الرئيسية / سياسة / “النهار”: تكليف غير محسوم والهجوم الأعنف لجعجع
flag-big

“النهار”: تكليف غير محسوم والهجوم الأعنف لجعجع

كتبت صحيفة “النهار” تقول: مع أن الـ”ميني طوفان” الذي شهدته مناطق عدّة من لبنان ولا سيما منها الساحل الجنوبي أمس لا يشكّل واقعياً أي مفاجأة نظراً الى السجل الطويل من التجارب الموسمية المماثلة في بلد انعدام صيانة الخدمات العامة فإن وقع الطوفان الأخير أمس بدا أشدّ ثقلاً مع “اليتم” الذي يعيشه المواطنون في ظل أزمة استنفدت الأوصاف والنعوت وباتت تقترب من كارثة حقيقية على مختلف الصعد. ويكفي للدلالة على معاناة اللبنانيين أمام ماسي غياب الدولة والخدمات واستفحال الاهتراء الذي يضرب البنى التحتية، أن يحاصر عشرات ألوف المواطنين في سياراتهم أكثر من خمس ساعات بين برك تسببت بها الأمطار الغزيرة على أوتوستراد خلدة – الناعمة، كما شهدت مناطق أخرى انسدادات وانهيارات. ولعل المفارقات السلبية التي واكبت تجربة الشتوة الأولى تمثّلت في بروز أنباء عن إقفال مزيد من المؤسسات والشركات والمتاجر في القطاع الخاص أبوابها قسراً تحت وطأة الأزمتين المالية والاقتصادية اللتين تعصفان بلبنان، وكان آخر ما سُجّل أمس في هذا الإطار الدراماتيكي الإفادة عن إقفال معمل كبير للألومنيوم وتسريح نحو 300 موظف وعامل فيه، وكذلك إقفال مطعم كبير وتسريح نحو 170 عاملا فيه.

أما على الصعيد السياسي، فلم تكن الصورة أكثر زهواً، اذ اتسمت المعطيات المتصلة بموعد اثنين الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديد بالكثير من الغموض والتساؤلات التي غلبت على الوضوح واليقين بما بدا معه صعباً جداً الجزم بأي سيناريو واضح وثابت لمصير يوم الاستشارات ونتائجه وتالياً مصير الأزمة الوزارية. وعكست هذه الأجواء من الغموض تأكيدات من معظم الجهات السياسية والكتل النيابية أن الأمور لم تحسم بعد لمصلحة تزكية سمير الخطيب لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة وإن يكن اسمه لا يزال مرجحاً “ولم يحرق بعد”، على حدّ تعبير مصدر بارز. وقالت المصادر المعنية إن الأفرقاء السياسيين سيتوجهون الاثنين مبدئياً الى الاستشارات عبر كتلهم النيابية من دون حسم مسبق للاتجاهات التي ستؤدي اليها الاستشارات، وهو الأمر الذي كان أساساً وراء تأخير رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعد الاستشارات الى الاثنين وعدم تحديده إياه أمس أو اليوم مثلا.

وليس خافياً في هذا السياق أن نقطة التشكيك الاساسية المتصلة بالتكليف تتصل بالغطاء السني للخطيب الذي يفتقر بقوة اليه ويتعلق ترشيحه تالياً بموقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي لا يمكن بعد الجزم بما سيكون هذا الموقف قبل يوم الاستشارات. ولا تخفي المصادرعينها تشكيكها في ما قد يحمله اليوم الأول من الأسبوع من مفاجآت، ما لم يتبلور اتجاه الصوت السنّي في الاستشارات. ومعلوم أن هذا الصوت يتقاسمه الحريري (16 نائباً) مع “اللقاء التشاوري” (5 نواب) والأصوات المستقلة (ميقاتي، سلام، مخزومي، المشنوق، أسامة سعد) وبلال العبد الله من كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي. وقد تساءلت كيف سيكون اصطفاف الصوت السنّي في تسمية الرئيس المكلف وهل يصب في خانة من يسميه الحريري فعلاً أم يكون هناك تمايز، علماً أن غالبية هؤلاء النواب لم تفصح بعد عن توجهاتها، وهم عملياً لا يصبون في توجه سياسي واحد، ولكن هل تجمعهم مصيبة الاحباط والاستهداف الذي تتعرّض له طائفتهم في صلاحيات الرئاسة الثالثة؟

وعلم في هذا السياق أن كتلة “المستقبل” أرجأت اجتماعها وبيانها الرسمي في شأن ترشيح سمير الخطيب الى الأحد واستعيض عن الاجتماع أمس بمشاورات داخلية شارك فيها عدد من النواب. وتبلّغ الحاضرون قرار الرئيس الحريري دعم ترشيح الخطيب وأنه عندما التقاه لم يضع عليه أي شرط وأبلغه ان “المستقبل” لن يشارك في الحكومة واذا عرض عليه الخطيب أسماء جيدة فسيتبناها. واذ طرحت تساؤلات عما اذا كان الحريري واثقاً من أن حكومة برئاسة الخطيب ستنقذ البلد، فهم من المطلعين على موقفه أنه يفي بوعده بدعم أي مرشّح يتفق عليه تسهيلاً للحل. وتردّدت معلومات غير مؤكدة عن أنه أعيد تقديم عرض للحريري في الساعات الاخيرة ان يوافق على تكليفه شخصياً بالشروط التي تمّ التوصل اليها لحكومة تكنوسياسية وأنه رفضه.

وليس بعيداً من هذه الأجواء المشدودة صرح النائب نهاد المشنوق أمس بأنه “رغم كل المبررات التي أعطيت عن التكليف قبل التأليف الا ان هذا يعتبر مخالفة للدستور”، لافتا الى أن “الامور تجاوزت مسألة صلاحيات رئاسة الحكومة لتصل الى الكرامات”. وقال بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، “إن المطلوب حكومة مصالحة أي المصالحة مع الناس ومع العرب والغرب لأن الحصار سببه وجود مشكلة أو صدام أميركي ايراني في المنطقة”. وأعلن أنه طرح على المفتي عقد اجتماع للمنتخبين من كل الفئات للتشاور واعتماد المعايير التي وضعها الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة.

جعجع
غير أن الموقف السياسي الأبرز من الملف الحكومي كما من واقع الأزمة كلاً، جاء أمس على لسان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي شنّ أعنف هجوم ناري عقب اجتماع “كتلة الجمهورية القوية” على السلطة، كما رفض بشكل صارم مشروع التركيبة الحكومية المطروحة متمسكاً بطرحه الأساسي المطالب بحكومة اختصاصيين مستقلة كاملة. ويعد موقف جعجع الأكثر تعبيراً عن رفضه الانخراط في التسوية المقترحة للحكومة العتيدة، كما تناول الكثير من وجوه الأزمة القائمة على أساس هجومه على السلطة وتحميلها تبعة الانهيار. وبعدما حذّر من ” حكومة التقليد والترقيع واعادة استنساخ القديم من جديد”، أكد أن “ما يجري اليوم هو قمّة انعدام الإحساس مع الناس واللامسؤولية، هو قمّة خداع الناس والاستمرار تماماً بالنهج نفسه الذي كان سائداً، ولو بوجوه جديدة شكلاً، قديمة ممارسةً وأسلوباً”. ولاحظ أنهم “يتحدثون عن حكومة تكنوسياسية وعن ممثلين للحراك في محاولةٍ لتقزيم المبادىء العامة للثورة ومطالبها الاقتصادية والمعيشية المُحقّة، وكأن مشكلة الثورة والحراك هي مشكلة حصص أو مشكلة تمثيل وزاري داخل السلطة أو مشكلة شراكة بين الثورة ومن تثور عليهم؟ ومن يمكنه أن يدّعي تمثيل الثورة والنطق بإسمها اصلاً؟”. وشدّد على أن “الوضع الاقتصادي المعيشي في مكان، وقوى السلطة تتصرف وكأنها تعيش على المريّخ، لبنان ينهار بالكامل وقوى السلطة ذاتها لا تزال مُصرّة على محاولة صرف أكثريتها النيابية الدفترية في السلطة التنفيذية فيما الأكثرية الشعبية باتت في الموقع المقابل تماماً. ويسألونك بعد لماذا الشعب يثور، ثم يخبرونك بعد عن مؤامراتٍ خارجية وسفارات تقف خلف الثورة؟ أن سلوك السلطة الحاكمة كفيلٌ وحده بإشعال أضخم الثورات من دون منّةٍ من أي سفارة أو أي جهة اخرى”.

وقررت كتلة نواب القوات اللبنانية في اجتماعها امس الامتناع عن تسمية اي مرشح لرئاسة الحكومة العتيدة .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *