وفرنسا وروسيا ومصر وتركيا والصين وإيطاليا والولايات المتحدة، من أجل تأمين استمرارية ‏الأمن الغذائي والمواد الأولية للانتاج لمختلف القطاعات”.
‎ ‎
البنزين أيضاً وأيضاً
وفي ملف المحروقات، سُجّل أمس خرق على مستوى اختراق كارتل النفط المسيطر على استيراد البنزين، من خلال ‏نجاح المناقصة التي أجرتها وزارة الطاقة لاستيراد ما نسبته 10% من حاجة السوق المحلي كخطوة أولى. لكنّ فوز ‏شركة يرتبط أصحابها بعلاقات خاصة مع سياسيين نافذين وأصحاب سلطة، بعد فَض العروض، نغّصَ الفرحة، ودفع ‏الى طرح علامات استفهام حول شفافية المناقصة. وعلى رغم انّ الشركة الفائزة بالمناقصة أصدرت بياناً نفت فيه ‏علاقاتها بالسياسيين وأكدت نزاهة المناقصة وفوزها النظيف بها، إلّا انّ ذلك لم يمنع استمرار التساؤلات المشروعة ‏حول تلك المصادفة التي أدت الى هذه النتيجة التي كان يراهن كثيرون على حصولها مسبقاً، قبل فض العروض‎.‎
الى ذلك، برزت معطيات تفيد أنّ أزمة المحطات قد تعود الى الواجهة، خصوصاً بعد البيان التحذيري الذي أصدرته ‏نقابة أصحاب المحطات، والتي أكدت انّ شركات نفطية لا تلتزم الاتفاق الذي رَعته وزارة الطاقة، وتمتنع عن تسليم ‏المحروقات الى المحطات بالشروط التي نصّ عليها الاتفاق‎.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *